جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-26@09:40:34 GMT

فلسفة الأبديّة!

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

فلسفة الأبديّة!

 

فاطمة الحارثية

 

إن خرجت عن الدائرة التي أحطَّ نفسك بها، ثم تأملت كل شيء من حولك، وبعدها تأملت قيمتك الحقيقية، كذات ونفس ووجود، دون رأي مرتجى من آخر، فقط قيم نفسك بصدق، فهل ما تفعله لنفسك سواء العلم الذي تتزود به، أو الطعام الذي تستقوي به، أو العلاقات التي تعيش عليها وبها، تقودك إلى السلام؟ جميعنا يبحث عن الفهم والحلول وحتى الابتكار، لكن في الغالب أسباب البحث الحقيقة مُبطنة، ونختار ألا نراها، أو نفسرها بطريقتنا.

فمثلا أنا أعلم أنني أبحث عن الفهم، لازداد استسلامًا ويقينًا بقضاء الله وحكمه، وأعلم أنني أبحث عن الحلول، لأقول لربي يوم الحشر إنني حاولت وسعيت، رغم جهلي بما سوف يأتي أثناء وبعد تطبيق الحلول، ومن نفس الباب تفسيري لكثير من الأمور، وإقدامي أو إحجامي لها أسباب قد لا تتفق معها أو حتى تدرك بُعدها، ولست وحيدة في هذا، لكن يبقى الغرض عند الكثير منَّا مختلفا، كباحث ومفسر لإشباع الغرائز أو الشهوات، أكانت سلطة أو طرق لنيل مراد، أو طموح، وليس ثمة خطأ في ذلك.

في الحياة القصيرة يرى البعض الكثير من الأمور على أنها أبدية، ولن أجادلهم في ذلك، فهم يرونها بمقياس حياتهم المحدودة، ثم يتمتمون، وليكن الله في عون من هم بعدنا، وهنا مكمن التحدي؛ فقياسهم بأبدية الأمور لأنفسهم قد يقود إلى سوء الاستخدام، وكأن حالهم "لأستمتع بكل شيء وأبديتي الدنيوية ومن بعدي لا أكترث فأنا لن أكون حاضرًا".  الصراع المرهق من أجل الاستحواذ، والفهم المغالط من أجل تحقيق مصالح خاصة، وكأننا في صراع رغم أن الأرزاق قد وزعت والحظوظ قد كتبت والحكم قائم، نجد هذا الفكر يأتي بما يشتهي من معتقدات وأحكام وكأنه باق ولن يغادر ولسان الحال يتدبر قول: "لو دامت لغيرك ما وصلت إليك".

الذات ليست معقدة كما يصفها الكثير من الناس، والعوائق نتائج وليست البدايات، انهكنا أنفسنا في بحث مضنٍ للصغائر، وتركنا عمق المعاني ولذة الحياة وجمالها، راقبنا لنهدم واجتهدنا في التسلق على الغير بدل الإنجاز، تفاخرنا بسرقة جهد الآخرين، ونسبنا لأنفسنا ما لا طاقة لنا به، دون اكتراث لاستدامة الأمور وإعطاء المساحة ومشاركة المستحق حتى يستمر العطاء، فالحكمة ونحن جميعًا نتفق عليها ليست بالوصل؛ بل بالبقاء، والبقاء يتحقق بالشراكة، وبالتالي يجب علينا أن لا نغدر بمن ساهم ومنحنا فرصة الوصول، ولا من عمل معنا لنصل، لأنَّ العاقل يُدرك أن الحاجة مستمرة لنبقى في القمة، وإن خُنا وشوهنا أو استبدلنا لن نجد ذات الجودة أو البصمة، وربما نتعرض لسقوط مدوٍ، فيا طالب الازدياد والحالم بالعلا، تدثر بالحكمة والطموح الجماعي وفكر الشراكة، واترك الأنانية والفتن حتى تبقى وتستمر.

