الزيادة السكانية في أعين صناع السينما.. أشهرها «أفواه وأرانب»
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
تُعد «الزيادة السكانية»، من أبرز القضايا التي ناقشتها السينما منذ وقتٍ طويل؛ وهو ما نوه عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمره الأخير، وكان للدراما موقف واضح منذ اليوم الأول بتسليط الضوء على مخاطر الزيادة السكانية، والآثار التي تترتب عليها بخصوص الأجيال القادمة.
فيلم أفواه وأرانبيُعد فيلم «أفواه وأرانب»، من أبرز الأعمال السينمائية، في وقتٍ مبكر، إذ عُرض لأول مرة عام 1977، وهو من بطولة فاتن حمامة، ومحمود ياسين، وفريد شوقي، وماجدة الخطيب، ورجاء حسين وأبو بكر عزت، وهو من تأليف سمير عبد العظيم وإخراج هنري بركات، ويعتبر الفيلم من أبرز الأعمال التي لاقت نجاحًا جماهيريًا كبيرا، كونه يناقش أزمة كثرة الإنجاب بشكلٍ كوميدي.
كما ناقش المخرج خيري بشارة، الأزمة السكانية، من خلال فيلم «يوم حلو ويوم مر» عام 1988، والذي تدور أحداثه حول «عائشة» وهي أرملة توفي زوجها وترك لها 5 أبناء، سناء وسعاد ولمياء وأسماء والصغير نور، والفيلم من بطولة فاتن حمامة، ومحمد منير، وحنان يوسف، ومحمود الجندي، وسيمون، وحسن عبد السلام، وهو من تأليف وإخراج خيري بشارة.
فيلم عالم عيال عياللم تتطرق الأحداث في فيلم «عالم عيال عيال» إلى المشكلات المادية، حيث كان الأم والأب من ذوى المناصب والوظائف الكبيرة، ولكن الأحداث عرضت العديد من المشكلات التي تواجهها الأسر الكبيرة في متابعة الأبناء وتربيتهم واستيعاب مشكلاتهم، كما تناول فيلم «البعض يذهب للمأذون مرتين» قضية كثرة الإنجاب ومشكلاته بشكل كوميدى، حيث جسد الزعيم عادل إمام مشكلة الزوج الذى لا تجد زوجته وسيلة لربطه بها سوى كثرة الإنجاب، والفيلم من تأليف فاروق صبري، وإخراج محمد عبد العزيز، والعمل من بطولة نور الشريف، وميرفت أمين، لبلبة، سمير غانم، جورج سيدهم، وميمي جمال، وعدد أخر من النجوم .
ومن جانبه قال الناقد محمود قاسم، أن الدراما هي الوجه الحقيقي لما يحدث في المجتمع، ومن المشكلات التي تواجهنا بشكل ملحوظ، هي الزيادة السكانية، ودائماً ما تعرض الأفلام والمسلسلات تلك المشكلة، والآثار التي تترتب على كثر الإنجاب.
وأضاف محمود قاسم لـ «الوطن»، يعتبر فيلم «أفواه وأرانب» من أهم الأفلام التي عرضت تلك المشكلة بشكل سلس وكوميدي، وما زال الكتاب والمؤلفين يلقون النظر على تلك القضية باعتبارها واحدة من أهم القضايا التي يجب مناقشتها باستمرار.
وتابع الناقد الفني حديثه، هدف الدراما طوال الوقت أن تبرز مشكلات المجتمع، ويحرص المؤلفون على أن يضعوا حلول لتلك المشكلات، حتي تكون بمثابة عبرة وعظة للمشاهدين، ولكن تكون مغلفة في إطار من الكوميديا والتشويق والإثارة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مشكلة الزوج الزیادة السکانیة
إقرأ أيضاً:
التقديرات السكانية ومؤشرات التنمية في السودان
د. نازك حامد الهاشمي
تمثل التقديرات السكانية أحد الأدوات الأساسية في التخطيط الاستراتيجي للدول، حيث تساعد على فهم التغيرات الديموغرافية والتحديات التنموية المرتبطة بها. وتعتمد هذه التقديرات على تحليل معدلات المواليد والوفيات، إلى جانب تأثير الهجرة الداخلية والخارجية في تحديد حجم السكان وتوزيعهم الجغرافي. كما أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تشمل ارتفاع مستويات التعليم وتغير السياسات الاقتصادية وغير ذلك، تساهم في تشكيل أنماط الإنجاب والهجرة، مما يجعل التقديرات السكانية ركيزة أساسية لوضع سياسات تنموية مستدامة وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات الأكثر احتياجًا.
