كيف انفجرت “فُقّاعات”الفساد؟
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
صراحة نيوز- حسين الرواشدة
منذ سنوات ، تراجعت الاصوات الشعبية التي تطالب بمكافحة الفساد ، للتذكير فإن أغلبية الأردنيين الذين خرجوا للشارع ، او ركبوا موجة المطالبة بالإصلاح ، أعتقدوا -آنذاك- أن الفساد (أمّ) مشكلاتنا ، وسر خيباتنا، وأن مكافحته وحدها كفيلة بتحريرنا مما نحن فيه ، ابتداءا بإطلاق مشروع الإصلاح ، وصولا لإعادة الدولة إلى سكتها الصحيحة، وإعادة ثقة الأردنيين بها أيضا.
لا أدري إذا كان هذا “الاختزال” صحيحا أم لا، ما اعرفه هو أن موضوع الفساد تحوّل إلى رمز لإدانة سلوك إدارات الدولة المتعاقبة ، وتجريحها أحيانا، ثم إلى بالون كبير ، نفخ فيه البعض لتسويق مطالباتهم وشعاراتهم، من خلال دغدغة مزاج الأردنيين ومشاعرهم، فيما النتيجة التي نكتشفها، الآن ، تشير إلى تشخيصات أخرى مختلفة تماما.
آخر قضية فساد أشغلت الرأي العام ،في بلدنا، كانت قضية الدخان (2018 ) ، بعدها لم نشهد قضايا فساد كبرى مماثلة، هيئة مكافحة الفساد تتولى مهمة متابعة ملف الفساد، وتطالعنا الأخبار بين الفينة والأخرى بقضايا فساد قيد التحقيق ، أو أخرى أُحيلت إلى المحاكم ، تتوزع بين القطاع العام والقطاع الخاص ، هذا الأخير ،ربما ، يتفوق على الأول من حيث عدد القضايا وحجمها .
لا يعني أبدا أن الفساد انتهى ،وان العدالة انتصبت موازينها ، لاستئصال الفاسدين، لكن يمكن الاطمئنان إلى أن الهيئة تقوم بواجبها ، وأن انطباعات الأردنيين حول تمدد الفساد ،المالي تحديدا، وحجمه، لم تعد كما كانت، هل كانت مجرد فقاعات انفجرت ؟ إن صح هذا التقدير، فهو مؤشر إيجابي ، يسجل لمؤسسات الدولة، والمواطنين أيضا.
ما أريد أن أقوله هو أن المعارضة لدينا ، سواء اكانت أحزابا او نخبا، اخذت الأردنيين إلى زوايا حرجة، وحشرتهم فيها ، على اعتبار أنها أولويات ملحة، الأمر الذي استنزف من الجميع الوقت والجهد ، في تبادل الاتهامات والشكوك، وادارة الصراع على السياسة، لنكتشف ،الان ، أننا أهدرنا ذلك في لزوم ما لا يلزم، وأنه لو انشغلنا في قضايا أخرى اهم، لأنجزنا و تمكنا من مواجهة مشكلاتنا بصورة افضل .
الشاهد هو ان ما جرى من نقاشات حول ملفات الفساد ،خلال السنوات المنصرفة، كان مثالا لما أشرت إليه ، كما ان ما يحدث ،الآن، في قضايا أخرى سياسية ،واقتصادية ،واجتماعية، يتعمد البعض اختصارها في ملف “التدخلات ” ، أو غياب الإرادة السياسية، أو إشاعة الانحلال الاجتماعي ، وغير ذلك من الأنطباعات العامة ، و إطلاق التعميمات التي لا تستند إلى معلومات ، يشكل ،أيضا ، أمثلة أخرى لممارسات بعض النخب ، التي تستهدف إغراق الأردنيين في مستنقع الفشل وانعدام الفرص ، لهدف واحد ، وهو ابقاء الوضع القائم على ما هو عليه.
من الملاحظات الهامة ان تعميم ظواهر الفساد العام، وكذلك الإحباط واليأس ،وترسيخ غياب الثقة ،وإشاعة صور نمطية عن الأردنيين كقاصرين، وعن إدارات الدولة كجزر معزولة وعاجزة،، مسألة مشغول عليها ، وتتم بقصد من فاعلين، وليست صدفة أبدا ، الدليل على ذلك أن معظم الذين يروجون لسطوة الفساد ،وتمدده ،وأنه غير قابل للحصار القانوني أو السياسي أو الاجتماعي ،،هم كبارُ الفاسدين .
هؤلاء وجدوا أن إظهار البلد كمستنقع للفساد ، وإقناع الأردنيين بذلك ،هو اقصر طريق للحفاظ على فسادهم وحمايته، خاصة أن مكافحة الفساد تحولت إلى مباريات لشتم الفاسدين وشيطنتهم، فيما استخدموا مدرجاتها ، بمهارة، كمظلة رعاية لهم، و بمثابة “منطقة خضراء ” محصنة ، لا يدخلها غيرهم.
