موقع 24:
2024-12-27@01:55:28 GMT

لماذا يتعثر مسار التنمية والديمقراطية في إفريقيا؟

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

لماذا يتعثر مسار التنمية والديمقراطية في إفريقيا؟

بعد عقود من التقدم المتعثر نحو الديمقراطية، شهدت ثماني دول غرب إفريقية فجأة انقلابات وحروباً أهلية، فبدأت موجات من الهجرة منها إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتعطل إنتاج النفط والغاز والمعادن الإستراتيجية.

النخب الفاسدة تفضل عادةً تصريف حصتها من مبيعات المواد الخام بدلاً من استثمارها

وفي هذا الإطار يتساءل الإعلامي أحمد الشراعي، ناشر مجلة "جيروزاليم ستراتيجيك تريبيون"، في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست" ماذا حدث؟ ويقول: "كانت إفريقيا على المسار السليم نحو تحقيق ثاني أسرع معدل نمو في العالم هذا العام، إذ كان يُتوقع أن يصل نموها الاقتصادي إلى 4.

1% مقارنةً بـ 3.8% عام 2022، أي أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 2.9%.

القارة السمراء.. غنية بالمعادن والشباب

وإفريقيا قارة غنية بالمعادن اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية وصناعات التحوُّل إلى ألوان أخرى من الطاقة، وبذلك تحتل القارة السمراء المكانة الأفضل التي تؤهلها للاستفادة من التعدين وتكرير هذه المواد الحيوية. 

After decades of stumbling progress toward democracy, eight West African nations have been rocked by coups and civil wars. https://t.co/bxam9sWEGz

— National Interest (@TheNatlInterest) September 6, 2023

وتتميز إفريقيا أيضاً بسكانها الشباب، إذ تزيد فئة السكان دون الثلاثين عاماً باستمرار.. وبحلول عام 2050، ستضم إفريقيا 2.5 مليار نسمة دون الثلاثين من العمر، فيما تشهد دول أوروبا والأمريكيتين تقلصاً في أعداد سكانها.

أسباب التمرد

وفي ظل هذه المزايا والمستقبل المشرق المحتمل، يتساءل الكاتب عن أسباب أعمال التمرد الحاصلة في  القارة ويقول: "من بين أسباب التمرد قصور الاستثمار في المياه الضروري لتحقيق التحضُّر السريع"، مضيفاً أن سكان الريف ينزحون عن الأراضي التي لطالما تعهدوها بالري بسبب الحروب والهجمات الإرهابية، وستتعرض أراضيهم قريباً للرياح التي تأتي على التربة السطحية، فتحوّل الأراضي الزراعية إلى صحراء جرداء.

وأكد أن هناك قصوراً جسيماً في التعليم، والقليلون الذين يحصلون على تعليم هم أول من يهاجر.. أما الذين يبقون ولا يبارحون ديارهم، فيلتهم التضخم وتقلبات أسعار الصرف مدخراتهم.. وعجّلت جائحة فيروس كورونا المستجد ونقص الأسمدة الزراعية المستوردة من أوكرانيا الاتجاهات السلبية السائدة.

وفي صلب هذه الأزمات الإفريقية الحكم العقيم وفساد الدول وانتشار الرشاوى، والأدهى من ذلك تعيين الجاهلين سياسياً في مناصب بالغة الأهمية والحساسية.. ويشيع اتهام الدول الاستعمارية السابقة التي كانت تُفضل المواد الخام المنخفضة الأسعار على المنتجات المكررة الأعلى سعراً.

غير أن الدول الإفريقية خَلَت من المستعمرين منذ نصف قرن على الأقل، وكانت النخب الفاسدة تفضل عادة تصريف حصتها من مبيعات المواد الخام بدلاً من استثمارها في التكنولوجيا المضيفة للقيمة، التي ستحقق عوائد أعلى على المدى البعيد، وبذلك فقد ساروا على النهج الاقتصادي القديم للمستعمر ولم يتزحزحوا عنه.

والآن، يقول الكاتب، ها هم يعترفون بالفشل الذي ظلوا يُعايرون به المستعمر.. ولم تتمكن النخب الإفريقية عموماً من خلق توافق وطني يصب في صالح نظم سياسية مستقرة، إذ جنحت تلك النخب إلى القَبَليّة والشعبوية وفضلتها على الصراع السياسي حول هدف اجتماعي.

وفي حالات قليلة توحدت فيها المجتمعات الإفريقية وأدخلت إصلاحات، ارتفع النمو الاقتصادي، وشهد التعليم تحسناً، وتراجعت معدلات الفقر.. في المقابل، شجعت الدول العليلة على انتشار الجماعات الإرهابية عن طريق سواحلها، فتهجَّر المزارعون والمعلمون، واستمر الفقر المدقع.

