على الرغم من أن القيم والمبادئ ترتبط ارتباطًا وثيقًا ومتشابكًا تقريبًا، إلا أن هناك فرقا كبيرا بين القيم والمبادئ، ورغمًا من أن الكثير يعتقد خاطئًا بأن الاثنين بمعنى واحد إلا أن هذا غير حقيقى.. فالقيم: هى مجموعة الأخلاق التى تحكم وتضبط المجتمع البشرى، والتى تساعد على أن يكون التفاعل بين الأفراد ناجحًا، ويجتمع عليها كل المجتمعات على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم، وتعاملاتهم.
. أما المبادئ: فهى القواعد أو الاعتقاد التى توجك وتسير عليها، ويمكن القول إن الشخص الجيد والأخلاقى لديه الكثير من المبادئ، بشكل عام، ويقول كاتبنا الكبير توفيق الحكيم عن أهمية القيم والمبادئ فى حياتنا: «المبادئ ليست بذات قيمة فى نظرى بغير الأشخاص الذين يطبقونها بإخلاص ويؤمنون بها ويحرصون عليها». ولقد تواجد هذا الشخص وله قيم ومبادئ ويطبقها، إنه «محمد صلاح» الذى أثبت لكل ذى عينين أنه يستحق أن يكون أحسن دعاية للكرامة وللعزة، وأن المال ليس كل شيء فى الحياة، لقد خالف بذلك أغلبية الناس هذه الأيام والذين أصبح المال هو قيمهم ومبادئهم وربما أكثر من ذلك.. تحياتى لك يا «مو» وتقديرى واحترام وحب كبيرين من محبيك وأهلك يا فخر مصر.
وفى اتجاه آخر تفقد كل يوم كرة القدم قيمة بعدم تواجد المشاهدين من الملعب، فمباريات الكرة فى ظل مدرجات فارغة وفقط يشاهدها قلة من الجمهور وكثير من الهتيفة والذين يؤدون دورا محددا بالتشجيع والهتاف! وحقيقتهم أنهم ليسوا بجمهور الكرة الحقيقى فقد ظهرت هذه الفئة عند تكوين روابط الأندية وتم تسميتهم بمسميات مختلفة ومن ثم تم حلهم. هؤلاء يحضرون مباريات الكرة فى الملاعب بتكليف من ناديهم لأداء دوار محدد، ومنذ هذا الوقت ومثل هؤلاء الهتيفة متواجدون بالمدرجات خلف المرمى لا يتوقفون عن الهتاف بالإضافة إلى أنهم لا ينظرون للملعب، ومعهم يتواجد الجمهور الحقيقى فى كل مكان حول الملعب فى باقى المدرجات، صحيح كان تشجيعهم قليلًا ولكنه كان الأقوى، فهو ينفذ من القلب إلى قلب اللاعبين أنفسهم ومن ثم يشتعل الملعب وتسمع الآهات فى المدرجات فى تناغم محبب للقلوب. ولكن كون هؤلاء الهتيفة يصبحون هم أكثرية الجماهير فى المدرجات فإن هذا أمر ليس فى صالح الكرة المصرية نهائيًا!
إن المبدأ هو تواجد الجماهير فى مكانها الطبيعى «المدرجات» ولعدة أسباب منها أنهم يدرون دخلًا ماديًا خلاف الدخل المعنوى الأكبر للنادى، بإلإضافة إلى أنه تنفيس وترويح لهذه الجماهير.. السؤال هنا: إلى متى نترك جمهورنا الحقيقى خارج أسوار استادات الكرة؟
أخيرًا.. هذا قرار كبير أكبر من اتحاد الكرة والرابطة المحترفة! ولقيمة تواجد الجماهير فى المدرجات.. ننادى بقرار سريع بعودة الجماهير بالسعة الكاملة إلى مباريات كرة القدم.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمد دياب القيم والمبادئ توفيق الحكيم
إقرأ أيضاً:
انهيار الأمم بضياع القيم
منذ فجرِ التاريخ تنهار الأمم لضمور المبادئ وهشاشة القيم التي أقيمت عليها، ووقفت أمة الإسلام شامخة بإسلامها، قوية بإيمانها، عزيزة بمبادئها، لأنها كانت أمة القيم والمثل والأخلاق. وانهيار الأمم والحضارات المادية دليل على أن قيمها ومثلها ضعيفة نفعية، بل هي مفلسة في عالم القيم، وذلك لأنها من صنع البشر، فكم مِن القتلى.. وكم من الجرحى.. وكم من التدمير يمارس باسم الحرية والحفاظ على المصالح.
