منذ بضع سنوات كادت المماحكات العبثية أن تعصف بكيان، بل بوجود مجلس التعاون الخليجي، لولا استعادة قياداته لفضيلة الحكمة، ولتغليب المصالح الوحدوية المشتركة، على عادة الانشقاقات والتحزبات ما بين أقليات الحكم، التي طبعت مع الأسف تاريخ هذه الأمة عبر القرون. اليوم تعود حليمة إلى عادتها القديمة، ولكن في ساحة الاتحاد المغاربي هذه المرة، وبدلاً من أن تكون الأولوية القصوى والأعلى لبقاء هذا الجسم الوحدوي، حتى لو كان عليلاً ومستباحاً في العديد من مكوناته، تعلو صيحة الشعار البدوي التاريخي الشهير: «ألا لا يجهلن أحد علينا، فنجهل فوق جهل الجاهلينا».
دعنا نذكّر الحكومتين المعنيتين، المغرب والجزائر، ببعض ما جاء في الإعلان عن قيام اتحاد المغرب العربي في مدينة مراكش، عام 1989:
تمتين أواصر الأخوة التي تربط الدول الأعضاء (الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا).
فتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع ورؤوس الأموال في ما بينها.
التنسيق الأمني والعسكري، ونهج سياسة مشتركة في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كان الهدف إقامة اتحاد تزيد مساحته عن مساحة الاتحاد الأوروبي آنذاك (ما يزيد على الست ملايين كيلومتر مربع)، ويضم أكثر من مئة مليون مواطن، ويزخر بالإمكانيات الاقتصادية الهائلة. ووصل الحماس لقيام ذلك الاتحاد عند تونس عندما نصت في دستورها على أن «الجمهورية التونسية جزء من المغرب العربي، تعمل على تحقيق وحدته»، بل اقتراح نشيد للاتحاد يصف في أول بيت له الاتحاد بأنه «حلم جدي، حلم أمي، وأبي، حلم من ماتوا وحلم الحقب… فاهتفوا يحيى اتحاد المغرب».
لكن ما إن، هلل كل العرب بقيام ذلك الاتحاد، مثلما هللوا لقيام اتحاد مجلس التعاون الخليجي، حتى عرف الاستعمار وعرفت البلادات والعنجهيات الداخلية طريق زج نزاع الصحراء المغربية، ليكون خنجراً في قلب ذلك الاتحاد ويوصله إلى النعش الذي يرقد فيه حالياً، وأضافوا مؤخراً فاجعة التطبيع الكامل من قبل القطر المغربي مع الكيان الصهيوني، واليوم ينفجر موضوع قتل اثنين من السائحين المغاربة في أرض الجزائر، ويتسع التلاسن الجنوني ما بين أكبر دولتين في هذا الاتحاد، الذي سيهيئ لإمكانية وسهولة التلاعب والتدخل وبذر السموم من قبل أعداء قيام اتحاد دول المغرب العربي، سواء من قبل العديد من الدول الاستعمارية الغربية، أو من قبل عدوة كل وحدة عربية من أي نوع كانت أو تكون، تلك الرابضة في فلسطين المحتلة.
يسأل الإنسان نفسه: أية عقلية تلك، التي تضحي بالأهم من أجل المماحكات والعنتريات حول الأقل أهمية؟ وإلا فهل يعقل أن تضيع فرصة قيام كتلة سياسية ـ اقتصادية ـ أمنية هائلة وواعدة من مئة مليون عربي، وفي مساحة ستة ملايين من الكيلومترات، ومرشحة لأن تلعب أدواراً كبيرة بالغة التأثير في الحياة العربية والافريقية والأوروبية، من أجل قيام دويلة صحراوية من سبعين ألف شخص يمكن حل رغبة ساكنيها في استقلال ذاتي بألف طريقة وطريقة قانونية وسياسية؟
لقد كتب الكثير عن ما يسمى بالعقلية العربية، وعن ما أضاعت من فرص تاريخية، وعن دورانها العابث حول المواضيع، بدلاً من الدخول في صلبها وحلها، فهلا تثبت ذلك الإدعاء أشكال لا تعد ولا تحصى من الخلافات العربية – العربية الرسمية التي نراها الآن أمامنا في كل أرض العرب، والتي تفتح الأبواب أمام تدخل الغريب والعدو في كل مكان وفي كل الأوقات؟ عظم المأساة في هذه المناظر المؤلمة أن الشعوب العربية معزولة عن إعطاء رأيها في كل ذلك، مع أن مصالحها الحيوية هي المتضررة من كل هذا العبث السياسي. ويعلم الله أن لو ترك الأمر لعفوية وأخوية الشعوب في ما بينها، لما بقيت قضية خلاف واحدة. هذا درس آخر لشابات وشباب العرب الذين سيواجهون هذا الإرث المريض في المستقبل، ويطلب منهم، من دون وجه حق، أن يجدوا له الحلول.
(القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاتحاد الأوروبي وحدة الاتحاد الأوروبي الدول العربية وحدة رياضة رياضة رياضة رياضة مقالات رياضة رياضة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من قبل
إقرأ أيضاً:
انطلاق اجتماعات الاتحاد العربي للمعارض لمناقشة خطة العمل لعام 2025
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استضافت الهيئة المصرية العامة للمعارض والمؤتمرات، اليوم، اجتماع الجمعية العمومية للإتحاد العربي للمعارض والمؤتمرات الدولية
لمناقشة خطة عمل الاتحاد والموازنة التقديرية للعام المالي 2025، بمشاركة 55 عضواً من 15 دولة عربية.
ترأس الاجتماع الشيخ جبر آل ثاني، رئيس الاتحاد، واللواء شريف الماوردى، رئيس الهيئة المصرية العامة للمعارض ونائب رئيس الاتحاد عن منطقة وادي النيل وشرق أفريقيا.
كما شارك وفد من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية برئاسة الدكتور رائد علي الجبوري، الوزير المفوض مدير إدارة المنظمات والاتحادات العربية، والدكتور سرور الجرمان، المسؤول عن الاتحادات العربية بإدارة المنظمات والاتحادات العربية.
أكد الشيخ جبر آل ثاني، رئيس مجلس إدارة الإتحاد العربي، ورئيس مجلس إدارة شركة قطر إكسبو الدوحة، أن الاتحاد يستهدف خلال مخطط العام المالي القادم 2025 على تحقيق نقلة فى صناعة المعارض العربية مدعوما بمشاركة كل الدول الأعضاء خاصة مصر.
وتابع أن الاتحاد يعتزم إطلاق منصة عربية موحدة تضم كافة المعارض العربية خلال العام المقبل، والتوسع فى تنظيم ورش العمل عن صناعة المعارض في تعزيز الوطن العربي.
وقال اللواء شريف الماوردي، رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للمعارض والمؤتمرات و نائب رئيس الإتحاد العربي، إنه من المستهدف تحول الإتحاد العربي إلى منظمة رسمية تحت مظلة جامعة الدول العربية، ووزارة الاستثمار والتجارة الخارجية وهيئة المعارض المصرية.
وأكد "الماوردي"، أن الإتحاد العربي يخطط لتبني مقترح تحول الإتحاد إلى منظمة رسمية متخصصة غير هادفة للربح، وتضم فى عضويتها كل هيئات المعارض العربية، بهدف قطع الطريق عن كافة الجهات منتحلة الصفة وإزالة اى عقبات أمام تنظيم وتوحيد الجبهه العربية فى تلك الصناعة، متوقعا انهاء تلك الإجراءات خلال العام المقبل 2025.
وأبدى رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة ونائب رئيس الاتحاد العربي للمعارض، سعادة بالغة باستضافة القاهرة لاجتماعات الاتحاد العربي اليوم، داخل قاعة نفرتيتي بمركز القاهرة الدولي بمدينة نصر.
وتابع : أن صناعة المعارض تمثل حجر الأساس لتعزيز حركة التجارة الدولية، ونعمل علي تبني أفضل الممارسات والمعايير الدولية فى تنظيم الفعاليات والمعارض لتعزيز مكانة الدول العربية في هذه الصناعة.
وقال اللواء شريف الماوردي، إن تأسيس الاتحاد العربي تمت فى هيئة المعارض عام 1995 لتمثل ريادة مصر فى تلك الصناعة، إذ تعمل المعارض العربية على تعزيز التجارة بين الدول الشقيقة فى طافة القطاعات الصناعية المختلفة.
وأكد الماوردي، أن الاتحاد حقق خطوات هامة في مسيرته، بدءًا من انضمامه إلى الاتحاد الدولي للمعارض UFI منذ عام 1998، ثم استضافته لمؤتمره العالمي السنوي في دورته السبعين عام 2003 بمصر، مما جعل القاهرة أول مدينة في منطقة الشرق الأوسط تستضيف هذا الحدث العالمي، مؤكدا على أن تلك الإنجازات تعكس تقدير المجتمع الدولي لدورنا الفاعل والمتنامي في صناعة المعارض العالمية.
وأكد الماوردي، أن الاتحاد العربي للمعارض، ملتزم بمواصلة التعاون مع كافة الشركاء العرب والدوليين لتحقيق رؤيتنا الطموحة بأن نصبح روادًا في مجال صناعات الاجتماعات والمؤتمرات والمعارض (MICE) في العالم العربي.
وأوضح الماوردي، أن الاجتماعات تناولت سبل تطوير برامج التحول الرقمي لأنظمة المعارض العربية و وتحليل البيانات واليات التفاعل مع الزائرين وتنشيط التعاون بين كافة الأعضاء.
