شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على ما سماه التزام بلاده طويل الأمد تجاه أوكرانيا، وتزامن وصول بلينكن اليوم الأربعاء إلى العاصمة كييف مع سقوط 17 قتيلا في قصف روسي استهدف سوقا بمدينة إستراتيجية قريبة من جبهات القتال شرقي البلاد.

وقال بلينكن خلال لقاء مع نظيره الأوكراني دميترو كوليبا إن واشنطن تريد ضمان أن تكون أوكرانيا قادرة على ردع خصومها على المدى البعيد وليس مجرد النجاح في هجومها المضاد، مؤكدا أنه جاء بطلب من الرئيس جو بايدن للتأكيد على التزام واشنطن بدعم كييف.

وخلال هذه الزيارة التي لم يعلن عنها مسبقا قال بلينكن إن بلاده ستواصل التعاون مع أوكرانيا لمواجهة التحديات التي تعترضها، وإن التزامها تجاه كييف طويل الأمد.

وبشأن الهجوم المضاد الذي تشنه منذ الربيع الماضي، قال بلينكن إن القوات الأوكرانية تحرز تقدما "مشجعا للغاية" في هجومها المضاد لدحر القوات الروسية، على حد قوله.

وخلال استقباله بلينكن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن مكافحة الفساد تشكل تحديا لأوكرانيا ولكنها تحارب هذه الظاهرة وسوف تنتصر عليها.

وقال زيلينسكي مخاطبا بلينكن "ينتظرنا شتاء صعب، لكننا سعداء لأننا لسنا وحدنا خلال هذا الشتاء، سنجتازه سويا مع شركائنا"، مبديا شكره للولايات المتحدة على مساعدتها لبلاده في قطاع الطاقة الذي تعرض العام الماضي لضربات روسية.

مساعدات ضخمة

وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية إنه من المتوقع أن يعلن بلينكن عن حزمة جديدة من المساعدات الأميركية في زمن الحرب تزيد قيمتها على مليار دولار خلال زيارته التي تستغرق يومين.

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) عن مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 175 مليون دولار تتضمن ذخائر يورانيوم منضب وذخائر دفاع جوي.

وخلال رحلته بالقطار إلى كييف أجرى بلينكن أيضا محادثات مع رئيسة الوزراء الدانماركية مته فريدريكسن التي كانت تزور البلاد في اليوم نفسه.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن بلينكن شكر فريدريكسن على تبرعها بمقاتلات "إف-16" لأوكرانيا وقيادتها تحالفا من بعض الدول لتدريب الطيارين الأوكرانيين.

وفي المعسكر المقابل، قال الكرملين إن الدعم الأميركي المقدم لكييف لن يغير نتيجة ما سماها العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا.

وردا على سؤاله عن زيارة بلينكن قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين إن واشنطن تواصل تمويل المجهود الحربي في أوكرانيا "حتى آخر أوكراني".

وأضاف بيسكوف أن المساعدات الأميركية لكييف لن تؤثر على مسار "العملية العسكرية الخاصة" التي تشنها روسيا.

وقدمت الحكومة الأميركية حتى الآن أكثر من 43 مليار دولار في شكل أسلحة ومساعدات عسكرية أخرى لأوكرانيا.

قتلى في قصف روسي

وفي التطورات الميدانية، أعلن زيلينسكي مقتل 17 أوكرانيا في قصف روسي استهدف سوق مدينة كونستانتينوفكا شرقي البلاد.

وبث زيلينسكي عبر حسابه على تليغرام صورا تظهر لحظة سقوط قذيفة على سوق المدينة، مضيفا أن عددا كبيرا من المدنيين أصيبوا في القصف.

وتعد مدينة كونستانتينوفكا منطقة مهمة كونها تقع بين مدينتي باخموت التي تشهد معارك ضارية وكراماتورسك العاصمة المؤقتة لمقاطعة دونيتسك الأوكرانية.

وقبيل ساعات من وصول بلينكن إلى كييف أعلن الجيش الأوكراني إسقاط سبعة صواريخ كروز روسية فوق العاصمة.

وقالت الإدارة العسكرية للعاصمة الأوكرانية عبر تليغرام إن روسيا شنت هجوما صاروخيا على كييف في وقت مبكر من اليوم الأربعاء، في وقت أسقطت فيه أنظمة الدفاع الجوي في البلاد جميع الصواريخ قبل أن تصل إلى أهدافها.

وذكر رئيس الإدارة العسكرية في كييف سيرغي بوبكو عبر تليغرام أنه بحسب المعلومات الأولية لم يحدث أي دمار في كييف ولم تقع خسائر بشرية.

