رغم التحذيرات التي أصدرتها الأرصاد الجوية التركية في ذات اليوم، فإن سكان مدينة إسطنبول التركية لم يتوقعوا أن "يحل عليهم كابوس في غضون دقائق"، وبينما كان الكثير منهم في الطرقات والمقاهي والأماكن العامة، ليلة الأربعاء، سرعان ما وجدوا أنفسهم محاصرين ومستسلمين للمياه، بعدما هطلت كميات قياسية من الأمطار.

ووفق الرواية الرسمية التي قدمها والي إسطنبول، داوود غول، فإن "تساقط 125 كيلوغراما من الأمطار لكل متر مربع، وهو ما يعادل تقريبا من 3 إلى 4 أشهر هطول"، أسفر عن تشكّل فيضانات وسيول، راح ضحيتها شخصان في المدينة أحدهما أجنبي، و4 آخرين في منطقة كيركلاريلي الواقعة إلى الغرب منها، فضلا عن 31 مصابا.

وتركزت الفيضانات و"الكارثة" التي خلفتها، حسب تعبير عمدة المدينة، أكرم إمام أوغلو، في منطقة باشاك شهير وكيا شهير وكوتشوك شكمجه وأرناؤوط كوي وأيوب سلطان ومنطقة سلطان غازي.

وأظهرت عدة تسجيلات مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، كيف غمرت محطات مترو بالمياه، وتحولت بعض الشوارع إلى بحيرات، وسط الأحياء والمنازل.

ووثقت تسجيلات أخرى مواطنين محاصرين في المكتبة الوطنية الواقعة في كيا شهير، وداخل منازلهم، وآخرين تقطعت بهم السبل في أحد المقاهي الواقعة في منطقة كوتشوك شكمجه، المحاذية لبحيرة.

ولم يقتصر تشكّل الفيضانات على إسطنبول، بل ضربت كيركلاريلي الريفية الواقعة إلى الغرب منها، مما أسفر عن وفاة 4 مدنيين فيها، فيما تواصل فرق الإنقاذ البحث عن مفقودين.

فيديوهات من إسطنبول.. وفاة شخصين جراء فيضانات عارمة تجتاح المدينة اجتاحت فيضانات عارمة مدينة إسطنبول التركية، الثلاثاء، جراء أمطار غزيرة هطلت على نحو غير مسبوق، وفق ما نقل مراسل موقع "الحرة".

وبحسب التقديرات الأولية، تضرر 1754 منزلا ومكان عمل في إسطنبول. وذكر مكتب الوالي أنه "سيتم تلبية احتياجات المأوى للمتضررين في دور الضيافة والمرافق العامة".

من جانبه، أعلن وزير الداخلية، علي يرلي كايا، أنه "سيتم تقديم 15 ألف ليرة لكل أسرة متضررة".

في غضون ذلك، أعلن مكتب المدعي العام في كوتشوك شكمجة، عن تعيين 3 مدعين في كارثة الفيضانات. وقال في بيان إن "التحقيقات بدأت على الفور في أحداث الوفيات التي وقعت في كارثة الفيضانات".

"استسلمنا للمياه"

وما إن حل صباح الأربعاء، حتى انكشف حجم الكارثة التي خلفتها الفيضانات، إذ ذكرت وسائل إعلام تركية أن السيول أغرقت محال أثاث بأكملها في منطقة إيكيتلي القريبة من باشاك شهير، بينما جرفت عدد كبير من السيارات التي كانت متوقفة على جوانب الطرقات، وتقطعت السبل بمئات العائلات إثر دخول المياه إلى منازلها.

وروى الشاب السوري الذي يحمل الجنسية التركية، أحمد الياسين، كيف استسلمت السيارة التي كان يقودها في شوارع منطقة باشاك شهير للمياه.

وقال لموقع "الحرة": "الكابوس حل على الجميع خلال دقائق. لم أر في حياتي كمية هطول بهذا الحجم".