لا يخطر ببالي ،أبدا ،التهوين من خطر الفساد ،سواء أكان ماليا أو إداريا، والأخير أخطر ،أو إنكار وجود الفاسدين ، ما أقصده هو الانتباه للمصائد والفخاخ التي يتم نصبها لاصطيادنا ، وذلك من خلال المبالغة وإصدار الأحكام بناءا على الانطباعات ، وتهييج المشاعر، بموازاة تغييب الحقائق والاولويات التي يفترض ان ننشغل بها كأردنيين.
هنا من واجب الأحزاب ،في هذه المرحلة ،وكذلك النخب التي تتولى توجيه الرأي العام ، أن ” تعقلن” الخطاب الشعبي ، وان تخدمة لا أن تستخدمه من اجل مصالحها السياسية ، ما يعني أن وضع أولويات الخروج بالبلد من أزماته، يحتاج إلى عناوين واقعية مدروسة ، تتناسب مع حالة الدولة وحاجات الناس ؛ الإنتاج والعمل ،ومواجهة الفقر والبطالة، ودفع عجلة السياسة نحو الحوكمة والدمقرطة، يمكن أن تكون أفضل من حقن الناس بأحلام القضاء على الفساد، وأوهام الرفاه بمزيد من الاستهلاك ،والقروض ،والوظائف الجاهزة.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا أقلام اخبار الاردن الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا أقلام أقلام أقلام اخبار الاردن الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة
إقرأ أيضاً:
“محمد بن زايد سات”.. فخر الإمارات ولخير البشرية
“محمد بن زايد سات”.. فخر الإمارات ولخير البشرية
على اسم قائد الوطن، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله ورعاه”.. إنجاز جديد يتحقق ليضاف إلى فصول نهضة الإمارات الحضارية الشاملة والمشرفة، ومسيرتها الأكثر تميزاً في عالم اليوم، في محطة نوعية تعكس قوة عزيمتها التي تدون اسمها بنور النجاحات في فضاءات الريادة، ومؤكدة تفوقها ضمن أكثر الدول تطوراً، وذلك مع نجاح إطلاق القمر الاصطناعي “محمد بن زايد سات” الأحدث من نوعه في المنطقة، من قاعدة فاندنبرغ الجوية في ولاية كاليفورنيا، بالولايات المتحدة الأمريكية على متن صاروخ “فالكون 9″، والإعلان عن تلقي الإشارة الأولى منه تأكيداً لكفاءة أنظمته، ليكون إضافة فاعلة إلى مكتسبات الدولة وأسطولها النشط من الأقمار الاصطناعية في نقلة سوف يُبنى عليها الكثير، وخاصة أن “القمر الاصطناعي” أبدعته وصنعته وطورته بشكل كامل وبكل اقتدار كوكبة من أبناء الإمارات في مركز محمد بن راشد للفضاء، وكذلك “إنتاج شركات محلية 90% من الهياكل الميكانيكية للقمر الاصطناعي داخل الدولة، وجزء كبير من المكونات الإلكترونية”، فضلاً عن كونه سيكون داعمًا لخير البشرية والمجتمع العلمي وصناع القرار بفعل تقنياته غير المسبوقة وما يؤمنه من بيانات وصور تخدم التنمية حول العالم، وهو ما يمثل دافعاً كبيراً لتنافسية الدولة في قطاع الفضاء العالمي بفضل رؤية ودعم القيادة الرشيدة الحريصة على استدامة النجاحات الاستثنائية في كافة القطاعات وأعقد العلوم والتي تبين من خلالها قوة الاندفاع نحو مستقبل يتم العمل ليكون امتداداً لما تنعم به الدولة من تطور وازدهار وريادة.
“محمد بن زايد سات”، فخر للإمارات والبشرية، وتجسيد لمدى التطور العلمي الهائل الذي وصلت إليه الدولة، ومدى سعيها إلى تعزيز دورها ومساهماتها لخدمة الإنسانية، ويبين أهمية موقعها في “نادي الكبار” من خلال وجودها المستدام في الفضاء ومشاريعها المبهرة فيه، وذلك لما يتميز به “القمر” من إمكانات تتيح له رصد كوكب الأرض بتقنياته وتطور أنظمته من قبيل نظام التصوير الذي يضم واحدة من أكثر الكاميرات دقة في العالم، ونقل البيانات بشكل أسرع 4 مرات مقارنة بالإمكانات الحالية، والقدرة على التقاط صور بدقة أعلى، وزيادة إنتاج الصور بمقدار 10 أضعاف على مدار الساعة، ومعالجة متكاملة لتسليم الصور في غضون ساعتين من التقاطها”، ويسهم في مراقبة البيئة وإدارة البنية التحتية ودعم الجهود في حالات الكوارث مما يتيح اتخاذ قرارات دقيقة بناء على بيانات محدثة وموثوقة.
مع بدء مهمة القمر الاصطناعي “محمد بن زايد سات”، فإن الإمارات تنجز قصة نجاح جديدة وتثبت قوة طموحاتها في تقدم وازدهار لا يعرفان الحدود، لتواصل مسيرة الإبهار في أبهى تجسيد لعزيمة وطن اللامستحيل.