في غرفة القصيم.. المترادفات والاحتمالات أهم محاذير كتابة العقود
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
سيطر التحذير من "مترادفات اللغة" و"احتمالات المعنى" على الحديث حول أهم وأبرز المحاذير الواجب تجنبها عند صياغة العقود التجارية، أو كتابة اللوائح التنظيمية، والدساتير والتشريعات؛ لأنها مواطن خصبة لعدم الاتفاق، وبيئة نشطة للمنازعات والمطالبات، التي تعيق النجاح للمشاريع والفرص الاستثمارية.
وبحسب الدكتور عمر الخولي، أستاذ القانون الإداري بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، الذي قدم ورشة "القواعد العامة لصياغة عقود التجارة الدولية وأساسيات التحكيم وعقود الامتياز" التي اختتمت مساء أمس، بمقر غرفة القصيم بمدينة بريدة، أن لغة العقود والنصوص المعتمدة في الاتفاقيات يجب أن لا تكون "حمالة أوجه" أو تسير في أسلوب الترادف، ولا بد من العناية بتدقيق العبارات وضبط المصطلحات وترتيبها؛ للتأكد من سلامة المحتوى وكفايته للتعبير عن مقاصد الأطراف، وأن كل منها يعبر عن المراد منه بكل وضوح، بحيث تنتفي احتمالات اللبس أو الغموض أو سوء التفسير أو التعارض مع أي من الأحكام الشرعية أو القانونية.
مشيرًا إلى أن التخصص والتطوير المستمر للقدرات والإلمام بأساليب اللغة والبلاغة من أهم وأبرز الشروط الواجب توافرها؛ حتى نستطيع أن نقول عن تلك العقود بأنها قانونية وضابطة لحقوق الجميع، مع ضرورة التزام المتخصصين في المجال القانوني بالمبادئ الأصولية للصياغة سواء كانت شكلية أو موضوعية حتى لا تخرج عن الغرض الذي أعدت من أجله، أو تقود إلى أي منازعات جانبية.
وفيما يخص الأعمال في محيط التجارة الدولية، أكد الخولي، أن خبرة رجل القانون في مجال الصياغة المحلية سواء كانت عقود أو خلافها لا تكفي لوحدها؛ وذلك عندما يتطلب منه الأمر الجلوس على طاولة المفاوضات لمناقشة وصياغة عقد ذو طابع دولي، حيث أن من يسند إليه صياغة العقود الدولية لابد أن يكون على علم واطلاع ودراية بالإجراءات والقواعد الدولية.
وبيّن مدير الإدارة القانونية في غرفة القصيم، فراس اليحيى، أن غرفة القصيم ومن خلال برنامجها التدريبي والتوعوي في مجال الاقتصاد والتنمية؛ تعمل على استهداف الكفاءات والخبرات المتخصصة بمجالها؛ من أجل نشر ثقافة مهنية وتنموية متينة، تحكمها الضوابط والتنظيمات، وتقودها الإجراءات المعتمدة، لتحقيق المكاسب العليا لجميع الأطراف.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: غرفة القصيم غرفة القصیم
إقرأ أيضاً:
العقود المؤقتة.. بين الحل السريع والاستقرار الوظيفي
رامي بن سالم البوسعيدي
العقود المؤقتة هي نوع من أنواع التوظيف الذي يتم فيه الاتفاق على فترة زمنية محددة للعمل، ولا تشمل الاستمرارية أو التعيين الدائم، وعلى سياق الوظائف المؤقتة التي تعمل عليها وزارة العمل في المؤسسات الحكومية مثل عقود ساهم وعقود ساعات العمل، تهدف هذه المبادرة إلى توفير فرص عمل للمواطنين خاصة الشباب والطلاب والخريجين الجدد.
وقد تكون الفكرة من وراء هذه العقود هي تسريع عملية التوظيف وتوسيع دائرة المشاركين في سوق العمل، إضافة إلى خلق مرونة في توفير الأيدي العاملة للوظائف التي قد لا تتطلب مهارات عالية أو التي لا تتوفر بشكل دائم، وهي قد تبدو إيجابية من منظور اقتصادي، ولكن تطرح هذه العقود تحديات عديدة قد تجعلها غير مناسبة في المدى الطويل، ويمكننا استعراض تجارب عالمية مشابهة وكيفية تأثير العقود المؤقتة على الأسواق المحلية، فضلًا عن ربط ذلك بالواقع العُماني.
