لماذا يتعثر مسار التنمية والديمقراطية في إفريقيا؟
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
بعد عقود من التقدم المتعثر نحو الديمقراطية، شهدت ثماني دول غرب إفريقية فجأة انقلابات وحروباً أهلية، فبدأت موجات من الهجرة منها إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتعطل إنتاج النفط والغاز والمعادن الإستراتيجية.
النخب الفاسدة تفضل عادةً تصريف حصتها من مبيعات المواد الخام بدلاً من استثمارها
وفي هذا الإطار يتساءل الإعلامي أحمد الشراعي، ناشر مجلة "جيروزاليم ستراتيجيك تريبيون"، في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست" ماذا حدث؟ ويقول: "كانت إفريقيا على المسار السليم نحو تحقيق ثاني أسرع معدل نمو في العالم هذا العام، إذ كان يُتوقع أن يصل نموها الاقتصادي إلى 4.
وإفريقيا قارة غنية بالمعادن اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية وصناعات التحوُّل إلى ألوان أخرى من الطاقة، وبذلك تحتل القارة السمراء المكانة الأفضل التي تؤهلها للاستفادة من التعدين وتكرير هذه المواد الحيوية.
After decades of stumbling progress toward democracy, eight West African nations have been rocked by coups and civil wars. https://t.co/bxam9sWEGz
— National Interest (@TheNatlInterest) September 6, 2023وتتميز إفريقيا أيضاً بسكانها الشباب، إذ تزيد فئة السكان دون الثلاثين عاماً باستمرار.. وبحلول عام 2050، ستضم إفريقيا 2.5 مليار نسمة دون الثلاثين من العمر، فيما تشهد دول أوروبا والأمريكيتين تقلصاً في أعداد سكانها.
أسباب التمردوفي ظل هذه المزايا والمستقبل المشرق المحتمل، يتساءل الكاتب عن أسباب أعمال التمرد الحاصلة في القارة ويقول: "من بين أسباب التمرد قصور الاستثمار في المياه الضروري لتحقيق التحضُّر السريع"، مضيفاً أن سكان الريف ينزحون عن الأراضي التي لطالما تعهدوها بالري بسبب الحروب والهجمات الإرهابية، وستتعرض أراضيهم قريباً للرياح التي تأتي على التربة السطحية، فتحوّل الأراضي الزراعية إلى صحراء جرداء.
وأكد أن هناك قصوراً جسيماً في التعليم، والقليلون الذين يحصلون على تعليم هم أول من يهاجر.. أما الذين يبقون ولا يبارحون ديارهم، فيلتهم التضخم وتقلبات أسعار الصرف مدخراتهم.. وعجّلت جائحة فيروس كورونا المستجد ونقص الأسمدة الزراعية المستوردة من أوكرانيا الاتجاهات السلبية السائدة.
وفي صلب هذه الأزمات الإفريقية الحكم العقيم وفساد الدول وانتشار الرشاوى، والأدهى من ذلك تعيين الجاهلين سياسياً في مناصب بالغة الأهمية والحساسية.. ويشيع اتهام الدول الاستعمارية السابقة التي كانت تُفضل المواد الخام المنخفضة الأسعار على المنتجات المكررة الأعلى سعراً.
غير أن الدول الإفريقية خَلَت من المستعمرين منذ نصف قرن على الأقل، وكانت النخب الفاسدة تفضل عادة تصريف حصتها من مبيعات المواد الخام بدلاً من استثمارها في التكنولوجيا المضيفة للقيمة، التي ستحقق عوائد أعلى على المدى البعيد، وبذلك فقد ساروا على النهج الاقتصادي القديم للمستعمر ولم يتزحزحوا عنه.
والآن، يقول الكاتب، ها هم يعترفون بالفشل الذي ظلوا يُعايرون به المستعمر.. ولم تتمكن النخب الإفريقية عموماً من خلق توافق وطني يصب في صالح نظم سياسية مستقرة، إذ جنحت تلك النخب إلى القَبَليّة والشعبوية وفضلتها على الصراع السياسي حول هدف اجتماعي.
وفي حالات قليلة توحدت فيها المجتمعات الإفريقية وأدخلت إصلاحات، ارتفع النمو الاقتصادي، وشهد التعليم تحسناً، وتراجعت معدلات الفقر.. في المقابل، شجعت الدول العليلة على انتشار الجماعات الإرهابية عن طريق سواحلها، فتهجَّر المزارعون والمعلمون، واستمر الفقر المدقع.
الصين.. المخلّص والبديلوأشار الكاتب إلى أن العجز عن إنتاج نموذج محلي للإصلاح يجعل القادة الأفارقة يميلون إلى الصين، التي تجمع بين فكرة المخلِّص القوي والبديل للغرب.