وبعدما بدأت الأمطار بالتساقط، مع ازدياد كثافتها دقيقة تلو الأخرى، اضطر الشاب لإيقاف سيارته على جانب الطريق، لكن "هذا الحل لم يجد نفعا"، حسب تعبيره، بسبب تشكل السيول في الطرقات في غضون نصف ساعة.

وأوضح الياسين أن "سيارته غمرتها المياه لأكثر من النصف، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية المركبات التي كانت بقربها، بينما انتهى حال أخرى بالاصطدام ببعضها البعض، بعدما جرفتها المياه يمينا ويسارا وجعلتها تسبح".

وتعتبر الحالة المذكورة "أخف ضررا" من تلك التي حلّت على البقية، بعدما استسلموا للمياه التي تسربت إلى منازلهم من النوافذ والأبواب.

وشرح صباح الدين، وهو موظف في مطعم بمنطقة كوتشوك شكمجه، كيف "حلّ الرعب خلال 5 دقائق فقط".

وقال: "فجأة دخل الماء إلى المطعم الذي نعمل فيه. لم نتمكن من الخروج أولا، ثم نجحنا في الصعود إلى السطح"، مضيفا: "لأول مرة رأينا كيف يحدث الفيضان. إذا كان هكذا، فلن يكون لدى أحد فرصة للهروب".

وأشار صباح الدين إلى أن منزل عائلته القريب من المطعم، "غمرته المياه بالكامل، كونه موجود في قبو"، وكذلك الأمر بالنسبة لعشرات المنازل الواقعة في المنطقة هناك.

وقال متحسرا: "جميع الأثاث أصبح تالفا، من فرش وأدوات كهربائية.. منزلنا تحوّل إلى طين".

ووفقا لأخبار وكالة "دوغان"، فقد غمرت مياه السيول مبنى الجمارك في منطقة هالكالي، بينما تم إنقاذ 68 شخصا كانوا عالقين فيها في وقت لاحق من الليل.

كما ضرب البرق منطقة انتظار الطائرات في مطار إسطنبول، وتم نقل اثنين من المصابين إلى المستشفى.

وقال عمدة بلدية إسطنبول، إمام أوغلو، إنه "حتى الليلة الماضية تم تقديم 1808 بلاغات". وفي إشارة إلى أن هذا النوع من الأمطار الغزيرة سيحدث بشكل متكرر بسبب تغير المناخ، أكد أنه "ينبغي القيام بالاستثمارات، استعدادا لذلك في جميع أنحاء البلاد".

وفيما يتعلق بيوم الأربعاء، قال إمام أوغلو: "من المتوقع هطول أمطار  حتى الظهر، لكن من غير المتوقع أن تكون بالشدة التي كانت عليها".

"ضحية من غينيا"

وذكرت وسائل إعلام تركية أن أحد الضحايا جراء الفيضانات في إسطنبول، أمارا كيبي، من غينيا، والذي كان قد انتقل إلى منطقة كوتشوك شكمجه منذ حوالي عامين، "سعيا للحصول على خبزه"، حسب تعبير أحد جيرانه.

وحسب صحيفة "حرييت" المقربة من الحكومة، فإن "كيبي خرج مع أشقائه الأربعة بعد الفيضان، ثم دخل المنزل مرة أخرى ليقطع الكهرباء، لكنه علق في مياه تفوق طول الإنسان".

ونقلت الصحيفة عن أحد المواطنين المتضررين من الكارثة، قوله: "وصلت المياه إلى ارتفاع 2-3 أمتار. كل شيء تدمّر. الأثاث انتهى. كل شيء انتهى، كنا خائفين، الحي كله هكذا".

كما تحدثت عن منزل عائلة أجنبية انغمر بالمياه في منطقة أرناؤوط كوي، وكيف تم إنقاذ الزوجين المقيمين فيه في اللحظات الأخيرة، مشيرة إلى أن "الأثاث أصبح غير صالح للاستخدام، فيما يواصل الجيران إفراغ المياه من المنزل".

وأضاف سيزر داملا، الذي غمرت المياه ورشة الأحذية التي يملكها في ذات المنطقة: "لقد غمرت المياه هذا المكان من قبل، لكنها لم تتجاوز ارتفاع الركبة. هذه المرة تجاوزت ارتفاع الشخص".

