المقداد أمام اجتماع مجلس الجامعة العربية: الأمن القومي العربي مترابط لا يتجزأ، والتحديات التي تواجه دولنا تتطلب تعزيز العمل المشترك
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
القاهرة-سانا
أكد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن الأمن القومي العربي مترابط لا يتجزأ، والتحديات التي تواجه العديد من الدول العربية من تدخلات في شؤونها الداخلية واعتداءات عسكرية واحتلال أجنبي لأجزاء من أراضيها وانتشار للإرهاب والفقر وتراجع المؤشرات التنموية تهدد الأمن العربي برمته، ما يتطلب تعزيز العمل العربي المشترك وتضافر الجهود لوضع حد لها.
وقال المقداد في كلمة سورية أمام الدورة الـ160 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في القاهرة اليوم: نجتمع اليوم في وقت لا يزال العالم يواجه تحديات وأزمات متشابكة تهدد دوله، أفرزها اللجوء خلال السنوات الماضية إلى نهج أحادية في إدارة العلاقات الدولية تنتهك سيادة الدول وتتدخل في شؤونها الداخلية، وتستهدف مؤسساتها الوطنية وتهدد وحدتها وسلامة أراضيها، خدمة لأجندات تدخلية تتبناها وتروج لها بعض الدول الغربية وتنتهك قواعد القانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة.
وأشار المقداد إلى أن الغرب الجماعي الذي يطرح اليوم مفهوم العالم القائم على القواعد، إنما يريد فرض قواعده على شعوب العالم الأخرى، بما في ذلك شعوبنا لأنه هو الذي وضع هذه القواعد في غفلة من الزمن، وهو مدرك أن هذه القواعد تتناقض مع قواعدنا وأخلاقنا وقيمنا، أما عندما يتحدثون عن الحوكمة فإنهم يقصدون تحكمهم بشعوب العالم، وأوضح دليل على ذلك هو ما يسمى في ولايته الكونية على قوانيننا وفكرنا وقضائنا واستقلالنا وسيادة أوطاننا .
وبين وزير الخارجية والمغتربين أن منطقتنا العربية كانت ولا تزال عرضة بدرجات مختلفة للتداعيات التي أفرزتها هذه التوجهات، حيث يواجه العديد من دولنا تدخلات في شؤونها الداخلية واعتداءات عسكرية واحتلالا أجنبيا لأجزاء من أراضيها وانتشارا للإرهاب والفقر وتراجع المؤشرات التنموية، لافتا إلى أن هذا الواقع يدفعنا للتأكيد مجددا على الحاجة لتعزيز العمل العربي المشترك في معالجة القضايا الرئيسية التي تهمنا والتوافق على إصلاح مؤسسة الجامعة العربية وتطوير عمل آلياتها من خلال الحوار الشفاف والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين دولنا، بما يمكننا من بلورة خطط مشتركة للتصدي للأخطار التي تهدد شعوبنا ودولنا ووضع حلول لها، ومن مواكبة التطورات الدولية والتأثير فيها، في ظل مؤشرات جدية على نهاية هيمنة القطب الواحد في النظام الدولي السائد لصالح عالم متعدد الأقطاب، وقد طرح السيد الرئيس بشار الأسد جملة من الأفكار لإصلاح آليات عملنا المشترك، والتي سنعود إلى طرحها خلال مداولات مجلس الجامعة حولها .
وأوضح المقداد أن قمة جدة بقراراتها المهمة، والانفراجات العربية- العربية والعربية- الإقليمية التي سبقتها، واستمرار سورية في ممارسة دورها المحوري الطبيعي في محيطها العربي، شكلت نقطة انعطاف مهمة وتدشينا لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك والتقارب الإقليمي للتضامن بيننا ولخدمة دول المنطقة وشعوبها، وعلينا جميعا أن نتمسك بما تحقق في قمة جدة، فالأمن القومي العربي مترابط لا يتجزأ ويتطلب الحفاظ عليه تعاونا صادقا بين الدول العربية ومؤسساتها المشتركة للمساهمة، بناء على طلب الدول المعنية، في تسوية الأزمات التي تعصف بليبيا واليمن والسودان بعيدا عن التدخلات الخارجية، ومواجهة التدخلات العسكرية التركية في سورية وغيرها من البلدان العربية والتي يهدد استمرارها الأمن القومي العربي والمصالح العربية العليا.
ولفت المقداد إلى أن سورية تتعاون مع لجنة الاتصال العربية على قاعدة الالتزام الكامل بسيادتها واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وانطلاقاً من قناعتها بأهمية الدور العربي الأخوي في دعم الشعب السوري لتجاوز تداعيات الحرب الإرهابية عليه والتغلب على التحديات الأساسية التي تواجهه، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب بمختلف أشكاله ومظاهره، وإنهاء أي وجود عسكري أجنبي غير شرعي على الأراضي السورية باعتباره احتلالا ينتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ورفع الإجراءات القسرية الأحادية المفروضة على الشعب السوري، إضافة إلى توفير متطلبات عودة السوريين النازحين داخل سورية وخارجها إلى ديارهم وبلدهم.