 

فلسفة الأبدية، لم يستطع المؤرخون قيد تاريخها، فحتى آدم عليه السلام، كانت رغبة الخلود خطيئته، وإلى يومنا ما زلنا لا نتعلم من أخطاء من سبقونا، ونحكم على من يُفترض أن يُكملنا على أنه ناقص دون وعي أننا لسنا الكمال، نستثمر في غير محله، ونبحث ونطالب بالمتميزين والمبتكرين وغيرها من المهارات، وعندما نجد التميز والاختلاف بعد جهد مضنٍ من البحث نحاول هدمه، ونجتهد ليشبهنا، بحجة أنه لا يفهم، أو لا يعلم، أو وجوب تأهيله أو تطويره أو إعادة برمجة فكره، كأن تساوي الفهم وتشابه الفكر فريضة، فكيف سوف نتطور؟ فلنتعلم كيف نعامل المهرة والمبدعين، ونقاوم الرغبة في أن يشبهونا حتى نصنع جمالا حقيقيا وعملا مبدعا ومتكاملا وأداء مستداماً.

*****

سمو...

القيمة الحقيقة في أن لا نضيع ولا نناقض؛ بل اليقين بأن الحياة تمتد إلى ما بعد الموت، نُحب لكن لا أحد يستطيع أن يُجزم أن ذات التفاعل يتكرر عند الجميع، لذلك احترام الآخر واجب وإن كان غريبًا أو مختلفًا.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بعد زيارة وفد درزي لبناني إلى سوريا.. تعليقٌ من أرسلان

كتب رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب السابق طلال أرسلان عبر حسابه على منصّة "إكس": "كثر الكلام والتحاليل عن زيارة الوفد الدرزي بالأمس إلى سوريا وكل منا له رأيه ومقارباته وتحاليله في الملف السوري وما آلت اليه الأمور، متمنين لسوريا وللشعب السوري الكريم مستقبلا ملؤه الازدهار والعيش الواحد والجامع لكل الشعب السوري بتنوعه الطائفي والمذهبي والعرقي، ومتعالين عن كل الجراح لنحفظ لسوريا سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها لما لسوريا من فاعلية وتأثير على المستويين العربي والدولي.

هذه الزيارة بنظري تأتي في هذا السياق والتوقيت، ولن أعلق على بعض الكلام الذي صدر وقيل لأنني مؤمن بأن الأمنيات والطموح ليسا المقياس الصحيح بل ان المقياس هو بالعمل الدؤوب وتنفيذ الالتزامات والوعود. السوريون بحاجة الى الاطمئنان والثقة بوحدة البلاد وحقوق الجميع بالمشاركة ببناء سوريا جديدة على القاعدة الوطنية الجامعة لكل فئات الشعب بتلاوينه كافة.

لا نستعجل الأحكام فالوقت كفيل بإجلاء الكثير من الأمور والمواضيع، ونتمنى للزيارة النجاح لما فيه مصلحة لبنان وسوريا وأن لا نضيّع البوصلة فنحن ليس لنا أعداء إلا العدو الاسرائيلي المتربص بأرضنا ومياهنا وثرواتنا.

حمى الله سوريا ولبنان ومصر والأردن والعراق، وطبعا ما تبقى من فلسطين، مما يخطط للمنطقة من مشاريع جهنمية".

مقالات مشابهة

  • سابالينكا تعاني «العطش»!
  • اللغة العربيَّة بوصفها حصناً ثقافيًّا وجوهراً معرفياً
  • "ليالي مسقط" وامتحانات الطلبة
  • رسائل الأبراج في 2025.. نصائح مهمة ومفاجآت بالعام الجديد
  • سقوط تاريخي للريال الإيراني ووزير الاقتصاد: لا يمكننا تحقيق الكثير من الأمور بالقوة
  • بعد العفو عن 54.. الخرافين: أقول للرئيس السيسي أننا مدينون لك
  • دعاء الصباح اليوم الثلاثاء 24-12-2024‏
  • «بتستسلم بسهولة».. 3 أبراج ترفع الراية البيضاء من أول تحدٍ
  • بعد زيارة وفد درزي لبناني إلى سوريا.. تعليقٌ من أرسلان
  • عن ذهاب الوفد الدرزي الى سوريا.. هذا ما قاله ارسلان