الجديد برس:

تواصل الولايات المتحدة، تحركاتها المشبوهة في المناطق الشرقية والجنوبية اليمنية، الخاضعة لسيطرة قوات وفصائل التحالف السعودي الإماراتي، وهو التحالف الذي تشارك فيه على كافة الأصعدة، وتقود عملياته العسكرية منذ الوهلة الأولى لانطلاقها في 26 مارس 2015م.

إرسال القوات الأمريكية وحدات من المارينز إلى مناطق وادي وصحراء حضرموت، والتي أعقبها زيارة مفاجئة للسفير الأمريكي لدى الرئاسي، ستيفن فاجن إلى مدينة سيئون، بالتأكيد لها دلالات ودوافع كثيرة، تندرج في معظمها تحت المساعي الأمريكية لعرقلة المفاوضات القائمة بين صنعاء والرياض، ومحاولة واشنطن فرض واقع جديد ميدانياً في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل التحالف.

إذ يمكن قراءة الإنتشار العسكري الأمريكي الجديد في وادي حضرموت، والذي يأتي بعد انتشار مماثل في مناطق ساحل حضرموت، في إطار التحركات الأمريكية لتأمين سيطرتها على حقول النفط المتواجدة في مناطق الوادي والصحراء، والخاضعة لسيطرة فصائل التحالف السعودي.

صحيح أن الصراع السعودي الإماراتي هو الذي يحرك الأمريكي الذي قلنا سابقاً أنه قلق من خروج هذا الصراع عن السيطرة، إلا أنه لا يمكن قراءة التحركات العسكرية الأمريكية شرق اليمن، ضمن مساعيها لاحتواء هذا الصراع الذي وصل مراحل صعبة وعميقة، بقدر ما يدفعها للإشراف المباشر على الثروات الخاضعة ضمن سيطرة الفصائل السعودية والإماراتية.

وهذا ما يفسر زيارة السفير الأمريكي لدى الرئاسي، ستيفن فاجن، إلى مدينة سيئون، حيث تتمركز قيادة المنطقة العسكرية الأولى المحسوبة للإصلاح والمدعومة من السعودية، والمسؤولة عن حماية حقول النفط في مناطق الوادي والصحراء، حيث تسعى واشنطن لإنشاء غرفة عمليات تحت إشراف ضباط أمريكيين، لتولي مهمة تأمين المناطق الحيوية في المحافظة، واستئناف تهريب النفط.

تعتقد الولايات المتحدة، أنه من خلال سيطرتها المباشرة على المناطق الإستراتيجية في المناطق الجنوبية والشرقية لليمن، قد تفرض واقع جديد يؤثر على سير المفاوضات أو على الأقل يغير من شكل نتائجها بما يخدم المصالح الأمريكية، إلا أن ذلك غير قابل للتطبيق عملياً على أرض الواقع، في ظل وجود قوى وطنية في صنعاء مناهضة للتواجد الأجنبي في البلد.

لا شك أن صنعاء، تراقب عن كثب التحركات العسكرية الأمريكية في اليمن، وهو ما صرح به رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، خلال خطابه الأخير، والذي وجه فيه تحذيرات مباشرة للقوات الأجنبية مؤكداً أن اليمن يمتلك الطائرات المسيرة والقوة الصاروخية، وأن قيادة صنعاء تمتلك يد خفيفة على الزناد، في تهديد صريح باستهداف القوات الأمريكية والبريطانية المتمركزة في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف.

وكان الرئيس المشاط، قد اعتبر في خطاب آخر، أن انتشار المارينز الأمريكي في محافظة حضرموت، يكشف استمرار الحرب والمؤامرات على اليمن، داعياً قوات صنعاء إلى الإستمرار في التعبئة استعداداً لأي تصعيد أو حماقة من العدو، ما يعني أن تصاعد التحركات العسكرية الأمريكية البريطانية شرقي اليمن، قد تدفع إلى استئناف الحرب.

بالتالي، فإن التصعيد الأمريكي الجديد في اليمن، والذي يأتي تحت عدة يافطات وذرائع، قد يدفع لعودة الحرب العسكرية المباشرة، في ظل إصرار الأمريكي على استئناف عملية نهب النفط والغاز اليمني، ومحاولاته استقطاع أجزاء حيوية من البلد وتحويلها لمركز عسكري واستخباراتي.

