الخليل- انتقد تقرير حقوقي سنوي صدر حديثا استمرار ممارسة "الاعتقال الإداري" من قبل السلطة الفلسطينية، وأشار إلى عدم قانونية هذا النوع من الاعتقال والانتهاكات المترتبة عليه، داعيا السلطة إلى التوقف عن ممارسته.

جاء ذلك في التقرير السنوي للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان عن الانتهاكات التي تعرض لها الفلسطينيون خلال 2022، والذي سلمت نسخة منه للرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس الثلاثاء ونشرته اليوم الأربعاء.

على ذمة المحافظ

وفي باب خاص تحدث تقرير الهيئة عن "الاعتقال الإداري" مشيرا إلى تلقي 73 شكوى ترتبط به بشكل مباشر "حيث تم احتجاز بعض المعتقلين أشهرا عدة قبل إخلاء سبيلهم".

وينقل التقرير عن "عدد كبير من المشتكين أنهم أوقفوا على ذمة المحافظ (أعلى سلطة في كل محافظة تتبع الرئيس) على الرغم من صدور قرارات من المحاكم المختصة بإخلاء سبيلهم".

89 قراراً قضائياً امتنعت الأجهزة الأمنية والمحافظون عن تنفيذها ورفضت الإفراج عن معتقلين سياسيين خلال عام 2022، وفق تقرير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان. pic.twitter.com/RmJfjHyISa

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) September 6, 2023

ووفق التقرير السنوي الذي يتضمن مجمل الانتهاكات الفلسطينية والإسرائيلية، فإن الهيئة رصدت -من بين المحتجزين إداريا- طفلا احتجز بأمر من محافظ الخليل بناء على طلب جهاز المخابرات العامة، وذلك على الرغم من وجود قرار من محكمة الصلح بإخلاء سبيله.

وأضاف أن "الاعتقال الإداري ينتهك الحرية الشخصية، وهو يخالف القانون الأساسي وقانون الإجراءات الجزائية"، مؤكدا أنه لا يجوز حرمان الناس من حريتهم الشخصية إلا بأمر قضائي صادر عن محكمة مختصة ووفقا للإجراءات والأسباب التي يحددها القانون.

ومع ذلك، تقول الهيئة إن "المحافظين يقومون به، ويستندون في تنفيذه إلى قانون منع الجرائم الأردني لسنة 1954 الذي يمنح المحافظ صلاحية توقيف الأشخاص دون تهمة".

وقالت الهيئة المستقلة إنها تقدمت عام 2022 بطعن إلى المحكمة الدستورية العليا للطعن في دستورية نصوص قانون منع الجرائم المذكور، ونجحت لاحقا في الحصول على قرار من المحكمة بعدم دستورية نصوص قانون منع الجرائم التي منحت المحافظ صلاحيات التوقيف الإداري.

يستهدف مطاردين

وعلى الرغم من قرار المحكمة الدستورية العليا فإن الهيئة تقول إن المحافظين لا يزالون يرفضون إخلاء سبيل بعض المحتجزين إداريا -ولا سيما المحتجزين- بسبب كونهم مطاردين للاحتلال الإسرائيلي، مستشهدة في ذلك بالمطارد مصعب اشتية الذي اعتقلته قوة أمنية فلسطينية في محافظة نابلس في سبتمبر/أيلول 2022.

350 يوما على اعتقال
أسد العرين مصعب اشتية
في سجون السلطة #الحرية_لمصعب_اشتية pic.twitter.com/6LKEfiySxX

— الشاهد (@shahedcc1) September 3, 2023

وفي السياق ذاته، قالت الهيئة إنها تلقت 94 شكوى ترتبط بالامتناع عن تنفيذ قرارات المحاكم بإخلاء السبيل، وإنه ما زال عدد من هؤلاء المشتكين قيد الاحتجاز الإداري على الرغم من مرور شهور عدة على إصدار المحاكم قرارات بإخلاء سبيلهم، مشيرة إلى أن جميع هذه الشكاوى سجلت ضد الأجهزة الأمنية العاملة في الضفة الغربية.

واعتبر تقرير الهيئة أن الامتناع عن تنفيذ أحكام المحاكم بإخلاء سبيل المحتجزين أو التأخر في تنفيذها "يمثل انتهاكا للحرية الشخصية وجريمة يعاقب عليها القانون وفقا لنصوص القانون الأساسي وقانون العقوبات"، داعية للإفراج الفوري عن جميع الموقوفين على ذمة المحافظ.

