جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-01@23:51:14 GMT

الشغب الطلابي إلى أين؟

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

الشغب الطلابي إلى أين؟

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

بادئ ذي بدء انطلق في مقالي هذا من الآية الكريمة "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" صدق الله العظيم، وأنا بشر أخطئ وأصيب، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

ونؤكد في هذا السياق أولًا أنَّ الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق، فإذن الأم مدرسة كما شبّهها الشاعر حافظ إبراهيم في قصيدته قصيدة العلم والأخلاق بالمدرسة التي متى ما كان بها إعداد جيد من كافة النواحي العملية والتربوية والتعليمية، فإنه لا محالة إنتاجها سيكون شعبا طيب الأعراق، ولما كان الأمر كذلك بالنسبة للأم، فماذا يعني الأب إذن؟

وفي هذا السياق أقول، حينما يرسل أولياء الأمور أبناءهم إلى المدارس ليتعلموا العلم النافع، وليزدادوا معرفة وليكتسبوا علومًا وآدابًا وسلوكيات مختلفة، فإنهم لا يرسلونهم من أجل أن يتعرضوا للضرب والإهانة والتجريح والتوبيخ والتنمر والاعتداء والإيذاء الجسدي عليهم، من قبل مجموعة طلاب، للأسف أقل ما يمكن وصفهم ونعتهم به وأن نقول عنهم، بأنهم قليلو أدب وتربية واحترام للكبير والصغير، وأنهم فوضويون ومشاغبون ومشاكسون بالدرجة الأولى في حياتهم العامة والخاصة.

أولياء الأمور حينما بعثوا بفلذات أكبادهم إلى المدارس، ليس من أجل حشد القوى تجاههم وعليهم من قبل زمرة ورهط من الطلاب أتوا من بيوتهم إلى تلك المؤسسة التربوية والتعليمية، لقضاء وقت مُعين، وهدره فيما لا منفعة منه، على حساب الأدب والأخلاق والفضيلة ودوام الاستقرار والهدوء في الصف والمدرسة.. بل إن أولياء الأمور حينما أرادوا لأبنائهم التعليم الجيد والمفيد، فنحسب أنهم قد مكنوهم أدبًا، وأشبعوهم تربية وسلوكًا، لا أن يقابل ذلك التعب وتلك الجهود، بكراهيتهم وعدوانهم وإحداث سلوكيات شاذة فيهم، وعمل شغب لهم من قبل أقرانهم الخارجين عن جادة الصواب والقانون والأدب والتعامل الحسن مع الغير، سواء داخل البيئة المدرسية والصفية، أو أينما كانوا، فإحساس أبنائنا بالأمن والأمان والاستقرار والكرامة داخل مدارسهم وخارجها، يجب أن يكون على الدوام مستمرًا وباقيًا ومعهودًا.

وحتى يصبح لدى الطالب حب للمدرسة ولزملائه بها وفي الحي الذي يسكنه، لا بُد أن يشعر قبل ذلك بالانتماء لهما وللمجموعة التي يلازمها ويصاحبها شهور طويلة.

إن الطالب حينما يخرج من بيته باتجاه المدرسة، فبمظهره وهندامه وسلوكه، يعكس أولًا تربية أهله له، ويعكس ثانيًا مستوى التقدير والاحترام والتربية لديه وفي أهله ووالديه وولي أمره وأسرته تجاه وطنه وذمته ونفسه والمجتمع والناس عامة، ولا يوجد هناك طالب مشاغب وقليل أدب، إلا إذا كانت وراؤه أسرة ووالدان ليسا مهتمين به وبتربيته، وإنهم في واد وهو في واد، ما يؤكد أنهم أيضا قليلي أدب، ولم يعرفا تربيته إطلاقا.

لقد انتشرت مؤخرًا مقاطع فيديو- سواء قيل إنها قديمة أم حديثة- تصوِّر وتبث وتثبت بالدليل القاطع، الشغب والهوشات والضرابات والصراعات التي تحدث بين الطلاب، وتجد تشجيعًا وترويجًا لها من مثلهم، وتحديًا كبيرًا فيما بينهم، مما عرّض طلابًا كثيرين يتصفوا بالهدوء والعقل والصمت إلى اعتداءات متكررة، وكانوا ضحية تلك الاعتداءات السافرة والشغب المستمر من زملائهم الطلاب، نتج عنه إصابات وأذى متنوع.

