سلط الخبير في الشؤون المالية، أليكس كيماني، الضوء على استهداف المملكة العربية السعودية لبناء أول محطة للطاقة النووية، ومساعيها، في هذا الإطار، لشراكة مع الصين، مشيرا إلى أن مضي الإمارات قدما في مشروعها النووي يدفع الرياض إلى تسريع الخطى نحو تحقيق طموحها. وذكر كيماني، في مقال نشره بموقع "أويل برايس" وترجمه "الخليج الجديد"، أن السعودية، على عكس الإمارات، قد تلجأ إلى الصين لتصميم وبناء أول محطة نووية لها على الإطلاق وسط الإحباط من الشروط الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة لدعم مسعى الرياض.

وأضاف أن التقارير تفيد بأن الشركة الوطنية الصينية للطاقة النووية (CNNC)، المملوكة للدولة، اقترحت بناء أول محطة نووية في السعودية بالقرب من الحدود مع قطر والإمارات.

ومنذ عام 1968، وضعت معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية قواعد أساسية للدول التي تسعى إلى إطلاق مشروع لإنتاج الطاقة النووية من خلال السماح للدول بتخصيب وتقسيم وإعادة تدوير وقود اليورانيوم الخاص بها، مع منعها من إنتاج المواد الأكثر فتكًا المستخدمة في الأسلحة النووية.

ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة لديها متطلبات أكثر صرامة، حيث تلزم الدول التي تريد التعاون معها في المجال النووي بالتوقيع على ما يعرف باتفاقية 123 التي تمنح واشنطن المزيد من السيطرة على كيفية استخدام النظائر المشعة.

ويشجع الاتفاق استخدام الطاقة الذرية دون زيادة خطر استخدام المنشآت المستخدمة لتخصيب أو إعادة معالجة اليورانيوم كوقود المفاعلات لإنتاج البلوتونيوم للأسلحة.

وفي عام 2008، وافقت الولايات المتحدة على إنشاء أول محطة نووية في دولة الإمارات العربية المتحدة مقابل التوقيع على الاتفاقية، لكن من غير المرجح أن تطلب الصين من الرياض الالتزام بمثل هذه المعايير الصارمة، ومن هنا تأتي جاذبية التعاون مع بكين، التي أعلنت عام 2019، أعلنت أنها تستطيع بناء 30 مفاعلًا نوويًا في الخارج من خلال مبادرة "الحزام والطريق" في العقد الحالي.

وفي العام الماضي، تعهد وزير الطاقة السعودي الأمير، عبد العزيز بن سلمان بأن تظل بلاده شريكا موثوقًا للصين، وقال إن التعاون بين البلدين ساعد في الحفاظ على استقرار سوق النفط العالمية. وأضاف أن السعودية والصين تسعيان إلى تعزيز سلاسل إمدادات الطاقة من خلال إنشاء مركز إقليمي في الدولة الخليجية للمصانع الصينية.

النهضة النووية

وفي الوقت الحالي، يعمل 440 مفاعلا نوويا على مستوى العالم، توفر ما يقرب من 10% من الكهرباء على مستوى العالم، وفي الولايات المتحدة، يولد 93 مفاعلا نوويا ما يقرب من 20% من إمدادات الكهرباء في البلاد.

لكن حرب روسيا في أوكرانيا والحاجة إلى أمن الطاقة تفرضان الآن إعادة تنظيم كبيرة لأنظمة الطاقة على نطاق عالمي، حيث تفكر الدول التي كانت تعارض الطاقة النووية بشدة في السابق، مثل ألمانيا واليابان، بجدية في دمج المزيد من المفاعلات النووية في أنظمتها للطاقة.

وإضافة لذلك، فإن التحول العالمي في مجال الطاقة يجري على قدم وساق، وقد أدرك العديد من الخبراء أن العالم يحتاج إلى المزيد من الطاقة النووية لتحقيق الأهداف المناخية.

وهنا يشير كيماني إلى أن العالم يحتاج، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، إلى مضاعفة المعدل السنوي للإضافات إلى القدرات النووية من أجل تحقيق هدف تصفير الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050، مشيرا إلى إمكانية ربط المحطات النووية بمشروعات الطاقة المتجددة لتكون بمثابة طاقة الحمل الأساسية.

وتشهد سياسة الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالطاقة النووية أيضًا عملية إصلاح شاملة، فقد كشفت إدارة الرئيس، جو بايدن، عن اختيار محطة ديابلو كانيون لتوليد الطاقة، الواقعة بالقرب من شاطئ أفيلا، بولاية كاليفورنيا، لتلقي الجولة الأولى من التمويل من برنامج الائتمان النووي المدني (CNC).

