سلط الباحث بمؤسسة "جيمس تاون"، بول جوبل، الضوء على تخطيط تركيا لتصبح اللاعب البحري المهيمن في بحر قزوين، مشيرا إلى أن الأسطول الروسي ظل مهيمنا على البحر لفترة طويلة، لكن السنوات الماضية شهدت تحركا لتركيا باتجاه توسع قواتها البحرية، ما ينذر بخطر قد يصل إلى حرب جديدة على غراب حرب أوكرانيا، من منظور روسيا.

وذكر جوبل، في تحليل نشره موقع المؤسسة البحثية وترجمه "الخليج الجديد"، أن معظم الدول المطلة على ساحل البحر ركزت على تطوير خفر السواحل بدلا من القوات البحرية الحقيقية، لكن الأمر لم يعد الأمر كذلك هذا الصيف.

وأوضح أن استانا وقعت اتفاقيات مع أنقرة لبناء سفن بحرية تركية في كازاخستان، الأمر الذي لن يجعل أسطول الدولة الواقعة في آسيا الوسطى يمثل تحديًا قويًا لأسطول بحر قزوين الروسي فحسب، بل سيسمح أيضًا لتركيا بإظهار القوة في جميع أنحاء المنطقة من خلال منحها القدرة على أن تكون المقاول البحري الأول، أو حتى استخدام السفن التي تبنيها تحت أعلام دول أخرى لتعزيز أهدافها.

ويلاحظ المسؤولون في موسكو هذه التطورات بشكل متزايد مع تحذير بعضهم من أن دولا أخرى تطل على ساحل بحر قزوين قد تحذو حذو كازاخستان.

 بل إن بعض المسؤولين الروس ذهبوا إلى حد الإشارة إلى أن هذه الخطوة ستسمح لتركيا بإبراز قوتها خارج نطاق العالم التركي وتسمح لها بأن تصبح القوة الجيوسياسية المهيمنة على طول الجزء الجنوبي بأكمله من منطقة ما بعد الاتحاد السوفيتي وصولاً إلى حدود الاتحاد السابق.

وفي حين أن مثل هذه الاستنتاجات سابقة لأوانها، فإنها تمثل علامة واضحة على أن البناء البحري في بحر قزوين بات ساحة معركة رئيسية جديدة للمنافسة الجيوسياسية وحتى العسكرية.

الهيمنة التاريخية

ويرجح جوبل أن تضطر موسكو إلى الرد خشية أن تفقد هيمنتها التاريخية، ليس فقط في منطقة بحر قزوين نفسها، بل أيضاً مع الدول الأخرى لمطلة على البحر.

ومنذ 5 سنوات مضت، اعتقدت موسكو أنها حاصرت سوق بناء السفن على ساحل بحر قزوين، عبر إبرام الاتفاقيات الثنائية مع معظم الدول المطلة على الساحل، بما في ذلك كازاخستان، إلا أنها لم تتمكن من إتمام هذه الاتفاقيات، ما دفع هذه الدول إلى البحث عن بناء السفن مع دول أخرى، مثل كوريا الجنوبية وتركيا.

وبذلك وجدت أنقرة طريقة للالتفاف حول القيود المفروضة على إدخال القوات البحرية الأجنبية إلى بحر قزوين، حسبما يرى، يوري ليامين، الباحث بمركز موسكو لتحليل الاستراتيجيات والتقنيات، مشيرا إلى أن الأتراك توصلوا إلى فكرة نشر قواتهم البحرية تحت أعلام الدول التركية "الشقيقة"، خاصة أذربيجان وكازاخستان، "من أجل السيطرة على ثروة النفط والغاز في بحر قزوين".

اقرأ أيضاً

إيكونوميست: من بحر قزوين للمحيط الهندي.. روسيا تتحدي العقوبات بشرايين نقل جديدة مع إيران

ورغم أن اتفاقية تلك الدول مع روسيا عام 2018 تحظر نشر قوات مسلحة لدول غير مطلة على بحر قزوين في البحر، فإن باكو وأستانا على استعداد للمساعدة في التحايل على القيود التي تفرضها روسيا وإيران.

وهنا ينوه جوبل إلى أن "ما تفعله أنقرة الآن في كازاخستان لا يتعلق بذلك البلد وحده، بل يتعلق أيضًا باستعراض القوة التركية لمساعدة أقرب حليف لها (أذربيجان)، ولضمان وصولها إلى النفط والغاز من حوض قزوين وآسيا الوسطى".

وهنا يشير جوبل إلى أ، الأتراك "يعتبرون ممثلي الشعوب التي تعيش في روسيا، وبعض جمهوريات القوقاز، وفولغا الوسطى، وكالميكيا، وأجزاء من جبال الأورال وسيبيريا" ضمن نطاق نفوذهم.

