بوابة الوفد:
2025-02-02@00:50:54 GMT

سقوط «أفريقيا الفرنسية»

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

عاشت أفريقيا تحت الاستعمار الفرنسى منذ عام 1800 وحتى 1960 تعرضت فيها دول القارة إلى تدمير شامل فى كل شيء.. 160 عامًا مارست فيها فرنسا سياسات طمس الهوية والاستيلاء على الأوطان واستعباد الشعوب ونهب الثروات.

وقعت أفريقيا فريسة للغزو الفرنسى وتمكنت دولة مثل فرنسا من أن تسرق قارة بأكملها.. والغريب أن هذه السرقة كانت تجرى نهارًا جهارًا بلا أى رتوش.

والأغرب أن عملية السطو والسرقة هذه لم تتوقف عند العام 1960 وهو التاريخ الذى تحررت فيه القارة ظاهريًا، بل استمر الإجرام الفرنسى فى حق الدول والشعوب إلى يومنا هذا من خلال وكلاء وعملاء وضعتهم على رأس السلطة ليبقى الحال كما هو عليه، والمتغير الوحيد الذى حدث هو زيادة أعمال النهب والسرقة بعد دخول الجالسين على رأس السلطة ليكونوا طرفا فى اقتسام الغنائم.

تحولت القارة إلى مضخة للأموال التى تنعش الخزانة الفرنسية، وجرت عمليات السرقة المنظمة لخيرات البلاد من مشتقات النفط والمعادن والثروات الطبيعية دون وازع من ضمير سواء من جانب القائمين على حكم فرنسا أو وكلائهم الجالسين على رأس السلطة.

تاريخ فرنسا فى أفريقيا هو تاريخ أسود، فقد مارست دور «البلطجى» أو «الفتوة» وارتكبت أبشع جرائم القمع لوأد أى محاولة للتحرر.. فقد دمرت غينيا انتقاما من الرئيس أحمد سيكوتورى الذى أعلن استقلال بلاده عن فرنسا عام 1958، دمر جنود الاحتلال الفرنسى كل شيء وحولوا البلاد إلى أطلال حتى تكون عبرة لكل من يحاول اللحاق بها على طريق الاستقلال والحرية.

دمر الفرنسيون المدارس والمستشفيات وأحرقوا الكتب والمكتبات والمحاصيل فى الحقول والسلع التموينية فى المخازن.. ودفع الرئيس سيكوتورى ثمن مقولته الشهيرة «نفضل الحرية فى الفقر على الثراء فى العبودية».

ليس هذا فحسب، بل وصل الأمر إلى قيام رقيب فى الجيش الفرنسى بقتل سيلفانوس أوليمبيو أول رئيس منتخب فى التوجو بعد ثلاثة أيام من إعلانه سك عملة خاصة ببلاده بدلا من العملة الاستعمارية الفرنسية.. هكذا فعلت فرنسا التى ترفع شعار الإخاء والحرية والمساواة بالقارة السمراء المغلوبة على أمرها حينا من الدهر.

لفت انتباهى المصطلح الذى تحدثت عنه صحيفة «الشرق الأوسط» فى تقرير لها حول الإطاحة بالنظام الحاكم فى الجابون.. قالت الصحيفة إن الرئيس الجابونى عمر بونجو كان بمثابة العمود الفقرى لما يسمى بـ«أفريقيا الفرنسية»، وفى اعتقادى أن هذا الوصف يوضح مدى الضربة القاصمة التى تلقتها فرنسا على يد العسكريين فى الجابون الذين أنهوا 55 عامًا من حكم عائلة بونغو الفاسدة.

وإذا ما وضعنا ما حدث فى الجابون جنبا إلى جنب لما حدث فى النيجر ومالى وبوركينا فاسو سنجد أننا أمام انتفاضة أفريقية لإسقاط «أفريقيا الفرنسية» واستبدالها بـ«أفريقيا الحرة» أفريقيا جديدة ترفع شعار يسقط الاستعمار وأذنابه.. إنها مرحلة جديدة تنهى حقبة بغيضة من الذل والهوان.. مرحلة تكتب نهاية لقيام دولة بسرقة قارة لأكثر من قرنين من الزمان.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سقوط أفريقيا الفرنسية رسالة حب الاستعمار الفرنسي السرقة

إقرأ أيضاً:

هل يواصل ترمب تجاهل أفريقيا؟

على عكس منطقة الشرق الأوسط لم يبرز حتى الآن اهتمام لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجديدة بالقارة الأفريقية التي عانت تجاهلاً في فترة رئاسته الأولى (2016-2020)، والتي مارس فيها الرئيس تنمراً وُصف بالعنصرية ضد الأفارقة كانت له ردود فعل سلبية من جانب رؤساء دول القارة السمراء.

