لجريدة عمان:
2024-10-03@09:36:55 GMT

هوامش ومتون :خفّفوا الوطء.. الشاعر نائم

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

هناك ظاهرة مؤسفة، بدأت تستفحل في حياتنا الثقافية، وتنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا تمتّ للإنسانية بصلة، وليست من المروءة، ولا من أخلاقنا، ولا من قيمنا، فما أن يرحل شاعر، أو أديب، أو فنّان حتّى تصوّب سهام الكراهيّة نحو جثّته، فتُنتهك حرمة الميّت، التي استنبطها الإنسان من حكمة الغراب حين قضت بمواراة سوءة أخيه الإنسان، والسؤال الذي يقفز أمامي الآن هو: لماذا لم تُوجّه تلك السهام للذين ينتقدونهم في حياتهم، لإعطائهم فرصة الدفاع عن أنفسهم؟ فالطعن في الميّت ليس بطولة.

ذات يوم كلّمتني الشاعرة السوريّة لينا الطيبي هاتفيّا من لندن، أيّام رئاستها للقسم الثقافي في جريدة (الزمان)، وكانت تعدّ ملفا حول شاعر كبير توفّي ذلك اليوم، مستغربة ردود أفعال زملائه من الشعراء، والنقّاد، الذين تواصلت معهم لاستكتابهم والمشاركة في الملف التأبيني الذي تعمل عليه، فالكثيرون منهم تكلّموا بالسوء، وانتقصوا منه، في الوقت الذي كانوا يكيلون له المدائح ولا يتجرؤون على قول كلمة ينتقدونه بها في حياته، فكشفوا عن جانب مظلم من حياتنا الثقافيّة، هذا الجانب عزّزته مواقع التواصل الاجتماعي، وألقت عليه أضواء كاشفة.

وضمن هذا السياق يمكننا إدراج الكتابات الانفعالية التي نُشرتْ عقب وفاة الشاعر الكبير كريم العراقي، رحمه الله، قبل أن يبرد جسده، ويوارى في التراب، تلك الكتابات المسيئة، تنعته بالتكسّب من الشعر، وتمجيد الحكّام لهذا الغرض، وهو الذي عاش فقيرا، ومات فقيرا، وغنّى طوال حياته للإنسان، وأحلامه مسجّلا انحيازه للفقراء، والمستلبين، وبعض تلك المنشورات قلّلت من أهمّيّته كشاعر، وإنكار منجزه، حتى بلغ الأمر بأحدهم أن يطلق استفهاما استنكاريا: هل كريم العراقي شاعر؟ فإذا لم يكن كريم العراقي شاعرا، فمن الشاعر بنظر هؤلاء؟ وهو الذي شهد له القاصي والداني، وردّد كلمات أغانيه الملايين، خصوصا التي غنّاها رفيق دربه المطرب كاظم الساهر، ويكفيه فخرا أن الشاعر نزار قبّاني بعث له رسالة اختتمها بقوله «ابق مزروعا يا كريم على شفتي كاظم الساهر.. واكتب لنا دائما أحاسيسنا، وأحلامنا بأسلوبك الطفولي الجميل».

لقد رمى أصحاب هذه الكتابات عرض الحائط، عشرات الأغاني والقصائد التي ردّدها العشّاق في لياليهم الطويلة، والحالمون في نهاراتهم المشرقة، والبسطاء وهم يتوجّهون لأعمالهم، كلّ ذلك نسوه، وتوقّفوا عند أبيات بها كسورات عروضيّة، تلك الكسورات لم تقف حائلا بين النصوص، والجمهور الواسع، ولم تكسر العلاقة المتينة معه، والشاعر لا ينكر هذا، كونه يكتب على السليقة، وفي مقتبل حياته اشتهر باعتباره شاعرا يكتب بالعامية، حاله حال الشاعر مظفّر النواب، الذي كتب بالفصحى قصائد تفعيلة، بينما العراقي، حين انتقل من الكتابة بالمحكيّة العراقية، إلى العربية الفصحى، كتب القصيدة ذات الشطرين، وهذه تحتاج دربة طويلة، تبدأ منذ النشأة الأولى، وكان، رحمه الله، يسعى بكلّ ما يستطيع إلى تجاوز ذلك، وكثيرا ما يتّصل بي ليتأكّد من صحّة إيقاع، أو تفعيلة، أشكلت عليه، خلال الكتابة، ويحرص على سماع آراء الجميع، وتعديل الخلل، آخذا برأي الصغير والكبير، يروي الشاعر حاتم عباس بصيلة في منشور له، أنه عندما كان طالبا في كلية الفنون الجميلة أسند الدكتور حسين الأنصاري له تمثيل شخصيّة في مسرحيّة شعرية للعراقي، وحين راجع المتحدّث دوره في المسرحية لاحظ وجود خلل عروضي، فنقل ملاحظته لأستاذه الأنصاري الذي قال له: لابدّ من الرجوع للشاعر، فنقل الملاحظة للعراقي فقال له: «كلام الطالب صحيح» وقام بتعديل النص، ويعلّق الشاعر حاتم عباس على ذلك» تعجّبت من خلقه الكريم ومن تواضعه وأنا طالب في ريعان الروح الجامعية».

