تعيش في الظلام، ولا تطيق النور، لا تتلاءم معه ولا تبصر فيه، الضوء يعميها بدلاً من أن يكون لها هادياً ودليلاً، لذلك لا تنشط إلا في الليل، وقبل أن يحين النهار، تطير منه مبتعدة، وتختبئ في أحلك الأماكن المظلمة، في أشدها سواداً وقتامة، وأكثرها رطوبة وعفونة، وتنام هنالك مع جماعاتها حتى يأتي الليل.
حتى نومها بالمقلوب، تنشب مخالبها في سقفٍ أو غصنٍ ممدود، وتتدلى إلى الأسفل، وتنام، وكأنها تشير إلى كونها من عالمٍ سفلي، أو أنها جاءت منه بالفعل، فهي تهواه، ولا يلائمها سواه، لذلك لا نراها في النهار، ليس لها في الضوء والنور أي نشاط أو تحرك.
تتغذى على الدماء، تتسلل خفية في الظلام، وتهبط بالقرب من فريستها، وتترقب غفلتها، وتقترب منها بحذر، ثم تحقنها بمادة مخدرة تفرزها من لعابها أثناء العض، ثم تقوم باستحلاب فريستها، بمص دمائها، وهي في غفلة عن عدوها، أو نائمة لا تشعر بشيء.
هكذا هي (الخفافيش).. كائنات طفيلية، جبانة وغادرة، لكنها تمتلك تقنيات تمكنها من الرؤية في الظلام، وتقنيات تخدير ضحاياها، فهي تشاركهم المكان والسكن، وقد يلمحونها خلال النهار نائمة في وداعة، فيتركونها رأفة بها، ولضآلة حجمها.. لكنها لا تتركهم في الليل.. عندما يغفلون عنها لا تغفل عنهم، لا تسامحهم، تتغذى عليهم، تمتص دماءهم، تتمنى القضاء عليهم، فهم في نظرها ليسوا سوى مصدر للغذاء، ووسيلة للبقاء.
الكائنات النهارية في نظر (الخفافيش) مجرد كائناتٍ دنيا، كائناتٍ غبية، لا تستحق الحياة، ولا تستحق أن تكون في الصدارة، فإذا حدث مثل ذلك، فهي تستغلها لتأمين السكن والغذاء فقط، بينما تتحين الفرصة للقضاء عليها وإخراجها من مساكنها لتنفرد بها هي وحدها، لذلك فهي تنام في حماها خلال النهار، وتنشط بالتغذي عليها في الليل، بامتصاص دمها وهي مخدرة، نائمة أو غافلة.. ثم تصحو كائنات النور، لتجد (الخفافيش) في وداعتها ونومها وهدوئها، متدلية من الأسطح مباشرة فوق ضحايها، فتنظر إليها بشفقة ورحمة، وتستمر في ممارسة حياتها نهاراً، حتى يأتي الليل…،
وهكذا، تستمر دورة حياة كائنات الظلام وتعايشها مع كائنات الضوء، فلا يمكن للـ(خفافيش) أن تكف عن الغدر بجيرانها ومن يشارها مكان سكنها، لا يمكنها أن تكف عن امتصاص دماء ضحاياها في الظلام، كما لا يمكن لكائنات النور أن تفطن إلى ما يحصل لها في الليل..
وإن فطنت فهي تسامح وتعفو وتصفح، لأنها كائنات نهارية، لكن لا يمكن لكائنات الظلام أن تقدر هذا العفو وهذا الصفح، فهي تعود إلى ممارساتها الظلامية كل ليل، تظل تمتص دماءَ فرائسها، وتخدرها، لتظل كمصدر عيش وغذاء لطفيليات الظلمة.
ومهما بذلت كائنات النور لإصلاحها، لا يمكن لكائنات الظلام أن تبصر النور، أن تنعم بالضوء، أن تعيش في النهار.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الأوقاف وأمانة العاصمة ومركز النور يحيون ذكرى رحيل العلامة المؤيدي
الثورة نت/..
أحيت الإدارة العامة لشؤون المرأة بالهيئة العامة للأوقاف بالتعاون مع الهيئة النسائية بأمانة العاصمة ومركز النور العلمي، اليوم الذكرى ال18 لرحيل الإمام الحجة السيد العلامة مجد الدين بن محمد المؤيدي.
وفي الفعالية اعتبرت مدير عام شؤون المرأة بهيئة الأوقاف إحياء الذكرى السنوية لرحيل العلامة مجد الدين المؤيدي إحياءً للعلم والمعرفة والارتقاء إلى منازل العظماء، والمضي على دربهم .. مؤكدةً الحاجة إلى إحياء ذكرى علماء الامة الاخيار واستحضار سيرهم وشخصياتهم، التي تعيد المسلمين إلى المنهج القويم والصراط المستقيم.
ولفتت إلى أن العلامة المؤيدي تميز بغزارة في العلم والمادة، وقوة في الطرح، وبُعدٍ في النظر، وسعةٍ في الاطلاع ووقوفٍ عند الحد، وتصميم في دعم كيان الحق، وكان نبراساً في العلم والعمل، والدروس، والذكر والفكر.
واستعرضت مدير شؤون المرأة فضائل وخصال واخلاق العلامة الجليل مجد الدين المؤيدي وما قدمه للأمة من هدي حيث تعلم ودرس على يديه أغلب علماء الأمه وكان من ثمرة جهوده أن هيأ الله على يديه علمين من أعلام آل محمد هما الشهيد القائد الحسين بن بدر الدين رحمه الله، والسيد القائد عبدالملك الحوثي واللذين جاءت بفضلهما المسيرة القرآنية التي أزالت عروش الظالمين وقارعت المستكبرين وأحيت يمن الإيمان والحكمة حتى صار اليمن محط أنظار أحرار العالم و رمز الحرية والإباء والنخوة والكرامة فسلام الله تعالى عليهم.
فيما تطرقت مديرة الهيئة النسائية بأمانة العاصمة ابتسام المحطوري إلى نشأة الإمام مجد الدين عليه السلام، الذي تشرب حب العلم منذ نعومة أظافره، وجمعه بين العلم النافع والجهاد الأصيل.
ولفتت إلى أنه دافع عن الدين ووقف بوجه الأفكار المنحرفة التي انتشرت في عصره، فكان له دوراً بارز في مقارعتها.
من جهتها شددت الناشطة الثقافية بشرى الحوثي على أهمية التذكير بهؤلاء العظماء للتأسي والاقتداء بهم، والسير على نهجهم.
وأكدت على الاهتمام بالعلم والعلماء والاقتداء بهم، في التعليم والاستقامة والجهاد وتطبيق ما شرع الله لترتقي الأمة بوعيها وثقافتها حتى ينعكس ذلك على الأمة.
وأوضحت أن السيد العلامة مجد الدين المؤيدي كان له الأثر في إظهار الحقائق والأدلة، و تفكيك مخططات الأعداء الرامية لتمزيق وحدة العلماء بمسميات المذهبية.
تخللت الفعالية فقرات إنشاديه وفلاشه توعوية عن العلامة مجد الدين المؤيدي سلام الله عليه.