وعلى عكس رئاسة ترمب السابقة فإن الرجل وإدارته في فترة رئاسته الجديدة يرثان استراتيجية أميركية لأفريقيا أعلنت في أغسطس (آب) 2022، كذلك ورثا تعهدات أميركية بتمويل خطط للتنمية في كثير من دول جنوب الصحراء في أفريقيا، وأيضاً عُقدت قمة أميركية - أفريقية في واشنطن يناير (كانون الثاني) 2023، فضلاً عن تدشين ممر ليبتو في خليج غينيا، الذي يعد شرياناً من الموارد الأفريقية لمصلحة واشنطن.

ميراث الرئيس السابق جو بايدن الأفريقي يطرح تساؤلات في شأن مدى التزام ترمب هذه الاستراتيجية الأميركية في أفريقيا، كذلك حول مستقبل العلاقات الأميركية - الأفريقية في الأعوام الأربعة المقبلة، في ضوء معطيات وتطورات جديدة في حال التنافس الدولي على أفريقيا أولاً، وأيضاً في الديناميكيات والتفاعلات الأفريقية ذاتها مع حال التكالب الدولي على الموارد الأفريقية ثانياً.

معطيات قد تدفع إلى التغيير

المعطيات الأميركية في شأن أفريقيا ما زالت إلى حد ما غير واضحة، لكن أحد أبرز ملامحها أن مهتمين بالشؤون الأفريقية هم من بين الجمهوريين القريبين من ترمب، منهم جون بيتر فام الأكاديمي في مركز أتلانتيك للأبحاث وهو أيضاً المبعوث الأميركي لمنطقة الساحل الأفريقي، فضلاً عن كاميرون هدسون المهتم بالشؤون السودانية أساساً، وعمل من قبل في وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) ومديراً لمجلس الأمن القومي الأميركي.

وبغض النظر عن تأثير الأشخاص في إمكانية تحول ترمب وإدارته بأفريقيا فإن ثمة معطيات جديدة قد تجبر الرئيس الأميركي الموصوف بـ"معاداة أفريقيا" على أن يتحول نحو الاهتمام بها لتلبية مصالح أميركية جيواستراتيجية، من بينها:

أولاً: تراجع النفوذ الأوروبي عموماً والفرنسي خصوصاً في أفريقيا، وهو النفوذ الذي كان يحقق جزءاً من المصالح الأميركية سواء في ما يخص التمسك بالشروط الغربية في التحول الهيكلي في الاقتصادات الأفريقية، ليكون قطاع الأعمال الخاص وليس القطاع العام هو القائد فيها، أو محددات النظم السياسية من زاوية التزامها تطبيق آليات الديمقراطية بأدواتها الغربية، خصوصاً في ما يتعلق بتغيير السلطة ومساحات منظمات المجتمع المدني والتزام أسقف عالية من الحريات السياسية، وكذلك إتاحة الحقوق المدنية على أوسع نطاق.

وقد أتاحت هذه الشروط والرعاية الأوروبية لها بيئة عمل إيجابية على المستويين السياسي والاقتصادي للولايات المتحدة الأميركية، كذلك أتاحت لها باباً واسعاً لولوج الشركات الأميركية في القطاعات كافة، وكذلك وفرت وجوداً عسكرياً لبعض القواعد العسكرية كان آخرها في النيجر.

ولعل تراجع النفوذ الأوروبي في أفريقيا هو ما دفع واشنطن إلى تدشين استراتيجيات جديدة تضمن فعالية أميركية منفصلة عن الأداء الأوروبي، وذلك في ضوء خسائر جرت أخيراً بما في ذلك فقد نقاط الارتكاز العسكرية والاستخباراتية في النيجر والفشل التفاوضي مع أي حليف أفريقي جديد لإبرام صفقة إعادة التموضع الأميركي في القارة السمراء، وكذلك عدم اكتمال مشروع السكك الحديد المعروف باسم "ليبتو" الذي تدعمه الولايات المتحدة لتصدير الموارد عبر أنغولا إلى الغرب.

أما على المستوى الدبلوماسي فقد فشلت واشنطن في الوفاء بتعهداتها بدعم إضافة مقعدين دائمين لأفريقيا في مجلس الأمن وانضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة الـ20.

وهي الحال التي عبر عنها كاميرون هدسون الذي يعمل حالياً في مركز واشنطن للدراسات الدولية تعليقاً على حال الولايات المتحدة في أفريقيا بالقول "لدينا نقاط عمياء كبيرة في فهمنا الديناميكيات السياسية والعسكرية في الدول التي ننشط فيها، وهي حادة بصورة خاصة في أفريقيا".

في هذا السياق أُقدم على بلورة الاستراتيجية الأميركية لدول جنوب الصحراء للقارة، التي جرت محاولات تنشيطها في عدد من زيارات وزير الخارجية الأميركي في إدارة بايدن أنتوني بلينكن، وغيره من المسؤولين الأساسيين في إدارة الرئيس السابق.

