تقرير حقوقي ينتقد سياسة الاعتقال الإداري لدى السلطة الفلسطينية
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
الخليل- انتقد تقرير حقوقي سنوي صدر حديثا استمرار ممارسة "الاعتقال الإداري" من قبل السلطة الفلسطينية، وأشار إلى عدم قانونية هذا النوع من الاعتقال والانتهاكات المترتبة عليه، داعيا السلطة إلى التوقف عن ممارسته.
جاء ذلك في التقرير السنوي للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان عن الانتهاكات التي تعرض لها الفلسطينيون خلال 2022، والذي سلمت نسخة منه للرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس الثلاثاء ونشرته اليوم الأربعاء.
وفي باب خاص تحدث تقرير الهيئة عن "الاعتقال الإداري" مشيرا إلى تلقي 73 شكوى ترتبط به بشكل مباشر "حيث تم احتجاز بعض المعتقلين أشهرا عدة قبل إخلاء سبيلهم".
وينقل التقرير عن "عدد كبير من المشتكين أنهم أوقفوا على ذمة المحافظ (أعلى سلطة في كل محافظة تتبع الرئيس) على الرغم من صدور قرارات من المحاكم المختصة بإخلاء سبيلهم".
89 قراراً قضائياً امتنعت الأجهزة الأمنية والمحافظون عن تنفيذها ورفضت الإفراج عن معتقلين سياسيين خلال عام 2022، وفق تقرير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان. pic.twitter.com/RmJfjHyISa
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) September 6, 2023
ووفق التقرير السنوي الذي يتضمن مجمل الانتهاكات الفلسطينية والإسرائيلية، فإن الهيئة رصدت -من بين المحتجزين إداريا- طفلا احتجز بأمر من محافظ الخليل بناء على طلب جهاز المخابرات العامة، وذلك على الرغم من وجود قرار من محكمة الصلح بإخلاء سبيله.
وأضاف أن "الاعتقال الإداري ينتهك الحرية الشخصية، وهو يخالف القانون الأساسي وقانون الإجراءات الجزائية"، مؤكدا أنه لا يجوز حرمان الناس من حريتهم الشخصية إلا بأمر قضائي صادر عن محكمة مختصة ووفقا للإجراءات والأسباب التي يحددها القانون.
ومع ذلك، تقول الهيئة إن "المحافظين يقومون به، ويستندون في تنفيذه إلى قانون منع الجرائم الأردني لسنة 1954 الذي يمنح المحافظ صلاحية توقيف الأشخاص دون تهمة".
وقالت الهيئة المستقلة إنها تقدمت عام 2022 بطعن إلى المحكمة الدستورية العليا للطعن في دستورية نصوص قانون منع الجرائم المذكور، ونجحت لاحقا في الحصول على قرار من المحكمة بعدم دستورية نصوص قانون منع الجرائم التي منحت المحافظ صلاحيات التوقيف الإداري.
يستهدف مطاردينوعلى الرغم من قرار المحكمة الدستورية العليا فإن الهيئة تقول إن المحافظين لا يزالون يرفضون إخلاء سبيل بعض المحتجزين إداريا -ولا سيما المحتجزين- بسبب كونهم مطاردين للاحتلال الإسرائيلي، مستشهدة في ذلك بالمطارد مصعب اشتية الذي اعتقلته قوة أمنية فلسطينية في محافظة نابلس في سبتمبر/أيلول 2022.
350 يوما على اعتقال
أسد العرين مصعب اشتية
في سجون السلطة #الحرية_لمصعب_اشتية pic.twitter.com/6LKEfiySxX
— الشاهد (@shahedcc1) September 3, 2023
وفي السياق ذاته، قالت الهيئة إنها تلقت 94 شكوى ترتبط بالامتناع عن تنفيذ قرارات المحاكم بإخلاء السبيل، وإنه ما زال عدد من هؤلاء المشتكين قيد الاحتجاز الإداري على الرغم من مرور شهور عدة على إصدار المحاكم قرارات بإخلاء سبيلهم، مشيرة إلى أن جميع هذه الشكاوى سجلت ضد الأجهزة الأمنية العاملة في الضفة الغربية.