وبين وزير الخارجية والمغتربين أن الاجتماع الأول للجنة الذي استضافته القاهرة منتصف الشهر الماضي، وفر مناسبة لعرض الإجراءات والتسهيلات التي اتخذتها سورية خلال الفترة الماضية لإيصال المساعدات الإنسانية لجميع مواطنيها دون تمييز، ولتسهيل عودة السوريين الراغبين إلى بلدهم، ومناسبة لاستعراض الصعوبات التي تعرقل عودتهم نتيجة للإرهاب وللحصار الاقتصادي الغربي، مؤكدا في هذا المجال أهمية الدعم الدولي لتوسيع نطاق الأنشطة الإنسانية في سورية، لتشمل مشاريع التعافي المبكر وتمويلها بعيدا عن المشروطية السياسية، بهدف تحسين الأوضاع الإنسانية وتهيئة الأرضية اللازمة لعودة اللاجئين على سبيل الأولوية.
وأشار المقداد إلى أن البيان الختامي الصادر عن اجتماع القاهرة يوفر الإطار الأمثل للتحرك والتعاون مع الدول العربية في المرحلة الحالية، بعيدا عن المحاولات الأمريكية والغربية للتشويش على هذا المسار وعرقلته، بل إن الدول الغربية تدخلت بشكل وقح ومارست ضغوطا غير مقبولة لمنع أي تقارب عربي خدمة لأهدافها ولعدوانها بما في ذلك بشأن بعض القرارات التي اعتمدتها قمة جدة.
وأوضح المقداد أن التحديات الرئيسية التي تواجه سورية لا تقتصر عليها، بل يمتد نطاقها لتهدد الأمن القومي العربي برمته، فالإرهاب الذي طال بجرائمه سورية والعديد من الدول العربية، والاحتلال التركي والأمريكي لأجزاء من الأراضي السورية ومفرزاته، يهدد المصالح العربية بشكل عام ويتطلب تضافر الجهود لوضع حد له. ولفت المقداد إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وجرائم الاحتلال، والاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في فلسطين وفي الجولان السوري المحتل، ومحاولات تكريس الاحتلال والترويج لإجراءاته غير القانونية بضم القدس الشرقية والجولان السوري المحتل، تستوجب حشد الدعم الدولي والضغط لوضع حد لها ولمخاطرها على السلم والأمن الدوليين وعلى فرص تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة القائم على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأرض الفلسطينية المحتلة ومن الجولان السوري المحتل إلى خط الرابع من حزيران 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس تنفيذا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية.
وأعرب المقداد عن تطلع سورية إلى أن ترقى مناقشات الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري وقراراتها إلى مستوى التحديات والأخطار التي تهدد دولنا وأمتنا العربية، وأن تؤسس لتضامن حقيقي يمنع التدخلات الخارجية في شؤونها ويركز على تحقيق التحرر ومكافحة الإرهاب والتنمية والازدهار بدلاً من الحرب والدمار.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: فی شؤونها الداخلیة الجامعة العربیة الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
مبادرات محمد بن راشد تثمن دعوة الجامعة العربية لاعتماد "تحدي القراءة" منهجاً تعليمياً في العالم العربي
ثمنت مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية" دعوة جامعة الدول العربية الوزارات المعنية بالتعليم في الدول العربية لاعتماد مبادرة تحدي القراءة العربي منهجاً تعليمياً، باعتبارها مشروعاً معرفياً وثقافياً رائداً يساهم في تعزيز اللغة العربية.
وتأتي هذه الدعوة بناء على القرار الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أحد مؤسسات جامعة الدول العربية، في دورته العادية 114 على المستوى الوزاري، والذي أعلنت عنه السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة خلال احتفالية نظمت في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة أمس الأربعاء بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام.
وأكد سعيد العطر الأمين العام المساعد لمؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، أن مبادرة تحدي القراءة العربي تترجم رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في نشر ثقافة القراءة باللغة العربية لدى الطلاب والطالبات، ومساعدتهم للتمكن من علومها وتذوق جمالياتها، وإدراك ثرائها غير المحدود وقدرتها على استيعاب مختلف العلوم والمعارف، وإعلاء شأنها كهوية وانتماء حضاري.
وقال إن دعوة جامعة الدول العربية لاعتماد مبادرة تحدي القراءة العربي منهجاً تعليمياً في العالم العربي تكتسب أهمية كبرى في هذا التوقيت حيث يحتفل العالم باللغة العربية، كلغة شعر وفن وإبداع، لغة فكر وعلم وابتكار، لغة هوية وثقافة وحضارة، شكلت عبر العصور جسراً معرفياً بين مختلف الشعوب والحضارات.