سياسة الباب الدوار

بدوره، يقول مدير مكتب الهيئة جنوبي الضفة فريد الأطرش إن الحالات المذكورة في التقرير هي لأشخاص تقدموا بشكاوى للهيئة، دون أن يستبعد وجود حالات أخرى لم تتقدم بأي شكاوى، مشيرا في حديثه للجزيرة نت إلى تراجع الاعتقال على ذمة المحافظ، مع استحداث طرق أخرى تؤدي لنفس النتيجة في انتهاك الحريات الشخصية.

وأضاف الأطرش أنه بعد صدور قرار المحكمة الدستورية انخفض عدد الحالات "لأن قرار المحكمة يعني أن أي محافظ يحتفظ بأي شخص على ذمته يلاحق قانونيا".

وأوضح أن "المعتقل على ذمة المحافظ يبقى في مقرات الأجهزة الأمنية بموجب قرار توقيف يصدر عن المحافظ على ذمة الجهاز الذي يوجد عنده".

ومع ذلك، يقول الأطرش إن الأجهزة الأمنية تتبع أساليب بديلة لممارسة الاعتقال الإداري "فكثير منها استبدلت الاعتقال على ذمة المحافظ بطرق أخرى، منها توقيف أشخاص مثلا بتهمة حيازة سلاح والإفراج عنهم، ثم إعادتهم على تهم أخرى، وهكذا.. سياسة الباب الدوار".

من جهته، يقول عاكف اشتية والد المعتقل مصعب إن ابنه حاليا معتقل "على ذمة جهاز الأمن الوقائي".

وأضاف اشتية للجزيرة نت أن "كل الإجراءات القانونية بالنسبة لمصعب انتهت، وحصل فيها على قرارات بالإفراج الفوري وغير المشروط آخرها قبل 8 أشهر، لكنه ما زال معتقلا ولم تنفذ قرارات المحاكم".

وقال إنه يزور نجله في سجن الأمن الوقائي غربي رام الله مرة كل أسبوع، ونقل إلى الجهاز قرارات الإفراج لكنه حصل على وعود ولم تنفذ.

وتابع "نزور مصعب كل أسبوع، هو يعرف وضعه القانوني، ومطلبه الوحيد هو الإفراج عنه، لقد مللنا من المطالبة بالإفراج، واليوم أصبحنا نطالب بتحسين ظروفه ووضعه داخل السجن".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاعتقال الإداری الأجهزة الأمنیة على الرغم من

إقرأ أيضاً:

"البطاقة الذهبية" الأميركية.. خطوة جريئة في سياسة الهجرة

أثار اقتراح الرئيس دونالد ترامب طرح تأشيرة "البطاقة الذهبية" للأثرياء بقيمة 5 ملايين دولار جدلا واسعا، لكن هناك أمرا واحدا واضحا، وهو إعلان قوي عن انفتاح الولايات المتحدة على أصحاب الثروات الكبيرة الذين يرغبون في الاستثمار والمساهمة في الاقتصاد الأميركي.

ويرى رياز جعفري المحامي المتخصص بالهجرة والمستشار في التنقل العالمي للعائلات فائقة الثراء، أن هذه المبادرة خطوة إيجابية إلى الأمام.

تاريخيا، كانت الولايات المتحدة الوجهة الأولى للموهوبين والأثرياء والطموحين الذين يبحثون عن الفرص الاقتصادية والأمن.

وكان برنامج تأشيرة المستثمر المهاجر EB-5، الذي تم إطلاقه في عام 1990، أحد هذه المسارات التي أتاحت للمستثمرين الأجانب الحصول على الإقامة من خلال ضخ رأس المال في الاقتصاد الأميركي.

ولكن مع مرور الوقت، غرق البرنامج في روتين البيروقراطية وادعاءات الاحتيال وعدم الكفاءة، مما جعله أقل جاذبية للمستثمرين.

لذلك، يمكن لاقتراح ترامب، إذا تمت هيكلته بشكل صحيح، أن يقدّم بديلا جديدا ويوفر تعزيزا مباشرا للاقتصاد.

نهج اقتصادي سليم

نظريا، يمكن لبرنامج تأشيرة "البطاقة الذهبية" الذي طرحه ترامب أن يولد تريليونات الدولارات من الإيرادات، "إذا قمنا ببيع مليون، فهذا يعني 5 تريليونات دولار"، هكذا صرّح ترامب من المكتب البيضاوي في 25 فبراير.