على أية حال، فإن التحركات الأمريكية المكثفة جنوب وشرق اليمن، خلال الآونة الأخيرة، تكشف حجم الدور الأمريكي الكبير في الحرب على اليمن، ومدى تورط واشنطن بشكل مباشر في كل جرائم هذه الحرب التي لم تستثني أحداً من اليمنيين شمالاً وجنوباً، وشرقاً وغرباً، ودورها في تشديد الحصار وعرقلتها ملف صرف المرتبات وغيرها.

*YNP – حلمي الكمالي

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الخاضعة لسیطرة فی المناطق

إقرأ أيضاً:

تداعيات واسعة لقرار تعليق المساعدات الأمريكية على اليمن.. هذه ملامحها

قال مسؤولون في مجال الإغاثة وسلطات حكومية في اليمن إن قرار تعليق المساعدات الخارجية المقدمة عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يهدد بشكل كبير حياة ملايين اليمنيين ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في بلد يصنف كأحد أفقر البلدان العربية.

ويتخوف اليمنيون ومنظمات الإغاثة من حدوث نقص حاد في مخزون السلع والمواد الغذائية في وقت يعاني ملايين السكان من سوء التغذية وارتفاع أسعار الغذاء وتدني الخدمات جراء الصراع المستمر منذ 10 سنوات والذي تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم بحسب تقدير الأمم المتحدة.



ويعمل برنامج الأغذية العالمي منذ 2015 على تقديم المساعدات لليمن لمنع وقوع مجاعة اعتمادا على المساعدات التي يتلقاها البرنامج التابع للأمم المتحدة من المؤسسات والدول التي تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في شباط/ فبراير 2023 إن حجم المساعدات الأمريكية لليمن منذ بدء الصراع هناك عبر الوكالة الأمريكية للتنمية ومكتب السكان واللاجئين والهجرة بلغ أكثر من 5.4 مليار دولار.

لكن في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وجهت الأمم المتحدة نداء للمانحين الشهر الماضي لتقديم 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال عام 2025 مشيرة إلى أن نحو 20 مليون شخص هناك يحتاجون للدعم الإنساني بينما يعاني الملايين من الجوع ويواجهون خطر الإصابة بأمراض تهدد حياتهم.

وجاء توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 20 كانون الثاني/ يناير على أمر تنفيذي بتعليق تمويل المساعدات الخارجية لمدة 90 يوما لحين مراجعة سياسات التمويل ليربك حسابات العديد من المؤسسات الخيرية والإغاثية العاملة في اليمن.

ويأتي وقف المساعدات الأمريكية في وقت يدخل قرار ترامب بإعادة إدراج حركة الحوثي اليمنية على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" حيز التنفيذ، ليزيد الأمور تعقيدا في بلد يعاني بالفعل من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانهيار العملة وانعدام الخدمات وحرب أوصلت واحدة من أفقر الدول العربية إلى حافة المجاعة.

تداعيات واسعة
صرح مسؤولون في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في عدن لوكالة "رويترز" بأن تداعيات القرار الأمريكي بدأت تظهر تباعا إذ تلقت الوزارة خلال الأيام القليلة الماضية عشرات الخطابات من منظمات إغاثية وتنموية محلية تفيد بوقف أو تقليص أنشطتها وتسريح المئات من موظفيها.

وأضاف المسؤولون أن غالبية هذه المنظمات تعمل في مناطق سيطرة جماعة الحوثي في شمال ووسط وغرب البلاد ذات الكثافة السكانية العالية.

وأحجم المسؤولون عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل، لكنهم أكدوا أن توقف أنشطة المنظمات وتسريح المئات من الموظفين سيساهم في ارتفاع معدلات البطالة بالبلاد المرتفعة أصلا.

ويشعر عبد الله سامي بالحسرة والحزن من قرار تسريحه من منظمة إغاثة محلية تتلقى تمويلا من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومثله كثير من زملائه فقدوا وظائفهم وأصبحوا بلا مصدر للدخل في ظل توقف الحكومة اليمنية عن توظيف الشبان منذ اندلاع الحرب قبل سنوات.