وظل البنك الدولي يقدم منذ عام 1960م تقديرات سنوية لعدد السكان في مختلف الدول، وتحدث تلك التقديرات بانتظام لمساعدة صانعي القرار في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية. وتتيح هذه البيانات فهماً أعمق لمعدلات النمو السكاني وتأثيرها على التنمية المستدامة، مما يسهم في توجيه الاستثمارات واتخاذ قرارات استراتيجية تتعلق بالبنية التحتية والصحة والتعليم والتوزيع العادل للموارد. وفي السودان، أظهرت التقديرات السكانية التي قدمها المجلس القومي للسكان أن عدد السكان بلغ 44.4 مليون نسمة في عام 2020م، مع توقعات بارتفاعه إلى 50 مليونًا بحلول 2025م، و57.7 مليونًا في 2030م، ليصل إلى 62 مليونًا بحلول 2035م. وتشير هذه التوقعات إلى أن الفئة العمرية بين 15 و30 عامًا ستكون الأكبر، بعدد يصل إلى 37 مليون نسمة بحلول 2035م، في حين يُتوقع أن يصل إجمالي عدد السكان إلى 85 مليونًا بحلول 2050م، ما سيجعل السودان ثاني أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان بعد مصر.
غير أن الحرب المستمرة منذ أبريل 2023م، والتي تشارف الآن على نهايتها، تلقي بظلالها الثقيلة على تلك التقديرات، إذ أنها أفضت إلى موجات نزوح داخلي واسعة تجاوزت عشرة ملايين شخص، فضلاً عن لجوء نحو 2.2 مليون شخص إلى دول الجوار وفقاً لتقارير منظمة الهجرة الدولية في نوفمبر2024م. وأعاد هذا النزوح الجماعي تشكيل التوزيع الديموغرافي داخل البلاد، حيث انخفض عدد السكان في العديد من مناطقهم الأصلية، بينما ارتفعت معدلات الهجرة القسرية إلى المدن الكبرى والمخيمات الحدودية. كما تسبب تدهور الخدمات الصحية وارتفاع معدلات الوفيات في إحداث خلل في معدلات النمو السكاني، خاصة في ظل غياب إحصاءات دقيقة عن الخسائر البشرية الناجمة عن الحرب. وإلى جانب التأثير الديموغرافي، أدى الانكماش الاقتصادي إلى تدهور الظروف المعيشية وارتفاع معدلات الفقر، مما قد ينعكس مستقبلاً على معدلات الخصوبة والنمو السكاني. وبالنظر إلى هذه العوامل، تبدو التقديرات السكانية السابقة أقل دقة في ظل الظروف الراهنة، حيث يُحتمل أن يشهد السودان تباطؤًا في النمو السكاني أو حتى تراجعًا في بعض المناطق الأكثر تأثرًا بالحرب.
من المعلوم أن التقديرات السكانية تؤدي دورًا جوهريًا في تحليل مؤشرات التنمية وتأثيرها على القطاعات الحيوية المختلفة، مثل الاقتصاد والصحة والتعليم والبيئة. فهي تسهم في توجيه الاستثمارات نحو البنية التحتية والخدمات الأساسية، وتساعد في رسم سياسات التوظيف والتدريب وفقًا لحجم القوى العاملة المتوقعة. كما توفر بيانات دقيقة حول الاحتياجات الصحية والتعليمية، مما يسهم في توزيع المستشفيات والمدارس بشكل أكثر توازنًا. وفضلاً على ذلك، فإنها تشكل أداة رئيسية لمكافحة الفقر وعدم المساواة، إذ تسهم في توجيه برامج الدعم الاجتماعي إلى الفئات الأكثر احتياجًا بطريقة أكثر دقة وفعالية. ومن الناحية البيئية، تعكس التقديرات السكانية حجم الضغط على الموارد الطبيعية، مما يستدعي تبني سياسات مستدامة لإدارتها والحد من آثار النمو السكاني على البيئة والتغير المناخي. كما توفر هذه البيانات فهمًا معمقًا لأنماط الهجرة والنزوح الناتجة عن النزاعات أو الكوارث، مما يساعد في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي عبر التدخلات التنموية المناسبة.