هذا الدرب للإدارة الديمقراطية قد تحتاج الإدارة الجمهورية إلى تعزيزه خصوصاً في القطاعات الاقتصادية الأكثر أهمية بالنسبة إلى ترمب، رجل الأعمال الذي عزز برنامجه الشعبي "المتدرب" اهتمام رجال الأعمال الشباب في أفريقيا، وهو البرنامج الذي اقتحم به عالم الترفيه والتلفزيون، فضلاً عن صورة ترمب المنحاز للقيم العائلية التقليدية، خصوصاً في قضايا حقوق المثليين جنسياً والإجهاض ومغايري الهوية الجنسية ومزدوجي الميل الجنسي، وكلها رسائل أميركية تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي الأفريقية.

أما عن ثاني هذه العوامل فيتمثل في الاحتياج الاستراتيجي الأميركي لتحجيم طموح الصين، وذلك في خلق هيمنة شريكة للهيمنة الأميركية حول العالم، وخصوصاً في القارة الأفريقية التي تعد الملعب الأول للتنافس والصراع الدولي بسبب مواردها الاقتصادية، يأتي ذلك في سياق توجس متزايد في الداخل الأفريقي من الإدارة الأميركية الجديدة، إذ قال الرئيس الكيني ريلا أودنجا، المرشح لرئاسة الاتحاد الأفريقي في انتخابات ستُجرى الشهر المقبل، إن لأفريقيا أصدقاء آخرين إن لم ترغب إدارة ترمب في التعاون معها.

وثالثاً، انتشار الظاهرة الإرهابية وتوقعات تضخمها في أفريقيا، وهو ما تجلي في كلمة مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن أخيراً، التي كشفت خلالها عن اهتمام إدارة الرئيس ترمب بالظاهرة الإرهابية وتوسعها في أفريقيا، لكن ما طرحته المندوبة الأميركية لم يعبر عن استراتيجيات شاملة متعددة المداخل ضد الإرهاب، ولكنها ركزت على المدخل العقابي التقليدي بآليات العقوبات التقليدية الصادرة من وزارة الخزانة الأميركية، وهي العقوبات التي تعمل غالباً في السياقات الرسمية عبر أنظمة البنوك وغيرها وتتجاهل قدرات الجريمة المنظمة بالقارة الأفريقية وذلك في تهريب الموارد الطبيعية والأموال وأيضاً البشر، في ضوء ضعف قدرات الجيوش الأفريقية، وعجز الحكومات الأفريقية عن القيام بأدوارها الوظيفية، وربما يكون لافتاً هناك ذلك الدور الذي تؤديه الشركات الأميركية في دعم استمرار حال هشاشة الحكومات الأفريقية بما يدعم انتشار الإرهاب والجريمة المنظمة معاً، ولعل دعم بعض الشركات الأميركية راهناً لمجهودات قيام حكومة سودانية منفصلة في غرب السودان هو سعي وراء استغلال الصمغ العربي، وباقي الموارد السودانية، وهي خطوات تقوض قدرات الدولة السودانية كغيرها من الدول الأفريقية في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة.

تحديات مقبلة

هذه المعطيات الجديدة نسبياً قد تدفع إدارة ترمب لتكون أكثر فاعلية في توجهاتها إزاء القارة السمراء خلال المرحلة المقبلة، ولكن من المؤكد أنه ستواجهها تحديات كبيرة وكثيرة تحدثت عنها تقارير حكومية أميركية، ومن ذلك ضعف الموارد البشرية والمالية الأميركية الموجهة إلى القارة الأفريقية، على رغم إعلان الاستراتيجية الأميركية لأفريقيا منذ ثلاثة أعوام تقريباً، حين أشار اتحاد الدبلوماسيين الأميركيين إلى خطورة حال نقص الدبلوماسيين العاملين في أفريقيا، نتيجة ضعف القدرات اللوجيستية في هذه الدول في مجالات الصحة والتعليم، مما يسفر عن عدم وجود طلبات من جانب الدبلوماسيين الأميركيين للعمل في أفريقيا أو الاعتذار عنه.

نقلا عن اندبندنت عربية  

مقالات مشابهة

  • الأدب والفن بين الدمار والإبداع
  • من المجموعات إلى النهائي.. مشوار منتخب مصر في أمم أفريقيا 2025
  • الصيد يشارك فى بطولة الجمهورية للبلياردو الفرنسى
  • "يورونيوز": فرنسا والاتحاد الأوروبي يخسران نفوذهما في غرب أفريقيا
  • يورونيوز : فرنسا والاتحاد الأوروبي يخسران نفوذهما في غرب أفريقيا
  • دراجي ينفث سمومه من جديد: المغرب غير جاهز لاحتضان كأس أفريقيا 2025
  • الإنتربول: اعتقال 45 مطلوباً في أفريقيا
  • الرئيس المقاول
  • هل يواصل ترمب تجاهل أفريقيا؟
  • منخفض جوي يدفع السلطات الفرنسية إلى رفع تحذير أحمر من الفيضانات