أمعاء خاوية| «فتات الخبز» قوت السودانيين فى زمن الحرب.. وخبير لـ «البوابة»: استمرار الصراع يعنى المجاعة الحقيقية للجميع
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
حذرت تقارير دولية ومحلية من اتساع رقعة المجاعة في السودان؛ وذلك على أثر الحرب التي يشهدها السودان منذ منتصف أبريل المنصرم والتي لا يعلوا فيها صوت سوى دوي الرصاص وقذائف المدفعية وأزيز المروحيات؛ وبعد مرور ما يقرب من 4 أشهر يقف السودان على حافة الهاوية إثر انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية واختفاء مُفجع للسلع الأساسية من بينها الخبز والماء ما ينذر بكارثة ويهدد بمجاعة عامة.
مسئولون سودانيون ومنظمات دولية دقوا ناقوس الخطر في تقاريرٍ رسمية مُحذرين من تزايد رقعة المجاعة في ظل حرب ضروس وهشاشة دعوات الهُدن بين طرفي الصراع.
منظمة الفاو الأممية قالت: إن أكثر من 20.3 مليون سوداني يمثلون 42% يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد؛ بينما يُعاني 14 مليون آخرين من الجوع – في المرحلة قبل الأخيرة- ونحو 6.3 مليون سوداني دخلوا مرحلة الطوارئ للجوع الحاد؛ بينما يعاني أكثر من نصف سكان 3 ولايات من الجوع الحاد وهي الخرطوم وكردفان دارفور.
«فتات الخبز» قوت السودانيين فى زمن الحربفتاة سودانية: أسعار الخبز تضاعفت والشراء لمن استطاع إليها سبيلًاتقول رفقة هارون؛ وهي فتاة سودانية تسكن بحي أمدرمان بالخرطوم، في حديثها لـ«البوابة»، إن أسعار الخبز تضاعفت وباتت لمن استطاع إليها سبيلًا؛ فسعر الرغيف بلغ 70 جنيهًا سودانيًا بسبب الحرب؛ ولكن لا نقدر على الشراء بعد ارتفاع الأسعار وانعدام الأموال وتوقف العمل؛ مُشيرةً إلى أن أبواب المخابز باتت تغلق لأيام متواصلة بسبب ندرة الإقبال على شراء رغيف الخبز محدود كمية الإنتاج؛ وخوفًا من أعمال النهب والسرقات التي يقوم بها المسلحون.
وتؤكد الفتاة والتي كانت تعمل في مشغل للملابس وتوقف العمل بعد الصراع المسلح في البلاد؛ أن الأوضاع باتت مأساوية لدرجة لا يصدقها عقل؛ وأصبح فتات الخبز الناشف له ثمنا كبيرا فمن الممكن أن نعيش على تناول فتات الخبز بعد أن فقدنا شراء رغيف الخبز، حتى إن توفر في المخبز فالثمن باهظ لدرجة لا تصدق؛ في ظل انعدام العمل وندرة الأموال والمخاوف من النهب والسرقة.
سيدة تحمل الخبز في السودانانهيار الخدمات واختفاء مُفجع للسلع الأساسية
وارتفع سعر جوال الذرة البيضاء الأكثر استخدامًا في خبز رغيف العيش لنحو 31 ألف جنيه سودانيا؛ بينما يبلغ سعر جوال الذرة الهجين نحو 28 ألف جنيه سودانيا؛ ويسجل حجم الاستهلاك المحلي من الذرة الرفيعة محليًا 3 ملايين طن في السنة الواحدة من الإجمالي السنوي المقدر بنحو 6 ملايين طن، حسب إحصائيات المركزي السوداني.
ويشير تقرير أممي إلى نجاح منظمة الأغذية والزراعة التابع للأمم المتحدة في شراء 8.840 طن من الذرة الرفيعة والدخن والبامية لتقديمها لأكثر من نصف مليون أسرة مزارعة رغم الظروف الأمنية المعقدة، وتسعى المنظمة لزيادة البذور لمليون مزارع أملًا في إنتاج حبوب تغطي احتياجات 19 مليون مواطن سودانيا لمدة عام؛ لكن المنظمة بحاجة لـ65 مليون دولار بشكل عاجل للوصول إلى 6.3 مليون شخص وتزويد الأسر الزراعية ببذور عالية الجودة.