وتابع داملا واصفا الكارثة: "احتجزنا في الورشة كرهائن بالأمس. كدنا أن نغرق عندما ضغطت المياه على الباب من الخلف. لقد اختفت بضائعنا التي كانت بالداخل. المياه وصلت إلى كل الأحذية وأصبحت قمامة".

"بعد تحذيرات جفاف"

وتأتي موجة الأمطار الغزيرة والفيضانات في إسطنبول، بعدما أثار انخفاض مخزون المياه بخزانات السدود في المدينة المخاوف بشأن "كارثة محتملة على صعيد نقص الموارد المائية" في تركيا.

ويحيط بإسطنبول التي يقطنها 16 مليون نسمة بحسب التعداد الرسمي (و20 مليونا وفق تقديرات غير رسمية)، 11 سدا تمتلئ بشكل كامل خلال شهري نوفمبر وديسمبر، حين تبلغ المتساقطات ذروتها. 

السلطات التركية تفتح تحقيقا بعد وفاة شخصين بسبب الفيضانات باشرت السلطات التركية التحقيق في حوادث الوفيات جراء الفيضانات التي ضربت منطقتين بإسطنبول، حسبما أفادت مراسلة قناة "الحرة".

لكن التغير المناخي العائد بالدرجة الأولى إلى انبعاثات غازات الدفيئة التي يتسبب بها النشاط البشري، يؤدي لتبدل الأنماط المناخية، ويصبح أحد مصادر القلق الدائمة للمسؤولين الأتراك، وفق تقرير سابق لوكالة "فرانس برس".  

وفي 2023، عرفت تركيا فصل الصيف الأكثر حرا منذ بدء تسجيل البيانات، وتجاوزت درجة الحرارة عتبة 50 مئوية في 14 أغسطس، وذلك للمرة الأولى في التاريخ الحديث للبلاد.  

وخلال هذا الصيف، شهدت إسطنبول هطول "كميات محدودة من الأمطار"، في حين أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة استهلاك المياه.

لماذا تضرب فجأة؟

ويوضح خبير البيئة والمناخ المقيم في إسطنبول، زاهر هاشم، أن الفيضانات تعتبر من الكوارث الطبيعية الأكثر حدوثا في العالم.

وفي حين أن هناك أنواعا عديدة ومختلفة، فإن المفاجئة أو الخاطفة منها (Flash floods) هي الأكثر خطورة، حيث يمكن تضرب أي مكان وفي أي وقت، وعادة ما تحدث ما بين ساعة و6 ساعات، على خلاف فيضانات الغمر التي تحدث بشكل بطيء.

وتحدث الفيضانات المفاجئة جراء هطول أمطار حثيثة وغزيرة، ترفع مستوى المياه بسرعة، وتغمر الطرق وتسبب أضرارا مادية بالغة.

وقال هاشم لموقع "الحرة"، إن "آثارها تزداد في المدن والمناطق الحضرية، حيث يزيد جريان المياه بمقدار مرتين إلى 6 أضعاف عما هو عليه في التضاريس الطبيعية، خصوصا في المدن التي لا تمتلك شبكات تصريف كافية وفعالة".

وتابع: "سبب الأمطار الغزيرة والمفاجئة الصيفية هو أنه مع ارتفاع درجات الحرارة، ترتفع حرارة المسطحات المائية مثل البحار والبحيرات، ويزداد تشكل بخار الماء الذي يحمله الهواء الساخن بسرعة كبيرة إلى ارتفاعات عالية".

و"إثر ذلك تتشكل سحب ركامية طويلة وكثيفة مليئة بالرطوبة، وتكون أكثر رطوبة من سحب الشتاء بعدة أضعاف، وتتشكل فيها بسبب حركة الرياح، قطرات ماء ضخمة تتساقط على شكل أمطار غزيرة وعنيفة"، وفق هاشم.