ولفت الكاتب إلى نشوء تهافت جديد على إفريقيا، ويبدو أن الغرب متخلف عن الركب.. فقد أمست الصين الشريك الاقتصادي الرئيس في إفريقيا، وأقامت تركيا قاعدتها العسكرية الأولى في الخارج (في الصومال)، وتعكف روسيا على "إعادة اكتشاف" إفريقيا، فتزجُّ بجماعة فاغنر لإدارة الشؤون العسكرية في القارة السمراء مباشرةً.. ويعكس التخلف الديمقراطي في إفريقيا أيضاً حراك القوى العظمى.. وهذا هو السياق الذي ينبغي أن تُوضَع فيه الانقلابات الإفريقية الأخيرة.
وأوضح الكاتب أن المشاعر المناهضة لفرنسا في إفريقيا ترتبط برفض باريس تغيير النموذج السائد.. فالناس يهللون للجنود لأن الكيل فاض بهم من قصور الحكومات وغياب الخدمات العامة، وحق على الولايات المتحدة أن ترفض التدخلات العسكرية الأجنبية التي سترسخ حالة عدم الثقة وتضعف الدول.
دور محوري لأمريكاوعلى الرغم من ذلك، يقول الشراعي: "لدى واشنطن دور محوري عليها أن تؤديه لعدة أسباب: أولاً، ليس لواشنطن أي ماضٍ استعماري في إفريقيا.. وإذا التزمت بقيمها، فستضع سياسة لتعزيز الديمقراطية ومحاربة الفساد والتشجيع على الاستثمار.
ثانياً، تستطيع أمريكا وضع إطار للاستثمار في مشاريع التعدين والطاقة مقابل إرساء الشفافية.. وهذا يعني أن عموم الأفارقة، لا النُخب، سيحصدون القسم الأكبر من العوائد.
ثالثاً، تستطيع أمريكا أن تضمن استقرار العملات الإفريقية، ربما من خلال مجالس العملات التي ستربط تلك العملات بالدولار الأمريكي، للقضاء على التضخم وتراجع قيمة العملات الإفريقية.
وستسمح القيادة الأمريكية ضمن إطار المؤسسات الدولية لإفريقيا بالخروج من دائرة التخلف، وتتيح للاقتصاد العالمي الاستفادة من نمو الدول الإفريقية.. وإن لم تفعل ستستمر النظم الديكتاتورية في جلب البؤس والشقاء على القارة السمراء.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني النيجر القارة السمراء فی إفریقیا
إقرأ أيضاً:
اليوم الوطني للتقنية النووية.. أبرز الإنجازات التي كشفت عنها طهران
طهران- تزامنا مع احتفالها بالذكرى الـ 19 لليوم الوطني للتقنية النووية، أمس الأربعاء، أعلنت إيران رسميا دخولها المرحلة الثالثة من تطوير الصناعة النووية، كاشفة عن 6 إنجازات نووية جديدة واعتبرت أن حمايتها "مسؤولية وطنية".
وبمناسبة هذا اليوم، حضر نائب رئيس الجمهورية ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، برنامجا حواريا عقب النشرة المسائية علی قناة "خبر" الناطقة بالفارسية، الليلة الماضية، قائلا إن بلاده أمست من الدول الرائدة على مستوى العالم في مجال إنتاج الأدوية المشعة.
ولدى استعراضه أبرز الإنجازات النووية التي حققتها خلال العام الماضي، أعلن إسلامي دخول طهران بشكل رسمي "المرحلة الثالثة من تطوير الصناعة النووية"، موضحا أن "الركيزة الأساسية في هذه الصناعة هي تحويلها إلى وقود، إلى جانب ضرورة بناء المفاعلات البحثية ومفاعلات الطاقة، وقد بلغنا مرحلة النضج في هذا المجال، ونعلن رسميا دخولنا هذا المسار وبلوغ المستوى الصناعي".
وأوضح إسلامي أن إيران أنجزت 150 مشروعا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، منها 68 مشروعا تم تقييمها وتصنيفها، إلا أنه تم الكشف عن 6 فقط منها في الاحتفال الأخير، الذي أقيم أمس، مضيفا أنه "لا يوجد نظير لبلاده في التقنية النووية لأن معظم الدول تعمل ضمن شبكات متكاملة وتتعاون فيما بينها، بينما نعمل بشكل مستقل بسبب العقوبات".
وتابع أنه رغم الحصار، تعتبر إيران من الدول المتقدمة في إنتاج الأدوية المشعة، وتُعد ضمن الدول الخمس الأوائل في تنوع النشاطات النووية، ومن بين العشر الأوائل عالميا من حيث القدرة الإنتاجية، مؤكدا "حققنا كل ما عزمنا عليه؛ فعلى سبيل المثال قررنا قبل عامين إنتاج غاز الهيليوم باهظ الثمن، وها نحن ننتجه اليوم بإمكاناتنا الذاتية".
وبخصوص الكهرباء النووية، قال إسلامي "أنتجت محطة بوشهر النووية حتى الآن 72 مليار كيلووات من الكهرباء، 7 مليارات منها خلال العام الماضي، ونهدف ضمن أفق خطة 2041 للوصول إلى 20 ألف ميغاواط من الكهرباء النووية".