خبير لـ «البوابة»: اتساع رقعة الصراع يعنى المجاعة الحقيقية للجميعمن ناحيته، يؤكد عادل عبدالعزيز الفكي، الخبير الاقتصادي لـ«البوابة نيوز»، أن تأثير الحرب الدائرة منذ 4 أشهر ماضية على حجم الإنتاج وسلاسل الإمداد الغذائية في السودان؛ مُشيرًا إلى أنه رغم الأزمة الغذائية التي تشهدها السودان ولكن حتى الآن أثرها يُعد محدودا نظرًا لأن المعارك لم تخرج عن ولايات الخرطوم وغرب وجنوب دارفور ولكن اتساع رقعة الصراع المسلح يعني المجاعة الحقيقية خاصة أن الآلاف الذين فروا من مناطق النزاع للولايات الأخرى يعتمدون على القمح.
عادل عبدالعزيز الفكي الخبير الاقتصادي السودانيويضيف أن تحقيق الأمن الغذائي السوداني يعتمد على نجاح موسم الأمطار خاصة في زراعة الذرة والدخن؛ وتعتمد إنتاجيتها على الأمطار خلال موسم الخريف في أواسط السودان بين يونيو وحتى أكتوبر، مُشيرًا إلى أن مساحة الأرض الصالحة للزراعة في السودان تُقدر بحوالي 200 مليون فدان مُستغل منها نحو 40 مليون فدان فقط، وتبلغ مساحة الأراضي التي تروى صناعيًا 4.7 مليون فدان، والأراضي الصالحة زراعيًا وتروى من آبار الأمطار نحو 14.3 مليون فدان.
ويُشير الخير الاقتصادي إلى أن مساحات الزراعة التي تعتمد على الأمطار في السودان تبلغ حوالي 36 مليون فدان تمثل 90% من المساحة الكلية التي تزرع كل عام، وتتركز في السهول الطينية الوسطى في السودان؛ وفي حال نجاح موسم الأمطار فإن هذه المساحة يمكن أن تنتج نحو 5 ملايين طن من الحبوب الغذائية للسودان.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: السودان فی السودان ملیون فدان إلى أن
إقرأ أيضاً:
الصراع العسكري في السودان … الجهود الدولية لتحقيق العدالة لجنة تقصي الحقائق نموذجا
ان اللجنة الدولية لتقصي الحقائق، هي لجنة دولية بغرض تقصي الحقائق في كل الانتهاكات والتجاوزات التي تمت في السودان، منذ 15 ابريل 2023، وعليها اثبات هذه الانتهاكات والظروف التي ادت لها، والتجاوزات والكيانات التي قامت بهذه الانتهاكات، او الافراد الذين قاموا بذلك، ثم التحقيق في كل هذه الانتهاكات، وكل تجاوز تم بحسب قوانين حقوق الانسان، والقوانين الدولية.
الرصد والتوثيق
يقول المحامي والقانوني عن لجنة تقصي الحقائق الدولية عبدالرحمن عابدين هي لجنة شكلها مجلس حقوق الانسان، هي تابعة للجمعية العمومية للامم المتحدة، وجاء القرار استجابة للازمات الناجمة عن الصراع العسكري الدائر في السودان منذ 15 ابريل 2023، وحتي الان، والتقصي حول الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبت اثناء هذا النزاع، وهو صدر في 11 اكتوبر 2023، تم تعيين ثلاثة اشخاص لها في ديسمبر 2023، منذ يناير 2024، بدأت اعمال اللجنة الدولية لتقصي الحقائق.
اضاف عبد الرحمن ان اختصاصات اللجنة الدولية لتقصي الحقائق تشمل تحقق في الانتهاكات والتجاوزات، تجمع الادلة، وتوثقها، وتوثيق المعلومات ذات الصلة والمسؤولين، اذا كانوا افراد او كيانات، وايضا تقديم توصيات بشأن المساءلة القانونية لكل المنتهكين، اوضح ان المشاكل الكبيرة في السودان، هي تجاوز الانتهاكات التي تحدث.
الاحالة المحكمة الجنائية الدولية
المطلوب من لجنة تقصي الحقائق قدمت تقرير شفاهي في شهر يوليو، وقدم تقرير في ما توصل اليه في اكتوبر 2024، والبعثة مدتها سنة، والمجلس له السلطة في تمديد عملها، والجمعية العامة للامم المتحدة لها الحق في مناقشة التقرير، اذا رات فيه ما يتوجب التدخل باي شكل من الاشكال، ترفع ذلك الي مجلس الامن الدولي، ومجلس الامن يمكن احالته الي المحكمة الجنائية الدولية.