وأضاف الخبير بشؤون البيئة، أن "الفيضانات المفاجئة تصنف كظواهر مناخية متطرفة تزداد مع تسارع تغير المناخ، وتعززها ممارسات الإنسان وسوء استخدامات الأراضي، وتمدد المدن بشكل عشوائي، مما يجعل آثارها مدمرة بشكل أكبر في المدن".

ويمكن أن تزيد مياه الفيضانات المفاجئة من مخزون المياه الجوفية ومياه السدود، وتغذية الأحواض المائية، بينما تخفّض نسبة الملوحة فيها، وكذلك تزيد من رطوبة التربة.

ونوه هاشم إلى أنها "تترك آثرا مدمرة في المدن، بسبب طغيان الكتل الإسمنتية والإسفلتية التي تمنع تصريف هذه الكميات الهائلة من المياه، في ظل عدم كفاءة أنظمة التصريف وإهمالها في فصل الصيف من جانب البلديات المعنية".

واختتم حديثه إلى موقع "الحرة"، بالتشديد على أنه "من الضروري إقامة مشاريع لتجميع وتخزين هذه الكتل المائية المهدورة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: من الأمطار فی إسطنبول التی کانت فی منطقة التی کان فی المدن إلى أن

إقرأ أيضاً:

ظهر فجأة في الشوارع.. الإمساك بحيوان غريب أصاب 10 أشخاص ببني سويف

تمكن شباب حي الأزهري ببني سويف، من الإمساك بحيوان غريب، تسبب في إصابة 10 أشخاص بإصابات متفرقة، مساء أمس، وجرى علاجهم بمستشفى بني سويف التخصصي.
 

الأهالي أكدوا أن الحيوان كان يهاجم المارة بشكل عشوائي، مما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص بجروح متفاوتة، وتم نقلهم إلى مستشفى بني سويف التخصصي، مساءالثلاثاء، بينما لم يتمكنوا من الإمساك به.
 

ونجح شباب حي الأزهري، اليوم الاربعاء، من الإمساك بالحيوان بعد محاولات عدة، حيث تبين أنه كان يشكل تهديدًا حقيقيًا بسبب تصرفاته غير المتوقعة، حيث كان يظهر فجأة في الشوارع، مما أثار حالة من الفزع بين الأهالي.
 

وكانت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن بني سويف، قد تلقت بلاغًا يفيد بوصول 10 أطفال إلى قسم الاستقبال والطوارئ بمستشفى بني سويف التخصصي، مصابين بجروح متفرقة في أنحاء الجسم، ادعاء تعرضهم لهجوم من كلب ضال، وتم التوجيه بسرعة اتخاذ اللازم وإخطار الطب البيطري.
 

واستقبل قسم الاستقبال والطوارئ بمستشفى بني سويف التخصصي المصابين جرى تطعيمهم بعد حقنهم بمضاد السعار، وتقديم أوجه الرعاية الطبية اللازمة لهم، وذلك تحت إشراف الدكتور أحمد صادق مدير عام المستشفى.

مقالات مشابهة

  • استشاري مشروع استراتيجية الأمطار بالإسكندرية: نقلل تجمعات المياه في الشوارع
  • ظهر فجأة في الشوارع.. الإمساك بحيوان غريب أصاب 10 أشخاص ببني سويف
  • 89 شخصًا في عداد المفقودين بعد الكارثة المميتة التي تعاني منها إسبانيا إثر الفيضانات
  • هام : مؤسسة المياه بعدن تناشد الحكومة لإنقاذ الوضع قبل وقوع كارثة
  • إسبانيا تؤكد فقدان 89 شخصًا في الفيضانات الكارثية بفالنسيا
  • الفيضانات تعرقل سير الانتخابات الرئاسية الأمريكية في ميسوري
  • الناس هتنزل بالسلاح.. باحث يكشف توقعات كارثة في حالة تزوير الانتخابات الأمريكية
  • شركة المياه: استمرار سحب مياه الأمطار المتساقطة على محافظتي القاهرة والجيزة
  • اكتشاف كائن حي قادر على تنظيف منطقة كارثة تشيرنوبيل
  • استمرار البحث عن ضحايا إضافيين إثر فيضانات إسبانيا