الخليج الجديد:
2025-04-07@00:42:35 GMT

عن امرأة حديدية تحكُم بغداد

تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT

عن امرأة حديدية تحكُم بغداد

عن "امرأة حديدية" تحكُم بغداد

لا تتردّد السفيرة في طرح آرائها في ميزانية العراق، والانتخابات، والأوضاع الأمنية، والتشريعات المقترحة، وعلاقات العراق مع الدول الأخرى.

"امرأة حديدية"، جريئة وصريحة، ومثيرة للجدل، تمتلك خبرات وتجارب أزيد من 40 عاما في مختلف ميادين الخدمة العامة قلما امتلكتها امرأة أخرى.

لا تنبع قوة ألينا رومانوسكي، وتحكّمها بسياسات بغداد وقراراتها من الصلاحيات الممنوحة لها من حكومتها فقط، بل من ضعف الحكومات العراقية المتتالية.

تخضع سياسات حكومة بغداد لإرادة سفيرين أجنبيين يعملان كما لو كانا "مندوبيْن ساميين" عن حكومتيهما، ولا يمرّ أمرٍ مهم دون أن يكون لهما رأي فيه: هذه حصيلة احتلالين!

استطاعت رومانوسكي بناء علاقاتٍ متينةً مع حكام بغداد وقادة الأحزاب والكتل فتدخُل مكاتبهم متى تشاء وتناقشهم في شؤون بلادهم، بل تفرض عليهم قناعاتها النابعة من مصالح بلادها وأمنها القومي.

* * *

يصفها عارفوها بأنها "امرأة حديدية"، جريئة وصريحة، ومثيرة للجدل، تمتلك خبرات وتجارب أزيد من 40 عاما في أكثر من ميدان من ميادين الخدمة العامة قلما امتلكتها امرأة أخرى.

فهي محلّلة متخصّصة في وكالة المخابرات المركزية، وخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، ومؤسّسة لمركز الشرق الأدنى للدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع الوطني، ونائبة المنسّق الرئيسي لمكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية، ومديرة قسم الشراكة الأميركية الشرق أوسطية، والمشرفة على البرنامج الأميركي لبناء القدرات لمكافحة الإرهاب في المنطقة، وسفيرة مهمّات خاصة.

وقد أهّلتها تلك الخبرات والتجارب ليختارها الرئيس جو بايدن لتمثيل بلاده في بلد مثل العراق، ينام أهلُه على نار، ويصحون على نار. ومهمّتها الخاصة، هذه المرّة، مواجهة نشاط المليشيات المسلّحة المرتبطة بطهران التي تسعى إلى فرض سيطرتها على مفاصل الدولة في بغداد والتحكّم في قراراتها.

ألينا رومانوسكي، قبل ذلك وبعده، امرأة علاقات عامة، استطاعت، وفي فترة قصيرة، أن تبني علاقاتٍ متينةً مع رجال السلطة في بغداد وقادة الأحزاب والكتل، وأن تدخُل مكاتبهم متى تشاء، وأن تناقشهم في شؤون بلادهم، وحتى أن تفرض عليهم قناعاتها النابعة من مصالح بلادها، وحاجات أمنها القومي.

وهي لا تتردّد في طرح آرائها في الميزانية، والانتخابات، والأوضاع الأمنية، والتشريعات المقترحة، وعلاقات العراق مع الدول. ولا يكاد يمرّ يوم من دون أن تكون لها زيارة لهذا المسؤول الكبير أو ذاك، وقد اتسعت دائرة علاقاتها لتشمل شيوخ عشائر ورجال دين وممثلي منظمات مدنيّة.

وليس في وسع أحد من المسؤولين أن يرفض مقابلتها أو يعترض على تخطّيها مهمّاتها التي يقيّدها منصبها الدبلوماسي، وقد اعتادوا أن يشتموها في مجالسهم الخاصة، ويندّدوا بتدخلاتها في الشؤون العراقية، لكنهم يرحّبون بها عندما تلتقيهم، يأخذونها بالأحضان، ويتودّدون إليها، ويسعون إلى كسب رضاها دائما، لأنهم يعرفون أنها بكلمةٍ منها تستطيع أن تعيدهم كما كانوا!