اضاف عبدالرحمن من الاشياء المهمة في القرار، انه تحدث في العنف الجنسي، والاغتصابات ضد النساء، والانتهاكات ضد الاطفال خصص لها حيز، رغم ان البعثة عملها لكل ولايات السودان، لكن خصص ولاية الخرطوم، وكل ولايات اقليم دارفور، باعتبارها من الولايات التي تثير قلقا في العالم، لتزايد تجاوزات حقوق الانسان كانت كبيرة للغاية.
القتل خارج نطاق القانون
اوضح ان مجلس حقوق الانسان هو احد الاليات الاساسية لحماية حقوق الانسان، يقوم بضغط قانوني ومعنوي، ويتم اللجوء اليه في حال مخالفة اي دولة مسائل وقضايا حقوق الانسان، وهنا يمكن تكون لجان التقصي، ويرسل مبعوث خاص، مشيرا الي ان القرار في السودان يعني الكثير، ينبغي محاكمة اي شخص، واي جهة، او كيان ارتكب جرائم، مثل القتل خارج نطاق القانون، او العنف الجنسي او الاعتقال التعسفي، والتعذيب او التهديد بالفصل عن العمل، او احتلال المنازل، والسرقة والنهب والسخرة، والتجنيد الاجباري خاصة للاطفال.
اعتداء ممنهج ومدروس ومخطط لجماعات مدنية
اوضح ان كل ما تم ذكره تعتبر جرائم ضد الانسانية، وجرائم حرب، ومعلوم ان هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، مهما طال الزمن، وهذا الشئ، والجرائم ضد الانسانية هي اعتداء ممنهج، ومدروس ومخطط لجماعات مدنية، وهذا التعريف وفق المادة (7) من قانون محكمة الجنايات الدولية، يطالب من ضحايا هذه الانتهاكات والشهود علي هذه الانتهاكات ان يدلوا بالوقائع وكل المعلومات.
مجزرة عنبر جودة
ذكر عبد الرحمن ان كل الانتهاكات وكل التجاوزات التي ارتكبت في الفترات في الفترات السابقة، لم يقدم الجناة الي المحاكم، اعطي مثالا لذلك، بعد استقلال السودان في يناير 1956، في فبراير 1956، ارتكبت مجزرة عنبر جودة والتي قتل فيها 200 شخص، وهذه المجزرة لم تتم محاكمة اي شخص مسؤول عنها، ولجنة دارفور 2004، لجنة دفع الله الحاج يوسف، وهذه اللجنة لم تقوم بمحاكمة اي شخص مسؤول، وجه التقرير اتهامات الي الحركات المسلحة والجيش في حرق القري، واغتصاب.
اضافة الي مجزرة قصر الضيافة 1971، تقرير اللجنة لم يظهر للعلن، ولم اي شخص للمحاكمة، في عهد الرئيس جعفر نميري، وفقا لتقرير القاضي حسن علوب، في دارفور في الضعين 1987 التي قتل اكثر 4 الف جنوبي، حسب ما اشار اليه المحامي عبدالرحمن، لم يقدم شخص للمحاكمة، وفي المدي القريب، احداث الجنينة 2021، تم تشكيل لجنة تقصي حقائق، وأحداث الفاشر.
وأضاف عبدالرحمن ان تجاوز الانتهاكات التي حدثت في تاريخ السودان، هي جرائم كبرى، وابرزها جريمة فض اعتصام القيادة العامة للجيش السوداني، في يونيو 2019، تم تكوين لجنة، فض الاعتصام كان جريمة كبرى في تاريخ السودان الحديث، واللجنة التي كونت لم تكمل عملها.
مسألة الإفلات من العقاب
أن تجاوز انتهاكات حقوق الضحايا، هي الأسباب التي تجعل هذه الحرب تستمر الى الان، اذا كان في محاكمات للجناة في هذه القضايا، ما يجعل الآخرين يحجموا عن ارتكابها مرة أخرى، والتاريخ السوداني ملء بمسالة الافلات من العقاب، ولم تحدث مصالحة او عدالة انتقالية، او قدم المجرمين الي المحاكمات، وطالب الشهود بالابلاغ عن الانتهاكات، من الشهود او الضحايا، يقول انها محاطة بالسرية التامة.
تقرير: حسن اسحق
ishaghassan13@gmail.com