ويضيف أن حديث أنقرة عن "عالم تركي" هو في الواقع محاولة لإلهاء روسيا والصين عن تطلعات تركيا طويلة المدى والتي من شأنها أن تهدد موقف القوتين.

الأسطول التركي

وإزاء ذلك، تواجه كل من موسكو وبكين تحديًا خطيرًا، إذ سيضمن وجود أسطول تركي في بحر قزوين أن تستمر طرق التجارة، التي تتجاوز روسيا، في التوسع، وأن تتقلص قدرة موسكو على التجارة مع إيران والدول المطلة على المحيط الهندي.

وتصاعد هذا التحدي في العامين الماضيين، خاصة منذ بدء ما يسمى "العملية العسكرية الخاصة" التي نفذها الكرملين ضد أوكرانيا.

فهل ستتمكن روسيا المنشغلة بأوكرانيا وفرز العلاقات مع الغرب من صد التحدي التركي في كازاخستان وآسيا الوسطى؟ يجيب جوبل بأنه "إذا لم يكن الأمر كذلك، فمن المستحيل في المستقبل استبعاد ظهور دولة أخرى غير موالية لموسكو على الحدود الجنوبية الشرقية الطويلة للاتحاد الروسي".

ولمواجهة تركيا، يرجح جوبل أن يتطلع الكرملين في المقام الأول إلى الصين ثم إلى إيران، ومع ذلك، "قد لا تثبت بكين أنها داعمة لمصالح موسكو بقدر ما ستستفيد من التجارة الموسعة بين الشرق والغرب التي ستضمنها التحركات التركية، حتى لو كانت المصالح الصينية قد تتعرض للتهديد من خلال توسع النفوذ التركي على المدى الطويل".

وبالتالي فإن النتيجة الأكثر ترجيحًا لتوسيع النفوذ التركي في بحر قزوين ستكون محاولة موسكو لجذب طهران، بحسب جوبل، الذي وصف إيران بأنها "عدو تركيا منذ فترة طويلة".

ونتيجة لذلك، فإن ما قد يبدو عرضاً جانبياً بسيطاً في منطقة بحر قزوين يمكن أن يؤدي بسهولة إلى منافسة أوسع، ليس فقط بين روسيا ودول المنطقة ولكن أيضاً بين طهران والغرب، ما ينذر بصراع آخر خطير مع احتمالات نشوء صراع أوسع نطاقاً، لا تقل عواقبه بعيدة المدى عن القتال الدائر الآن في أوكرانيا.

اقرأ أيضاً

رغم الألغام الجيوسياسية.. حرب أوكرانيا تبعث الأمل في رؤية أنقرة لـ"العالم التركي"

المصدر | بول جوبل/جيمس تاون - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا كازاخستان العالم التركي موسكو طهران فی بحر قزوین إلى أن

إقرأ أيضاً:

«ماكرون»: انتصار أوكرانيا على روسيا يصب في مصلحة أوروبا

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه لا يمكن الاستمرار في الاستعانة بمصادر خارجية لأمن أوروبا، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية، في خبر عاجل.

وأوضح «ماكرون»: «من مصلحتنا المشتركة عدم انتصار روسيا في الحرب بأوكرانيا، وفوز أوكرانيا في الحرب ضد روسيا يصب في مصلحة أوروبا».

وذكر: «أوروبا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتعزيز النمو الاقتصادي والابتكار وتقليص البيروقراطية، وعلى أوروبا ألا تفوض للأبد أمنها للولايات المتحدة».

مقالات مشابهة

  • روسيا: موسكو مستعدة لتطوير التعاون في مجال الصناعة الدفاعية مع فنزويلا
  • بوتين: موسكو مستعدة لإجراء مفاوضات سلام بشأن أوكرانيا
  • موسكو: على الغرب التفاوض لتجنب تدمير الشعب الأوكراني..وسول لا يستبعد إرسال أسلحة إلى أوكرانيا
  • «ماكرون»: انتصار أوكرانيا على روسيا يصب في مصلحة أوروبا
  • مصير الحوثيين و التغييرات التي ستطرأ على اليمن في العهد الترامبي الجديد - تحليل
  • روسيا تسيطر على قريتين في شرق أوكرانيا
  • تحليل لـCNN: عدم اليقين بشأن سياسة ترامب تجاه حرب أوكرانيا يحد من تفاؤل روسيا
  • روسيا :العلاقات بين موسكو وواشنطن في أدنى مستوى لها
  • تحليل :هل ستقلب القوات الخاصة الكورية الشمالية في أوكرانيا موازين الحرب؟
  • الخارجية روسيا: موسكو مستعدة لإجراء حوار متساو مع الولايات المتحدة