استعرض خبير الشؤون الاستراتيجية والدولية جورج فريدمان تطورات الحرب الروسية الأوكرانية، ودوافع قرار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بإقالة وزير دفاعه أوليكسي ريزنيكوف (57 عاما)، وتعيين رستم أوميروف (41 عاما).

واعتبر فريدمان، في مقال نشره موقع جيوبوليتيكال فيوتشرز أن قرار زيلينسكي كان غير مفاجئ؛ نظرا للإرهاق الذي عانى منه ريزنيكوف منذ الغزو الروسي بل وحتى قبل ذلك.

وقال الرئيس الأوكراني في خطاب من العاصمة كييف لتوضيح دوافع اتخاذه هذا القرار "أعتقد أن الوزارة بحاجة إلى أساليب جديدة وأشكال أخرى من التفاعل مع الجيش والمجتمع ككل"

وذكر فريدمان، إن خطوة الإقالة لا تتعلق بالقلق الذي يشعر به زيلينسكي تجاه وزير دفاعه بقدر ما تتعلق بحقيقة أن أوكرانيا وصلت إلى مرحلة حرجة في الحرب.

ولفت فريدمان إلى أن لقاء جمع مجموعة من كبار الجنرالات الأمريكيين مع نظرائهم أوكرانيين على الحدود مع بولندا، مشيرا إلى أن الغرض الرئيسي من الاجتماع كان التحقق من صحة الادعاءات أن القوات الأمريكية لا تشارك على نحو كاف في الحرب الأوكرانية.

وعقب فريدمان أن هذا الادعاء صحيح وخاطئ في الوقت ذاته؛ موضحا أن القوات الأمريكية ليست متواجدة على الأراضي الأوكرانية بالفعل، ولكن الدعم اللوجستي والمشورة الاستراتيجية الأمريكية كانت سخية.

وذكرت أنه إلى جانب طلب استبدال وزير الدفاع، كانت الرسالة التي أرسلتها الولايات المتحدة خلال الاجتماع هي أن الاستراتيجية الأوكرانية سوف تفشل، ويجب اعتماد استراتيجية جديدة؛ ومن الواضح أن زيلينسكي استمع للنصيحة الأمريكية.

استراتيجية أولية رائعة

وبحسب فريدمان فقد كانت الاستراتيجية التي نفذتها أوكرانيا في حربها مع روسيا رائعة خاصة في المراحل الأولية من الحرب.

ووفق لتلك الاستراتيجية لم تقم أوكرانيا بمحاولة عرقلة التقدم الروسي باستخدام قوات مركزة تستطيع روسيا تدميرها بسهولة نسبياً، وبدلا من ذلك وزعت أوكرانيا قوتها على وحدات صغيرة، مُنحت كل منها درجة عالية من الحرية.

وكان الهدف هو التركيز على المستوى التكتيكي بدلاً من إنشاء قوة واحدة متكاملة ذات قيادة مركزية، ووفقا لذلك كان الغزو الروسي الأولي محكوم عليه بالفشل.

وفي غضون ذلك اشتبكت قوة حاشدة وتعرضت للهزيمة البطيئة من قبل قوات أصغر بكثير مما جعل من المستحيل على روسيا تدمير الجيش الأوكراني بالسرعة التي أرادتها.

اقرأ أيضاً

مقاتلات «أف 16» لن تغير حرب أوكرانيا

وساهم معرفة الجيش الأوكراني بالتضاريس التي كان يقاتل عليها في تمكين الفرق الصغيرة من تحديد مواقع القوات الروسية والاشتباك معها ثم الاختفاء مثل الأشباح.

وكان الأمل الكامن، هو أن تدفع تلك الاستراتيجية روسيا التي ستحبط من عدم تدمير الجيش الأوكراني بالسرعة التي أرادتها؛ بإعادة النظر ببساطة في حملتها العسكرية ضد أوكرانيا.

لكن هذا لم يحدث، وبدلاً من ذلك، أمضى الجيش الروسي عامًا في محاولة الاستيلاء على المدن بدلاً من تدمير الجيش الأوكراني.

