وزارة التربية تتجه لعقد امتحانين للشهادة السودانية ولجنة المعلمين تتحفظ
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
تتجه وزارة التربية والتعليم السودانية لحل أزمة امتحانات الشهادة الثانوية عبر عقد امتحانين، وهو أمر تحفظت عليه لجنة المعلمين السودانيين، باعتبار أنه يمثل أزمة أكثر منه حلاً.
التغيير- الخرطوم: سارة تاج السر
كشف تقرير رسمي تحصلت عليه «التغيير»، عن تجاه وزارة التربية والتعليم الاتحادية، لعقد امتحانين للشهادة السودانية؛ الأول للطلاب الجاهزين في الولايات المتأثرة وغير المتأثرة بالحرب وطلاب المدارس السودانية بالخارج، على أن يخصص الثاني للذين لم يكملوا جاهزيتهم بعد فترة زمنية مناسبة من الامتحان الأول.
وبحسب التقرير أن الخطوة المقترحة تعتبر بمثابة عبور آمن للابتعاد عن شبح تجميد الامتحانات بعد خروج ولاية الخرطوم عن الخدمة تماماً مع ولايات دارفور الخمس وشمال وجنوب كردفان.
في وقت حذرت فيه لجنة المعلمين السودانيين من مغبة قيام امتحانات الشهادة الثانوية وفق التفاصيل التي ذكرتها وزارة التربية، في ظل الحرب الراهنة، واعتبرت أن واقع الحال يؤكد أن مثل هذا القرار- إن صدر- سيقود إلى ما لا يحمد عقباه، قبل التأكيد على انحيازها لمبدأ استمرار العملية التعليمية تحت أي ظرف، لاعتبارات عديدة في مقدمتها تجنب ضياع عام دراسي للطلاب.
وأدى اندلاع النزاع المسلح بين الجيش ومليشيا الدعم السريع بالخرطوم ومدن أخرى منتصف أبريل الماضي، إلى تأثر العام الدراسي، ضمن ما تعطل من الأنشطة في عموم السودان.
خطة لعبور الأزمةوطبقا للتقرير الذي اطلعت عليه «التغيير» فإن الوزارة فرغت من المرحلة الثانية من النقاش حول رؤية تنفيذ امتحانات الشهادة السودانية للعام 2023م ووضع خارطتها حيث شارك في مناقشة التصور المقترح وإعادة صياغته وترتيبه خبراء، مديرو التعليم بولايات السودان المختلفة الذين تمت دعوتهم للمشاركة في حل الأزمة مع الإدارة التنفيذية المختصة بالوزارة، بمتابعة لصيقة من مدير امتحانات السودان والوزير.
وكشفت المعلومات الموجودة على طاولة رئيس فريق العمل الاتحادي أن هناك ولايات مستعدة للامتحان وأن معظمها أكملت المقررات قبل اندلاع الحرب إلى جانب المدارس السودانية بالخارج، ووجود طلاب بالولايات المتأثرة بالحرب لديهم الاستعداد للجلوس للامتحانات في الولايات الجاهزة.
بالمقابل، أقرت الوزارة أن هناك طلاب لم يكملوا الجاهزية للجلوس لامتحان الشهادة السودانية لتأثرهم بالحرب وتوقف العملية التعليمية في مناطقهم وليس بإمكانهم الجلوس للامتحان في الوقت الراهن.
وأشارت إلى أن وكيل وزارة التربية والتعليم الاتحادي المكلف حمد سعيد عثمان اطلع ضمن خطته للعبور من الأزمة على تقارير مديري التعليم بولايات السودان المختلفة، كما وقف على حجم الضرر الذي أصاب المتأثرين بالحرب، وموقف الولايات الجاهزة أو تلك التي أدارت امتحانات المرحلة الابتدائية بنجاح واحترافية عالية.
مقترح الحلوتمثل المقترح المقدم لحل أزمة امتحانات الشهادة، بعقد امتحانين، واعتبرت الوزارة أن الرؤية قد راعت أن تكون النتيجة موحدة حتى تتوفر فرص العدالة في التقديم للجامعات والمعاهد العليا مما يبدد كل المخاوف حول عقد امتحانين للشهادة السودانية في وقتين مختلفين.
