يبدو أن أزمة العملات الأجنبية، أصبحت سرطانا يتوغل داخل الدول النامية، خصوصا في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية حول العالم، وما صاحبها من تضخم كبير، أوجد تآكلًا في جسد الاقتصاديات المحلية للبلاد، والسؤال الذي يشغل بال الجميع حول العالم، كيفية السيطرة على جنون سعر الصرف للعملات الأجنبية، وآلية توفيره بسعر عادل داخل البلاد، ووسائل محاربة التلاعب المحلي عبر الأسواق الموازية، والتي أصبحت مثل البورصة، لكل عملية بيع للعملات سعرا حسب طبيعة العرض والطلب، وذلك دون التزام بأسعار الصرف الرسمية المعلن عنها بالبنوك.

وتشهد أسعار العملة الصعبة بالجزائر، ارتفاعا كبيرا على مستوى السوق الموازية، بفعل اقتراب موسم العمرة، وأيضا زيادة السفريات نحو الخارج خلال فصل الصيف، على الرغم من أنّ الدينار الجزائري شهد خلال الأشهر الأخيرة استقرارا نسبيًا مقابل العملات الأجنبية في الأسواق الرسمية للعملات، وهي الأزمة التي تبحث وطن المليون شهيد حلا لها، ومواجهة خطر ترك تلك الأسواق تزيد من التضخم داخل البلاد، وارتفاع الأسعار المجنون لسلع.

 

ارتفاع مجنون لأسعار العملات

وفي هذا السياق، ارتفع سعر صرف اليورو هذا الأسبوع، إلى 225 دينارا للبيع و223 دينارا للشراء، أي 22 ألفا و500 دينار، و22 ألفا و300 دينار لكل مئة وحدة من العملة الأوروبية، على مستوى السوق الموازية للعملة الصعبة "السكوار"، كما تجاوز سعر صرف الدولار 205 دنانير للبيع، و203 دنانير للشراء، وبلغ سعر صرف الجنيه الإسترليني 253 دينارا للبيع، و251 دينارا للشراء. 

وتلك الأسعار دفعت العديد لطرح التساؤل حول أسباب انخفاض الدينار الجزائري أمام العملات الصعبة في السوق السوداء؟ وما الإصلاحات المنتظرة لكبح هذه الظاهرة؟، وهنا يكشف عدد من المصرفيين عن أسباب واقعية للسوق السوداء، وبحسب ما نشرته صحيفة "المشهد" الجزائرية، فإن سبب ارتفاع الأسعار، يرجع إلى العديد من العوامل، منها اقتراب بداية موسم العُمرة خلال هذا الشهر، وأيضا انصراف عدد كبير من الجزائريين في عطلة، خصوصا الإطارات والتجار ورجال الأعمال، وتوجّههم للخارج، وهو ما أدى إلى ارتفاع الطلب على العملة بنقاط البيع الموازية.

2 مليار دولار خسائر الجزائر بسبب السوق الموازية للعملات

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي ساعد سلامي، أنّ ارتفاع سعر العملة الصعبة على مستوى الأسواق الموازية، لا علاقة له بالسوق النظامية ولا بالدينار الرسمي بالبنوك، وإنما يرتبط بمجموعة من العوامل من بينها، بدرجة أولى سوق العرض والطلب الذي يشكل سببا رئيسيا في عدم استقرار الأسعار، حيث هناك اقتناء العديد من المواطنين نسبة كبيرة من العملة الصعبة من السوق الموازية، خصوصا أنّ المنحة السياحية الممنوحة من طرف البنوك، لا تغطي حتى تكلفة سيارة أجرة من المطار إلى الفندق، وإقامة ليلة واحدة هناك، حيث تمنح البنوك ما يتراوح بين 95 و100 يورو لكل جزائري متجه نحو الخارج.

واستمرار السوق الموازية يحرم الجزائر من تحويلات مواطنيها المقيمين بالخارج، والتي قدّرها البنك الدولي بنحو ملياري دولار سنويا خلال الأعوام الأخيرة، كلها تصبّ في قنوات السوق الموازية، بسبب هامش الربح الكبير الذي تقدمه لزبائنها، وربما من الإصلاحات المُنتظرة من جهتها، فقد باشرت وزارة المالية خطوات استعجالية لرقمنة مختلف التعاملات المالية، وتكريس الدفع عبر الإنترنت للخدمات كافة، وتكريسا لسياسة الشمول المالي، أي استرجاع الأموال الموجودة في السوق السوداء كافة.