الصين.. المخلّص والبديل

وأشار الكاتب إلى أن العجز عن إنتاج نموذج محلي للإصلاح يجعل القادة الأفارقة يميلون إلى الصين، التي تجمع بين فكرة المخلِّص القوي والبديل للغرب.

ولفت الكاتب إلى نشوء تهافت جديد على إفريقيا، ويبدو أن الغرب متخلف عن الركب.. فقد أمست الصين الشريك الاقتصادي الرئيس في إفريقيا، وأقامت تركيا قاعدتها العسكرية الأولى في الخارج (في الصومال)، وتعكف روسيا على "إعادة اكتشاف" إفريقيا، فتزجُّ بجماعة فاغنر لإدارة الشؤون العسكرية في القارة السمراء مباشرةً.. ويعكس التخلف الديمقراطي في إفريقيا أيضاً حراك القوى العظمى.. وهذا هو السياق الذي ينبغي أن تُوضَع فيه الانقلابات الإفريقية الأخيرة.

وأوضح الكاتب أن المشاعر المناهضة لفرنسا في إفريقيا ترتبط برفض باريس تغيير النموذج السائد.. فالناس يهللون للجنود لأن الكيل فاض بهم من قصور الحكومات وغياب الخدمات العامة، وحق على الولايات المتحدة أن ترفض التدخلات العسكرية الأجنبية التي سترسخ حالة عدم الثقة وتضعف الدول.

دور محوري لأمريكا

وعلى الرغم من ذلك، يقول الشراعي: "لدى واشنطن دور محوري عليها أن تؤديه لعدة أسباب: أولاً، ليس لواشنطن أي ماضٍ استعماري في إفريقيا.. وإذا التزمت بقيمها، فستضع سياسة لتعزيز الديمقراطية ومحاربة الفساد والتشجيع على الاستثمار. 

ثانياً، تستطيع أمريكا وضع إطار للاستثمار في مشاريع التعدين والطاقة مقابل إرساء الشفافية.. وهذا يعني أن عموم الأفارقة، لا النُخب، سيحصدون القسم الأكبر من العوائد.

ثالثاً، تستطيع أمريكا أن تضمن استقرار العملات الإفريقية، ربما من خلال مجالس العملات التي ستربط تلك العملات بالدولار الأمريكي، للقضاء على التضخم وتراجع قيمة العملات الإفريقية.

وستسمح القيادة الأمريكية ضمن إطار المؤسسات الدولية لإفريقيا بالخروج من دائرة التخلف، وتتيح للاقتصاد العالمي الاستفادة من نمو الدول الإفريقية.. وإن لم تفعل ستستمر النظم الديكتاتورية في جلب البؤس والشقاء على القارة السمراء.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني النيجر القارة السمراء فی إفریقیا

إقرأ أيضاً:

الأحزاب السياسية الأردنية: تجديد النخب والديمقراطية الداخلية لاستعادة الحيوية

#سواليف

#الأحزاب_السياسية_الأردنية: تجديد #النخب و #الديمقراطية الداخلية لاستعادة الحيوية
بقلم: أ.د. #محمد_تركي_بني_سلامة

لا يمكن لأي ديمقراطية أن تزدهر دون أحزاب سياسية نشطة وفاعلة، فهي العمود الفقري للحياة السياسية السليمة والجسر الذي يربط بين تطلعات الشعوب وآليات الحكم. غياب الأحزاب أو ضعف أدائها يشكل تهديداً صريحاً لمستقبل الديمقراطية، وهو ما يدق ناقوس الخطر في الأردن، حيث تواجه الأحزاب السياسية مرحلة من التراجع والركود، خاصة بعد الانتخابات النيابية الأخيرة.

شهدت الانتخابات النيابية الأخيرة نتائج متواضعة لأغلب الأحزاب السياسية باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي الذي حقق مكاسب لافتة. أما بقية الأحزاب، فقد بدت وكأنها تلقت ضربة قاسية انعكست في تراجع نشاطاتها وخفوت صوتها السياسي. اقتصر دورها على إصدار بيانات سياسية متفرقة حول قضايا محلية وإقليمية، دون تقديم رؤى أو مبادرات استراتيجية تعكس طموحات الشارع الأردني.

مقالات ذات صلة الصبيحي .. 10 مليار دولار منح أين هي؟ القربة “مخزوقة” والناس “مخنوقة” 2024/12/25

لكن هذه النتائج، رغم قسوتها، يجب أن تكون نقطة تحول للأحزاب، لا محطة انكفاء. على الأحزاب أن تستغل هذه الفرصة لإعادة تقييم مسارها وترتيب بيتها الداخلي. لا يمكن للأحزاب أن تستمر بنفس الوجوه القيادية التي أصبحت عاجزة عن إلهام الجماهير أو التجاوب مع متطلبات المرحلة. المطلوب اليوم هو تجديد النخب السياسية، كضرورة ديمقراطية، وإفساح المجال أمام قيادات شابة تحمل رؤى جديدة وقادرة على مواجهة تحديات الواقع.