ومنظومة القيم هي المبادئ الخلقية التي تُمتدح وتُستحسن، وتُذم مخالفتها وتُستهجن. وإن أعظم القيم وأساسها الإيمان بالله تعالى، الذى منه تنشأ، وبه تقوى، وحين يتمكن الإيمان في القلب يجعل المسلم يسمو فيتطلع إلى قيم عليا، تكون موجودة وفاعلة ومؤثرة لكي ينهض المجتمع ويتقدم ويزدهر، فما فائدة النهوض والتقدم المادى وذمم بعض الناس خربة؟ وما فائدة البناء والإعمار إذا كانت ذمة المهندس الذي يبنى ويخطط خربة؟ وما فائدة الدواء إذا كانت ذمة من صنعه خربة؟ وما فائدة الطب إذا كانت ذمة الطبيب المعالج خربة؟ وما فائدة الخطب الرنانة والأحاديث البليغة إذا كان الشيخ يخالف قولُه فعلَه؟ وما فائدة التعليم إذا كان المعلم يفتقد إلى القيم الإنسانية الأساسية؟.
إن أقوى أنواع الضبط للسلوك الإنساني هو الضبط الإرادى الذاتى، وهذا الضبط لا يمكن أن ينتج إلا من خلال الأخلاق التي ترتبط بقيم يدعمها الإيمان، وهي أخلاق لا تتبدل حسب الأهواء والطلب، وإنما تبقى ثابتة، فمثلا الولايات المتحدة الأمريكية حين أدركت مخاطر شرب الخمر على الفرد والمجتمع، أنفقت المليارات لكى تحرم الخمر ولم تستطع، وعندنا فى الأمة الإسلامية آية واحدة من كتاب الله نزلت لتحريم الخمر: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (الأنعام -90) هذه الآية حين نزلت انتهى المسلمون عن شرب الخمر وسكبوها في الشوارع.
وقد فطنت القيادة السياسية لدينا لأهمية منظومة القيم في تهيئة الأجواء للبناء والازدهار، والإقلاع الحضاري للانطلاق نحو المستقبل. لذلك عملت الدولة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى على بسط قيم المواطنة، وبسط قيم التعددية، وبسط قيم قبول الآخر المخالف في الدين أو العرق أو اللون، وبسط قيم المساواة التامة في الحقوق والواجبات، وإعادة بناء وهيكلة منظومة القيم الإيمانية والعلمية والأخلاقية، وهي القيم التي نهضت بالأمة في عصورها الزاهرة، وجعلت من المسلمين العالم الأول، هذه الهيكلة التي تأسست في الأصل على القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة المطهرة، ولئن اعترفنا في حياتنا بوجود عشوائيات في المدن والقرى نشأت في غياب التخطيط والمراقبة، فإن في حياتنا الفكرية والثقافية عشوائيات وفدت إلينا، ثم زادت عن طريق الوافد الثقافي الذي مكن لها في بيئتنا، فعشعشت في ثقافتنا.
وفى هذا السياق تبذل وزارة الأوقاف ـ منذ بضع سنوات ومازالت ـ جهودا فريدة ومتميزة في نشر القيم الإيمانية والأخلاق الإسلامية العظيمة، وذلك عبر منابرها المنتشرة في ربوع البلاد وعبر إصداراتها ومؤتمراتها وندواتها وآلياتها الإعلامية والاتصالية المتعددة، وينبغى أن تنهض معها وسائل الإعلام جميعها من أجل البناء والتقدم وإحياء منظومة القيم وعلى رأسها: قيم التقدم والإبداع والابتكار والإتقان والإحسان في المجتمع، والاهتمام بالشباب والمرأة والطفل، وذلك من منطلق الإيمان المطلق بأن المجتمع الذي تسوده القيم تزدهر طاقاته الجسمانية والفكرية والروحية، وتسوده علاقات المحبة والمصالح المشتركة، وتزدهر فيه الثقافات وتتعايش جنبا إلى جنب بغير عداوات أو كراهية أو صراع.
لذلك كله كان المسلمون الأوائل هم العالم المتقدم، وأسسوا حضارة شامخة زاهرة علمت الدنيا وأضاءت الكون يوم أن التزموا بالقيم التي جاء بها الإسلام الحنيف.