وتأتي عملية نقل مقر الامتحانات على رأس الأولويات ضمن بنود مقترح حل الأزمة، وفق شروط ومواصفات خاصة تحددها الإدارة العامة للقياس والتقويم والامتحان في الولاية الراغبة باستضافة مقر الامتحان، من ضمنها توفر بعض المعينات في الولاية مثل المطابع والمكاتب والكفاءات المؤهلة لتنفيذ العمليات المختلفة من إدارة الكنترول.
وسيشهد المقر الجديد لإدارة الامتحانات اجتماعات إسفيرية مع العديد من الجهات لاستصحاب رؤاها حول موعد الامتحانيين والفترة بينهما، والاتجاه الأبرز أن تعقد كل هذه الاجتماعات عبر تقنية الفيديو كونفرنس.
ووفق التقرير فإن مرحلة المسودة الثانية ستودع منضدة الوزير للمزيد من التشاور ومن ثم إحالتها إلى مجلس امتحانات السودان الذي يضم كل الجهات المعنية ممثلة في وزارة المالية، وزارة الداخلية، جهاز الأمن والمخابرات العامة.
الحقوق والعدالةمن جانبه، تساءل الناطق الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر، عن كيفية مشاركة منسوبيهم في أعمال المراقبة والكنترول والتصحيح وآخر عهدهم بالراتب شهر مارس الماضي.
وذكر أن التقرير أشار- بشكل خجول- لحقوق المعلمين الذين شارفوا على نصف العام بالتمام ولم يصرفوا رواتبهم بينما نظرائهم بالوزارات الاتحادية خلاف ذلك.
واعتبرت اللجنة أن قيام الامتحانات في ظل الظروف الراهنة سيجعلها لمن استطاع إليها سبيلاً ما يعد طعناً لمبدأ العدالة والإنصاف حيث أن التعليم حق للجميع بغض النظر عن مستوى الدخل الاقتصادي لأسر التلاميذ والطلاب كما أكدت على ذلك المواثيق والمعاهدات والدساتير.
وحذر الباقر من الاهتداء بتجربة قيام امتحان الشهادة الابتدائية، وقال: من المؤسف أن مجرد النظر في إفرازات هذه التجربة، كان كافياً لردع ومنع الوزارة من الاهتداء بها إذ ترتب عليها عجز آلآف التلاميذ من الجلوس للامتحان (بمحلية الكاملين) ومحليات أخرى بسبب الوضع الأمني أو الرسوم.
وأكد الناطق الرسم باسم المعلمين أن بطرفهم تفاصيل لبعض التلاميذ الذين حرموا من الامتحانات وهي تكفي لتقديم المسؤولين عن هذا الامتحان، للقضاء.
اشتراطات واضحةونبه الباقر إلى ان الوزارة أصدرت في وقت سابقٍ قراراً قضى بنقل تلاميذ الصف السادس الذين لم يتمكنوا من الامتحان للمرحلة المتوسطة مباشرة، وتساءل عن الطريقة التي ستعالج بها وضعية الأعداد التي ستعجز عن الجلوس للشهادة الثانوية والتي ستكون أضعاف الأعداد التي لم تتمكن من الجلوس للشهادة الإبتدائية، وقال: “لا نعتقد ان الوزارة تستطيع نقل العاجزين عن الجلوس للدرج الجامعي”.
وأشار إلى أن ما تم طرحه من قبل الوزارة يحمل في طياته تقسيم السودان إلى دار حرب ودار سلام، وأصاف: واقع الحال يؤكد أن مثل هذا القرار- إن صدر- سيقود إلى ما لا يحمد عقباه.
وأكدت لجنة المعلمين أن أعداد كبيرة من المدارس الثانوية- بولاية الخرطوم وعدد من الولايات- لم تقم بإكمال إجراءات التقديم، فعلى سبيل المثال غالب المدارس الخاصة- بالخرطوم- وبسبب التنازع حول رسوم تجديد التراخيص وضريبة 2 في المائة لم تباشر أو تكمل إجراءات التقديم للامتحانات بالإضافة لمدارس اتحادات المعلمين وطلاب المنازل
وجددت لجنة المعلمين تأكيد حرصها على استمرار العملية التعليمية وتعاونها مع جميع الجهات، لكون أن استئنافها واستمرارها مدخل لإيقاف الحرب ولكن باشتراطات واضحة من خلال المناطق الآمنة (المدارس) والممرات الآمنة (للوصول إلى المدارس) والأحياء الآمنة (مكان وجود التلاميذ والطلاب وأسرهم).