وأضاف سعيد العطر أن دولة الإمارات جعلت اللغة العربية جزءاً لا يتجزأ من هويتها الثقافية من خلال العديد من المشاريع والمبادرات المعرفية التي تخدم أبناء الضاد أينما كانوا، لعلّ أهمها “تحدي القراءة العربي”، المبادرة الأكبر من نوعها عربياً لغرس ثقافة القراءة باللغة العربية لدى النشء، حيث شارك فيها على مدى ثماني دورات أكثر من 131 مليون طالب وطالبة، وهؤلاء سيكونون حرّاس اللغة العربية في المستقبل، مواصلين تكريس مكانتها العالمية كلغة علم وأدب وفن وجمال.
وأشار إلى أن مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، ستبقى ملتزمة بتطوير خططها ورؤاها لخدمة اللغة العربية، وتسخير خبراتها وإمكاناتها لنشر ثقافة القراءة لدى الأجيال العربية الصاعدة.
ويهدف تحدي القراءة العربي، والذي أطلق في دورته الأولى في العام الدراسي 2015 – 2016 بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، وتنظّمه مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية" إلى تعزيز أهمية القراءة لدى الطلبة المشاركين على مستوى الوطن العربي والعالم، وتطوير آليات الاستيعاب والتعبير عن الذات بلغة عربية سليمة، وتنمية مهارات التفكير الإبداعي، وصولاً إلى إثراء المحتوى المعرفي المتوفر باللغة العربية وتعزيز مكانتها لغة للفكر والعلم والبحث والإبداع.
ويسعى التحدي إلى ترسيخ حب لغة الضاد في نفوس الأجيال الصاعدة وتشجيعهم على استخدامها في تعاملاتهم اليومية، وتعزيز قيم التواصل والتعارف والحوار والانفتاح على الثقافات المختلفة، وهو ما يرسخ مبادئ التسامح والتعايش وقبول الآخر.
وسجل تحدي القراءة العربي معدلات نمو هائلة في حجم المشاركة بداية من الدورة الأولى التي استقطبت 3.6 مليون طالب وطالبة وصولاً إلى الدورة الثامنة التي حققت أرقاماً غير مسبوقة حيث وصل عدد المشاركين في تصفياتها إلى أكثر من 28.2 مليون طالب وطالبة بارتفاع قدره 683% عن الدورة الأولى ليبلغ إجمالي عدد الطلبة المشاركين في ثماني دورات أكثر من 131 مليون طالبة وطالبة.
كما سجل تحدي القراءة العربي عبر ثمانية مواسم 795 ألف مشاركة للمدارس العربية، وبدأت الدورة الأولى بمشاركة 30 ألف مدرسة ليصل العدد في الدورة الثامنة، إلى أكثر من 229 ألف مدرسة، وصعد عدد المشرفين من 60 ألفاً في الدورة الأولى إلى أكثر من 154 ألفاً في الدورة الثامنة وبإجمالي 716 ألف مشرف ومشرفة عبر ثمانية مواسم من عمر تحدي القراءة العربي.
يذكر أن اليوم العالمي للغة العربية، أقرته الأمم المتحدة عام 1973، في خطوة تهدف إلى ترسيخ مكانة اللغة العربية كلغة عالمية ضمن لغات العمل الرسمية في المنظمة الدولية، حيث تعتبر من أكثر اللغات تحدثاً ضمن مجموعة اللغات السامية وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم حيث يتحدثها نحو 450 مليون نسمة يتوزعون بشكل أساسي في الوطن العربي إضافة إلى العديد من المناطق الجغرافية المجاورة.
وتكتسب اللغة العربية أهميتها من كونها لغة القرآن الكريم وقد أثر انتشار الإسلام وتأسيسه دولاً خارج الجزيرة العربية في ارتفاع مكانتها حيث أصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون.
وأثرت اللغة العربية تأثيراً مباشراً على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي كالتركية والفارسية والأمازيغية والكردية والأردية والماليزية والإندونيسية والألبانية وبعض اللغات الأفريقية الأخرى مثل الهاوسا والسواحلية وبعض اللغات الأوروبية، خاصة المتوسطية منها كالإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية.
وتعتبر اللغة العربية من أغزر اللغات من حيث المادة اللغوية فعلى سبيل المثال يحوي معجم لسان العرب لابن منظور من القرن الثالث عشر أكثر من 80 ألف كلمة، بينما في اللغة الإنجليزية فإن قاموس صموئيل جونسون وهو من أوائل من وضع قاموساً إنجليزياً من القرن الثامن عشر يحتوي على 42 ألف كلمة.