لجريدة عمان:
2024-11-23@14:28:08 GMT

أوروبا تتجه نحو متاعب اقتصادية

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

صيف أوروبا هذا العام كان مزيجا غريبا من الأمطار الغزيرة وحرائق الغابات، اقتصاد القارة أيضا ابتُلي بأوضاع متطرفة. فالتضخم ظل محتدما. إذ ارتفعت الأسعار بنسبة 5.3% في شهر أغسطس مقارنة بمستواها قبل عام.

ويزداد قلق المسؤولين من المستقبل الضبابي للنمو. فالهبوط الذي حدث مؤخرا في مؤشر مديري المشتريات يشير إلى أن الكتلة الأوروبية تواجه انكماشا اقتصاديا.

قبل انعقاد الاجتماع القادم للبنك المركزي الأوروبي في 14 سبتمبر الحالي سينتاب واضعي السياسات القلق من احتمال ظهور التضخم الركودي (وهو الوضع الذي يقترن فيه النمو المنخفض برسوخ التضخم).

ومؤخرا جددت كريستيان لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي تعهدها بخفض معدل التضخم وتحديد أسعار الفائدة «عند مستويات تقييدية كافية طالما ظل ذلك ضروريا لتحقيق عودة التضخم في إطار زمني معقول إلى المعدل الذي نستهدفه في الأجل المتوسط وهو 2%،» حسبما ذكرت.

بعبارة واضحة البنك المركزي الأوروبي سيفضل كثيرا هبوطا خشنا ومُؤلِما للاقتصاد على الفشل في خفض ارتفاعات الأسعار. (حسب موسوعة انفستوبيديا الهبوط الخشن تعبير مستعار من عالم الطيران ويُقصَد به إحداث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي بعد فترة نمو سريع من خلال تطبيق سياسة نقدية تستهدف كبح التضخم وقد تترتب عنه توترات وأضرار بل ربما يقود حتى إلى انكماش - المترجم).

المشكلة هي أن البنك بتفضيله الهبوط الخشن يخاطر بتحطيم الطائرة (تدمير الاقتصاد). فالتضخم في منطقة اليورو يصعب القضاء عليه كما هي الحال أيضا مع نسخته الأمريكية.

في أوروبا ارتفاع الأسعار أطلقته الزيادات التي شهدتها تكاليف الوقود. أما في الولايات المتحدة فهو مدفوع أكثر بازدياد الطلب على السلع والخدمات. لكن في كل من أوروبا والولايات المتحدة اتبع التضخم المسار نفسه تقريبا مع تأخره زمنيا بقدر طفيف في أوروبا.

في الوقت الحالي السؤال هو: هل سيتراجع التضخم الأساسي الذي يستبعد أسعار الطاقة والوقود «المتقلِّبة»؟ لقد ظل حتى الآن متشبثا بارتفاعه.

هذا يعود في جزء منه إلى أن أوروبا مثلها في ذلك مثل أمريكا تمكنت حتى الآن من تجنب الانكماش. ففي نهاية العام الماضي عندما توقع العديدون تراجعا أوروبيا لم يكن تشديد السياسة النقدية قد أثَّر بعد على الاقتصاد. وقدمت الحكومات الوطنية مساعدات اقتصادية سخية لتحييد صدمة الطاقة. وكشف قطاع الخدمات عن مستوى معقول من النمو فيما ظلت سجلات الطلبات الصناعية مملوءة (بالطلبات) بفضل ازدهار ما بعد جائحة كوفيد-19.

مشاعر الكآبة الآن تنتشر حول القارة. فالاقتصاد العالمي يضعف، وسجلات الطلبات الصناعية بها عدد كبير من الصفحات الفارغة. والدعم الحكومي للعائلات أيضا يقل أو ينفد. ولا تزال أسعار شراء الوقود بالتجزئة أعلى من مستواها قبل أزمة العام الماضي. فالدخول الحقيقية لم تتعاف بعد. والنشاط في قطاع الخدمات شهد انكماشا في أغسطس، بحسب مؤشر مديري المشتريات. فالقطاع في أضعف أوضاعه خلال عامين ونصف العام.

كما بدأت أسعار الفائدة المرتفعة في التأثير على الاقتصاد الأوروبي وذلك على النحو الذي سعى إليه واستهدفه واضعو السياسات (النقدية) بالبنك المركزي الأوروبي. وقطاع الإنشاءات الحساس تقليديا لأسعار الفائدة يعاني من ارتفاعها. ويقود التضييق في الإقراض المصرفي إلى انخفاض بنسبة 0.4% في نمو الناتج المحلي الإجمالي في كل ربع سنة (ثلاثة أشهر)، بحسب بنك جولدمان ساكس.

كما ارتفع معدل الإفلاس بأكثر من 8% في الربع الثاني من العام مقارنة بالربع الأول وبلغ أعلى مستوى له منذ عام 2015. ويتوقع أوليفر راكاو المسؤول بشركة أوكسفورد إيكونوميكس الاستشارية وصول أثر سياسة التشديد النقدي (رفع أسعار الفائدة) إلى ذروته في النصف الثاني من هذا العام.

وهكذا أصبح الهبوط الخشن مؤكدا تقريبا. لكن عودة التضخم إلى معدل 2% الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي تظل بعيدة بعض الشيء عن التحقق.

