قالت معارضة تونسية، أفرج عنها بعد قضاء 5 أشهر رهن الاعتقال، إن عدوانية وقسوة الحكومة التونسية تتصاعد، وعقل الدولة تحول إلى "وحشي"

ونقلت صحيفة لوموند، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، مقابلة مع المعارضة شيماء عيسى التي أُطلق سراحها في تموز/يوليو الماضي والتي نددت بالتطوّر "السخيف والتعسّفي" الذي تشهده تونس منذ "الانقلاب" الذي قاده الرئيس قيس سعيّد.



وذكرت الصحيفة أن شيماء عيسى، البالغة من العمر 43 سنة، أمضت خمسة أشهر طويلة في السجن قبل إطلاق سراحها في 13 يوليو/تموز بتهمة التآمر ضد أمن الدولة. وبعد منعها من السفر والظهور في "الأماكن العامة"، أجرت أول مقابلة لها مع الصحافة منذ إطلاق سراحها من السجن في منزلها بتونس، بين شقيقتها وابنها، ولم تخف غضبها من الوضع.

وفي 22 آب/أغسطس قرر قاضي التحقيق بوحدة مكافحة الإرهاب تمديد الحبس الاحتياطي لأصدقائها ورفاقها الذين ظلوا مسجونين منذ أكثر من ستة أشهر. تغيرت حياة شيماء عيسى بشكل كبير في شباط/فبراير عندما أُلقي بها خلف القضبان مع سبعة معارضين آخرين، جميعهم متهمون بارتكاب جرائم عقوبتها الإعدام.

وفيما يتعلق بوضعها منذ خروجها من السجن، أكدت شيماء أنها لا تشعر بالحرية، خاصة وأن رفاقها ما زالوا معتقلين. وقد اكتشفت أن ما تعرض له أحباؤها من إذلال واعتداءات، والأكاذيب التي قيلت عنها، كان له تأثير أيضًا عليها.

وأشارت إلى أنها اليوم لم تعد تستطيع العمل وهي ممنوعة من السفر والظهور في "الأماكن العامة". وهذا القرار الأخير غير مفهوم من الناحية القانونية، ولكنه جزء من نفس منطق الحرمان من الحرية.

ووفقا لها "عندما نمارس السياسة، فإننا ندرك المخاطر التي نتحملها. بالتالي، فإن خطر مواجهة السجن في نهاية المطاف أو التعرض للقيود يعد حقيقيا في النظام الديكتاتوري". تقول المعارضة التونسية: "لقد أصبح عقل الدولة عدوانيا ووحشيا، وكل ما ينتج عنه ليس سوى عبث وتعسف".

وفي سؤال الصحيفة عن الطريقة التي يمكن من خلالها تفسير ما حدث والوضع السياسي بشكل عام في تونس منذ 25 تموز/يوليو 2021، أجابت أنه "منذ ذلك التاريخ ونحن نقاتل من قام بالانقلاب، البرلمان المنتخب، المؤسسات، الدستور.. كل شيء ذهب في لحظة، مع ثلاث شخصيات فقط: رجل يحمل خطابا شعبويا، والجيش الذي وضع دبابة أمام البرلمان، والشرطة المسؤولة عن تغيير أقفال بعض المؤسسات."

وأضافت المعارضة أنه "لا أحد ينكر حقيقة أننا كنا في أزمة سياسية وصحية، أزمة سلطة شارك فيها قيس سعيّد بشكل كبير منذ انتخابه سنة 2019. بالتأكيد كان التونسيون بحاجة إلى التغيير، لكن قيس سعيّد استخدم أساليب غير ديمقراطية ولن نتمكن أبدا من قبولها. وكل ما فعله منذ ذلك الحين غير مقبول".



وحسب هذه المعارضة "كان للسلوك الهستيري للدولة صدى لدى السكان. لقد غذت الدولة الكراهية والانقسام، سواء ضد الأجانب، أو في معاملة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، أو في صفوف التونسيين".

