موقع النيلين:
2025-04-07@06:18:44 GMT

عراقة الدولة السودانية وتأسيسية حرب إبريل!

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

عراقة الدولة السودانية وتأسيسية حرب إبريل!


طبعا مظاهر الضعف النقدي في المخيال السياسي السوداني ما بسيطة. واحدة منها عدم القدرة على تخيل الخيارات الأخرى، أو زي ما بيقولوا ناس الفلسفة the ability to entertain the other possibilities.

يعني مثلا السوداني لمن يجيبو ليو بيان عشان يمضي عليو ولا يقرا وثيقة زي الاتفاق الإطاري ولا يسمع كلام من سياسي ما بيقدر اتخيل الخيارات الأخرى، تحديدا الزول دا سكت عن شنو، وعشان كدا جزو ما بسيط مننا بتساق بالخلا.

واحدة من أهم الملكات النقدية إنك تقدر تخت كم خيار الجملة كان ممكن تتقال بيو. دا بيخليك تقدر تحدد بي وضوح نطاق ادعائها وتقدر تنتقدها ليس استنادا على ما قيل فقط (السيمائية Semantics) ولكن استنادا على ما قيل وما لم يقال في سياق الادعاء (التداولية Pragmatics). فمثلا ادعاء (الثورة فشلت) فرق من ادعاء ( الثورة ما نجحت). ما حتقدر تقيم الادعاء الأول وتحدد نطاقه إلا تتخيل إنو كان ممكن الادعاء التاني يتقدم بدله. وأبرع مهارة في الحجاج والتناظر هي الاختيار الدقيق لنطاق الادعاء بي طريقة بتغير كليا حجم الدليل المطلوب في سند الادعاء المقدم. فعشان أقدم حجاج أثبت بيو إنو (الثورة ما نجحت) حيكون مختلف من حجم الحجاج المطلوب لإسناد ادعاء إنو (الثورة فشلت). فالقدرة على تحليل المقولات والادعاءات استنادا على ما لم يقال أو الخيارات الأخرى هي أحد أهم الملكات النقدية.

في ذات السياق، لو قدرت تتخيل الخيارات الأخرى حتعرف مثلا مدى عراقة الدولة السودانية على ضعفها. بروفيسور جعفر ميرغني، بناء على رواية من الصديق محمد عبد الباقي، بيدعي إنو من قدم التاريخ ما جات لحظة السودان ما كانت فيو دولة مركزية. دا بيوري إنو خيال الدولة عميق في المخيلة الجمعية للشعب السوداني. متذكر لمن جيت بعد يومين من الثورة كنت متفاجئ عديل بي طبيعة العمل في مطار الخرطوم. كان عندي شعور إنو موظفين الخدمة المدنية تاني يوم من الثورة ما حيمشوا الشغل عديل. ودا لشعور غائر بالضعف العملتو الإنقاذ في الحداثة السياسية للدولة خلال سنين حكمها.

في السياق دا أنا مبسوط جدا من الحاصل في بورتسودان دا وسعدت حقيقي لمن شفت الطيارة المصرية نزلت في المطار وعرفت إنو في خطوط كتيرة ناوية تستخدم مطار بورتسودان بالإضافة للأخبار عن الموسم الزراعي مثلا واستئناف إصدار الجوازات وغيرها من أخبار استئناف الدولة لمهامها. مرة بتكلم مع صديق من ضيق الحرب دي قال لي السودان دا منتهي عديل. قلت ليو مفروض تصل للعكس تماما. دا سببو عدم القدرة على تخيل الخيارات الأخرى. تخيل انقلاب حميدتي دا نجح وقادة المناطق العسكرية ما قدره يفشلوهو في الساعات الأولى والزول دا طوالي بقى ورئيس وجاب قائد جيش تعبان يمشي الإطاري. تاني يوم الحاميات في كل السودات كان حتتمرد وغالبا يحصل انشقاق عمودي في الجيش يحوله لي جيوش عديل. تخيل لو حاميات الجيش في الولايات سقطت ولا الحرب دي بقت حرب تنازع على الأمر الواقع زي ما حصل في ليبيا ولا سوريا ولا اليمن. كونه الدولة السودانية تقاوم مخطط زي دا فيهو تواطؤ من ضباط في الجيش وتهاون تواطؤ من القائد العام وفي وجود ١٢٠ ألف مقاتل منهم ٨٠ ألف على أقل تقدير بي ١٠ ألف عربة مقاتلة داخل العاصمة في لحظة الصفر، وبي سند سياسي من أكبر تحالف حزبي قاد ثورة من أعظم الثورات، وبعد دا ما ننحدر لي سيناريوهات كارثية، فدا بيقول فعلا إنو الدولة دي عريقة وخيالها في الشعب عريق على ضعفها. التنوع الإثني الأبرزتو الحرب دي للجيش السوداني بيقول إنو الجيش دا حقيقة ركن ركين للدولة دي. الليلة القائد العام بالإنابة والشغال عسكريا على حسم الحرب دي من جبال النوبة وفي هيئة القيادة نفسها في عسكري من قبائل عرب دارفور. كونه مع تنوع السودان دا كلو الجيش ما فيهو عوامل انشقاقات رأسية إثنية ولا طائفية ولا آيدولوجية فدا أساس قوي ممكن يتبني عليو ويستكمل.