هنالك قوتان تدفعان الأسعار في اتجاهين مختلفين. إحداهما الوضع في سوق العمل. فالبطالة لا تزال في انخفاض قياسي. وعلى الرغم من أن الشركات توظف عددا أقل من العاملين ليس هنالك خطر وشيك باستغناء جماعي عن الأيدي العاملة. أحد أسباب ذلك أن رؤساء الشركات يرغبون في التمسك بالعاملين الذين تقل أعدادهم باطراد في أوروبا التي تعاني من شيخوخة سكانها. نتيجة لذلك تشهد الأجور ارتفاعا في أرجاء الكتلة الأوروبية حتى إذا لم تكن كافية للتعويض عن الارتفاع السابق في مستوى التضخم.

القوة الثانية والتي تدفع بالتضخم نحو الهبوط هي ضعف الطلب على السلع والخدمات. في أثناء جائحة كوفيد بدأ ارتفاع الأسعار قبل نمو الأجور. وهذا ما أدى إلى ارتفاع حاد لأرباح الشركات إلى جانب التضخم. وإذا وجدت الشركات الآن أن ذلك الطلب ينحسر من الممكن أن يهبط التضخم في نفس الوقت الذي يظل فيه نمو الأجور مرتفعا مما سيقود إلى انخفاض الأرباح.

واقع الحال أن الأسعار في أسواق الجملة للسلع تهبط بوتيرة متسارعة. وأسعار الواردات تتراجع أيضا. وفي لحظة ما، سيتم تمرير هذه الأسعار المنخفضة إلى المستهلكين.

أي هاتين القوتين ستكون لها الغلبة؟ في الوقت الحاضر يبدو كأنما الإجابة ستكون ضَعفَ الطلب بما أنه زحف أيضا إلى قطاع الخدمات.

هذا يشير إلى أن التضخم في منطقة اليورو ربما يهبط في وقت قريب نسبيا. لكن يظهر أن البنك المركزي الأوروبي غير مقتنع ويبدو على استعداد لرفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 4.5% من 4.25%.

لكن سيكون واضعو السياسة بالبنك أفضل حالا إذا حافظوا على سياساتهم النقدية (معدلات الفائدة) الحالية حتى يتمكنوا من تقييم مخاطر احتمال حدوث انهيار مالي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البنک المرکزی الأوروبی أسعار الفائدة التضخم فی

إقرأ أيضاً:

البنك المركزي التركي يقرر مجددا إبقاء سعر الفائدة عند 50 بالمئة

قرر البنك المركزي التركي، الخميس، الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة عند 50 بالمئة مثلما كان متوقعا، وذلك في ظل اتباع الحكومة التركية سياسة التشديد النقدي من أجل مكافحة معدلات التضخم المرتفعة.

وشدد البنك المركزي، في بيان، بعد اجتماع لجنة السياسات النقدية، على أنه "سيظل في حالة يقظة شديدة لمخاطر التضخم قبل دورة التيسير النقدي المتوقعة في الشهور المقبلة".

وأضاف "سنحدد مستوى سعر الفائدة بطريقة تضمن التشديد النقدي الذي يتطلبه المسار المتوقع لخفض التضخم مع الأخذ في الاعتبار التضخم المحقق والمتوقع".


وارتفعت الليرة قليلا إلى 34.5250 مقابل الدولار بعد إعلان البنك، لكنها ظلت منخفضة خلال اليوم.

وبذلك، يكون البنك المركزي حافظ على سعر الفائدة دون تغيير عند 50 بالمئة للشهر الثامن على التوالي، وذلك بعدما قرر رفعه 500 نقطة أساس في آذار /مارس الماضي.

وفي أيلول /سبتمبر الماضي، كشفت الحكومة التركية، النقاب عن برنامج اقتصادي متوسط المدى من المقرر أن يجري تنفيذه خلال الفترة  2025- 2027، بهدف خفض نسب التضخم إلى فئة الآحاد وتعزيز النمو الاقتصادي وتقليل معدلات البطالة وزيادة الاستثمار القائم على الإنتاجية والتوظيف والإنتاج.


يأتي ذلك ضمن خطة اقتصادية يقودها بشكل أساسي فريق اقتصادي، مكون من وزير المالية محمد شيمشك، ونائب الرئيس جودت يلماز، ورئيس البنك المركزي فاتح قرة خان.

وتمثل برنامج الفريق الاقتصادي الجديد الذي شكله الرئيس رجب طيب أردوغان بعد إعادة انتخابه في أيار/ مايو 2023، في التخلي عن السياسة غير التقليدية بالإبقاء على الفائدة منخفضة لصالح إطلاق العنان لنهج تشديد السياسة النقدية، الأمر الذي تلاه على مدى الشهور اللاحقة رفع سعر الفائدة الرئيسي على دفعات متتالية من 8.5 بالمئة إلى 50 بالمئة.

مقالات مشابهة

  • "المركزي" التركي يثبت سعر الفائدة عند 50%
  • «المركزي» يكشف أسباب تثبيت أسعار الفائدة البنكية
  • نص بيان البنك المركزي.. تثبيت أسعار الفائدة و توقعات التضخم
  • في خطوة تتماشى مع التوقعات.. المركزي المصري يثبت الفائدة
  • «المركزي» يقرر الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير
  • البنك المركزي الرواندي يبقي على سعر الفائدة الرئيسي عند 6.5٪
  • المركزي التركي يقرر إبقاء سعر الفائدة عند 50 بالمئة
  • البنك المركزي التركي يقرر مجددا إبقاء سعر الفائدة عند 50 بالمئة
  • البنك المركزي المصري يتجه لتثبيت أسعار الفائدة
  • عاجل - البنك المركزي يثبت أسعار الفائدة.. توقعات الخبراء تحسم الأمر وننتظر القرار الرسمي (تفاصيل)