ورومانوسكي، في مسلكها هذا، تذكّر العراقيين بالدور الذي لعبته "الخاتون" مس بيل، إبّان عملها مستشارة للمندوب السامي البريطاني في العراق، السير برسي كوكس، في عشرينيات القرن الراحل، حيث ساهمت مساهمة فعالة في وضع اللبنات الأولى للدولة الوطنية العراقية، حتى وصفت بأنها "صانعة ملوك".

ومع اختلاف المراحل والتفاصيل، تلعب رومانوسكي، هي الأخرى، اليوم الدور نفسه. وضمن خططها الحالية، كما يشاع في المجالس البغدادية، التحضير لتغيير في المواقع السياسية العراقية العليا بما يحقّق رحيل شخصيات سياسية انتهت صلاحية استخدامها، وإحلال شخصيات قابعة في الظلّ محلها!

ولا تتوقف رومانوسكي عن إطلاق "تغريداتها" التي توثق نشاطاتها الميدانية، ولقاءاتها بالمسؤولين، في شهر أغسطس/ آب المنصرم وحده التقت برئيس الحكومة، ورئيس القضاء، ورئيس البرلمان، ووزيري الدفاع والنفط، وكذلك نوري المالكي وهادي العامري وعمّار الحكيم، كما اجتمعت بممثلي البنك الدولي، واستضافت 80 من رجال الأعمال العراقيين، والتقت سفيري الكويت والجزائر، إضافة الى ممثلي منظمّات مدنية. وفي كل هذه اللقاءات والاجتماعات، كانت "الشراكة الأميركية العراقية" حاضرة.

وهي لا تكتم عمن تقابلهم وجهات نظرها في "ضرورة إيجاد حلول لمستقبل أفضل لجميع العراقيين، وأهمية وجود عراق مستقل في مجال الطاقة غير معرض لقرارات خفض إمدادات الغاز التعسّفية (من جانب إيران) .. وستساعد التكنولوجيا الأميركية في القضاء على سرقة الكهرباء .. وأهمية إجراء انتخابات مجالس المحافظات .. وضرورة سيادة القانون" ... إلخ.

ولا تنسى رومانوسكي أن تفاخر بعلاقة بلادها بـ 270 منظمة مجتمع مدني عراقية (!)، وأن تعلمنا أن بلادها قدمت للعراق 3.4 مليار دولار خلال العقد الأخير لمعالجة واحدة من أخطر قضايانا الماثلة، وهي قضية النازحين، (لا أحد من العراقيين يعرف أين استقرّت تلك المليارات وكيف؟).

بالمختصر المفيد، لا تنبع قوة ألينا رومانوسكي، وقدرتها على التحكّم في سياسات بغداد وقراراتها فقط من الصلاحيات الممنوحة لها من حكومة بلادها، وإنما أيضا من ضعف الحكومات العراقية المتتالية، والهوان الذي يشعُر به المسؤولون العراقيون تجاهها، والإذلال الذي يتعرّضون له منها.

يخيّل لمن يتابع ما تكتبه وما تقوله أنها معنيةٌ بالشؤون العراقية، كما لو كان العراق موطنها الأول، ولا تريد لأحد أن يستأثر به غيرها. ولا ينافسها أحدٌ من السفراء الأجانب العاملين في بغداد سوى سفير إيران، محمد كاظم آل صادق، الضابط في الحرس الثوري، والمدرَج اسمُه على لائحة العقوبات الأميركية، والذي عمل مساعدا لسفير إيران السابق في بغداد أزيد من سنتين قبل أن يصبح سفيرا، وقد اعتاد صادق أن يلتقي المسؤولين العراقيين دائما لينقل إليهم "وصايا" حكومته التي هي بمثابة أوامر.

