مصطفى بيومي يكتب: سيد درويش بين نجيب محفوظ وصنع الله إبراهيم.. فنان الشعب فى وجدان المبدعين
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
التوقف أمام الموقع الذي يحتله سيد درويش في عالمي نجيب محفوظ وصنع الله إبراهيم قد يكون مفيدا في الكشف عن مكانة فنان الشعب وعظيم مكانته وتأثيره، فهو عند كاتبين مختلفين من حيث الانتماء الجيلي والقناعات السياسية والفكرية، يحظى بوجود دال ينم عن استمرار تأثيره في نسيج الحياة المصرية.
نجيب محفوظ
لا يحتاج ولع نجيب بالغناء والموسيقى إلى دليل، ففي عالمه الروائي والقصصي تبرز أسماء ذات شأن، أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب ومنيرة المهدية، فضلا عن عبده الحامولي، لكن خصوصية رؤية محفوظ لسيد درويش تتجسد في الانتباه إلى دوره التجديدي البارز في الموسيقى العربية، ملحنا رائدا قبل أن يكون مطربا.
شخصيات
الصحفي أحمد بدير، في "القاهرة الجديدة"، متأثرا بجمال الرقص الذي يشاهده في حفلة خيرية، يترنم بأغنية لسيد درويش تترجم مشاعر الإبهار والدهشة التي تسكنه:"دا بأف مين اللي يألس على بنت مصر بأنه وش".
وجعفر خليل، أحد أصدقاء طفولة الراوي في "المرايا"، يبدو مولعا بالغناء لسيد درويش ومنيرة المهدية وعبد اللطيف البنا.
وفنان الشعب الذي يحقق شهرة مدوية في عشرينيات القرن العشرين، واحد من مجموعة الفنانين البارزين الذين يتطرق إليهم حديث الأصدقاء في "قصر الشوق":"ثم اشترك حسين وإسماعيل وحسن في حديث عن منيرة وسيد درويش وصالح وعبداللطيف البنا".
في "ميرامار"، يعتزل الصحفي عامر وجدي قانعا بالحياة الهامشية الهادئة، ويودع في ذمة الله ذكريات الأزهر:"وصحبة الشيخ علي محمود وزكريا أحمد وسيد درويش".
في جلسة السكر التي تواكب فرح عايدة شداد في "قصر الشوق"، يُذكر خبر موت سيد درويش على اعتبار أنه من الكوارث التي تصيب الوطن:"موت المنفلوطي وسيد درويش وضياع السودان أحداث كللت زماننا بالسواد".
لا يتوافق الاهتمام الكمي بسيد درويش في عالم محفوظ مع النظر إلى موته ككارثة لا تقل هولا عن موت المنفلوطي وضياع السودان، والسر كامن في تفرده اللحني دون الغنائي، ومن هنا تظهر عشرات من الأغنيات التي يلحنها دون الإشارة إلى اسمه، ومن ذلك ما نجده في السطور الأخيرة من "بين القصرين"، حيث يُسدل الستار مع صوت الطفل كمال وهو يغني:"زوروني كل سنة مرة".
صنع الله إبراهيم
في "نجمة أغسطس"، يردد ذهني بصوت خشن، تحت شمس المغيب، أغنية لعبدالحليم حافظ، وعندئذ يسأله الراوي:"إن كان يعرف أغاني سيد درويش أو عبدالوهاب القديمة، لكنه لم يكن يذكرها".
لا تتوافق لوحة الغروب كثيرا مع الاتجاه الذي يمثله عبد الحليم، فالمشهد في حاجة إلى إطار شجني يتمثل في ألحان سيد درويش والقديم من أغنيات محمد عبد الوهاب. لا يتواصل ذهني مع التراث الغنائي القديم، لكن الإبداع المتميز لسيد درويش يتغلغل في أعماق المصريين، ويلجأون إليه في عديد من المواقف التي تواجههم. قد لا يعرفون أنهم يرددون ألحان الفنان الرائد، لكنهم يتمثلون بها ويحفظونها.
في السجن، على النحو الذي تقدمه رواية "شرف"، يظهر اللحن الشعبي الشائع ويغيب اسم صاحبه:"سالمة يا سلامة.. رحنا وجينا بالسلامة".
لحن مسعف في التعبير الصادق الدقيق عن طبيعة المشهد، وغياب اسم الملحن فنان الشعب لا يحول دون الحضور الطاغي لما يبدع من الألحان.
في حفل لفرقة الموسيقى العربية في لبنان، تقترب به رواية "بيروت بيروت" من نهايتها، يظهر اسم سيد درويش في البرنامج المطبوع، وبألحانه الشهيرة يبدأ الحفل:"بأغنية سيد درويش المعروفة، التي اشتهرت بها فيروز، "زوروني كل سنة مرة"، تلتها اثنتان من أغانيه عن الحرف، هما لحن العربجية ولحن الشيالين.
كان الأداء جيدا والتصفيق جارفا، واجتاحني شعور من النشوة، وعندما غنت الفرقة "أهو دا اللي صار" تفجر البركان الحبيس".
الألحان العاطفية تحقق نجاحا، والاتجاه الشعبي لا يقل تأثيرا. الراوي ليس من المولعين بالموسيقى العربية، لكنه ينفعل بالأغنية ذات العنوان الدال الموجع ويتفاعل معها بطريقته:"أهو دا اللي صار"، وكأنه يرى فيها تعبيرا عن الهم الجمعي والمحنة الكابوسية وأشباح الضياع:"كانت الأغنية التي كتب كلماتها بديع خيري، منذ أكثر من ستين عاما:
أهو دا اللي صار وآدي اللي كان
مالكشي حق تلوم عليّ
تلوم عليّ إزاي يا سيدنا
وخير بلادنا ماهوش بإيدنا
قولي عن حاجات تفيدنا
وبعدها ابقى لوم عليّ
بدل ما يشمت فينا حاسد
إيدك في إيدك نقوم نجاهد
وإحنا نبقى شعب واحد
والأيادي تكون قوية
سالت الدموع من عيني كالسيل، وفشلت في إيقافها فتركت لها العنان.
- شو القصة؟
لم أرد عليها واسترسلت في البكاء".
البكاء تعبير عفوي عن الإحساس الطاغي بالتدهور العربي، والحسرة مردودة إلى الخير الضائع والتطاحن العبثي المدمر. مراودة شجنية لحلم الشعب الواحد، والقوة التي تواجه الصعاب وتقهرها.
البكاء يتوج الأزمة، والدموع تطهر القلب والروح، ويبرهن سيد درويش، بعد عقود من رحيله، على أنه معاصر ومواكب لكل ما يمر به الوطن من أحداث وحوادث.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سید درویش
إقرأ أيضاً:
بمنزل الخطيب.. إبراهيم فايق يكشف كواليس جديدة بشأن توقيع زيزو للأهلي
كشف الإعلامي إبراهيم فايق كواليس جديدة حول انتقال أحمد مصطفى زيزو لاعب نادي الزمالك للأهلي.
وقال إبراهيم فايق عبر تصريحات تلفزيونية: "تحرك الأهلي لضم زيزو بدأ في نصف شهر يناير الماضي، وكلف محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، نادر شوقي وكيل اللاعبين بالتواصل مع زيزو ووالده لبحث إمكانية ضم اللاعب.
وتابع: "وانتهى الأمر بتوقيع زيزو على عقود الانتقال إلى الأهلي في منزل محمود الخطيب، بعقد لمدة 4 سنوات، وبمبلغ يقارب الـ400 مليون جنيه".
وكان قد هاجم مصطفى زيزو والد أحمد مصطفى زيزو لاعب الزمالك، مجلس الإدارة برئاسة حسين لبيب.
وقال إنه مجلس غير قادر على تحمل المسئولية، مضيفًا: "هدفهم تسليم ابني للجماهير وعلى صفحات التواصل الاجتماعي من خلال التسريبات وأطالبهم بالخروج لمواجهتي وأنا قادر على كشف أمور ستجبرهم على الجلوس في منازلهم وعدم الخروج مرة أخرى إلى النادي".
وتابع: "هذا المجلس تعامل بإهانة مع إبني وطلبوا من بعض الجماهير مهاجمته وسبّه، وبالعامية كدة داسو على كرامته".
وأضاف مصطفى زيزو في تصريحات لبرنامج ستاد المحور تقديم الإعلامي خالد الغندور: "عرضت على حسين لبيب أكثر من مرة عروض بملايين الدولارات من الخليج، لكنه بالعامية كده خاف من غضب الجماهير وقلت له نصًا زيزو شاري الزمالك خد قرار وجدد ولو مفيش فلوس وافق على العرض اللي يرضي النادي لكنه تهرب من اتخاذ أي خطوة ".