واعتبر تقرير الهيئة أن الامتناع عن تنفيذ أحكام المحاكم بإخلاء سبيل المحتجزين أو التأخر في تنفيذها "يمثل انتهاكا للحرية الشخصية وجريمة يعاقب عليها القانون وفقا لنصوص القانون الأساسي وقانون العقوبات"، داعية للإفراج الفوري عن جميع الموقوفين على ذمة المحافظ.
سياسة الباب الدواربدوره، يقول مدير مكتب الهيئة جنوبي الضفة فريد الأطرش إن الحالات المذكورة في التقرير هي لأشخاص تقدموا بشكاوى للهيئة، دون أن يستبعد وجود حالات أخرى لم تتقدم بأي شكاوى، مشيرا في حديثه للجزيرة نت إلى تراجع الاعتقال على ذمة المحافظ، مع استحداث طرق أخرى تؤدي لنفس النتيجة في انتهاك الحريات الشخصية.
وأضاف الأطرش أنه بعد صدور قرار المحكمة الدستورية انخفض عدد الحالات "لأن قرار المحكمة يعني أن أي محافظ يحتفظ بأي شخص على ذمته يلاحق قانونيا".
وأوضح أن "المعتقل على ذمة المحافظ يبقى في مقرات الأجهزة الأمنية بموجب قرار توقيف يصدر عن المحافظ على ذمة الجهاز الذي يوجد عنده".
ومع ذلك، يقول الأطرش إن الأجهزة الأمنية تتبع أساليب بديلة لممارسة الاعتقال الإداري "فكثير منها استبدلت الاعتقال على ذمة المحافظ بطرق أخرى، منها توقيف أشخاص مثلا بتهمة حيازة سلاح والإفراج عنهم، ثم إعادتهم على تهم أخرى، وهكذا.. سياسة الباب الدوار".
من جهته، يقول عاكف اشتية والد المعتقل مصعب إن ابنه حاليا معتقل "على ذمة جهاز الأمن الوقائي".
وأضاف اشتية للجزيرة نت أن "كل الإجراءات القانونية بالنسبة لمصعب انتهت، وحصل فيها على قرارات بالإفراج الفوري وغير المشروط آخرها قبل 8 أشهر، لكنه ما زال معتقلا ولم تنفذ قرارات المحاكم".
وقال إنه يزور نجله في سجن الأمن الوقائي غربي رام الله مرة كل أسبوع، ونقل إلى الجهاز قرارات الإفراج لكنه حصل على وعود ولم تنفذ.
وتابع "نزور مصعب كل أسبوع، هو يعرف وضعه القانوني، ومطلبه الوحيد هو الإفراج عنه، لقد مللنا من المطالبة بالإفراج، واليوم أصبحنا نطالب بتحسين ظروفه ووضعه داخل السجن".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاعتقال الإداری الأجهزة الأمنیة على الرغم من
إقرأ أيضاً:
محللون: سلوك السلطة الفلسطينية بالضفة غير مفهوم أو مقبول
يرى محللون أن مشروع ضم الضفة الغربية إلى الاحتلال الإسرائيلي بات في قلب حكومة بنيامين نتنياهو والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وقالوا إن السلطة الوطنية الفلسطينية مستهدفة كغيرها من الفلسطينيين من قبل الاحتلال وعليها أن تتوقف عن ملاحقة المقاومين.
وصادق نتنياهو على ما سماها -في بيان صادر عن ديوانه-: "عمليات دفاعية وهجومية إضافية في الضفة"، أطلق خلالها الجيش الإسرائيلي حملة عسكرية جديدة في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية.
وقال إنها تأتي في إطار إحباط ما وصفها بعدد من الأهداف الإرهابية في عدد من القرى الفلسطينية بالضفة، وملاحقة منفذي عملية مستوطنة "كيدوميم".