إجراءات لقمع توغل الدولرة بالمجتمع الجزائري

وعن آلية مواجهة تلك الأزمة، أكّد وزير المالية الجزائري لعزيز فايد، أنّ الاتفاقية الجديدة تهدف إلى تسهيل عملية الدفع بما يخدم المواطن والمؤسسات على حدّ سواء، وتوثيق التعاملات المالية في الجزائر وفق المعايير الدولية، والدفع بالتجارة الإلكترونية قُدما، وبلغة الأرقام، أحصى الوزير فتح 20 مليون حساب على مستوى البنوك، وتوزيع 14 مليون بطاقة بنكيّة، كما ارتفع عدد عمليات الدفع الإلكتروني من 65 ألف عمليّة سنة 2016، إلى مليوني عملية السنة الماضية، وارتفاع الدفع عبر الإنترنت إلى 9 ملايين عملية، كما تم إحصاء 340 تاجرا إلكترونيا، وبلغت معاملات التجارة الإلكترونية خلال الثلاثي الأوّل للسنة الجارية، 3.7 ملايين معاملة إلكترونية، بمبلغ 5.7 مليارات دينار، موزعة على نشاطات عدة في مختلف القطاعات.

وبحسب الصحيفة الجزائرية، فقد كانت هناك خطوات خاصة بفتح مكاتب الصرف، وقد أكد أعضاء بلجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان) أنهم تلقّوا تطمينات من وزير المالية الجزائري، بأنّ فتح مكاتب صرف لبيع العملة الصعبة، سيكون عبر مرسوم تنظيمي، يكمّل القانون النقدي والمصرفي الجديد، ويحدّد شروط وكيفيات تسيير هذه المكاتب، وهو المرسوم الموجود حاليا على طاولة الحكومة.

قريبا القضاء على السوق الموازي بعد تقنين مكاتب الصرف

ويرى الخبير المالي عبد القادر بريش، أنّ فتح مكاتب صرف، ومنح اعتمادات لمتعاملين ناشطين في القطاع، سيؤدي بشكل تدريجي إلى تطويق السوق الموازية للعملة الصعبة، التي سيتم محاصرتها بشكل تدريجيّ، وتوقّع بريش في حديثه للصحيفة الجزائرية، أن يتم إصدار النصوص التنظيمية في القريب العاجل، وقد يُستكمل ذلك في العدد المقبل للجريدة الرسمية، خصوصا أنّ وزير المالية صرّح عند اختتام الدورة البرلمانية الماضية، بأنّ معظم النصوص التنظيمية جاهزة وموجودة على طاولة الأمانة العامة للحكومة، حيث سيتم مراجعتها وإصدارها قريبا، كما أدلى بالتصريح نفسه الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن ،خلال لقائه رؤساء الكتل البرلمانية شهر يوليو المنصرم، بمقر المجلس الشعبيّ الوطني.

ويتضمن مخطط عمل الحكومة المعروض عام 2021، محور إزاحة السوق الموازية للعملة الصعبة، وفتح مكاتب صرف، وهي النقطة التي سيتم التطرق إليها أيضا خلال نزول الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن إلى المجلس الشعبي الوطني، ما بين شهري سبتمبر وأكتوبر المقبل، لعرض بيان السياسة العامة للسنة الثانية على التوالي، وهي حصيلة أداء الحكومة في القطاعات كافة ما بين سبتمبر 2022 و2023.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السوق الموازیة العملة الصعبة على مستوى

إقرأ أيضاً:

رونالدو يضرب السوق السوداء العراقية: انخفاض سعر التذكرة من 150 ألفاً إلى ادنى من سعرها الرسمي

رونالدو يضرب السوق السوداء العراقية: انخفاض سعر التذكرة من 150 ألفاً إلى ادنى من سعرها الرسمي

مقالات مشابهة

  • دبي.. أسعار منازل تبدأ من نحو 11 مليون دولار في أبراج بقيمة مليار دولار
  • دبي.. أسعار المنازل تبدأ من نحو 11 مليون دولار في أبراج بقيمة مليار دولار
  • تباين في أسعار الدولار: استقرار في البنوك وتراجع في السوق السوداء
  • «الداخلية»: ضبط 13 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء
  • العملات المشفرة تعاني من خسائر.. بتكوين تهبط بأكثر من 2%
  • “ياغي” يتسبب في خسائر بقيمة 1.6 مليار دولار في فيتنام
  • رونالدو يضرب السوق السوداء العراقية: انخفاض سعر التذكرة من 150 ألفاً إلى ادنى من سعرها الرسمي
  • حملة ضد محتكري السوق السوداء.. ضبط قضايا اتجار بالعملة بقيمة 13 مليون جنيه
  • ضبط 3 أطنان طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء
  • تقديم تحفيزات استثمارية للأجانب لجذب العملة الصعبة.. فيديو