لجريدة عمان:
2025-04-30@15:53:23 GMT

أوروبا تتجه نحو متاعب اقتصادية

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

صيف أوروبا هذا العام كان مزيجا غريبا من الأمطار الغزيرة وحرائق الغابات، اقتصاد القارة أيضا ابتُلي بأوضاع متطرفة. فالتضخم ظل محتدما. إذ ارتفعت الأسعار بنسبة 5.3% في شهر أغسطس مقارنة بمستواها قبل عام.

ويزداد قلق المسؤولين من المستقبل الضبابي للنمو. فالهبوط الذي حدث مؤخرا في مؤشر مديري المشتريات يشير إلى أن الكتلة الأوروبية تواجه انكماشا اقتصاديا.

قبل انعقاد الاجتماع القادم للبنك المركزي الأوروبي في 14 سبتمبر الحالي سينتاب واضعي السياسات القلق من احتمال ظهور التضخم الركودي (وهو الوضع الذي يقترن فيه النمو المنخفض برسوخ التضخم).

ومؤخرا جددت كريستيان لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي تعهدها بخفض معدل التضخم وتحديد أسعار الفائدة «عند مستويات تقييدية كافية طالما ظل ذلك ضروريا لتحقيق عودة التضخم في إطار زمني معقول إلى المعدل الذي نستهدفه في الأجل المتوسط وهو 2%،» حسبما ذكرت.

بعبارة واضحة البنك المركزي الأوروبي سيفضل كثيرا هبوطا خشنا ومُؤلِما للاقتصاد على الفشل في خفض ارتفاعات الأسعار. (حسب موسوعة انفستوبيديا الهبوط الخشن تعبير مستعار من عالم الطيران ويُقصَد به إحداث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي بعد فترة نمو سريع من خلال تطبيق سياسة نقدية تستهدف كبح التضخم وقد تترتب عنه توترات وأضرار بل ربما يقود حتى إلى انكماش - المترجم).

المشكلة هي أن البنك بتفضيله الهبوط الخشن يخاطر بتحطيم الطائرة (تدمير الاقتصاد). فالتضخم في منطقة اليورو يصعب القضاء عليه كما هي الحال أيضا مع نسخته الأمريكية.

في أوروبا ارتفاع الأسعار أطلقته الزيادات التي شهدتها تكاليف الوقود. أما في الولايات المتحدة فهو مدفوع أكثر بازدياد الطلب على السلع والخدمات. لكن في كل من أوروبا والولايات المتحدة اتبع التضخم المسار نفسه تقريبا مع تأخره زمنيا بقدر طفيف في أوروبا.

في الوقت الحالي السؤال هو: هل سيتراجع التضخم الأساسي الذي يستبعد أسعار الطاقة والوقود «المتقلِّبة»؟ لقد ظل حتى الآن متشبثا بارتفاعه.

هذا يعود في جزء منه إلى أن أوروبا مثلها في ذلك مثل أمريكا تمكنت حتى الآن من تجنب الانكماش. ففي نهاية العام الماضي عندما توقع العديدون تراجعا أوروبيا لم يكن تشديد السياسة النقدية قد أثَّر بعد على الاقتصاد. وقدمت الحكومات الوطنية مساعدات اقتصادية سخية لتحييد صدمة الطاقة. وكشف قطاع الخدمات عن مستوى معقول من النمو فيما ظلت سجلات الطلبات الصناعية مملوءة (بالطلبات) بفضل ازدهار ما بعد جائحة كوفيد-19.

مشاعر الكآبة الآن تنتشر حول القارة. فالاقتصاد العالمي يضعف، وسجلات الطلبات الصناعية بها عدد كبير من الصفحات الفارغة. والدعم الحكومي للعائلات أيضا يقل أو ينفد. ولا تزال أسعار شراء الوقود بالتجزئة أعلى من مستواها قبل أزمة العام الماضي. فالدخول الحقيقية لم تتعاف بعد. والنشاط في قطاع الخدمات شهد انكماشا في أغسطس، بحسب مؤشر مديري المشتريات. فالقطاع في أضعف أوضاعه خلال عامين ونصف العام.

كما بدأت أسعار الفائدة المرتفعة في التأثير على الاقتصاد الأوروبي وذلك على النحو الذي سعى إليه واستهدفه واضعو السياسات (النقدية) بالبنك المركزي الأوروبي. وقطاع الإنشاءات الحساس تقليديا لأسعار الفائدة يعاني من ارتفاعها. ويقود التضييق في الإقراض المصرفي إلى انخفاض بنسبة 0.4% في نمو الناتج المحلي الإجمالي في كل ربع سنة (ثلاثة أشهر)، بحسب بنك جولدمان ساكس.

كما ارتفع معدل الإفلاس بأكثر من 8% في الربع الثاني من العام مقارنة بالربع الأول وبلغ أعلى مستوى له منذ عام 2015. ويتوقع أوليفر راكاو المسؤول بشركة أوكسفورد إيكونوميكس الاستشارية وصول أثر سياسة التشديد النقدي (رفع أسعار الفائدة) إلى ذروته في النصف الثاني من هذا العام.

وهكذا أصبح الهبوط الخشن مؤكدا تقريبا. لكن عودة التضخم إلى معدل 2% الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي تظل بعيدة بعض الشيء عن التحقق.

هنالك قوتان تدفعان الأسعار في اتجاهين مختلفين. إحداهما الوضع في سوق العمل. فالبطالة لا تزال في انخفاض قياسي. وعلى الرغم من أن الشركات توظف عددا أقل من العاملين ليس هنالك خطر وشيك باستغناء جماعي عن الأيدي العاملة. أحد أسباب ذلك أن رؤساء الشركات يرغبون في التمسك بالعاملين الذين تقل أعدادهم باطراد في أوروبا التي تعاني من شيخوخة سكانها. نتيجة لذلك تشهد الأجور ارتفاعا في أرجاء الكتلة الأوروبية حتى إذا لم تكن كافية للتعويض عن الارتفاع السابق في مستوى التضخم.