الوسومالجيش الخرطوم الدعم السريع السودان امتحانات الشهادة السودانية دارفور لجنة المعلمين السودانيين وزارة التربية والتعليمالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان امتحانات الشهادة السودانية دارفور لجنة المعلمين السودانيين وزارة التربية والتعليم وزارة التربیة والتعلیم امتحانات الشهادة
إقرأ أيضاً:
تداعيات الحرب السودانية تفاقم معاناة جبال النوبة
كانت قضية جبال النوبة، وما زالت، مؤسسة على التهميش الذي لم يخفت في حالات الحرب أو السلم، بل ظلت التوترات على المستويات كافة سياسية واقتصادية واجتماعية متصاعدة، وعندما اندلعت الحرب الحالية زادت من مآسي المنطقة لطول عهد الصراع القائم هناك من دون أن يلتفت إليها الإعلام المحلي أو المجتمع الدولي.
التغيير: وكالات
عاشت منطقة جبال النوبة تاريخاً سياسياً مليئاً بالنزاعات، إذ تعرض سكان المنطقة لغزو السلطنات القديمة منذ القرن الـ16 للحصول على الرقيق، واستمر هذا النشاط خلال فترة الحكم التركي – المصري للسودان في بدايات القرن الـ19، واضطر سكان المنطقة إلى الاحتماء بسلسلة من عشرات الجبال مما زاد من عزلتهم.
وفي خضم حرب جنوب السودان التي انتهت بتوقيع اتفاق السلام الشامل (نيفاشا) عام 2005، ثم انفصاله عام 2011، عانى سكان المنطقة أيضاً، ولكن توقف الحرب في الجنوب لم ينعكس إيجاباً على المنطقة، إذ ظلت على هامش عملية السلام، وأصبحت قضاياها المنصوص عليها في الاتفاق، ضمن القضايا العالقة، حاملة اسم جنوب السودان بعد انفصال الإقليم الذي يحمل الاسم والموقع الجغرافي. وتزامناً مع إعلان انفصال الجنوب، اندلعت الحرب في جنوب كردفان بين جيش “الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال” والجيش السوداني، بسبب الخلاف على نتيجة الانتخابات في الولاية، ثم امتد النزاع إلى ولاية النيل الأزرق. وعلى إثر ذلك أسست “الجبهة الثورية” أو “تحالف كاودا” الذي جمع بين “الحركة الشعبية – شمال” بقيادة مالك عقار، وحركات دارفور المسلحة، “حركة العدل والمساواة” بقيادة جبريل إبراهيم، و”حركة جيش تحرير السودان” بقيادة مني أركو مناوي، و”حركة جيش تحرير السودان” بقيادة عبدالواحد محمد نور.
وعندما اندلعت الحرب الحالية بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، كانت المنطقة التي مزقتها الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من نصف قرن، في خضم نزاع آخر منذ اشتعال الاحتجاجات التي أسقطت عمر البشير عام 2019، وذلك على إثر الانقسام الذي حدث في “الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال”، بين زعيميها مالك عقار وعبدالعزيز الحلو. وبينما تحالف الأول مع الحكومة (المجلس العسكري) خلال الفترة الانتقالية، ووقع على اتفاق السلام بجوبا 2020، واصل الثاني حربه على السلطة الجديدة ورفض التوقيع على الاتفاق، وكون تحالفاً مع عبدالواحد محمد نور الذي انشق عن “حركة تحرير السودان” بقيادة مني أركو مناوي الذي أصبح في ما بعد حاكم إقليم دارفور. وبعد الإطاحة بالنظام السابق، تلاشت الآمال في التغيير لأن الحكومة الانتقالية فشلت في معالجة مظالم شعب النوبة.
قضية التهميشوكانت قضية جبال النوبة، وما زالت، مؤسسة على التهميش الذي لم يخفت في حالات الحرب أو السلم، بل ظلت التوترات على المستويات كافة سياسية واقتصادية واجتماعية متصاعدة. وشجع انفصال الجنوب المنطقة على المطالبة بالحكم الذاتي، إذ يرى قادتها أن حرمان الإقليم من المعاملة مثل بقية الأقاليم الأخرى، قد يستمر عقوداً أخرى، لا سيما مع تمتعها بالميزة النفطية، إضافة إلى تجاهل الحكومة القائم للمنطقة، فمع كل عهد جديد تظهر تعقيدات جديدة.