المشكلة الكبرى التي تواجه الأحزاب السياسية في الأردن هي ما يمكن تسميته بظاهرة “البيات الشتوي”. الأحزاب تنشط فقط خلال فترات الانتخابات، ثم تختفي عن المشهد تماماً بعد انتهاء الاستحقاق الانتخابي. هذا النمط يعكس ضعفاً في هيكلة العمل الحزبي، ويعزز من ابتعاد الأحزاب عن الشارع الأردني.

المطلوب هنا هو تطوير نموذج عمل حزبي مستدام لا يقتصر نشاطه على مواسم الانتخابات فقط. على الأحزاب أن تبقى قريبة من الناس طوال العام، تعبر عن همومهم، وتطرح حلولاً عملية لمشاكلهم. الأحزاب يجب أن تتحول إلى منابر دائمة للتفاعل مع قضايا المواطن الأردني، سواء كانت سياسية، اقتصادية، أو اجتماعية.

لا يمكن للأحزاب السياسية أن تطالب بالديمقراطية على المستوى الوطني دون أن تمارسها داخلياً. يجب أن تكون عملية تجديد النخب داخل الأحزاب مستندة إلى آليات ديمقراطية واضحة وشفافة. التمسك بالقيادات التقليدية دون إفساح المجال لوجوه جديدة يعكس تناقضاً في خطاب الأحزاب، ويفقدها المصداقية لدى الشارع.

إن ممارسة الديمقراطية الداخلية تعني أن تكون هناك انتخابات داخلية نزيهة، وأن تُمنح الفرصة للقيادات الشابة لإبراز دورها. كما يتعين على الأحزاب أن تتخلص من البيروقراطية الداخلية التي تُعيق الإبداع والتطور، وتفتح المجال لمشاركة أوسع للأعضاء في صناعة القرار.

إن مسار التحديث السياسي الذي أطلقه الملك عبدالله الثاني يمثل فرصة تاريخية للأحزاب الأردنية لإعادة ترتيب أوراقها. التعددية السياسية والمكتسبات التي تحققت في السنوات الأخيرة هي دعوة صريحة للأحزاب للقيام بدور أكثر فاعلية في بناء مستقبل الأردن.

لكن تحقيق هذه الطموحات يتطلب عمل حزبي منظم وقوي. يجب على الأحزاب أن تتجاوز مجرد إصدار البيانات إلى صياغة برامج واقعية تخاطب تطلعات الناس. يجب أن يكون الخطاب السياسي أكثر إبداعاً وشمولية، يعكس روح المرحلة ويستجيب لتحدياتها.

يبقى التحدي الأكبر أمام الأحزاب السياسية الأردنية هو استعادة ثقة الناس. المواطن الأردني يريد أحزاباً تتحدث لغته، تفهم مشاكله، وتدافع عن حقوقه بجرأة وصدق. هذه الثقة لن تُستعاد إلا من خلال برامج واقعية، وقيادات شابة قادرة على التغيير، وخطاب سياسي يرتكز على الشفافية والواقعية.

الأردن بحاجة إلى أحزاب سياسية نابضة بالحياة، قادرة على قيادة مسيرة التغيير والإصلاح. استعادة نشاط الأحزاب وتجديد دورها ليس ترفاً، بل ضرورة وطنية.

الطريق واضح: تجديد النخب السياسية كشرط للديمقراطية، ممارسة الديمقراطية الداخلية لتعزيز الثقة، والتواصل الدائم مع الشارع الأردني لضمان أن تبقى الأحزاب جزءاً من الحل، وليس جزءاً من المشكلة. التحديات كبيرة، لكن الإرادة السياسية الصادقة والعمل الجماعي يمكن أن يجعل الأحزاب الأردنية قادرة على استعادة دورها الريادي كركيزة أساسية للديمقراطية .

مقالات مشابهة

  • كريم وزيري يكتب: مختبرات الظل الأمريكية في إفريقيا
  • الحكومة الليبية تبحث تنفيذ مبادرة إرسال أئمة ووعاظ إلى الدول الإفريقية
  • تحديات النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. المشكلات الموضوعية
  • شركات روسية تلجأ لاستخدام بتكوين في التجارة الخارجية هرباً من العقوبات
  • الأحزاب السياسية الأردنية: تجديد النخب والديمقراطية الداخلية لاستعادة الحيوية
  • ملتقى أيوا للسلام والديمقراطية: بيان ومناشدة حول أزمة خزان جبل أولياء
  • «الأبيض» يتعثر أمام «الأزرق» وينتظر «جولة الحسم»
  • رئيس جامعة أسيوط: الفساد يعوق تحقيق التنمية المستدامة في جميع الدول
  • الغرف العربية: البحث العلمي مفتاح التنمية المستدامة في العالم العربي
  • شواطئ.. لماذا تتحارب الأمم؟ (1)