وهناك من انتقد الشاعر الراحل لأنه لم يحضر حفل افتتاح (خليجي 25)، وكيف يحضر وقد تلقى الدعوة وهو على سرير المرض، الذي نهش جسده، وتركه طريح الفراش؟ فاعتذر مثلما اعتذر عن تلبية العديد من الدعوات، والبعض تحدّث عن أغان كتبها خدمت الماكنة الإعلامية في مرحلة كان الشاعر جنديّا في معركة، وهنا لا أبرّر، ولكن أتكلّم بواقعية عن مرحلة عشت تفاصيلها، وهذا الأمر، وسواه، نتركه لحاكم عادل يفصل فيه، ويردّ على كلّ من يبخس الناس أشياءهم، وأعني بالحاكم العادل، الزمن، فهو كفيل بغربلة كلّ شيء في حياتنا «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض»، فخفّفوا الوطء، دعوا روح الشاعر تنام بسلام ترحّموا على روحه، فالشاعر كريم أصبح بين يدي ربّ كريم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

لصوص نزلة كعابيش.. سرقوا أموال «الصعيدي» وأنهوا حياته بطعنة غادرة

داخل إحدى قاعات الأفراح على كورنيش نيل الوراق، كان اللقاء الأخير الذي جمع «عبده الصعيدي» صاحب الثمانٍ والعشرين عامًا، وأصدقائه والأحباب، في عقيقة مولودته «جنة» قبل مقتله بشكل مأساوي على يد 7 لصوص في نزلة كعابيش في حي فيصل بالجيزة، حال عودته مع نجل عمه من العقيقة.

قبل ثلاث أيام، طبع «عبده الصعيدي»، صاحب مكتب تجارة الملابس في وسط البلد، كروت دعاية عقيقة مولودته «جنة» ووزعها على الأصحاب والأحباب، ولم يرغب في إقامه العقيقة أمام منزله بينما فضل عقدها في قاعة أفراح.

يقول أحمد الصعيدي، ابن عم الضحية، في حديثه لـ «الأسبوع»: «عملناها بره الحتة عشان في ناس غريبة جاي تحضر.. والأهالي محدش يتضايق مننا».

في منتصف الليل انتهى الحفل وانصرف جميع الناس، لكن «قعدة الصحاب» لم تنتهي حتى مطلع الفجر، حيث عاون «أحمد الصعيدي»، ابن عمه «أبو جنة» في جمع ما تبقى من عزومة العقيقة بعدما ودع أبناء مهنته (تجار الملابس).

قصد «عبده الصعيدي»، طريق دائري الهرم، حيث مسكنه وابن عمه أحمد الصعيدي، في المريوطية، بينما في نزلة كعابيش وقبل أن يصلا منطقتهما تربص بهما 7 لصوص يستقلون دراجتين من أجل سرق أموال العقيقة.

ويوضح أحمد الصعيدي لـ«الأسبوع»، كيف حدثت الجريمة، قائلًا: «في واحد كان شيفنا وإحنا بنعد الفلوس اللي لمها من العقيقة عشان يدفع أجرة القاعة».

المجني عليه عبده

«عبده»، ونجل عمه «أحمد»، لم يكتب لهما النجاة من فخ اللصوص: «لقينا واحد جاي وفتح باب العربية»، حاول «أبو جنة» الإفلات منه لكنه باغت «أحمد» بوابل من ضربات سلاح أبيض «ضربني على راسي بالسنجة وأنا جريت».

يشير «أحمد»، إلى أن اللصوص لاحقوهما في طريق ضيق قبل سكنهما في المريوطية، قائلًا: «عبده نزل بشنطة الفلوس وجري في الشارع عشان يستخبي في أي بيت»، لكن أحدهما باغته بطعن نافذة في الصدر بعدما سرق الأموال التي جمعها في عقيقة ابنته «جنة»، واتصلت بأهلي عشان يجيوا يلحقونا وكان دمي بيتصفي ووقتها كان عبده خلاص في النفس الأخير ورحت بيه على القصر العيني وكان مات.

وتمكنت أجهزة الأمن بمديرية أمن الجيزة، بعد ليلتين من وقوع الجريمة في إلقاء القبض على اللصوص السبعة المتورطين في قتل «عبده الصعيدي» والشروع في قتل ابن عمه «أحمد الصعيدي»، وأمام جهات التحقيق اعترفوا المتهمين بارتكابهم الواقعة إذ ارشدوا عن متحصلات السرقة.

وقرر قاضي المعارضات تجديد حبس المتهمين السبعة 15 يومًا على ذمة التحقيقات، على خلفية اتهامهم بقتل تاجر ملابس بعد سرقته والشروع في قتل ابن عمه.

اقرأ أيضاً«100 مليون حصيلة أرباح».. سقوط تاجر عملة في قبضة «أمن القاهرة»

تحت ستار مشروعات عقارية وسيارات.. 41 مليون جنيه حصيلة غسل أموال تاجر سلاح

مقالات مشابهة

  • البيضاء: ضغوط نفسية تدفع شابا إلى إنهاء حياته
  • أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء مبرمج كمبيوتر حياته قفزًا من علو في العجوزة
  • شاب ينهي حياته بسبب فشل بالدراسة جنوبي العراق
  • لصوص نزلة كعابيش.. سرقوا أموال «الصعيدي» وأنهوا حياته بطعنة غادرة
  • حفظ التحقيقات فى واقعة إنهاء مشرف أمن حياته بأوسيم
  • خالد الصاوي يكشف عن صعوبات واجهها في حياته: «دخلي كان ألف جنيه وعلاجي بـ4 آلاف»
  • كريم درويش رئيسا للجنة العلاقات الخارجية
  • جوني ديب يحوّل حياته إلى معرض فني في نيويورك
  • الشاعر المفكر الذي غادرعلى أجنحة الهوية
  • والدته وابنه سبب عودته للفن.. أحمد عزمي يكشف أسراراً عن حياته