وفى السياق ذاته أوضح احمد الديب الأمين العام للاتحاد العربي للمعارض والمؤتمرات، أن الاتحاد قدم عدة انجازات للعام المالي الجاري 2024، أبرزهم تنظيم ورش تدريبية مختلفة، وأنشطة ترويجية للمعارض العربية المختلفة.
وتابع الديب، أن الاتحاد يعمل على تقديم الدعم الفني بين كافة الأعضاء، لافتا الي انه جاري العمل على إطلاق منصة رقمية رسمية للاتحاد فى العام المقبل يضم قاعدة بيانات متكاملة لخريطة المعارض العربية والعالمية لتحقيق أقصي استفادة بين الأعضاء.
وأوضح أنه تم التنسيق مع اتحاد المعارض الدولية فى ألمانيا للاستفادة من قاعدة البيانات الدولية التي تم إعدادها، وكذا إطلاق المجلس العربي للتحول الرقمي.
وذكر ان الاتحاد يطمح فى العام المقبل لتعزيز أجندة المعارض العربية وزيادة اطلاقها، وربط تلك الأجندة بمركز التجارة الدولي لتسهيل التواصل بين الشركات.
ولفت آمين عام الإتحاد، إلي أن الاتحاد يخطط لتصميم تطبيق إلكتروني علي الموبايل يضم كافة أدوات تنظيم المعارض العربية.
وذكر خلال كلمته ان الاتحاد يخطط للاستفادة من عضوية تحالف أعضاء دول "بريكس" و اليوفي للترويج للمعارض العربية ، والتواجد بكافة الفعاليات الدولية.
كما شهد الاجتماع حضور قادة ورواد صناعة المعارض، وأعضاء الاتحاد من ممثلي المؤسسات الحكومية وشركات تنظيم وخدمات المعارض والمؤتمرات، حيث شارك 55 عضواً من 15 دولة عربية، سواء بالحضور الشخصي أو بالإنابة أو عبر الإنترنت، وشارك الأعضاء المؤهلون للتصويت في مناقشة وإقرار خطة عمل الاتحاد للفترة من يناير إلى ديسمبر 2025 والموازنة التقديرية اللازمة لتنفيذها.
ووافق المجتمعون على عدد من التعديلات في النظام الأساسي للاتحاد بالعمل علي انتقالة منظمة رسمية مقرها الهيئة المصرية للمعارض والمؤتمرات ، كما شملت القرارات إنشاء "المجلس العربي للمعارض الثقافية والفنية والتراثية" لتعزيز ونشر الثقافة والفنون العربية وتعزيز التواصل الثقافي العربي والدولي بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية في الدول العربية. سيتولى المجلس مسؤولية التنظيم المشترك والترويج للمعارض والفعاليات الثقافية والفنية والتراثية، والمساهمة في الحفاظ على التراث العربي، وتعزيز التبادل الثقافي العربي.
كما تم الاتفاق على تأسيس "المجلس العربي للتحول الرقمي للمعارض" لتعزيز التحول الرقمي في صناعة المعارض في المنطقة العربية. يهدف المجلس إلى دعم وتوجيه شركات المعارض لتطوير خدماتها الرقمية واعتماد التقنيات المبتكرة، مما يسهم في تحسين كفاءة العمليات الداخلية للمعارض ويزيد من إنتاجية تنظيمها.
في ختام الإجماع، قدم أعضاء الجمعية العمومية الشكر والتقدير للواء شريف الماوردى على استضافته الكريمة لاجتماع الجمعية العمومية، وكذلك للأمانة العامة لجامعة الدول العربية على دعمها ورعايتها للاتحاد. كما عبروا عن امتنانهم لأعضاء الاتحاد والأمانة العامة للاتحاد على جهودهم في إنجاح هذا الاجتماع.
كما قام اللواء شريف الماوردي بأصطحاب رئيس مجلس إدارة الإتحاد العربي للمعارض وأعضاء الإتحاد لتفقد معرض السيراميك والبورسلين “CERAMICA MARKET KITCHEN MARKEET "، والذي يضم 65 شركة متخصصة فى تلك الصناعة المقام علي أرض الهيئة.
نبذه عن الإتحاد ونشأته
أنشا الاتحاد العربي للمعارض والمؤتمرات الدولية بالقاهرة عام 1995 كمنظمة عربية دولية مستقلة غير ريحية، اسسها قادة صناعة المعارض العربية لتمثيل وخدمة صناعة المعارض والمؤتمرات العربية.
ويقع المقر الرئيس للاتحاد في القاهرة ويحكم عمل الاتحاد في مصر النظام الأساسي للاتحاد والقانون رقم 149 لسنه 2019 ولائحته التنفيذية، والذي ينظم عمل الاتحادات العربية الإقليمية والمنظمات غير الحكومية الدولية، والاتفاقية الموقعة بين الاتحاد ووزارة الخارجية المصرية بتاريخ 6 / 7 / 1999 و 6 / 3 / 2000 (خطابات متبادلة).