وقال فريدمان إن بالرغم أن هذه الاستراتيجية كانت غير مؤكدة النجاح، إلا أنها لعبت على نقاط قوة روسيا في حشد القوات والمدفعية.

وكان لها فائدة إضافية، من الناحية النظرية، تتمثل في تدمير الروح المعنوية الأوكرانية.

ولكن بالنظر إلى الطريقة التي نفذت بها مجموعة فاجنر حملتها العسكرية، فقد استغرق إخضاع المدن وقتًا طويلاً، وسرعان ما تبددت أي آثار نفسية محتملة.

استراتيجية روسية سليمة

ومع تهميش فاجنر الآن بعد مقتل مؤسسها المتمرد على موسكو والجيش الروسي، أصبحت هيئة الأركان العامة الروسية هي المسيطرة الآن، وقد ابتكرت استراتيجية سليمة بشكل خاص، وإن كانت تفتقر إلى الخيال.

وأوضح فريدمان أن روسيا عادت إلى استراتيجيتها السابقة القائمة على الحشد ولكن بطريقة مبتكرة، إذ تعمل روسيا حاليا على حشد قواتها من أجل إجبار الجيش الأوكراني على القتال، ومن الناحية النظرية تكبده الخسارة.

وذكر أن الخبير الاستراتيجي أن موسكو تعرف الآن إلى أي مدى ستقاتل أوكرانيا، وهي تفهم جوهر الاستراتيجية الأوكرانية، وبالتالي فإن احتمالات النصر الروسي أعلى إلى حد ما.

وأضاف أن جنرالات الولايات المتحدة اعتقد أن بإمكانهم رؤية الأمور بشكل أكثر وضوحًا، بالنسبة لهم، فإن وقت الدفاع المنتشر (أو توزيع القوات الصغيرة للدفاع) ضد القوات الروسية الحاشدة قد ولى.

ويرى جنرالات الحرب الأمريكيين أن الجيش الأوكراني الآن مزود بدماء جديدة ومجهز ويتمتع بالخبرة بالأسلحة المناسبة للمرحلة التالية من الحرب، لكنهم يعتقدون أنه من الواضح أن أوكرانيا سوف تُهزم إذا لم تغير استراتيجيتها في مواجهة روسيا.

وذكر أن واشنطن تدعو إلى حشد القوات الأوكرانية في قوة واحدة أو قوتين قويتين لتكون بمثابة قوة فعالة.

وأشار إلى أن واشنطن تعتقد أنه بالنظر إلى امتلاك أوكرانيا حاليا المدفعية والطائرات بدون طيار والمعلومات الاستخبارية الممتازة، بالإضافة إلى قوة متمرسة في القتال، فقد حان الوقت لكسر الهجوم الروسي واختراق أي ثغرات وتهديد الخدمات اللوجستية الروسية.

وبالنظر إلى أن طرفي النزاع في حالة إجهاد من الحرب فإن القوات الأوكرانية تدافع عن وطنها وهذا يعطيها أفضلية على غرار ما جرى في فيتنام.

 وخلص فريدمان أنه ليس لديه أي فكرة عن لهجة اجتماع الجنرالات الأمريكيين مع نظرائهم الأوكرانيين على الحدود مع بولندا، لكن على أي حال فإنه بالنظر إلى الحد الأدنى للمعرفة بالوضع على الأرض، فإن هناك حاجة إلى تغيير النهج المتبع في المعركة، وأعتقد أن وزير الدفاع الجديد سوف يفعل ذلك أيضًا.

اقرأ أيضاً

تحليل: نفوذ تركيا ببحر قزوين يهدد بحرب جديدة على غرار أوكرانيا

المصدر | جورج فريدمان/ جيوبوليتيكال فيوتشرز-ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أوكرانيا الحرب الروسية الأوكرانية إقالة وزير الدفاع الأوكراني الجیش الأوکرانی إلى أن

إقرأ أيضاً:

روسيا تتحدث عن تقدم بشرقي أوكرانيا

قالت روسيا اليوم السبت إنها سيطرت على قرية شرقي أوكرانيا وأسقطت 8 طائرات مسيرة، في حين أعلنت كييف أن أنظمة دفاعها الجوي أسقطت 24 مسيرة روسية، مشيرة إلى إصابة 3 أشخاص جراء قصف روسي شرقي البلاد.

وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها سيطرت على قرية سوكيل على بعد نحو 30 كلم شمال غربي مدينة دونيتسك عاصمة المنطقة التي تحمل الاسم نفسه والتي ضمتها موسكو في سبتمبر/أيلول 2022.

روسيا قالت إن قواتها سيطرت على قرية سوكيل على بعد نحو 30 كلم شمال غربي مدينة دونيتسك (الجزيرة) إسقاط مسيّرات

وأضافت وزارة الدفاع الروسية أن دفاعاتها الجوية أسقطت 8 طائرات مسيرة فوق منطقتي كورسك وبيلغورود أطلقت من أوكرانيا، في حين قالت السلطات في منطقة كراسنودار بجنوب روسيا إن مستودعات نفط عدة اشتعلت فيها النيران بعد هجوم شنته أوكرانيا بطائرات مسيرة في الليلة الماضية.

وفي المقابل، قالت القوات الجوية الأوكرانية إن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 24 طائرة مسيرة روسية من أصل 27 تم إطلاقها فوق 12 منطقة بالبلاد في هجوم خلال الليل.

كذلك أفادت السلطات الأوكرانية بإصابة 3 أشخاص جراء قصف روسي استهدف مجمعا سكنيا في مدينة دنيبرو شرقي أوكرانيا، لافتة إلى أن القصف أدى إلى أضرار في عدد من الأبنية السكنية والمحال التجارية في المجمع.

ويأتي ذلك في ظل تقارير عن صعوبات يواجهها الجيش الأوكراني تتعلق بالتجنيد والحصول على مزيد من الأسلحة والذخائر من الغرب، مع مواصلة القوات الروسية التقدّم ميدانيا "ببطء" منذ أشهر.

ويترافق ذلك مع تحذيرات متكررة يطلقها المسؤولون الأوكرانيون من أن موسكو قد تحاول مهاجمة المناطق الحدودية الشمالية الشرقية، وهو ما يزيد -وفق تقارير- من تفوقها في الوقت الذي تعاني فيه أوكرانيا من تأخير المساعدات الغربية.

بوتين (يمين) خلال استقباله أوربان في الكرملين (الفرنسية)

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال الجمعة خلال لقائه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في الكرملين إن أوكرانيا غير راغبة في إنهاء الحرب المستمرة منذ عامين ونصف، وقال إن أفكاره عن كيفية إنهاء الصراع هي الطريق للمضي قدما وبدء المفاوضات.

وجدّد بوتين شروطه مقابل أي عملية سلام، والتي تتمثل بانسحاب السلطات الأوكرانية من دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون، والتخلي عن طموحاتها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو أمر رفضته أوكرانيا في وقت سابق، وأكدت أنه غير مقبول ويمثل استسلاما.

وانتقدت أوكرانيا زيارة أوربان لموسكو، وقال الاتحاد الأوروبي إن الزيارة تهدد بإضعاف موقف التكتل من النزاع.

وجاءت الزيارة بعد أيام على تولّي المجر الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وأبلغ بوتين أوربان بأنه يتوقع منه أن يحدد "موقف الشركاء الأوروبيين" بشأن أوكرانيا.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي يعلن استراتيجية جديدة للقتال في البحر الأسود
  • مجموعة من القوات المسلحة الأوكرانية تعبر نهر الدنيبر وتسلم نفسها للجيش الروسي
  • روسيا تتحدث عن تقدم بشرقي أوكرانيا
  • أوربان يكشف عن السبب الرئيسي وراء زيارته لموسكو
  • القوات الروسية تسيطر على بلدة جديدة شرقي أوكرانيا
  • أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 549 ألفا و840 جنديًا
  • قائد القوات الجوية الأوكرانية: إسقاط 24 مسيرة روسية من طراز شاهد
  • الجيش الأوكراني يسقط 24 طائرة مسيرة روسية
  • الجيش الروسي يدمر الخدمات اللوجستية للقوات الأوكرانية بطائرات FPV المسيرة
  • الجيش الأوكراني يسقط 32 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا