أمريكا تعلن عن مساعدات إضافية للسودان وتشدد: «لا حل عسكري»
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
أمريكا أكدت أن مساعداتها للسودان تدعم مجموعة واسعة من البرامج الإنسانية المنقذة للحياة للنازحين واللاجئين واللاجئين العائدين والمجتمعات المحتاجة والمضيفة.
التغيير: وكالات
أعلنت ممثلة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة السفيرة ليندا توماس غرينفيلد، أثناء زيارتها إلى تشاد اليوم الأربعاء، عن تقديم حوالي 163 مليون دولار من المساعدات الإنسانية الإضافية للشعب السوداني والدول المجاورة.
فيما جددت التأكيد على أنه لا حل عسكري للنزاع المسلح في السودان، ودعت طرفي الحرب إلى وضع حد لسفك الدماء.
وأفرزت الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف ابريل الماضي، أوضاعاً إنسانية قاسية في مناطق النزاع وللنازحين واللاجئين داخل وخارج البلاد.
دعم برامج واسعةوأفاد بيان لوزارة الخارجية الأمريكية، بأن هذه المساعدات تشتمل على حوالي 103 ملايين دولار من خلال مكتب السكان واللاجئين والهجرة وحوالي 60 مليون دولار من خلال مكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وأشار إلى أنه بذلك يصل إجمالي المساعدات الإنسانية الأمريكية للاستجابة الطارئة لما يحصل في السودان إلى حوالي 710 مليون دولار في العام المالي 2023، بما في ذلك المساعدات التي قدمت إلى السودان وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى لتلبية احتياجات اللاجئين والنازحين والمتأثرين بالنزاع في المنطقة.
وقال البيان إن الولايات المتحدة هي أكبر مانح منفرد للاستجابة الطارئة لما يحصل في السودان، ونوه إلى أن أكثر من 24.7 مليون شخص في السودان بحاجة إلى المساعدات، بمن فيهم 3.6 ملايين شخص نزحوا مؤخراً في الداخل السوداني.
وذكر أن هنالك أكثر من مليون لاجئ سوداني ولاجئين آخرين كانوا في السودان فروا متأثرون بالصراع إلى دول في مختلف أنحاء المنطقة منذ تجدد الأعمال العدائية بالسودان في 15 أبريل وهم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية بشكل طارئ.
وقال بيان الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة تدعم من خلال هذه المساعدات التي يقدمها الشعب الأمريكي مجموعة واسعة من البرامج الإنسانية المنقذة للحياة للنازحين واللاجئين واللاجئين العائدين وغيرهم من المجتمعات المحتاجة والمضيفة.
وأضاف بأن المساعدات الأمريكية توفر المساعدات الغذائية والمأوى في حالات الطوارئ والرعاية الصحية، بما في ذلك دعم الصحة العقلية، وإمدادات المياه والصرف الصحي والنظافة وحماية الفئات الضعيفة، بما في ذلك النساء والشباب وكبار السن والناجين من العنف. وتشمل مساعداتنا أيضا دعم المجتمعات التي تستضيف اللاجئين السودانيين بسخاء وترحب بالعائدين في مختلف أنحاء المنطقة.
لا حل عسكرياًوحث البيان، الجيش وقوات الدعم السريع على وضع حد لسفك الدماء ومعاناة الشعب السوداني، وأكد أنه لا حل عسكري لهذا النزاع.
كما حث السلطات على إزالة القيود البيروقراطية والأمنية المرهقة التي تعرقل تسليم المساعدات المنقذة للحياة ومنح التأشيرات للعاملين في المجال الإنساني وإتاحة حرية السعي إلى الأمان للمتأثرين بالنزاع.
وكانت السفيرة ليندا اجتمعت بشكل افتراضي اليوم، وقبل توجهها إلى تشاد بمنظمات غير حكومية وشركاء أمميين يدعمون السودانيين النازحين بفعل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في دارفور.
ووفقاً للمتحدث باسم بعثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة نايت إيفنز، استمعت السفيرة إلى إحاطات بشأن الوضع القائم وشكرت المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة على عملها الدؤوب لدعم الاستجابة.
وشددت على الغرض من توجهها إلى المنطقة، ألا وهو تحديد الاحتياجات الإنسانية والاجتماع باللاجئين السودانيين والاستماع مباشرة إلى ما شهدوا عليه وعايشوه، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الفظائع.
الوسومأمريكا ليندا توماسالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أمريكا ليندا توماس المساعدات الإنسانیة الولایات المتحدة فی السودان
إقرأ أيضاً:
قطع المساعدات الأمريكية سيولد الإرهاب والجوع والموت
ترجمة: بدر بن خميس الظفري -
إن زلزالا بقوة 7.0 درجات أو أكثر، والفيضانات الأخيرة في آسيا والجفاف في أفريقيا كانت مدمرة وكارثية، لكنها لم تلحق ضررا بقدر الانسحاب المفاجئ لمليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية من أكثر بؤر التوتر في العالم، ومن الأشخاص الأكثر ضعفاً. وبالتزامن مع خطة الرئيس ترامب للسيطرة على غزة، فإن إصرار الإدارة الأمريكية على إغلاق وكالتها للمساعدات الدولية يبعث برسالة واضحة مفادها أن العصر الذي كان فيه الساسة الأمريكيون يقدرون قوتهم الناعمة قد شارف على نهايته.
لكن بينما لا تزال خطة غزة مجرد فكرة على الورق، فإن تخفيضات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي ستشهد خفض التمويل والإبقاء على 290 فقط من بين أكثر من 10,000 موظف في جميع أنحاء العالم، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، قد بدأت بالفعل تؤتي ثمارها السلبية هذا الأسبوع. فقد شهدنا توقف أعمال إزالة الألغام في آسيا، ووقف دعم قدامى المحاربين ووسائل الإعلام المستقلة في أوكرانيا، وقطع المساعدات عن لاجئي الروهينجا على حدود بنغلاديش. كما توقفت هذا الأسبوع شحنات الأدوية لمكافحة تفشي جدري القرود وإيبولا في أفريقيا، بينما تتعفن الأغذية المنقذة للحياة في الموانئ الأفريقية. حتى المبادرات التي تستهدف مكافحة تهريب المخدرات مثل الفنتانيل تم تقليصها. وتقول منظمة (براك)، إحدى أكثر الجمعيات الخيرية احتراماً في العالم، إن الحظر الشامل لمدة 90 يوماً على تقديم المساعدة للفئات الضعيفة يحرم 3.5 مليون شخص من الخدمات الأساسية.
ومع ذلك، فقد حصل برنامج حيوي واحد على إعفاء محدود، وهو برنامج (بيبفار) الذي أنشأه الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش، والذي يوفر أدوية مضادة للفيروسات لـ 20 مليون شخص حول العالم لمكافحة فيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز. لم يُستثنَ هذا البرنامج من الحظر إلا بعد تحذيرات من أن التوقف لمدة 90 يوماً قد يؤدي إلى إصابة 136,000 رضيع بالفيروس. لكن لا يزال البرنامج محظوراً من تنظيم فحوصات الكشف عن سرطان عنق الرحم، وعلاج الملاريا والسل وشلل الأطفال، وتقديم المساعدة لصحة الأمهات والأطفال، والتصدي لتفشي أمراض إيبولا وماربورغ وجدري القرود.
لا يعني هذا القرار فقط أن الولايات المتحدة دمرت في غضون أيام عمل عقود طويلة من بناء سمعتها الطيبة حول العالم، بل يكشف أيضاً أن ادعاء ترامب بأن أمريكا كانت "سخية بشكل مفرط" مجرد مبالغة أخرى. فتتصدر النرويج قائمة أكبر المانحين للمساعدات الإنمائية الرسمية كنسبة مئوية من الدخل القومي الإجمالي بنسبة 1.09%، بينما تقدم بريطانيا حوالي 0.5%، بانخفاض عن الهدف الذي حددته الأمم المتحدة والبالغ 0.7%. أما الولايات المتحدة فتقع في أسفل قائمة الاقتصادات المتقدمة بنسبة 0.24%، إلى جانب سلوفينيا وجمهورية التشيك. ولكن نظراً لضخامة الاقتصاد الأمريكي، الذي يمثل 26% من الإنتاج العالمي، فإن هذه النسبة تعني أن إجمالي المساعدات الأمريكية يفوق أي دولة أخرى، إذ قدمت الولايات المتحدة 66 مليار دولار في عام 2023، ما جعل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية رائدة في المساعدات الإنسانية العالمية، والتعليم، والصحة، خاصة في التصدي لفيروس نقص المناعة المكتسب والملاريا والسل.
قال ترامب للصحفيين إن الوكالة كانت "تدار من قبل مجموعة من المجانين الراديكاليين، ونحن نتخلص منهم". وأضاف المتحدث باسمه: "لا أريد أن تذهب أموالي لهذا الهراء". أما أحد كبار مستشاري ترامب، إيلون ماسك، فقد وصف الوكالة بأنها "عش من الماركسيين الراديكاليين اليساريين الذين يكرهون أمريكا". وقال: "عليكم التخلص من كل شيء. هذه منظمة لا يمكن إصلاحها. نحن بصدد إغلاقها".
وفي منشور على منصة (إكس) الأسبوع الماضي، نشر ماسك لقطة شاشة تحتوي على ادعاء زائف بأن "أقل من 10% من أموال المساعدات الأجنبية التي تمر عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تصل فعلياً إلى المجتمعات المستهدفة". وكان الإيحاء بأن الـ 90% المتبقية تحول أو تسرق أو تهدر. لكن في الواقع، فإن نسبة الـ 10% هي فقط الجزء الذي يذهب مباشرة إلى المنظمات غير الحكومية والجهات المحلية في العالم النامي. أما الـ 90% الأخرى، فهي ليست مهدرة، بل تشمل جميع السلع والخدمات التي تقدمها الوكالة والشركات الأمريكية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات المتعددة الأطراف، بدءاً من أدوية علاج فيروس نقص المناعة إلى المساعدات الغذائية الطارئة، وشبكات مكافحة الملاريا، وعلاج سوء التغذية. وبالتالي، فإن الادعاء بأن 90% من المساعدات تهدر أو لا تصل إلى المستضعفين هو ببساطة غير صحيح.
في الواقع، كان الأمر التنفيذي الأولي للحظر شاملاً لدرجة أنهم اضطروا إلى تعديله لاحقاً، حيث شملت الاستثناءات الأولية فقط المساعدات الغذائية الطارئة والتمويل العسكري لإسرائيل ومصر. وبعد موجة من الانتقادات، أضيفت استثناءات لما وصفته الحكومة بـ "المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة"، لكنها لم تحدد ماهيتها. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الأمريكية: "نحن نستأصل الفساد، ونمنع البرامج الموجهة من قبل الأيديولوجيات اليسارية، ونكشف عن الأنشطة التي تتعارض مع مصالحنا الوطنية". أما وزير الخارجية الجديد، ماركو روبيو، فيريد الآن أن تسيطر وزارته على الميزانية بالكامل، وإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية نهائياً. وقال روبيو: "هل يجعل هذا القرار أمريكا أكثر أماناً؟ هل يجعلها أقوى؟ هل يجعلها أكثر ازدهاراً؟"، في إشارة إلى تحول أمريكا من العمل متعدد الأطراف في عصر الأحادية إلى العمل الأحادي في عالم متعدد الأقطاب.
إن هذا الموقف الجديد ليس فقط "أمريكا أولاً"، بل "أمريكا أولاً وفقط"، وهو هدية لحركة حماس، وتنظيم داعش، والحوثيين، وجميع من يريدون إظهار أن التعايش مع الولايات المتحدة أمر مستحيل. كما أن الإغلاق يعد خبراً ساراً للصين، التي ستعزز مبادرتها التنموية العالمية، مما يضعها في موقع يسمح لها بحلول محل الولايات المتحدة. وسيلجأ اليائسون إلى المتطرفين الذين سيزعمون أن أمريكا لا يمكن الوثوق بها مجدداً. وبدلاً من جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، فإن إلغاء المساعدات لن يؤدي إلا إلى إضعافها.
المأساة الكبرى أن خفض المساعدات الأمريكية يأتي في وقت تتراجع فيه ميزانيات المساعدات في أغنى اقتصادات العالم، من ألمانيا إلى بريطانيا. فالوكالات الدولية تعاني نقص التمويل لدرجة أن الأمم المتحدة تمكنت من تغطية أقل من نصف هدفها الإنساني البالغ 50 مليار دولار لعام 2024، وذلك للعام الثاني على التوالي، في وقت تستدعي فيه زيادة الصراعات والكوارث الطبيعية المزيد من المساعدات أكثر من أي وقت مضى.
قد نتجادل حول كيفية تحقيق توزيع أكثر عدلاً لعبء المساعدات، لكن المزيد من التخفيضات يهدد بالمزيد من الوفيات التي يمكن تجنبها، كما أن العالم إذا أصبح أفقر سيجعل أمريكا أفقر في النهاية. غالباً ما يُنظر إلى السخاء الأمريكي على أنه مجرد عمل خيري، لكنه في الواقع يصب في مصلحة الولايات المتحدة، لأن إيجاد عالم أكثر استقراراً يعود بالنفع على الجميع.
• غوردون براون هو المبعوث الخاص للأمم المتحدة للتعليم العالمي، وكان رئيس وزراء بريطانيا بين عامي 2007 و 2010.