وهكذا، تخضع سياسات حكومة بغداد لإرادة سفيرين أجنبيين يعملان كما لو كانا "مندوبيْن ساميين" عن حكومتيهما، ولا يمرّ أي أمرٍ مهم من دون أن يكون لهما رأي فيه، هذا بالطبع هو حصيلة احتلالين تعرّضت لهما دولة العراق الوطنية، لا أقسى منهما ولا أمرّ!

*عبد اللطيف السعدون كاتب وباحث عراقي

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العراق أميركا إيران السفيرة الأميركية نوري المالكي سفير إيران فی بغداد

إقرأ أيضاً:

تصريحات غامضة من وراء البحار تُقلق نوم بغداد

6 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: في تطور جديد يثير الجدل، أطلق مسؤولون أمريكيون دعوات لما أسموه “تحرير العراق من النفوذ الإيراني”، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة واضحة إلى تصعيد محتمل في المنطقة.

وكان أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي قد نشر عبر منصة “إكس” منشوراً بعنوان “خطة تحرير العراق من إيران”، ليثير موجة من التفاعلات المتباينة.

الشخصية المعروفة بمواقفها الاستفزازية لم تقدم تفاصيل واضحة، لكنها أشارت إلى أن العراق “يئن تحت وطأة الهيمنة الإيرانية”، وهو ما دفع مواطناً عراقياً للرد عبر “فيسبوك” قائلاً: “نحن شعب مستقل، لا نقبل أن تُملى علينا إرادة الآخرين”.

وأفادت تحليلات أن هذه التصريحات قد تكون جزءاً من حرب نفسية تستهدف إيران والقوى الشيعية العراقية المتحالفة معها، في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية.

وقال مصدر : “هذا الكلام لا يُعتد به، لأنه لم يصدر عن البيت الأبيض، بل يعكس آراء شخصيات تسعى للضغط على الحكومة العراقية”.

من جانبها، ذكرت مواطنة من بغداد في تغريدة على “إكس”: “العراق بلد سيادي، لكننا نعاني من تدخلات خارجية من كل الجهات ومن امريكا نفسها”.

ووفق معلومات متداولة، فإن هذه الدعوات تأتي في سياق يشهد تصاعداً في نشاط اللوبيات التي تدعم مصالح معينة داخل الولايات المتحدة.

وتحدث أحمد الساعدي، باحث اجتماعي من البصرة، قائلاً: “هناك قوى تسعى لاستخدام العراق كورقة ضغط في صراعها مع إيران، وهو أمر قد يزيد من الانقسامات الداخلية”.

وأشار إلى أن إحصاءات حديثة تكشف عن أن 62% من العراقيين يرفضون أي تدخل أجنبي في شؤونهم، بناءً على استطلاع أجرته منظمة محلية في 2024.

وتوقعت تحليلات استباقية أن تشهد الأشهر القادمة مزيداً من التصعيد اللفظي، وربما تحركات دبلوماسية تستهدف حلفاء إيران في العراق فيما الشارع العراقي قد يتحول إلى ساحة احتجاجات إذا شعر أن سيادته مهددة”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • برقية إيرانية تحذر بغداد: هجوم إسرائيلي محتمل عبر الأجواء العراقية
  • بغداد وأربيل تؤكدان ضرورة نأي العراق بنفسه عن حرب المنطقة
  • تصريحات غامضة من وراء البحار تُقلق نوم بغداد
  • بغداد.. انتحار منتسب في الداخلية العراقية
  • ماذا وراء إعلان تركيا نيتها إنشاء سكة حديدية مع الأراضي السورية؟
  • الإحصاء الأمريكي للتجارة:حصة السلع العراقية من اجمالي واردات السلع الامريكية من دول العالم تساوي 0.22%
  • لجنة الصليب الأحمر الدولية تحذر من خطر يهدد عشرات العراقيين
  • من بين أكثر 5 دول تضررا.. ما جهود الحكومة العراقية لمواجهة الجفاف؟
  • النفط العراقية تنشر ايضاحاً بشأن تصريح مغلوط ومضلل
  • بينهم امرأة.. القبض على 10 متهمين بقضايا مختلفة في بغداد