وقال سامي (32 عاما)، ويسكن مدينة عدن، إنه لم يخطر بباله قط أن توقف الولايات المتحدة تمويلاتها في اليمن، ويفقد بسبب هذا القرار دخلا جيدا كان يحصل عليه من عمله في تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا ويعينه على إعالة أسرته الصغيرة المكونة من زوجة وطفلين.

وتشير تقارير محلية وأخرى للأمم المتحدة إلى أن الأزمة الاقتصادية الخانقة في اليمن قفزت بمعدل البطالة بين الشبان لنحو 60 بالمئة مقارنة مع 14 بالمئة قبل الحرب، ورفعت معدل التضخم إلى نحو 45 بالمئة والفقر إلى نحو 78 بالمئة.

وحذر رئيس منظمة إغاثية محلية في العاصمة صنعاء، طلب عدم ذكر اسمه، من أن وقف مساعدات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لن يؤثر على المستفيدين من برامج الإغاثة فحسب لكنه سيضر بالعاملين في القطاع والذين يقدر عددهم بالمئات.

مناطق الحوثي
يرى الباحث الاقتصادي في مركز اليمن والخليج للدراسات وفيق صالح أن توقف برامج المساعدات الإنسانية الأمريكية في اليمن ينذر بمزيد من تدهور الأوضاع واتساع رقعة الجوع في البلاد.

وقال إن مخاطر هذه الخطوة على الوضع الإنساني تتضاعف لأنها تتزامن مع أوضاع إنسانية متردية، وتقلص برامج مساعدات دولية أخرى تقدم لليمن، إلى جانب تدهور الاقتصاد الكلي، وتفاقم العجز في مالية الدولة وتشتت الموارد المحلية.

لكن بعض سكان صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون، لا يعيرون الأمر الكثير من الاهتمام ويعتقدون أن تراجع أو توقف نشاط الوكالة الأمريكية "لن يكون له تأثير يذكر في ظل الوضع الإنساني الصعب الذي تعيشه البلاد".

وقال مهدي محمد البحري، أحد سكان صنعاء، إن "حضور الوكالة الأمريكية يكاد يكون منعدما على مستوى علاقتها المباشرة بالناس، فهي تشتغل على منظمات المجتمع المدني الحقوقية وهي في الغالب ليست منظمات إنسانية".



ويتفق معه في الرأي زيد الحسن الذي يقيم أيضا في صنعاء ويقول "القرار الأمريكي الجديد لم يعنينا لأن وضعنا صعب للغاية ولم نتلق خلال الفترة الماضية أي إغاثة من الوكالة الأمريكية أو أي منظمات إغاثية أخرى".

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 80 بالمئة من سكان اليمن يحتاجون إلى مساعدات، ويقف ملايين على شفا مجاعة واسعة النطاق.

ويقول برنامج الأغذية العالمي إنه قدم المساعدة إلى 15.3 مليون شخص أو 47 بالمئة من السكان في اليمن البالغ عددهم 35.6 مليون نسمة في عام 2023.

مقالات مشابهة

  • النفوذ البريطاني يتراجع في ظل التحالف السعودي الأمريكي الجديد
  • أنصار الله: تسليم مطار سقطرى لشركة إماراتية ينتهك سيادة اليمن
  • 23و22 فبراير خلال 9 أعوام.. 38 شهيدًا وجريحاً في جرائم حرب متفرقة بغارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
  • وقف المساعدات الأميركية يضاعف الأزمة الإنسانية في اليمن
  • وردنا للتو.. صنعاء تدشن العمل بهذا القانون الجديد لأول مرة في تاريخ اليمن
  • تداعيات واسعة لقرار تعليق المساعدات الأمريكية على اليمن.. هذه ملامحها
  • وقف المساعدات الأمريكية يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن
  • كوريا الشمالية تندد بتزايد الاستفزازات العسكرية الأمريكية
  • اليمن والموقف الحازم.. تحديات المنطقة في ظل التهديدات الأمريكية والإسرائيلية
  • احتشاد قبلي مُهيب بمأرب.. قبائل مذحج وحمير تُعلن جاهزيتها الكاملة لمواجهة مليشيا الحوثي وتدعو التحالف العربي لمواصلة الدعم العسكري وتطالب الشرعية إعلان معركة التحرير