الخليج الجديد:
2025-01-24@13:21:18 GMT

جنود الرب.. ما بعد قتل السياسة في لبنان

تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT

جنود الرب.. ما بعد قتل السياسة في لبنان

"جنود الرب".. ما بعد قتل السياسة في لبنان

أجهزة الدولة تريحها ظاهرة "جنود الرب" طالما أن لا فكرة سياسية واحدة مفيدة في تفكيرهم ولأنهم يتناغمون كلياً مع التخلّف العام السائد!

حزب الله قتل السياسة كصراع حر وسلمي للأفكار والبرامج والمشاريع. وبقتلها، ترك فراغاً هائلاً يملأه فيضان الكراهيات بين الطوائف والأديان والمناطق.

الحسد الذي يثيره حزب الله يتّخذ أشكالاً، أحدها يستفحل منذ أربع سنوات في منطقة الأشرفية ذات الغالبية المسيحية من بيروت، تحت مسمّى "جنود الرب".

"جنود الرب" يتداخل في ظاهرتهم كل التخلف الديني للكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى، مع الشكل التنظيمي لما قد يتحوّل إلى نازية لبنانية مسيحية جديدة.

تكسير عظام مشجعي منتخب المغرب السعداء بفوزه على البرتغال بكأس العالم في ديسمبر الماضي وسط الأشرفية لأنهم أتوا من الطريق الجديدة بالجزء السُني من بيروت.

إن كانت البابوية الكاثوليكية أعادت النظر بمحاكم التفتيش ومواقفها السابقة المحرّضة على إبادة المثليين، فإن "جنود الرب" قادرون على تلقينها دروساً في الدين واللاهوت وما أدراهم بالمسيحية هناك في الفاتيكان؟

* * *

من بين الكوارث الكثيرة التي يتسبّب بها حزب الله في لبنان، أنه يثير حسد البعض. وهذا البعض متعدّد الانتماءات دينياً وطائفياً، وكلاهما، الدين والطائفة، يتجسّدان في الحزب الوحيد في العالم ربما (ما عدا "جيش الرب" في أوغندا) الذي لا ينسب نفسه في اسمه إلا لله مباشرة.

هو حزبه وجيشه وقوته الضاربة الحصرية، فمن هو الذي لا يحسُده عندما يدرك أن "حزب الله هم الغالبون"، لا بالمعنى الذي تذهب إليه الآية القرآنية، بل كما أرادته إيران المؤسِّسة والمموِّلة والمدرِّبة وولية أمر كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالحزب؟

والحسد الذي يثيره حزب الله يتّخذ أشكالاً مختلفة، أحدها يستفحل منذ أربع سنوات في منطقة الأشرفية ذات الغالبية المسيحية من بيروت، تحت مسمّى "جنود الرب".

"جنود الرب" يتداخل في ظاهرتهم كل التخلف الديني للكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى، مع الشكل التنظيمي لما قد يتحوّل نازية لبنانية مسيحية جديدة بقمصانهم السوداء الموحدة وخطابهم الرجعي وتحرّكاتهم العسكرية الحريصة على عدم إظهار السلاح.

وتفرّغهم لحماية المصارف في "المناطق المسيحية" من المنتفضين خلال "ثورة تشرين" 2019، وشعارهم الصليب المحاط بالأجنحة، وتمجيدهم "المقاومة المسيحية" وصليبها المشطوب في الحرب الأهلية، ودورياتهم الأمنية على مدار الساعة لرصد الألوان واختلاطها.

لكي لا توحي بأي شيء قد يفهمه عقلٌ على أنه يذكّر بقوس قزح، حتى ولو كان ينقصُه الكثير من الألوان في حملة توعية من سرطان الثدي مثلاً، وحتى ولو كان لوناً واحداً زهرياً لإعلان فيلم "باربي" التي تعلّم على المثلية كما نوّرنا أحد جنودهم على موقعهم الإلكتروني.

وإن كانت البابوية الكاثوليكية في روما قد أعادت النظر بمحاكم التفتيش وبكل مواقفها الدموية السابقة المحرّضة على إبادة المثليين واعتذرت عنها، فإن "جنود الرب" قادرون على تلقينها دروساً في الدين واللاهوت، وما أدراهم بالمسيحية هناك في الفاتيكان؟

قد يكونون تأثروا بمعاشرة العلمانيين والملحدين والمثليين لذلك صار كلام حبرهم الأعظم فيه تسامح وتقبل للاختلاف الديني والسياسي والجنسي والثقافي، فأخرجوه بفرماناتهم من ملكوت كنيستهم وأحلّوا مكانه كاهن ما من رَبْعهم من آخر حي في أبعد قرية لبنانية تقع على "أرض الرب" وفق معجم خرافاتهم.

"جنود الرب"، أو "أولاد الرب يسوع" مثلما يعرّفون عن أنفسهم بكل تواضع على موقعهم الإلكتروني، قرأوا السياق العام جيداً: في زمن انهيار الدولة، كل شيء مباح. الأمن الذاتي يأتي بشعبية، والبطالة تستدعي العضلات المفتولة القابلة للتوظيف.

المزايدة بالتخلف كلها فائدة. تجاوز الصواب السياسي وصفة للشعبوية ولخطابها. تكسير عظام مشجعي المنتخب المغربي السعداء بفوزه على البرتغال في كأس العالم ذات ليلة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي عند ساحة ساسين وسط الأشرفية، لأنهم أتوا من الطريق الجديدة في الجزء المسلم السني من بيروت، قد يجلب مئات المتطوّعين الإضافيين.