وتوقع محمد إسلامي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن يزور المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي طهران في نيسان/أبريل الجاري. وقال إن تحديد محاور الزيارة لا يزال قيد التفاوض، وإن لديهم مسارين مختلفين بشأن التعاون مع الوكالة:
إعلان الأول: العلاقة المؤسسية المبنية على اتفاق الضمانات ومعاهدة عدم الانتشار النووي. الثاني: يتعلق بقرار مجلس الأمن رقم 2231.ووفقا له، لدى طهران 120 مفتشا معتمدا من الوكالة الذرية في الوقت الراهن، وتتم عمليات التفتيش بشكل منتظم، مضيفا أن "القرار 2231 سينتهي بالكامل بنهاية العام العاشر من الاتفاق النووي، وأن أطرافا مثل الكيان الصهيوني وبعض الدول الأوروبية تسعى لمنع إيران من الاستفادة من هذا الإنجاز".
#إيران: نؤمن بمبدأ المفاوضات وكما أكدنا سابقا سنخوضها إذا تمت مخاطبتنا بلغة الاحترام pic.twitter.com/HgrgzYt2NL
— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 8, 2025
منتجات جديدةوأفادت وكالة إرنا الرسمية بأن الرئيس مسعود بزشكيان رعا حفلا تم الكشف خلاله، أمس الأربعاء، عن 6 منتجات جديدة في صناعة الطاقة النووية على النحو التالي:
العلاج الإشعاعي "غاليوم فابي" الذي يستخدم لتشخيص أنواع مختلفة من أمراض السرطان وتحديد الأورام الأولية بدقة عالية. العلاج الإشعاعي "لوتشيم فابي" وهو منتج مبتكر ومتقدم في علاج السرطان إذ يؤثر بشكل مباشر على الخلايا السرطانية باستخدام تقنيات الطب النووي. كريم جلدي "رنيوم-188" الذي يُستخدم في علاج السرطانات الجلدية الشائعة. مصباح "كوبالت 57" المخصص لاستخدامه في أعمال حفر الآبار ضمن نظام Gas Hold-up للكشف عن الغاز داخل الأنابيب. وكان إنتاجه مقتصرا على ألمانيا والولايات المتحدة. الميثانول الديوتيري "دي4" وهو مادة أولية هامة في صناعة البتروكيميائيات وتستخدم كمذيب في صناعة الألوان والدهانات، وكذلك في الصناعات الصيدلانية والطبية، كما يُستعمل كمذيب في أجهزة الرنين المغناطيسي النووي (إن إم آر)، مما يساهم في تحسين فعالية الأدوية وتقليل الآثار الجانبية، بالإضافة إلى تمهيد الطريق لإنتاج الأدوية المعدلة. "حمض دي إيثيل هكسيل فوسفريك" الذي يستخدم بشكل رئيسي لاستخراج المعادن الثمينة مثل اليورانيوم والكوبالت والنيكل والزنك في الصناعات، وله أهمية كبيرة في استخراج اليورانيوم من حمض الكبريتيك. وقد نجح المتخصصون الإيرانيون في إنتاجه في مرحلة تجريبية ويخططون في المرحلة الراهنة للإنتاج الواسع لهذه المادة الإستراتيجية. إعلان برنامج سلميمن جانبه، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده لن تتخلى عن إنجازاتها النووية ولن تساوم بشأنها ولن تسمح لأي طرف بمنعها من الابتكار والإبداع، نافيا سعي طهران لامتلاك قنبلة نووية رغم الاتهامات التي تطالها في هذا الشأن.
وكشف -في كلمته خلال احتفال اليوم الوطني للتقنية النووية- أن المرشد الأعلى علي خامنئي سمح بالمفاوضات غير المباشرة لأن طهران لا تثق بالطرف المقابل، مؤكدا أن خامنئي لا يعارض استثمار الشركات الأميركية داخل إيران، وأن ما ترفضه بلاده هو "سياسات واشنطن الخاطئة".
وشدد بزشكيان على أن طهران "مستعدة لتقديم ضمانات بأنها لا تسعى إلى امتلاك قنبلة نووية رغم أننا أثبتنا هذا الأمر سابقا"، وعلى أنها تدعم السلام "لكنها لن تستسلم وتتبع سياسة الحوار لكن بعزة وكرامة".
في السياق، أصدرت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني بيانا أكدت فيه أن طهران "لديها الحق في امتلاك صناعة نووية سلمية في شتى المجالات وذلك وفقا للمادة الرابعة من معاهدة حظر الانتشار النووي"، محذرة من أن أي تدخل أو تهديد لبرنامج إيران النووي "سيقابل بردة فعل خطيرة ومدمرة".
من ناحيتها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن "برنامج طهران النووي السلمي رمز للإرادة الوطنية ونتيجة لجهود الشعب للوصول إلى المعرفة النووية، وأن صون وحماية الإنجازات في مجال الطاقة النووية السلمية مسؤولية وطنية".
وكتب إسماعيل بقائي المتحدث باسم الخارجية، في منشور على قناة "سخنكو" المهتمة بنشر أخبار الخارجية الإيرانية على منصة تلغرام، أن "الوزارة ستستخدم كامل قوتها للدفاع عن حقوق الشعب الإيراني في مجال الطاقة النووية".