ومن المقرر أن يدعم البرنامج الذي تبلغ قيمته 6 مليارات دولار التشغيل المستمر لمنشآت الطاقة النووية الآمنة والموثوقة، وأن يساعد في الحفاظ على الآلاف من وظائف الطاقة النظيفة ذات الأجر الجيد مع تقليل انبعاثات الكربون.

وفي العام الماضي، وجدت دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث أن 35% من البالغين في الولايات المتحدة يقولون إن الحكومة الفيدرالية يجب أن تشجع إنتاج الطاقة النووية؛ فيما يرى 26% أن الحكومة يجب أن تثبطها بينما يقول 37% آخرون أنه لا ينبغي للحكومة الفيدرالية أن تشجعها أو تثبطها.

ويخلص كيماني إلى أن برنامج CNC يمثل علامة واضحة على أن الأزمة الأوكرانية تجبر العديد من البلدان على إعادة التفكير في استراتيجيات الطاقة الخاصة بها.

اقرأ أيضاً

معهد الشرق الأوسط: التعاون في إطلاق برنامج السعودية النووي مصلحة أمريكية

المصدر | أليكس كيماني/أويل برايس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية الصين بكين الطاقة النووية الإمارات الرياض الولایات المتحدة الطاقة النوویة أول محطة

إقرأ أيضاً:

مستشار خامنئي لا يستبعد تغيير إيران لعقيدتها النووية عند وجود تهديد جدي

قال كمال خرازي مستشار المرشد الروحي الإيراني آية الله علي خامنئي، إن بلاده لا تمارس في الوقت الراهن تطوير الأسلحة النووية، لكنها قد تغير عقيدتها إذا تعرض وجودها للتهديد.

وشدد خرازي، الذي يشغل كذلك منصب رئيس المجلس الاستراتيجي الإيراني للعلاقات الدولية، على أنه إذا واجهت إيران تهديدا وجوديا، فسيتعين عليها حتما أن تغير عقيدتها النووية.

إقرأ المزيد ريابكوف: الاتفاق النووي مع إيران يتجه نحو الانهيار الكامل

وأشار كمال خرازي في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمزـ إلى أنه إذا أعاد الغرب فرض العقوبات التي تم رفعها بعد انضمام إيران إلى خطة العمل الشاملة المشتركة وفرض القيود على البرنامج النووي الإيراني، فسيتبع ذلك حتما رد فعل جدي من طهران يتعلق بتغيير الاستراتيجية النووية.

ونوه المستشار بأن طهران لا ترغب في إنشاء أسلحة نووية. وقال "حتى الآن لم نتخذ قرارا بتخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد على 60%. لكننا نحاول توسيع تجربتنا باستخدام وسائل وطرق مختلفة".

يذكر أن الاتفاق حول برنامج إيران النووي بين طهران والسداسية الدولية (روسيا والولايات المتحدة والصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا) تم توقيعه في عام 2015. وفي 2018 أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب عن انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة، وأعلنت إيران عن تخليها عن جزء من التزاماتها بموجب الاتفاق ردا على قرار واشنطن.

ومنذ أبريل 2021 أجرت الدول الست عدة جولات من المشاورات مع إيران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي، لكن المشاورات توقفت منذ نوفمبر 2022.

وأكدت موسكو وبكين وطهران في بيان مشترك صادر في 6 يونيو الجاري أن الاتفاق النووي لا يزال قائما.

المصدر: نوفوستي

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • شي جين بينج: كازاخستان تحتل مكانة خاصة في دبلوماسية الجوار الصينية
  • «الرقابة النووية» تعرض إنجازاتها في بناء قدرات الموارد البشرية
  • “الرقابة النووية” تعرض إنجازاتها في بناء قدرات الموارد البشرية خلال مؤتمر بفيينا
  • إسطنبول (رويترز) – صرح يوسف جيلان المسؤول الكبير في وزارة الطاقة التركية يوم الثلاثاء بأن تركيا تجري محادثات مع الولايات المتحدة بشأن بناء محطات طاقة نووية كبيرة ومفاعلات نمطية صغيرة. وقال جيلان لرويترز في مؤتمر عن محطات الطاقة النووية “الولايات المتحدة ت
  • اختتام المنتدى الدولي الثاني للشباب النووي أوبنينسك NEW 2024
  • روسيا تصنع سفينة دعم تقني لكاسحات الجليد النووية
  • مستشار خامنئي لا يستبعد تغيير إيران لعقيدتها النووية عند وجود تهديد جدي
  • وصول مصيدة قلب المفاعل الخاصة بالوحدة النووية الثالثة إلى ميناء الضبعة
  • حلم مصر النووي يتحقق.. وصول مصيدة قلب المفاعل إلى ميناء الضبعة
  • إسرائيل تنفق 1.1 مليار دولار على الأسلحة النووية في 2023