وفي سياق الدول النامية، يلعب النمو السكاني دورًا رئيسيًا في تحديد نصيب الفرد من الدخل القومي، حيث يتداخل مع عوامل اقتصادية واجتماعية تحدد فعالية التنمية ومستوى المعيشة. وتتجلى هذه العلاقة بوضوح في منطقة القرن الإفريقي، حيث تفرض الكثافة السكانية ضغطًا متزايدًا على الموارد المحدودة، ما يؤدي إلى تنافس حاد بين المجتمعات، كما هو الحال في النزاعات بين الرعاة والمزارعين في السودان وإثيوبيا على سبيل المثال. كما أن غياب آليات عادلة لتوزيع الموارد يفاقم هذه الصراعات، في حين تؤدي الهجرات القسرية إلى إعادة تشكيل التوازنات الديموغرافية والسياسية، مما يؤثر على استقرار الدول المستقبلة. وعادة ما تستغل الكثير من القوى السياسية هذه التفاعلات، حيث توظف الولاءات القبلية والطائفية لتعزيز نفوذها أو إضعاف خصومها، كما حدث في الصومال وإثيوبيا. إضافة إلى ذلك، فإن التدخلات الخارجية والصراعات الإقليمية تؤدي إلى إعادة توزيع السكان عبر مشاريع تنموية تغير خريطة الاستيطان، أو من خلال النزوح الناتج عن الحروب بالوكالة. كما يفاقم التغير المناخي هذه الأزمات من خلال تفاقم نقص الموارد، مما يدفع السكان إلى النزوح نحو المدن أو مناطق جديدة، وهو ما يخلق اختلالات اجتماعية تستغلها الأطراف المتصارعة لتحقيق مكاسب سياسية.
وتؤدي الكثافة السكانية في السودان دورًا محوريًا في استقراره، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة. ورغم مساحة السودان الشاسعة، يتركز الكثير من سكان حول مجرى نهر النيل، بما في ذلك المناطق المتاخمة للنيل الأزرق والنيل الأبيض وصولًا إلى النيل الرئيسي، حيث تتماشى طبيعة هذه المناطق مع الحرفة الرئيسية للسودانيين، وهي الزراعة، التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد المحلي. وفي المقابل، تتميز المناطق الأخرى بوفرة موارد طبيعية متنوعة، مثل البترول والمعادن والثروة الحيوانية، مما يعكس إمكانات هائلة للتنمية الشاملة. ويمكن أن يسهم هذا التنوع في خلق توازن اقتصادي وتنموي يعود بالفائدة على جميع السكان إذا ما تم استثماره بشكل عادل ومستدام. وفي ظل النزوح القسري الناتج عن الحرب، تزداد الضغوط على المدن الكبرى بسبب تدفق النازحين، بينما يؤدي لتدفق اللاجئين السودانيين إلى دول الجوار مثل مصر وتشاد وجنوب السودان إلى تحديات سياسية واقتصادية قد تتطور إلى توترات دبلوماسية أو أمنية. ومع تزايد التدخلات الخارجية وتأثيرها في توزيع الموارد، يصبح السودان أكثر عرضة لعدم الاستقرار مقارنة ببعض دول الجوار التي تمتلك آليات مختلفة للتعامل مع هذه التحديات.
ولتحقيق الاستقرار بعد الحرب، لا يكمن الحل في زيادة عدد السكان فحسب، بل في إدارة النمو السكاني بشكل مستدام عبر تحسين الخدمات الصحية والتعليمية وتشجيع التوزيع المتوازن للسكان من خلال تحفيز الهجرة الداخلية إلى المناطق الأقل كثافة. كما أن تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع دول الجوار، وحل النزاعات الحدودية، والاستفادة من الدعم الدولي (إن وجد) لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتطوير البنية التحتية، يمثل خطوات أساسية في مواجهة التغيرات الجيوسياسية. أما التنمية المستدامة، فهي المدخل الأهم لتحقيق الاستقرار، عبر إصلاحات اقتصادية تستهدف تحسين الإنتاجية الزراعية واستثمار الموارد الطبيعية وتحفيز القطاعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة. كما أن الاستثمار في البنية التحتية، من طرق وطاقة وصحة وتعليم، يسهم في توفير فرص عمل لكثير من السكان، وفي الحد من الفقر وتحسين مستويات المعيشة، مما يرسخ استقرارًا طويل الأمد.
إن التقديرات السكانية ليست مجرد أرقام، بل هي أداة أساسية لفهم التحديات والفرص التنموية في أي بلد. فغياب البيانات الدقيقة – خاصة في بلادنا - يعوق وضع سياسات فعالة، مما يجعل تطوير أنظمة جمع البيانات وتحليلها ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة. ومع التزايد السكاني المأمول والمتوقع، يصبح من الضروري تبني استراتيجيات واضحة المعالم تعمل على تعزيز التنمية البشرية، وتحقق العدالة في توزيع الموارد، وتواكب النمو الاقتصادي لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
nazikelhashmi@hotmail.com