تتواصل نداءات واستغاثات  المؤسسات الطبية السودانية بضرورة تجنيب المستشفيات والمراكز الصحية لأعمال العنف الدائر بين طرفي الصراع في السودان؛ إلا أن طلقات الرصاص وقذائف المدفعية لم تستثن المراكز الدوائية.

ومُنذ الساعات الأولى لاندلاع الصراع المسلح في السودان؛ وسيطرة الدعم السريع على الصندوق القومي للإمدادات الطبية؛ تزداد أوجاع المرضى في ظل نقص الأدوية واختفاء بعض الأصناف وارتفاع الأسعار لـ أثمان باهظة.

القومى لأمراض الكُلى يدق ناقوس الخطر.. ونحو 8 آلاف مريض فى خطر

مطلع أغسطس 2023، دق المركز القومي لأمراض الكلى بالسودان ناقوس الخطر بشأن توقف الخدمات بسبب انقطاع الامدادات الطبية لمرضى الغسيل الكلوي؛ إذ يواجه نحو 8 آلاف مرضى كلى ويتلقون العلاج بـ105 مراكز أزمة كارثية منذ اندلاع الصراع؛ ويحتاجون لنحو 70 ألف عملية غسيل في الشهر، مناشدون بتوفير 2.5 مليون دولار، لشراء حاجة المرضى الغسيل الكلي والأدوية لوصول المراكز لحالة العجز الكامل. ولكن وزارة الصحة السودانية ردت في بيان رسمي تؤكد توفير إمدادات طبية لهذه المراكز كل 3 أشهر بتكلفة تبلغ نحو 2.5 مليون دولار.

من نجا من الرصاص قتله المرض

وأما عن الاعتداء على المستشفيات والمراكز الطبية في زمن الحرب فحدث ولا حرج؛ ففي الأسبوع الأول من أغسطس 2023، أعلنت نقابة أطباء السودان سقوط قذيفة بالمستشفى الكويتي للأطفال والاعتداء على المستشفى وسرقة سيارات المستشفى وخزينة المالية وترويع المرضى والمرافقين مما أدى إلى خروجه عن العمل خلال تلك المواجهات؛ أما مستشفى النو في مدينة أم درمان رفعت حوجتها العاجلة لكوادر جراحية وطبية والتبرع بالدم لإسعاف المصابين وضحايا الحرب.

100 يوم على حرب السودان

وفي الربع الأخير من يوليو؛ كشف تقرير للجنة أطباء السودان عن أوضاع القطاع الصحي في السودان بعد 100 يوم من الصراع؛ وأوضح التقرير أن 70% من المستشفيات المتاخمة لمناطق النزاع توقفت عن الخدمة من أصل 89 مستشفى أساسية في العاصمة والولايات و27 مستشفى يقدم خدمة الإسعافات أولية فقط ومهددة بالإغلاق نتيجة نقص الكوادر الطبية والإمدادات الطبية والانقطاع شبه الكامل للماء والكهرباء.

وأشار البيان إلى ارتفاع عدد المستشفيات التي تم قصفها منذ بداية الاشتباكات 19 مستشفى وتعرض و22 مستشفى للإخلاء القسري والاعتداء على 15 عربة إسعاف منذ بداية الحرب وحتى نهاية يوليو.

أما نقابة أطباء ولاية القضارف فأصدرت بيانًا استنكاريًا بسبب الوضع الطبي الكارثي الذي تشهده المستشفيات في الولاية وسط صمت وزارة الصحة والجهات المانحة؛ أكد البيان على عجز الهيئة عن تحمل الوضع الكارثي الذي وصلت إليه المستشفيات حيث تعمل بأقل من 50% من كوادرها نسبة لعجزهم التام وفقرهم المدقع الذي يهدد بالانهيار الكامل لقطاع الصحة وبدأ الانهيار بالتسلل فعليًا لبعض الوحدات.

خروج ثلثى المستشفيات عن الخدمة

عن انتشار الأمراض والأوبئة في السودان في زمن الحرب، قالت منظمة الصحة العالمية بـ 100 يوم من الحرب: إن الأزمة الصحية فى السودان وصلت لمستويات خطيرة للغاية بعد خروج ثلثى المستشفيات عن الخدمة؛ مؤكدة التحقيق في وقوع 51 هجومًا مسلحًا على المرافق الصحية ووفاة 10 أشخاص وإصابة 24 آخرين منذ اندلاع الصراع وحتى 24 من يوليو 2023.