من جهتها، أشارت أجهزة الطوارئ إلى احتراق معدات زراعية، والسيطرة على نيران اندلعت في متجر، وأكدت عدم وقوع قتلى أو جرحى.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الرئيس السريلانكي الجديد وإجراءات التقشف التي فرضها الغرب

ترجمة: بدر بن خميس الظّفـري -

إن سريلانكا تمر بمرحلة تاريخية. ففي مواجهة أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الأعظم وبعد تخلفها عن سداد ديونها الخارجية لأول مرة، شهدت البلاد مؤخرًا احتجاجات غير مسبوقة تطالب بالتغيير. طُرد الرئيس السابق جوتابايا راجاباكسا حرفيًا في عام 2022، حيث اقتحم المتظاهرون مقر إقامته وسبحوا في حمام سباحته. أما الأحزاب السياسية وفروعها التي حكمت البلاد منذ الاستقلال فهي تتفكك الآن. خذ أنورا كومارا ديساناياكي على سبيل المثال، فقد حصل على 3.8٪ فقط من الأصوات خلال الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2019، لكنه في هذا الأسبوع، أدى اليمين الدستورية كرئيس.

ينتمي الرئيس الجديد إلى حزب جاناتا فيموكثي بيرامونا، ويقود ائتلاف يسار الوسط الجديد (NPP). انخرط حزب جبهة الشعب الوطني في انتفاضتين كبيرتين في أوائل السبعينيات وأواخر الثمانينيات، مما أسفر عن خسارة عشرات الآلاف من الأرواح، ارتكبت جبهة الشعب الوطني والدولة أعمال عنف جماعية. لكن الحزب قطع شوطًا طويلاً من مزيج الماركسية اللينينية الثورية والقومية العرقية السنهالية، بعد أن انتقل إلى التيار الرئيسي الوسطي. أعاد الحزب تشكيل قاعدته في الضواحي والبلدات الصغيرة، من جذوره في جنوب البلاد الريفي، بل وحتى استقطب الطبقات المتوسطة، من خلال تناول قضية الفساد. كان فوزه في الانتخابات بسبب الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة في البلاد، حيث انتظر بصبر حتى يتبدل المناخ السياسي.

ولكن انتصاره أتى في وقت غير مناسب، حيث تخضع الدولة المفلسة لتدابير تقشفية صارمة تتوافق مع شروط اتفاق مع صندوق النقد الدولي، المؤسسة المالية التي تتخذ من واشنطن مقراً لها والتي طالما روجت لخفض الرعاية الاجتماعية في البلدان النامية باسم السوق الحرة.

الحكومة السابقة لم تفكر حتى في التفاوض على الشروط مع صندوق النقد الدولي، وكانت على استعداد تام للخضوع أمام القوى العالمية، وأدارت الاقتصاد وفقاً للمعايير والتوصيات التي وضعتها المؤسسات الغربية. وقد أفادت هذه السياسات الاقتصادية النخبة المنتفعة في البلاد، في حين كان العبء الناجم عن ارتفاع ضريبة القيمة المضافة، وتسعير الطاقة في السوق، وخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى النصف، سبباً في تفاقم الأزمة.

لقد أثرت أزمة الديون على العديد من الناس، وتضاعفت تكاليف المعيشة. كما كانت إعادة هيكلة الديون المحلية، التي دفع بها حاملو السندات الدوليون، التي تتألف من صناديق التحوط الضخمة وغيرها من الممولين، ضرورية أيضاً لتلبية تحليل استدامة الديون الذي وضعه صندوق النقد الدولي. وهذا يعني الآن أن صناديق التقاعد للعمال، مثل عمال الملابس وقاطفي الشاي، سوف تفقد نصف قيمتها على مدى السنوات الست عشرة المقبلة. وفي الوقت نفسه، أفلت المستثمرون الأثرياء في القطاع المالي من العقاب، ولم تتأثر استثماراتهم.

إن التحدي الرئيسي الذي يواجه ديساناياكي يتلخص في التوصل إلى اتفاق أفضل مع صندوق النقد الدولي. ومن المرجح أن تتجلى هذه التوترات في الأسابيع والأشهر المقبلة بين الرئيس الجديد الذي يسعى إلى التغيير الاجتماعي، وصندوق النقد الدولي القديم، الذي يظل ملتزماً بمصالح التمويل والأسواق العالمية.

وتتجه سريلانكا إلى إجراء انتخابات برلمانية في غضون سبعة أسابيع، ومن المؤكد أن قوة ديساناياكي في البرلمان، والإجماع الوطني الذي يمكنه الحصول عليه، سوف يحددان قوته التفاوضية مع صندوق النقد الدولي والمدى الذي يمكنه فيه إبقاء النخبة المتنفذة في البلاد تحت السيطرة.