العقود المؤقتة ليست فكرة حديثة فقد اتبعت العديد من الدول مثل الولايات المتحدة وكندا والدول الأوروبية هذا النموذج بشكل جزئي أو كلي، وتختلف التجارب العالمية في هذا الشأن، في بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا تُستخدم العقود المؤقتة بشكل متزايد في القطاع العام لمواجهة الأزمات الاقتصادية، أو خلال فترات الانتعاش عندما يحتاج الاقتصاد إلى استثمارات جديدة، ورغم أن هذه العقود توفر بعض المرونة، إلا أن العديد من الخبراء أشاروا إلى سلبياتها، مثل عدم استقرار الوظائف وضعف تأمين حقوق الموظفين، وفي الولايات المتحدة يعتبر العمل المؤقت جزءًا من هيكل سوق العمل، حيث تمثل الوظائف المؤقتة 3-4% من إجمالي الوظائف، لكن هناك العديد من الانتقادات لهذا النظام، أبرزها تدني الأجور وغياب الاستقرار الوظيفي وصعوبة بناء مسار مهني ثابت، كما إن العائلات التي تعتمد على العقود المؤقتة تواجه صعوبة في التخطيط المستقبلي.
هل العقود المؤقتة مناسبة لتركيبة المجتمع العُماني؟
على الرغم من أن العقود المؤقتة قد تقدم حلًا سريعًا في حالات معينة، فإنها تطرح مجموعة من التحديات الخاصة للمجتمع العُماني والتي تجعلها غير متوافقة تمامًا مع طبيعته الاجتماعية والاقتصادية، حيث يتمتع المجتمع العُماني بتركيبة ثقافية واجتماعية تفضل الاستقرار الوظيفي والأمان الوظيفي وتركز على العلاقات الطويلة الأمد وتضع ضغطًاعلى فكرة العقود المؤقتة، وفي مجتمعنا يعد الحصول على وظيفة دائمة لا سيما في القطاع الحكومي حلمًا كبيرًا للكثيرين، وبالتالي قد تؤدي العقود المؤقتة إلى الإحباط الاجتماعي وعدم الرضا بين المواطنين، خاصة عندما يرى الشباب فرص العمل المؤقتة كبديل غير كافٍ للوظائف الدائمة.
من جانب آخر وفي وقت تتزايد فيه تكاليف المعيشة في عُمان المتأثرة بعوامل اقتصادية عالمية ومحلية وتأثر القوة الشرائية، فإن الرواتب المرتبطة بالعقود المؤقتة قد لا تكون كافية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وهذه العقود تفتقر إلى الاستقرار والحقوق الاجتماعية الكافية، وقد تؤدي إلى زيادة في مشاعر عدم الأمان الاقتصادي، وهو ما قد يعكس صورة سلبية عن التوظيف في القطاع الحكومي، ولا ننسى بأن السلطنة تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية، وهو ما يزيد من تحديات تأمين فرص عمل دائمة للمواطنين، على الرغم من أن العقود المؤقتة قد تُستخدم لتقليل معدلات الباحثين عن العمل، إلا أن المنافسة مع العمالة الأجنبية قد تظل عائقًا أمام تحقيق النجاح الكامل لهذه المبادرات.
شخصيًا.. أرى بأنه من المفترض أن تتوجه وزارة العمل بمبادرتها نحو الطلاب والمتدربين، وتقدم هذه الفرص عبر عقود مؤقتة لهذه الفئة؛ وهي خطوة مفيدة لهم على مستوى التوظيف المؤقت، وأن تقدم هذه الفرص للطلاب والخريجين الجدد وليس للباحثين عن عمل الذين يستحقون فرص عمل ثابته، كما إنها لو منحت لفئة الطلاب والمتدربين ستساهم في تنمية مهارات عملية ومعرفة لهم، وستكون أداة للانخراط في سوق العمل بشكل مباشر، ومن الممكن أن يعمل الطلاب المتدربون في الوزارات والمؤسسات الحكومية.
ما سبق يجعلنا نؤمن بأن العقود المؤقتة قد تمثل حلًا مؤقتًا لتوفير وظائف في الوقت الحالي، إلّا أنها لا تناسب تركيبة المجتمع العُماني، وتفتقر إلى الاستقرار المالي والاجتماعي الذي يحتاجه المواطن، وهو ما يجعلها غير ملائمة في المدى الطويل، لذلك يجب أن تكون السياسات المستقبلية أكثر تركيزًا على توفير فرص عمل دائمة ومستدامة، تعزز من استقرار الشباب العُماني في سوق العمل وتؤمن لهم فرصًا حقيقية للنمو والتطور المهني.