وكانت منطقة جبال النوبة بانتظار حسم قضية أبيي، فعلقت ما بين الوساطات الإقليمية ورفعها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. وبفضل التجميد الذي أحدثته الوساطة والمحكمة، وجد النظام السابق الفرصة سانحة لعدم حسم القضية سلباً أو إيجاباً بالنسبة إلى السودان وسكان المنطقة. من ناحية أخرى، أطالت مدة بقاء النظام لما يقارب عقداً آخر بعد اقتطاع جزء من السودان، إذ كان ذلك الحدث الأضخم منذ استقلال السودان. وأثار حفيظة تركيبات سكانية في عدد من الأقاليم، كما أثار احتجاجات وانتقادات واسعة من فرط السرعة التي تم بها انفصال الجنوب، من دون إظهار النظام السابق أي اعتراض أو مطالب بتأجيل الاستفتاء حوله، إلى حين حل القضايا العالقة، وتأتي أبيي في مقدمها.
وهناك قضية الحدود غير المحسومة فالخلاف حولها يعود لعهد الاستعمار، واقتصاد المنطقة القائم على الزراعة والرعي في مناطق تحركات موسمية تتقاسمها قبيلتا “الدينكا” التابعة لجنوب السودان، و”المسيرية” التابعة للشمال، ثم النزاع الناشئ حول النفط.
واستهدف النظام السابق المدنيين في جبال النوبة، ودمر القرى والمحاصيل والبنية الأساسية لإضعاف دعم الجيش الشعبي التابع لـ”الحركة الشعبية – شمال”. واعترف بروتوكول “ميشاكوس” 2002، الذي كان بمثابة مقدمة لاتفاق السلام الشامل بجبال النوبة كمنطقة متنازع عليها، لكنه لم يتطرق إلى التطلعات السياسية للمنطقة.
واشتمل الاتفاق الذي أبرم في عام 2002، وسمي باتفاق “جبال النوبة” على إنهاء حالة العداء وضمان حرية الحركة للمدنيين، وحركة السلع والمساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار الذي يعني وقف التحركات العسكرية وأعمال العنف والهجمات الجوية والبرية كافة، واستهداف المواطنين على أساس إثني أو ديني أو انتماء سياسي.
خصائص المنطقةوبوصف منطقة جبال النوبة موطناً لمجموعة شديدة التنوع من الإثنيات والثقافات والديانات المختلفة، إذ ظلت قضية الهوية إلى جانب القضايا الأخرى بعيدة من الحل، وربما أشد تعقيداً، بل لعبت دوراً مهماً في الصراع في منطقة جنوب كردفان. وتشمل المنطقة مكونات لأكثر من 50 مجموعة إثنية من السكان الأصليين لجبال النوبة منها (تييرا، هيبان، كواليب، مورو، أوتورو، مساكن، كاتشا)، وتختلف لغوياً وثقافياً ودينياً. وعلى رغم تنوعها، تحافظ هذه المجموعات على بعض العادات والتقاليد والممارسات الاجتماعية المشتركة، مثل الرقصات التقليدية ورياضة المصارعة التقليدية الخاصة بالمنطقة وأنماط الحياة الزراعية. ويتعاطف عدد من مجموعات النوبة بقوة مع مجتمعاتها المحلية، وتقاوم الاندماج في الثقافات السائدة. وربما كان هذا ما يستقوي به قائد الحركة عبدالعزيز الحلو، إذ إنه يلعب على هذا الوتر الحساس مما عمق من عزلة الإقليم. والتصور المضاد للاعتقاد السائد بأن النوبة مهمشين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، هو تشجيع الحكومة المركزية، في كثير من الأحيان، لأن تسود سياسات التعريب والأسلمة، ومحاولات تجاهل التراث الثقافي واللغوي للنوبة.
أما في التنوع الديني ففاق الإقليم كل مناطق السودان الأخرى، إذ يعتنق عدد من أهل النوبة ديانات أصلية تتضمن عبادة الأسلاف والأرواحية والمعتقدات القائمة على عبادة الطبيعة والحيوانات. وكذلك يؤمن عدد منهم بالمسيحية التي انتشرت خلال فترة الاستعمار وما بعده، بتسهيل من المبشرين الذين سلكوا المسار النيلي مستهدفين جنوب السودان. ومع اختلاف ديانات قادة الحركة الشعبية إلا أن عدداً من مسيحيي النوبة ينتمون إلى الحركة، ويرون في أصلها، الذي أسسه جون قرنق منذ خمسينيات القرن الماضي، مدافعاً عن حقوقهم.