إن أهداف صندوق النقد الدولي تشكل جوهر أي عملية إعادة تفاوض. ووفقاً لهذه الأهداف، يتعين على سريلانكا خفض دينها العام إلى 95% من الناتج المحلي الإجمالي، كما يتعين عليها إنفاق 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً في خدمة الدين الخارجي بمجرد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي. وهذا يعادل 30% من إجمالي الإيرادات الحكومية لخدمة الدين، وهو سيناريو رائع بالنسبة لدائني سريلانكا، وخاصة حاملي السندات الدولية الذين تبلغ ديونهم 12.55 مليار دولار أميركي. ولكن في ظل تخفيف أعباء الديون قليلاً، فإن الواقع هو أن سريلانكا قد تنتهي إلى التخلف عن السداد مرة أخرى.

وفي هذا السياق، تتزايد الضغوط على ديساناياكي لمواصلة مساره مع صندوق النقد الدولي. فمن النخبة في العاصمة كولومبو إلى وسائل الإعلام الغربية، هناك الكثير من الحديث عن أن رجلا ذا خلفية ماركسيّة سابقا لا يستطيع العمل مع صندوق النقد الدولي وإدارة الاقتصاد. وهذه الانتقادات ليست مجرد ملاحظات عابرة، بل هي نوع من أنواع التشكيك الدولي في قدرته على القيادة. ومن المهم أن نشير هنا إلى أنه في حين تبلغ قيمة ما يسمى "خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي" حوالي 60 مليون دولار شهريًا طوال مدة البرنامج، فإن أرباح سريلانكا من النقد الأجنبي (الصادرات وأرباح الخدمات وتحويلات العمال) كل شهر الآن حوالي 30 ضعف هذا المبلغ، أي 1800 مليون دولار. بعبارة أخرى، لن يلتزم الرئيس ببرنامج صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على الأموال، ولكن بسبب الضغوط السياسية الدولية والخوف من العزلة.

هناك دروس يمكن تعلمها من أماكن أخرى هنا لا سيما كينيا. انتُخب رئيسها ويليام روتو في عام 2022، بعد عام من اتفاق صندوق النقد الدولي، وفي النهاية بُسِطَ السجاد الأحمر له في واشنطن لالتزامه بالبرنامج النيوليبرالي. ومع ذلك، في غضون عامين، دُمّرت البلاد بسبب الاحتجاجات الضخمة ضد التقشف والقمع الحكومي. في سريلانكا، كما هو الحال في حوالي 70 دولة نامية حول العالم تعاني من ضائقة الديون، تثار نفس الأسئلة. هل يستمرون في رهن سياساتهم الوطنية لحاملي السندات وصندوق النقد الدولي، أم يبحثون عن سبل بديلة لتمويل التنمية ويتفاوضون على طريقهم للخروج من برامج صندوق النقد الدولي المنهكة؟

سيضطر ديساناياكي إلى السير على حبل مشدود. فبالنسبة لبلد وشعب يمران بأسوأ مرحلة من مراحل السلب والنهب منذ الاستقلال، فإن التضامن الدولي لابد وأن يعني توفير المساحة اللازمة لإعادة بناء البلاد. وإن فشل ديساناياكي في كسب تأييد عامة الناس، فإن القوى المعادية للأجانب وتلك التي تبثّ الفرقة بين أطياف الشعب والتي اجتاحت سريلانكا لعقود من الزمان، سوف تعود من جديد.

• أهلان كاديرجامار هو عالم اقتصاد سياسي ومحاضر أول في جامعة جافنا، سريلانكا.

** عن الجارديان البريطانية

مقالات مشابهة

  • إيران تطلق وابلاً من الصواريخ تجاه إسرائيل
  • بلينكن يؤكد في لقاء مع بوريطة التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن إسرائيل (فيديو)
  • الإمارات تعرب عن قلقها من التطورات التي تجري في لبنان
  • هل تنهي الوساطة الخارجية أزمة البنك المركزي في ليبيا التي أدت إلى خفض إنتاج البلاد من النفط؟
  • إسرائيل تستعد لاجتياح وشيك للبنان وقلق أميركي من تكرار سيناريو غزة
  • برشلونة يخطط لربط لامين يامال بعقد طويل الأمد
  • الشاوش: تعيين محافظ جديد للمصرف ونائب له جاء استجابةً للظروف الخانقة التي تمر بها البلاد
  • الرئيس السريلانكي الجديد وإجراءات التقشف التي فرضها الغرب
  • الرئيس المصري يحذر من اتساع رقعة الصراع في المنطقة
  • كييف تؤكد إسقاط 15 طائرة روسية دون طيار