وأفادت المنظمة بأن 3.4 مليون شخص اضطروا للنزوح من مناطق النزاع للحدود والبلدان المجاورة، ويجرى تحديد حالات الملاريا والحمى الصفراء بين حوالي 17 ألف شخص لجأوا لأفريقيا الوسطى، بينما تم الإبلاغ عن تفشي الكوليرا وتزايد الإسهال المائي الحاد والحصبة بين الأطفال النازحين إلى جنوب السودان وارتفاع الوفيات بين أكثر من 176 ألف شخص فروا لجنوب السودان. مطالبة بتلبية نداء الطوارئ لـ 145 مليون دولار لم تتلق المنظمة منه سوى 10% فقط.

دعم أممي لـ مرضى الإيدز والسل

وفي الأسبوع الأول من سبتمبر 2023، أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عن وصول إمدادات طبية تكفي لـ مدة 12 شهرًا من أدوية فيروس الإيدز والسل المنقذة للحياة بقيمة 3 ملايين دولار أمريكي لبورتسودان والأدوية الأساسية الأخرى ومن بينها الأنسولين؛ ومن المتوقع أن تكفي 11 ألف شخص من فيروس نقص المناعة وعلاج 2 ألف حالة سل سيتم توزيعهم على المستشفيات العامة ومراكز الصحة.

أكثر من 3 آلاف مصاب بـ"الحصبة" في 8 ولايات ووفاة 58 شخصًا

وبدوره، قال هيثم محمد إبراهيم، وزير الصحة السوداني في تصريحات صحفية: إنه تم تسجيل أكثر من 3 آلاف مصاب بـ الحصبة في 8 ولايات ووفاة 58 شخصًا؛ وتزايد الأعداد  في ولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق بشكل خاص؛ فلافتًا إلى أن مسببات انتشار الملاريا منتشرة في كل ولايات السودان وحمى الضنك في 10 ولايات، ويتطلب مكافحتها تحريك مجتمعي عاجل لارتباطها بالبيئة والكثافة السكانية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حرب السودان الصحة في السودان المرضى في السودان مستشفى السودان فی السودان

إقرأ أيضاً:

الناس تموت دون رصاص.. صحة غزة تناشد العالم إدخال طواقم طبية مجهزة للقطاع

طالب مدير عام وزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور منير البرش بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي وإجباره على السماح بإدخال الطواقم والطبية لإنقاذ سكان الشمال، مؤكدا موت عشرات الآلاف بسبب تدمير المستشفيات.

وقال البرش، في مقابلة مع الجزيرة، إن الاحتلال ما زال يماطل بشدة في تنفيذ الجوانب الإنسانية التي تضمنها اتفاق وقف إطلاق النار، خصوصا إدخال الأدوية والأجهزة الطبية ومولدات الكهرباء.

ويرفض الاحتلال -حسب البرش- نقل معدات ومستشفيات ميدانية من جنوب القطاع إلى شماله الذي يعيش توقفا شبه كامل للخدمات الصحية.

دعوة لإدخال طواقم طبية

كما طالب البرش بإدخال الوفود الطبية للمشاركة في إجراء العمليات النوعية التي أجروا الكثير منها خلال الحرب، ولتعليم الكوادر المحلية القيام بهذه الجراحات.

وقال إن إدخال هذه الوفود أهم من إخراج الجرحى بكثير شريطة أن يسمح لها باصطحاب كامل تجهيزاتها التي يتطلبها إجراء العمليات اللازمة، لأنها غير متوفرة بالقطاع.

وأكد البرش ضرورة إجبار الاحتلال على فتح ممر آمن لإخراج الجرحى الذين لم يخرج منهم إلا عدد قليل جدا حتى الآن. وأضاف أن "هناك قائمة بأسماء 400 طفل دون سن السادسة تم تسليمها، لكن الاحتلال يعيد العشرات منهم لأسباب أمنية".

إعلان

وشدد على ضرورة "تفويج أكثر من 12 ألفا و500 مريض يحتاجون خروجا عاجلا بشهادة منظمة الصحة العالمية"، مشيرا إلى أن 100 طفل ماتوا خلال الفترة الماضية بسبب تعنت الاحتلال في إخراجهم، رغم أنهم حصلوا على حق العبور بعد تطبيق وقف إطلاق النار.

وينص الاتفاق على خروج 300 جريح يوميا لكن من يخرجون لا يتجاوزون 38 شخصا، غالبيتهم من الأطفال وليس من الجرحى، كما قال البرش.