وفي سؤال عن كيفية تنظيم المعارضة نفسها بعد 25 تموز/يوليو، أكدت شيماء عيسى أنه من الواضح أن ميزان القوى غير متكافئ ولا يمكنهم القتال إلا بأفكارهم ورؤيتهم للبلد. وأوضحت قائلة "أنشأنا أولا مجموعة مواطنون ضد الانقلاب في أيلول/ سبتمبر 2021، ثم أنشأنا تحالفا أوسع مفتوحا لجميع القوى الديمقراطية التي تريد النضال ضد الانقلاب تحت اسم جبهة الإنقاذ الوطني. لكن بعض الأحزاب والتنظيمات مستبعدة، ولا سيما حزب النهضة. إنهم يزعمون أنهم يدافعون عن الحقوق والحريات، لكنهم في الواقع يدافعون فقط عن مصالحهم".

وأضافت أن "التخلي عن كل ما تم بناؤه خلال السنوات العشر الماضية لمهاجمة الإسلاميين هو خطأ فادح أوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم. على الرغم من غضبي، أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة ضبط العدادات وإجراء حوار. إن خطاب الشيطنة يجعل الديمقراطية تعتبر عيبا، في حين أنه لا يمكن القيام بأي شيء خارج هذا الإطار، بما في ذلك التعامل مع الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي نمر بها".

ولم تتردد المعارضة التونسية عن التعبير عن رأيها بشأن هذه القضية التي اتُهمت بها، وهي قضية التآمر المزعوم مع قوى أجنبية، موضحة "هناك العديد من الحقائق التي يتعين إعادة ترسيخها، لكن قبل كل شيء أريد أن أذكر أن الدول الغربية وضعت جانبا الدفاع عن العملية الديمقراطية ودعمت خريطة الطريق التي وضعها قيس سعيّد بعد 25 تموز/يوليو". وفقا لها، "الديمقراطيون التونسيون فقط هم من أدانوا هذه العملية وتحدثوا عن انقلاب. كما برأت العدالة علنا الدبلوماسيين الذين اتهمونا بالاجتماع بهم، بينما لا نزال نحن نخضع للمحاكمة. وهذا متناقض تماما".

وأضافت "نحن متهمون أيضا بحيازة الأسلحة، والإرهاب. والمفارقة أنني عملت بنفسي على عمليات اجتثاث التطرف لأجد نفسي في النهاية أمام قطب مكافحة الإرهاب. وهناك، تمكنت من تحدي قاضي التحقيق، وتذكيره بأنه لا يمكن أن تكون هناك محاكمة عادلة واستقلال عدالة عندما قال الرئيس نفسه إنه يتابع قضيتنا شخصيا".

ولفتت الصحيفة إلى أنه خلال فترة وجودها في السجن، لم تكن شيماء خائفة وحيال ذلك قالت "بكيت مرتين. الأولى عندما خلعوا نظارتي لأنني أدركت أنني لم أعد أتحكم في حياتي. والثانية عندما اضطررت إلى خلع ملابسي وطُلب مني الانحناء والسعال".

وأضافت: "الآن أريد أيضا النضال من أجل حقوق السجناء، ومن أجل سلامتهم الجسدية والنفسية. لا توجد عائلة واحدة في تونس ليس لديها قريب في السجن. لن يتبعنا الناس بالضرورة لمحاربة الانقلاب، لكن عندما يتعلق الأمر بالظلم، يمكننا أن نجد بعضنا البعض. السجن ليس حلا. الحياة اليومية عبارة عن صراع، ولا يتم احترام حقوق الإنسان، ويتم تجريد السجناء من إنسانيتهم. إنه جزء من كفاحي الآن، لقد وعدت زملائي السجناء بأن أجعله أولوية".

ونقلت الصحيفة عن المعارضة التونسية قولها: "لقد عشت لحظات استثنائية يوم إطلاق سراحي، سواء في الداخل أو مع السجناء أو في الخارج مع كل هؤلاء الأشخاص الذين كانوا ينتظرونني في الخارج. لقد ألقى بنا نظام قيس سعيّد إلى السجن لكنه لم يكسب شيئا. هذا الوضع سخيف ويؤثر علينا بشكل جماعي. لا يمكن أن يستمر".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة تونسية الاعتقال تونس اعتقال قمع قيس سعيد صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة شیماء عیسى تموز یولیو قیس سعی د لا یمکن

إقرأ أيضاً:

“البعثة” تدعو لوقف التحريض الإعلامي وتناقش مع لجنة 5+5 خطر خطاب الكراهية

نظمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ندوة نقاشية على مدى يومين بمشاركة أعضاء من اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، والمراقبين المحليين لوقف إطلاق النار، وأعضاء من اللجنة الفرعية للترتيبات الأمنية.