القوة الثانية والتي تدفع بالتضخم نحو الهبوط هي ضعف الطلب على السلع والخدمات. في أثناء جائحة كوفيد بدأ ارتفاع الأسعار قبل نمو الأجور. وهذا ما أدى إلى ارتفاع حاد لأرباح الشركات إلى جانب التضخم. وإذا وجدت الشركات الآن أن ذلك الطلب ينحسر من الممكن أن يهبط التضخم في نفس الوقت الذي يظل فيه نمو الأجور مرتفعا مما سيقود إلى انخفاض الأرباح.

واقع الحال أن الأسعار في أسواق الجملة للسلع تهبط بوتيرة متسارعة. وأسعار الواردات تتراجع أيضا. وفي لحظة ما، سيتم تمرير هذه الأسعار المنخفضة إلى المستهلكين.

أي هاتين القوتين ستكون لها الغلبة؟ في الوقت الحاضر يبدو كأنما الإجابة ستكون ضَعفَ الطلب بما أنه زحف أيضا إلى قطاع الخدمات.

هذا يشير إلى أن التضخم في منطقة اليورو ربما يهبط في وقت قريب نسبيا. لكن يظهر أن البنك المركزي الأوروبي غير مقتنع ويبدو على استعداد لرفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 4.5% من 4.25%.

لكن سيكون واضعو السياسة بالبنك أفضل حالا إذا حافظوا على سياساتهم النقدية (معدلات الفائدة) الحالية حتى يتمكنوا من تقييم مخاطر احتمال حدوث انهيار مالي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البنک المرکزی الأوروبی أسعار الفائدة التضخم فی

إقرأ أيضاً:

تركيا.. خط الفقر يتجاوز 26 ألف ليرة

أنقرة (زمان التركية) – حدد اتحاد نقابات موظفي القطاع العام في تركيا (Birleşik Kamu-İş) خط الفقر لعائلة مكونة من أربعة أفراد بما يتجاوز 26 ألف ليرة تركية في أبريل/نيسان 2025، بينما بلغ خط الفقر المدقع 79 ألفًا و413 ليرة.

وأظهرت دراسة أجراها مركز كامو-أر (KAMU-AR) التابع للاتحاد ارتفاعًا كبيرًا في النفقات الأساسية التي تحتاجها عائلة من أربعة أفراد للعيش بصحة وتوازن، وذلك بسبب تأثير التضخم. ووفقًا للبيانات، ارتفع خط الفقر في شهر واحد بمقدار 452 ليرة ليصل إلى 26 ألفًا و178 ليرة، بينما زاد خط الفقر المدقع بمقدار 1182 ليرة ليبلغ 79 ألفًا و413 ليرة.

وأشار التقرير إلى أن التضخم النقدي المرتفع لم يؤثر فقط على أسعار المواد الغذائية، بل تسبب أيضًا في زيادات كبيرة في أسعار العديد من الاحتياجات الأساسية، بما في ذلك السكن والنقل. وخلال العام الماضي، سجل خط الفقر زيادة قدرها 6288 ليرة، بينما ارتفع خط الفقر المدقع بمقدار 21208 ليرة.

الأجور الدنيا أقل من خط الفقر

وفقًا لبيانات كامو-أر، فإن الحد الأدنى للأجور لعام 2025 البالغ 22104 ليرة تركية أصبح أقل من خط الفقر بأكثر من 4074 ليرة اعتبارًا من أبريل/نيسان. وهذا يعني أن الحد الأدنى للأجور لا يكفي إلا لتغطية احتياجات الأسرة من الغذاء لمدة 25 يومًا فقط. وحتى إذا كان شخصان في الأسرة يعملان بأجرٍ أدنى، فإن إجمالي الدخل لا يصل إلى خط الفقر المدقع.

من ناحية أخرى، وجد التقرير أن أقل معاش تقاعدي محدد لهذا العام وهو 14469 ليرة، لا يكفي إلا لتغطية نفقات الغذاء لمدة 16 يومًا فقط.

يأتي هذا التقرير في ظل استمرار ارتفاع الأسعار في تركيا، مما يزيد من الضغوط المعيشية على الأسر ذات الدخل المحدود، ويثير تساؤلات حول كفاية السياسات الحكومية لمواجهة التضخم وتدعيم القوة الشرائية للمواطنين.

 

Tags: تركياتضخمجوعحد الجوعحد الفقرفقر

مقالات مشابهة

  • الحكومة: رادار الأسعار يتيح للمستهلك الإبلاغ عن نقص السلع أو ارتفاع أسعارها
  • البنك المركزي يسحب فائض سيولة بقيمة 740.85 مليار جنيه
  • تركيا.. خط الفقر يتجاوز 26 ألف ليرة
  • تحليل لـCNN: كيف دمر ترامب قوة اقتصادية عظمى في 100 يوم؟
  • مسؤول في البنك المركزي الأوروبي يوضح مصير سعر الفائدة
  • بعد تخفيض الفائدة| الاستثمار في الشهادات البنكية اكثر أمانا من الذهب.. خبير يوضح
  • بعد قرار المركزي.. بنك البركة مصر يخفض أسعار الفائدة على حسابات التوفير
  • اعتقال عمدة إسطنبول يجبر المركزي على بيع 49.5 مليار دولار
  • بقيمة 950 مليون دولار.. البنك المركزي يعقد عطاء أذون خزانة دولاري اليوم
  • موعد الاجتماع المقبل للبنك المركزي 2025 لتحديد سعر الفائدة