كارثة أكبر من الحرب

ويعيش الشمال كارثة تفوق ما كان عليه الوضع خلال الحرب، وذلك بسبب غياب الخدمات الطبية بشكل كامل، خصوصا لمن يعانون الفشل الكلوي وأمراض القلب وغيرها من الأمور التي تتطلب رعاية دقيقة، حسب البرش.

ولم يعد المستشفى الإندونيسي قادرا على العمل بسبب عدم وجود وحدة أكسجين أو مولد كهرباء، وهي أمور يقول البرش إنها أساسية لتشغيل المستشفيات، وينص الاتفاق على إدخالها بشكل عاجل وهو ما لم يحدث.

ونص الاتفاق أيضا على إدخال الوقود وألواح الطاقة الشمسية ومستشفيات ميدانية، بعضها موجود فعليا في الجنوب، لكن الاحتلال لا يسمح بنقله للشمال، وفق ما أكده مدير عام وزارة الصحة.

وكان يفترض أن يتم نقل مستشفى ميداني قطري من 600 سرير وآخر تابع لمنظمة أطباء بلا حدود الفرنسية، غير أن البرش أكد منع الاحتلال نقل هذه المستشفيات للشمال حتى الآن.

ويعاني الشمال -حسب المتحدث- من أزمة في التعامل مع مرضى الغسيل الكلوي، حيث يتسع مستشفى الشفاء لسبعين حالة فقط، في حين أن 200 حالة جديدة وصلت بعد السماح للنازحين للعودة.

مستشفى كمال عدوان بشمال قطاع غزة (أرشيفية-الجزيرة)

وأدى تدمير المستشفيات في القطاع لوفاة أضعاف من ماتوا برصاص الاحتلال، وفق تعبير البرش الذي أكد أن غياب الخدمات الصحية كان سببا في موت عدد كبير جدا من المرضي الذين كانوا بحاجة لخدمات عاجلة ودقيقة.

وحاليا يعاني الناس بسبب المنخفض الجوي الذي يضرب القطاع، حيث لجأ الناس للمستشفيات، في حين لا يوجد أي مستشفى أطفال في الشمال، ولا يوجد أي مكان لإجراء عمليات الغسيل الكلوي.

إعلان

وخاطب القائمون على قطاع الصحة المنظمات الأممية والدولية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية بكل ما هو مطلوب لتشغيل المستشفيات وإنقاذ حياة الناس، لكن الاحتلال يعطل وصول هذه الطلبات، وفق ما أكده البرش.

وقال مدير عام الصحة في القطاع "لقد تكشفت لنا حقائق وصعوبات ومشاهد تفوق ما كنا نعيشه خلال الحرب نفسها، فمن مات بسبب نقص الخدمة الصحية أكثر بكثير ممن استشهدوا برصاص الاحتلال".

وأضاف "على سبيل المثال، وجدنا أن 40% من مرضى الغسيل الكلوي وحدهم ماتوا بسبب عدم تقديم الخدمة لهم خلال الحرب"، مؤكدا أن "عشرات آلاف السكان ماتوا بسبب تدمير المستشفيات وإخراجها من الخدمة".

وتم إطلاع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة للمناطق المحتلة وممثل مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) على الأوضاع في مستشفى الشفاء اليوم الخميس، سعيا لحل هذه المشكلة التي يقول البرش إنها ترجع في جزء منها إلى البيروقراطية التي تخضع لها المنظمات الأممية والدولية والتي تعطل القيام بالأمور العاجلة انتظارا لموافقة الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • الديمقراطيات الأوروبية بين مطرقة الأوليجارشية الأمريكية وسندان الاستبداد الروسي والصيني
  • الناس تموت دون رصاص.. صحة غزة تناشد العالم إدخال طواقم طبية مجهزة للقطاع
  • منظمة أطباء بلا حدود: توافد الجرحي إلى المستشفيات في جميع أنحاء السودان
  • منظمة الصحة العالمية تعبر عن قلقها إزاء الهجمات على المرافق الصحية بالسودان
  • إيران بين مطرقة العقوبات وسندان التنازلات.. هل يتخلى النظام عن حزب الله؟
  • صحة السودان تتابع المستشفيات التي دمرتها الدعم السريع
  • رياح ترامب الصفراء تهب مبكرا.. العراق بين مطرقة العقوبات وسندان الاعتماد على إيران- عاجل
  • بنك مصر ومؤسسته يساهمان بنحو 445 مليون جنيه لدعم مدينة جامعة عين شمس الطبية
  • ‎منظمة الصحة تجرب لقاح ضد إيبولا السودان
  • الصحة العالمية: الأولوية في غزة تلبية الاحتياجات الطبية وتشغيل المستشفيات