كلنا نعلم تمام العلم أنه ينظر إلى الأسرة بأنها المحضن الذي يصدِّر للمجتمع رجالًا، ويكون ذلك بالتعاون مع المدرسة وفي مساجدنا ومقارنا الترفيهية والثقافية والرياضية، والتي هي الأخرى يقع عليها دور كبير ومهم في التربية والتعليم، واكتساب السلوكيات الصحيحة والمعلومة المفيدة، فما نشاهده اليوم ونسمع عنه من شغب متواصل ومستمر يحدث بين الطلاب، أمر مرفوض البتة وغير مقبول نهائيًا، ويجب اجتثاثه من جذوره، بتفعيل وانتهاج قوانين صارمة وحازمة، بحيث يختفي نهائيا.

المدرسة لا يقتصر دورها على تقديم المعلومات فقط، والمسجد كذلك لا يقتصر دوره على أن يكون دار عبادة، وقس على ذاك: النادي والسوق وأماكن الترفيه والقراءة والاطلاع، فتلك المؤسسات يجب أن تكون معا شريكا فاعلا في التربية والتعليم، واكتساب العادات الحميدة والتقاليد الاجتماعية والثقافية والإسلامية المترسخة والمتأصلة فينا.

ومع النداءات والمطالبات المتكررة بذلك، إلّا أنه وللأسف الشديد، هناك بعض من أولياء الأمور، أصبح ينظر إلى دور المدرسة، على أنه مقتصر على تقديم المعلومة والتدريس فقط، وكذلك نظرته إلى ما ذكر من مؤسسات وجهات أهلية ومجتمعية وإسلامية. وفي المدرسة إذا قام معلم ما بتاديب أحد الطلاب المشاغبين بالضرب البسيط، تعرض له الأب بالشكوى والانتقاد وربما المحاكمة، فأصبح المعلم عرضة للمشاكل ومقيدا بقوانين وأوامر وأنظمة كثيرة، منعته من التصرف بحزم مع الطلاب الذين يحتاجون فعليًا إلى حزم وشدة في آن واحدٍ.

إنَّ على الوالدين التعامل مع أبنائهم بأساليب تربوية صحيحة، تجعلهم منضبطين وليسوا منحرفين سلوكيًا وأخلاقيًا؛ فاتباع النظام والتمسك به وبالقوانين والتزام جانب الحزم والتأديب واستمرار التوجيه في المنزل، لا يقود الطالب إلى إحداث سلوكيات سيئة، وشغب وفوضى واعتداءات مستمرة على زملائه، ولو بالتلفظ عليهم بألفاظ سوقية وغير مرغوبة.

المعلمون رغم أنهم يقدمون المادة العلمية ويعتبرون أحد مصادرها الرئيسة، إلا أنهم أيضا ضد ظهور سلوكيات الشغب لدى الطلاب، الذي بدوره يؤدي إلى اختلال النظام في الصف والمدرسة وكذلك مجتمعنا العماني المحافظ.

إن ثمّة أسباب كثيرة تجعل الطالب مشاغبًا وقليل أدب، منها ضعف تربيته في بيته وانعدام متابعته والاهتمام به من قبل الوالدين أو أحدهما، كذلك تأثير الصحبة عليه والتي يكون معها، ومن ثم المجتمع وبيئة المسكن والمدرسة والصف وشخصية المعلم.

لهذا على من ذكروا تقع مسؤوليات مشتركة ومتعددة ومختلفة، وعلى كل منهم القيام بواجبه خير قيام، لتنحدر تلك السلوكيات المشينة من طلابنا وأولادنا وبيئاتنا، ولتختفي نهائيًا في ظل التوجيه والأدب والمتابعة المستمرة، حينها سننعم جميعنا في وطننا بالراحة وبالأمن والأمان.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السياحة المعرفية لأطفال حلايب وشلاتين بجناح المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمعرض الكتاب

استضاف جناح المجلس الأعلى للشئون الإسلامية اليوم مجموعة من طلاب مدرسة الجودة الإعدادية بحلايب وشلاتين.