ويتحدث سكان جبال النوبة أكثر من 100 لغة، مصنفة إلى ثلاثة أقسام لغوية رئيسة هي: “التينجر”، وهي لغة فريدة من نوعها في المنطقة قادمة من وسط أفريقيا، ويتحدث بها عدد من المجموعات الأصلية، و”النيلية” تتحدث بها بعض المجموعات ذات الروابط الثقافية الوثيقة مع جنوب السودان، والعربية تستخدم كلغة مشتركة وتزداد انتشاراً بسبب التداخل الثقافي مع مجموعات الشمال.
خلفية معقدةلكل هذا، ونظراً إلى الخلفية المعقدة، فإن الحرب الحالية عندما اندلعت زادت من مآسي منطقة جبال النوبة نظراً إلى طول عهد الصراع القائم هناك لدرجة أن الآثار الناجمة عن الحرب لم يلتفت إليها الإعلام المحلي أو المجتمع الدولي، بل ظلت غائبة عن رادار الأخبار والمتابعات ومطالبات المجتمع الدولي بضرورة تأمين المساعدات، ولم يأت ذكر المنطقة في كل هذا. كما ظل سكان المنطقة يواجهون تبادل الهجمات بين قوات الجيش وقوات الحلو، وهجمات من “الدعم السريع” من جهة أخرى.
فمع اشتداد الحرب، تعرضت المنطقة إلى موجات نزوح واسعة، وأجبر عدد من سكانها على الفرار من منازلهم، بسبب انعدام الأمن وفقدان الغذاء والمأوى والعلاج، وتعرضوا في مناطق نزوحهم الجديدة إلى ظروف أشد قسوة. كما لجأ آلاف من سكان المنطقة إلى دول الجوار، خصوصاً دولة جنوب السودان وإثيوبيا، التي سرعان ما حدثت فيها ارتدادات بسبب الضغوط التي أحدثها اللجوء على وضعها الداخلي، تمثلت في إثارة قضية وجودهم وتعرضهم لمضايقات عديدة.
وبحلول نهاية عام 2024، أعلنت الأمم المتحدة المجاعة في جبال النوبة الغربية، وهي أول مكان خارج شمال دارفور يطلق عليه هذا الوصف رسمياً.
أما ما يتعلق بالعنف الداخلي من ممارسات شملت القتل والاختطاف والعنف الجنسي، فظلت بعيدة من الضوء، إذ لم يكن بإمكان الجماعات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني رصد الوضع على الأرض. كما تقاصرت إمكاناتها عن مد المنطقة بالمساعدات اللازمة بسبب التحديات اللوجستية والمخاوف الأمنية والعزلة أيضاً، مما جعل السكان المحليين يعتمدون على مرونة المجتمع والشبكات السرية للبقاء على قيد الحياة. كل هذه الأزمات مثلت تحديات في طريق بناء السلام، وفاقمت الانقسامات بين المجتمعات وعمقت تآكل الثقة.
دائرة التعتيموهناك توقعات بأن العزلة المفروضة، بفعل الطبيعة والنزاع الدائر هناك، التي تعيشها منطقة جبال النوبة، لن تطول، وإنما سيكون هناك حراك يتخذ مسارين، الأول داخلي بأن تخرج أصوات مطالبة بالحكم الذاتي والفيدرالية، إذ إن منح المنطقة قدراً أكبر من الحكم الذاتي السياسي أو النظام الفيدرالي من شأنه أن يعمل على تمكين الحكم المحلي والحد من التهميش.
والمسار الثاني، هو تفعيل الوساطة الدولية مثل لعب دور في حض الحلو على القبول بالتفاوض من أجل السلام، أو ممارسة الضغوط الدولية عليه لضمان فتح ممرات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات، خصوصاً الغذاء والدواء إلى أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية، وحماية المدنيين بإنشاء مناطق منزوعة السلاح مما من شأنه أن يحمي المدنيين ويوفر مساحات آمنة للنازحين، لا سيما أنهم وقعوا تحت دائرة التعتيم بسبب الحرب بين الجيش و”الدعم السريع”، إضافة إلى الفجوة الأساسية المتمثلة في الاستجابة الدولية لها.
المصدر: إندبيندت عربية
الوسومجبال النوبة جنوب السودان حرب الجيش والدعم السريع حرب السودان