وذكرت البعثة في بيان، أن الندوة جاءت لبحث وتقييم ظاهرة تفشي خطاب الكراهية والمعلومات المضللة والخطاب التحريضي عبر وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي في ليبيا.

وتابع البيان أن “المناقشات تركّزت على التأثير الضار لهذا الخطاب على ثبات اتفاق وقف إطلاق النار وعلى النسيج الاجتماعي في ليبيا بشكل عام، بالإضافة إلى بحث سبل معالجة هذه الظواهر في سبيل الحد منها، استناداً على المادة الخامسة من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أكتوبر 2020”.

وأردف البيان، أنه “في هذا السياق، تؤكد بعثة الأمم المتحدة على الحاجة الملحّة لوضع حدّ لجميع أشكال الخطاب التحريضي الحالي في وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي والتصدي للمحاولات المتعمدة لتعميق الانقسامات بين أبناء الشعب الليبي، التي تهدد الوحدة الوطنية، القائمة على التنوع الثقافي الغني”.

وأكمل البيان، أن البعثة “تدعو  الحكماء والسلطات المحلية والوطنية إلى تكثيف الجهود لخفض حدة التوترات الخطابية ومعالجة الأسباب الجذرية للتصعيد الراهن”.

ولفت البيان إلى أن “البعثة تذكّر جميع السلطات الليبية ومختلف الأطراف بقرار مجلس الأمن رقم 2755 (2024)، الذي يحثّ الجميع على الامتناع عن استخدام الخطاب التحريضي وخطاب الكراهية والمعلومات المضللة، وهي ممارسات من شأنها أن تزيد من حدة الانقسامات بين الليبيين وتُقوّض العملية السياسية”.

وأشار البيان، إلى أن “المشاركين أجمعوا على أن تفشي خطاب الكراهية في ليبيا ناتج رئيسي عن الإنقسام السياسي في البلاد وما يترتب عليه من استقطاب حاد في وسائل الإعلام”.

في ختام أعمال الندوة النقاشية، التي عقدت في تونس، أجمع المشاركون على التوصيات التالية: تفعيل اللجنة الفرعية لمراقبة خطاب الكراهية بناء على المادة الخامسة من اتفاق وقف إطلاق النار وإنشاء آلية للتنسيق مع البعثة وشركات وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الرصد الوطنية ومؤسسات الدولة المعنية بالعمل الإعلامي.

وأيضًا؛ “قيام السلطات المختلفة كل بحسب اختصاصه للحد من تفشي خطاب الكراهية والتحريض والمعلومات المضللة عبر وسائل الإعلام الوطنية ووسائل التواصل الاجتماعي، وتحميل المسؤولية، بموجب التشريعات والقوانين النافذة، على الأفراد والأطراف التي تروج وتعمل على تصعيد أي شكل من أشكال الخطاب التحريضي”.

وجاء من بين التوصيات أيضًا؛ “دعم المبادرات المحلية ومنصات رصد خطاب الكراهية والتحريض والمعلومات المضللة”.

وختم البيان موضحًا أن آخر التوصيات كانت “تعزيز دور المجتمع المدني ووسائل الإعلام لرفع الوعي العام بأهمية وقف إطلاق النار في تحقيق الاستقرار وتهيئة الأجواء لعملية سياسية شاملة تمكن من إجراء الانتخابات الوطنية”.

الوسومالبعثة

مقالات مشابهة

  • أطراف معارضة للحكومة السودانية توقع على دستور جديد بحضور دقلو والحلو
  • الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن!
  • خبير اقتصادي: الدولة تهتم بالشريحة التي تحتاج الرعاية المجتمعية
  • وليد جاب الله: الدولة المصرية تهتم بالشريحة التي تحتاج للرعاية المجتمعية
  • انطلاق أولى الجلسات المرتقبة لمحاكمة معارضين في تونس بتهمة التآمر على أمن الدولة
  • بين باسيل وسلام : معارضة ولا قطيعة سياسية
  • مصر.. حزمة حماية اجتماعية لدعم الفئات الأقل دخلا في شهر رمضان
  • عندما يُختزلُ المعتقلُ في جسده!
  • المغرب الدولة العربية الوحيدة التي أعلنت الأحد أول أيام رمضان
  • “البعثة” تدعو لوقف التحريض الإعلامي وتناقش مع لجنة 5+5 خطر خطاب الكراهية