مراكز الثقافة الإسلامية تطلق مسابقة بحثية بين دارسيها حول المحاور الأربعة لوزارة الأوقاف "مخاطر الهجرة غير الشرعية".. ضمن ندوات مديرية الأوقاف الفيوم 

وقد استقبل الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي الطالبات في جو من الحفاوة والاهتمام، إذ أتاح لهم فرصة الاطلاع على مجموعة متنوعة من الكتب القيمة التي تمثل مراجع ثقافية مهمة، من أبرزها: "قطار الأخلاق"، و"شخصيات مصرية لها تاريخ"، و"يحدث في المدرسة"، و"النباتات في القرآن الكريم". وقد تم التطرق إلى محتوى هذه الكتب بطريقة تفاعلية؛ ما أسهم في إثراء المعرفة وتنمية الوعي الثقافي لدى الطلاب.

كما تخلل الزيارة تقديم فقرة فنية رائعة من تنظيم طلاب المدرسة، إذ أظهروا مهاراتهم في تقديم عروض فنية نالت إعجاب الحضور؛ ما أضاف بعدًا ثقافيًا وفنيًا للفعالية.

ويأتي هذا النشاط في إطار حرص معالي الوزير على تعزيز الاهتمام بالمناطق النائية والارتقاء بمستوى التعليم والثقافة فيها، وقد كانت زيارة معاليه الأخيرة لحلايب وشلاتين بمثابة خطوة عملية نحو تعزيز هذه الجهود؛ إذ أكد معالي الوزير في زيارته على أهمية دعم التعليم وتنمية مهارات الطلاب في هذه المناطق، وهو ما تجسد في الفعالية التي أقيمت اليوم.

من جانبها، أشادت الأستاذة رباب فاروق، معلمة النشاط بمدرسة الجودة الإعدادية، بجناح المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وبما يحتويه من إصدارات نادرة وكتب قيمة تسهم في بناء شخصية الطلاب وتنمية مهاراتهم الثقافية والفكرية. وأضافت أن الطلاب حظوا بتجربة معرفية غنية، إذ أتيح لهم الاطلاع على موضوعات متنوعة تعزز فهمهم للثقافة الإسلامية والعلمية

كما قدمت الشكر والتقدير لمعالي الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وللأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، على رعايتهما الكريمة لأبناء حلايب وشلاتين وتقديم كل سبل الدعم لهم، مشيرة إلى أن مثل هذه المبادرات تعزز من مكانة الثقافة والتعليم في المجتمعات النائية، وتفتح أمام الطلاب فرصًا واسعة للتعلم والتطور.

وتعهدت المدرسة بالمضي قدمًا في تعزيز التعاون مع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في المستقبل، لتنظيم المزيد من الأنشطة والفعاليات الثقافية التي تسهم في رفع مستوى المعرفة والوعي لدى الطلاب.

مقالات مشابهة

  • أولياء أمور طلاب الشهادة الاعدادية في الإسكندرية يطالبون بالاطلاع على أوراق إجابات أبنائهم بالكنترول
  • منع طالب من زيارة محطة نووية بسبب جنسيته الروسية في فنلندا
  • وزير التعليم يزور مدرسة «كومينيوس» للتعليم الأساسي في ألمانيا
  • وزير التربية والتعليم يزور مدرسة "كومينيوس" في ألمانيا
  • وزير التعليم يزور مدرسة «كومينيوس» في برلين للتعرف على أحدث الأساليب التعليمية
  • وزير التعليم يزور مدرسة كومينيوس في برلين لمتابعة نظام الدمج
  • السياحة المعرفية لأطفال حلايب وشلاتين بجناح المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمعرض الكتاب
  • جامعة جنوب الوادي تدفع بالفوج الطلابي الثاني إلى معرض الكتاب
  • حزن وبكاء.. استياء بين أولياء أمور طلاب الإسكندرية بسبب نتيجة صفوف النقل
  • رابط الاستعلام عن نتيجة الصف الثالث الإعدادي الترم الأول 2025 برقم الجلوس