وبالرغم من أن احتمال الوصول إلى مثل هذه الأرقام محل جدل، فإن الفكرة نفسها تمثّل حجة مقنعة: لماذا لا ندعو أثرى أثرياء العالم للاستثمار في الولايات المتحدة مقابل الحصول على الإقامة الدائمة؟.

على عكس أنواع التأشيرات الأخرى التي تتطلب مبررات واسعة تستند إلى المهارات، أو إيجاد فرص العمل، أو لمّ شمل الأسرة، أو الأسباب الإنسانية، فإن برنامج "البطاقة الذهبية" بسيط: ادفع 5 ملايين دولار واضمن الحصول على مكان في الولايات المتحدة.

هذا يلغي المراحل البيروقراطية والذاتية التي عانت منها برامج الهجرة الأخرى لمدة طويلة. بالإضافة إلى ذلك، عند مقارنة البرنامج مع نظم الهجرة الاستثمارية الأخرى في أماكن مختلفة من العالم، مثل مالطا أو البرتغال أو اليونان، فإن "البطاقة الذهبية" الأميركية تُعَدّ من بين أكثر البرامج المرموقة والمرغوبة.

انتصار للاقتصاد الأميركي

جلب الأفراد ذوي الثروات الفائقة لا يتعلق فقط بمبلغ الخمسة ملايين دولار المدفوع مسبقا، فهؤلاء المستثمرون يجلبون أعمالهم وشبكات علاقاتهم وإمكانيات خلق فرص العمل. يشترون المنازل، وينفقون على المنتجات الفاخرة، ويستثمرون في الشركات الناشئة، ويساهمون في الأعمال الخيرية. لذا، فإن التأثير الاقتصادي المضاعف للسماح لمزيد من الأثرياء بالاستقرار في الولايات المتحدة هائل.

في الوقت الذي تلوح فيه مخاوف الديون الوطنية في الأفق، فإن طرح برنامج يضخ المليارات، وربما حتى تريليونات الدولارات، مباشرة في الاقتصاد دون زيادة الضرائب هو حل عملي ومبتكر. وهذه سردية مختلفة بشكل ملحوظ عن تصريحات ترامب السابقة حول الهجرة، التي غالبًا ما ركزت على القيود والضوابط. فعوضًا عن ذلك، يرسل هذا البرنامج رسالة واضحة: أميركا ترحب بالأعمال التجارية.

رسالة أكثر إيجابية لإفريقيا والأسواق الناشئة

أثارت تصريحات ترامب الأخيرة، التي أشار فيها إلى إمكانية قدوم الأفارقة إلى الولايات المتحدة كلاجئين، انتقادات لكونها غير ملائمة ومتعالية. بدلًا من ربط الهجرة بالأزمات واليأس، قدّم برنامج "البطاقة الذهبية" مسارًا طموحًا للأفارقة ومواطني الأسواق الناشئة الأخرى.

في جميع أرجاء أميركا اللاتينية وآسيا وآسيا الوسطى وإفريقيا، هناك فئة متنامية من الأفراد ذوي الثروات الكبيرة الذين يبحثون عن بيئات مستقرة للاستثمار فيها وتربية جيلهم القادم. لطالما كانت أميركا الخيار الأول، متقدمة على كندا والمملكة المتحدة وأوروبا وأستراليا في جذب هذه المجموعة، لكن الأفكار المسبقة حول أجزاء من عالمهم حالت دون منحهم الضوء الأخضر. يمكن لبرنامج "الإقامة الذهبية" المنظم بشكل جيد أن يغيّر هذه الديناميكية.

على سبيل المثال، يستثمر العديد من الأفارقة الأثرياء بالفعل في العقارات وشركات التكنولوجيا والشركات الناشئة في الولايات المتحدة. لذا، فإن توفير مسار مبسط لحصولهم على الإقامة الدائمة من شأنه أن يعزز التزامهم بأميركا كمركز لأعمالهم ووطن ثانٍ، كما أنه سيعاكس الروايات القائلة بأن الولايات المتحدة أصبحت أقل ترحيبًا بالأجانب.

التحديات والاعتبارات

بالطبع، هناك مخاوف مشروعة حول برنامج "الإقامة الذهبية". أحد الأسئلة الرئيسية هو كيفية تدقيق حكومة الولايات المتحدة للمتقدمين.