ووفق الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى، فإن هذه الإجراءات هي جزء من إستراتيجية إسرائيلية لتغيير الأمر الواقع في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن حديث الإسرائيليين عن الضم بات مكشوفا وعلنيا، والمشروع أصبح في قلب الحكومة والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
وقال إن الاحتلال الإسرائيلي يمهد منذ مدة لعميلة ضم الضفة من خلال توسيع الاستيطان بشكل كبير جدا، وهدم بيوت الفلسطينيين، وتأسيس مليشيات مسلحة من المستوطنين مكونة من مئات الأشخاص، بالإضافة إلى ممارسة الضغط الاقتصادي والسياسي على الشعب الفلسطيني ومحاولة تدمير المخيمات الفلسطينية في الضفة خاصة تلك التي تؤوي المقاومة.
إعلان
مطاردة المقاومين
وبالنسبة للكاتب والمحلل السياسي، محمد القيق، فإن مخطط ضم الضفة ليس جديدا، ونتنياهو الذي كان رئيس وزراء إسرائيل عام 1996 هو مهندس اتفاقية الخليل التي طرد من خلالها عشرات الآلاف من الفلسطينيين من أهالي الخليل، وفي عهده كان حفر النفق تحت المسجد الأقصى المبارك، وهو الذي قال في كتابه "مكان تحت الشمس" عام 1995 "واهم من يظن أننا سنسلم خاصرة الأمن القومي الإسرائيلي للفلسطينيين"، ويقصد الضفة الغربية والأغوار.
وقال إن الإسرائيليين لا يخفون سعيهم إلى ضم الضفة الغربية، وهم ماضون في الاستيطان، الذي كان أكبر عقبة في إيقاف عملية السلام بينهم وبين الفلسطينيين بشهادة الأميركيين والأوروبيين.
ومن جهته، يؤكد الدكتور حسن خريشة، نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أن الضفة الغربية مستهدفة دائما من قبل الاحتلال، الذي قال قبل 6 أشهر إن الضفة جبهة قتال رئيسية، وقام على إثرها باقتحامات في المنطقة الشمالية وأحدث تدميرا فيها.
ويرجح مراقبون أن تتسع رقعة الحملة العسكرية الجديدة إلى مناطق مختلفة في الضفة، خاصة مع دعوة مستوطنين ووزراء إلى تدمير المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية وتحويلها إلى غزة ثانية.
وأوضح خريشة أن هدف الاحتلال الإسرائيلي هو الضفة الغربية إلى جانب قطاع غزة، وأعرب عن أسفه في هذا السياق عن قيام السلطة الوطنية الفلسطينية بمطاردة واعتقال المقاومين الفلسطينيين في الضفة، وقال إن هذه الممارسات "لم تعد مفهومة ولا مقبولة من الشارع الفلسطيني".
وقال إن السلطة تدرك أنها مستهدفة من قبل الاحتلال مثلها مثل بقية الشعب الفلسطيني، لكنها مع ذلك "تمارس دورا مختلفا" مع الفلسطينيين.
وفي رأي الكاتب والمحلل السياسي القيق، فالاحتلال -اليوم- غير أولوياته ويريد ضم الضفة وجعل السلطة الفلسطينية ضعيفة تشرف على شؤون الفلسطينيين المدنية، وهو نفس موقف الدكتور مصطفى، حيث قال إن الاحتلال يرغب في تحويل السلطة الفلسطينية إلى نوع من الإدارات المحلية.
إعلانوتواصل قوات الأمن الفلسطينية عملية عسكرية في مخيم جنين، بدعوى ملاحقة من سمتهم "الخارجين عن القانون"، في حين اتهمت فصائل فلسطينية، بينها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي، أجهزة الأمن الفلسطينية بملاحقة المقاومين.
خريطة مزعومةومن جهة أخرى، علق المحللون على ما نشره حساب "إسرائيل بالعربية" التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية على منصة إكس، والخاص بخريطة مزعومة لإسرائيل "التاريخية" تضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة بالإضافة إلى الأردن ولبنان وسوريا.
وأكد الدكتور حسن خريشة، نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أن هذا المنشور يؤكد على وجود مشروع إستراتيجي لتسييد إسرائيل على المنطقة، وربط ذلك بتصريح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي صرح مرة أن "إسرائيل صغيرة ويجب توسيعها".
وأشار الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إلى أن نشر الخريطة المزعومة له علاقة بتوجهات أيديولوجية يمينية تهيمن على المشهد السياسي في إسرائيل.