أجهزة الدولة تريحها ظاهرة مثل "جنود الرب" طالما أن لا فكرة سياسية واحدة مفيدة تجدها في أدبياتهم. هم يريحون أجهزة الدولة كذلك لأنهم يتناغمون كلياً مع التخلّف العام السائد في كل ما يتعلق بالقيم الأخلاقية المطلوب أن يكون كل المقيمين في لبنان صورة عنها. لهم موقع إلكتروني هارب من مفردات القرون الوسطى ومحاكم التفتيش.

ولأن لا شيء ينافس الجنون العام الذي يتملك اللبنانيين هذه الأيام ضد شبح المثلية، فإنك تجد في موقعهم أخباراً هي أقرب ما تكون إلى طلقات الرصاص في عناوينها وصياغاتها ومفرداتها (وكثير منها بالعامية) ضد "نسل إبليس" و"معالجة الشاذين" و"دعارتهم" و"طرد الشياطين" و"أنصار الشيطان في الكتب المدرسية" و"نواب الشيطان" (عن نواب وقعوا مشروع قانون لإلغاء تجريم المثلية) و"تهويل الإعلام الشيطاني" (عن أي خبر ينتقد "جنود الرب").

حزب الله قتل السياسة بما هي صراع حر وسلمي للأفكار والبرامج والمشاريع. وبقتلها، ترك فراغاً هائلاً يملأه فيضان الكراهيات بين الطوائف والأديان والمناطق، ومسابقة على البشاعة يتنافس فيها هؤلاء جميعاً لنيل لقب المستقوي الأول على أضعف الفئات، أكانوا لاجئين أو مثليين مثلاً. لقب يليق ببائعي صكوك غفران عائدين من ماضٍ يرفض أن يمضي، أكان اسمهم جنود للربّ أو حزب لله.

*أرنست خوري كاتب صحفي لبناني

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: لبنان الأشرفية المثلية الكراهية جنود الرب حزب الله جنود الرب فی لبنان حزب الله من بیروت

إقرأ أيضاً:

تشاور فرنسي مع الرياض والدوحة بشأن لبنان

كتب اندره مهاوج في" نداء الوطن": بحث وزير الخارجية الفرنسي جان – نويل بارو الوضع العام في لبنان في لقاءين منفردين مع كل من رئيس مجلس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن ال ثاني ووزير خارجية المملكة العربية السعودية فيصل بن فرحان .

أدرج الوزير الفرنسي اللقاءين على أجندة نشاطاته الموازية لمشاركته في اجتماعات منتدى دافوس الاقتصادي، وأوضحت مصادر مرافقة للوزير أن الوضع العام في لبنان ومتابعة عملية تشكيل الحكومة وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة وتنفيذ اتفاق وقف النار بين "حزب الله" وإسرائيل، حازت على جزء مهم من هذين اللقاءين اللذين تطرقا أيضا إلى الوضع في غزة وتأمين المساعدات للفلسطينيين وإلى مرافقة عملية إقامة سلطة جديدة في سوريا.

واتفقت وجهات النظر على ضرورة عدم التأخر في الإعلان عن تشكيل الحكومة اللبنانية، لعدم إعطاء مؤشر إلى وجود عراقيل وخلافات تعطل مسار انطلاق العملية السياسية والإفادة من الزخم الذي نتج عن انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف شخصية لتشكيل الحكومة .

مصادر الوفد الفرنسي إلى دافوس اعتبرت أن على لبنان استغلال الاهتمام الدولي الراهن بإعادة إطلاق عمل المؤسسات وتفعيل حضور الدولة وبسط سلطتها كمقدمة لإقدام المجتمع الدولي على تقديم المساعدات اللازمة، لدعم العملية السياسية وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة وتأمين الأموال اللازمة للإعمار . وأشارت إلى أنه تم استعراض الخطوات العملية ومساهمة كل من الدول الثلاث في هذه المسيرة إضافة إلى الإعداد لمؤتمر باريس لدعم لبنان .

بشأن الوضع في الجنوب، أكد المجتمعون ضرورة إنجاح عملية التهدئة، وأكد الجانب الفرنسي جدية عمل لجنة المراقبة التي تشارك فيها فرنسا، للإشراف على تنفيذ وقف النار وعلى الانسحاب الإسرائيلي، مشيراً في هذا الاطار إلى أن باريس مستمرة في التنسيق مع الولايات المتحدة في هذا الخصوص .
 

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على مخيم جنين: قطع للكهرباء وتهجير جماعي وسط أوضاع إنسانية مأساوية
  • لم يهدد بعمل عسكري مستقل : «حزب الله» يطالب الدولة اللبنانية بضغط دولي لإلزام إسرائيل بالانسحاب
  • وزير الدولة للشؤون الخارجية يلتقي وزير السياسة الزراعية والأغذية الأوكراني
  • سبحان الذي أسرى بعبده.. القرآن لخص تفاصيل ليلة الإسراء والمعراج بهذه الآية
  • نديم الجميّل نعى عمته: ارقدي بسلام الرب
  • تشاور فرنسي مع الرياض والدوحة بشأن لبنان
  • ترامب: ترانيم مسيح أمريكي
  • دار الإفتاء تكشف السبب الرئيسي للهم والحزن الذي يصيب الإنسان فجأة
  • تكالة يبحث مع نائبيه ومقرر مجلسه مستجدات الحالة السياسة الليبية الراهنة
  • دعوة من الكتائب للرئيس المُكلف والعماد عون: لعدم الرضوخ للابتزاز المتمادي الذي يمارسه الثنائي