أشار ترامب إلى أنه لن يكون هناك الكثير من القيود على الطلبات بحسب الجنسية أو العرق، على الرغم من أن أشخاصًا محددين قد يواجهون التدقيق. في حين أن الانفتاح أمر يستحق الثناء، فإن ضمان عدم تحول البرنامج إلى باب لدخول الأموال غير المشروعة أو الأشخاص ذوي الأجندات المريبة يعد أمرًا بالغ الأهمية.

بالإضافة إلى ذلك، ستكون الاعتبارات الضريبية عاملًا مهمًا في تحديد نجاح هذا البرنامج. قد يحتاج العديد من الأفراد ذوي الثروات الكبيرة إلى مساعدة قانونية إضافية إذا أصبحوا خاضعين للضرائب الأميركية في جميع أرجاء العالم.

إن هيكلة "البطاقة الذهبية" مثل التأشيرات الذهبية الشهيرة في أوروبا قد تكون تذكرة ترامب الرابحة. عندما أعلن ترامب عن "البطاقة الذهبية" في 25 فبراير، ألمح إلى أن هؤلاء الأفراد سيكونون معفيين من الضرائب الأميركية على الدخل غير الأميركي، تمامًا مثل نظام غير المقيم الملغى في المملكة المتحدة. إذا كانت المعاملة الضريبية الملائمة جزءًا من عرض "البطاقة الذهبية"، فسيكون ذلك بمثابة تغيير هائل، وبلا شك سيكون جذابًا جدًا لأثرى العائلات في العالم.

سواء على أساس الجدارة أم لا، فإن الحصول على جنسية ثانية ليس أمرًا جديدًا، ولكن خلال العقدين الماضيين تمت مناقشته بصورة أكثر علنية، وحتى الترويج له بهدوء في بعض "الوجهات المرموقة الأوروبية".

كوني ساعدت المئات من أصحاب الثروات الضخمة في الحصول على الإقامة والجنسية في جميع أنحاء العالم، أعتقد أن "البطاقة الذهبية" هي في الأساس فكرة جيدة جدًا. إنها تُقر بأن الهجرة ليست لعبة محصلتها صفر، بل هي أداة يمكن، عند استخدامها بشكل استراتيجي، أن تعزز صورة الاقتصاد وتخلق مجالات جديدة لفرص واعدة ومزدهرة.

بالنسبة للعائلات التي تبحث عن بيئة حديثة ومبتكرة مثل الولايات المتحدة، حيث يتوفر تعليم عالٍ من المستوى الأعلى إلى جانب الوصول إلى أسواق رأس المال لتوسيع أعمالهم، فإن هذا البرنامج يمثل دعوة متجددة. لطالما كانت أميركا أرض الفرص، وإذا تم تنفيذ هذا البرنامج بشكل جيد، فقد يعزز هذا الإرث بطريقة تعود بالنفع على كل من الولايات المتحدة وأولئك الذين اكتشفوا مؤخرًا مزايا الرأسمالية.

بدلًا من رفض هذه المبادرة بشكل قاطع، ينبغي على صناع السياسات العمل على تحسينها، وضمان أن تكون شفافة وعادلة ومتوافقة مع المصالح الاقتصادية طويلة الأجل لأميركا. وإذا تم تنفيذها بشكل صحيح، فقد يمثل برنامج "البطاقة الذهبية" تحولًا جذريًا في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الهجرة ذات القيمة العالية، تحولًا يعزز مكانتها كوجهة رائدة لأفضل العقول والكفاءات في العالم.

مقالات مشابهة

  • المحكمة الإدارية ترد قراراً بإنهاء خدمات قاضٍ
  • الاحتلال الإسرائيلي يصدر أوامر اعتقال إداري بحق 25 أسيراً
  • اعتقالات الصحافيين في كردستان.. عندما يصبح كشف الحقيقة جريمة  
  • تقرير جديد: أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مارست عشرات الانتهاكات بالضفة
  • الهند تحظر أكثر من 87 ألف حساب على واتساب وسكايب
  • خطة مصرية لإعمار غزة بتكلفة 53 مليار دولار .. والسلطة الفلسطينية توافق
  • مصطفى بكري: خطة إعمار غزة جاءت بعد موافقة السلطة الفلسطينية
  • سياسة ترامب.. مفترق طرق بين سقوط أميركا أو سقوطه
  • المحكمة تبحث في تهديد زوجة بعيوي في حاجز للدرك
  • "البطاقة الذهبية" الأميركية.. خطوة جريئة في سياسة الهجرة