من فوائد الحرب دي هو الاتجاه لاتخاذ بورتسودان كعاصمة مؤقتة. دا من المظاهر التأسيسية للحرب دي الممكن نبني عليها. وحقو زي دول كتيرة جزو من توافقاتنا التأسيسية في انتقال ما بعد الحرب دي يكون تحويل العاصمة كل فترة لي حاضرة من أقاليم السودان المختلفة عشان ننتهي من هامش ومركز دي.
حرب إبريل حرب تأسيسية بكل المقاييس لو أدركنا معناها ومغزاها في إطار القدرة على تخيل الخيارات الأخرى وقراءة الدعم السريع كمشروع استخباراتي لتقويض الدولة عبر هندسة آلة عنفها بمنظومة أسرية إجرامية استخباراتية استغلالا لتناقضات الدولة دي الداخلية وبالذات تهميش الريف لصالح المدينة. بيد أن تأسيسية حرب إبريل تتمركز في فهم أنها شهادة وفاة لسودان ٥٦ بل سودان ١٨٢١. الدعم السريع هو ليس نقيض دولة ٥٦ لكنه أعظم مظاهر تناقضاتها. هو ابن استغلال تهميش الريف مضافا لاقتصاد حرب الدولة على المجموعات الإثنية المهمشة غير العربية تفاعل مع حلقات استعمارية لاقتصاد سياسي مركزي سلطوي واقتصاد سياسي أقليمي توسعي. الدعم السريع ابن دولة ٥٦ استزرعه البشير والمؤتمر الوطني وفق منطق السلطة الاستعماري لجيفة محمد علي باشا ونماه البرهان ثم تحالفت معه الحرية والتغيير وفق ذات المنطق: منطق وراثة دولة محمد علي باشا وليس تجاوزها. فجاء من التناقضات الداخلية لهذه الدولة كأسوأ تمظهر لفشل منطقها وليس ثورة عليها. وهذا هو مناط القول بتأسيسية حرب إبريل لأنها كاشفة وخافضة لنهايات منطق دولة ١٨٢١ وصولا إلى ٥٦ وبإذن الله نهاية بـ ٢٠٢٣.

درس حرب إبريل الباقي، أن الجيش السوداني هو الحليف الذي لا بديل له في معركة بقاء الدولة والعدو الذي لا عدو غيره لاستبدال منطقها من السلطوية والاستخراجية إلى الديمقراطية والتنموية. تلك حدود تضيع على العقول التي لا تميز بين تحديات وجود الدولة من جهة وتحديات استقرارها وتنميتها من جهة. أو قل العقول التي تعجز عن تخيل الخيارات الأخرى.

عمرو صالح يس

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: حرب إبریل الحرب دی

إقرأ أيضاً:

جنرال أمريكي يقارن بين عدد قوات الجيش الروسي حاليا وبداية غزو أوكرانيا وخسائره

(CNN)-- قال جنرال رفيع المستوى بالجيش الأمريكي، إن الجيش الروسي أصبح أكبر مما كان عليه في بداية الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 رغم مقتل أو إصابة ما يقدر بـ790 ألف جندي روسي.

وأضاف الجنرال كريستوفر كافولي، قائد القيادة الأمريكية في أوروبا في بيان، الجمعة: "رغم الخسائر الكبيرة في ساحة المعركة بأوكرانيا، فإن الجيش الروسي يعيد بناء نفسه وينمو بمعدل أسرع مما توقعه معظم المحللين".

وقال كافولي: "في الواقع، أصبح الجيش الروسي، الذي تحمل العبء الأكبر من القتال، اليوم أكبر مما كان عليه في بداية الحرب - رغم تكبده خسائر تقدر بنحو 790,000 ضحية". "في ديسمبر 2024، أمرت موسكو الجيش بزيادة تعداده إلى 1.5 مليون فرد عامل وتقوم بتجنيد حوالي 30 ألف جندي شهريا".

وأضاف الجنرال الأمريكي أن "القوات الروسية على خطوط المواجهة في أوكرانيا تجاوزت الآن 600 ألف جندي، وهو أعلى مستوى لها على مدار الحرب ويزيد تقريبا عن ضعف حجم القوة الأولية للغزو".

ولا تزال أرقام روسيا الخاصة بخسائرها البشرية تحيطها السرية. وفي سبتمبر/أيلول 2022، قال وزير الدفاع الروسي السابق، سيرغي شويغو إن 5,937 جنديا قُتلوا في الحرب. ولم تنشر الوزارة أي تحديث منذ ذلك الحين.

وتشير تقييمات الاستخبارات الأوكرانية والغربية باستمرار إلى أن حصيلة عدد القتلى والجرحى أعلى بكثير.

وفي مارس/آذار الماضي، قدرت وزارة الدفاع البريطانية أن أكثر من 900 ألف جندي روسي قُتلوا أو أُصيبوا. وبحسب وزارة الدفاع البريطانية، فقد قُتل ما بين 200 ألف و250 ألف جندي روسي، وهو ما يمثل أكبر خسارة لروسيا منذ الحرب العالمية الثانية.

مقالات مشابهة

  • تحذير إسرائيلي: الجيش يواصل تدهوره الخطير وتحقيقاته بـكارثة أكتوبر لا تقدم حلولا
  • رئيس أركان الجيش الإيراني: لا نرغب في الحرب ولا نسعى لامتلاك أسلحة نووية
  • لماذا لن يحكم الجيش من جديد؟
  • الجيش الألماني يستعد لأكبر مناورات عسكرية منذ الحرب الباردة
  • الحرب على غزة وتجديد الإمبريالية
  • الجيش الأوكراني يهاجم منشآت الطاقة الروسية 14 مرة خلال 24 ساعة
  • الجيش الأوكراني يسقط 51 طائرة مسيرة من أصل 92 أطلقتها روسيا
  • جنرال أمريكي يقارن بين عدد قوات الجيش الروسي حاليا وبداية غزو أوكرانيا وخسائره
  • السلطات السودانية تفرج عن اثنين من رموز نظام البشير لدواعٍ صحية
  • حرب الخيارات المفتوحة وتفتيت الجنجويد