أبوظبي في 6 سبتمبر / وام / أقيمت اليوم فعاليات مؤتمر "دور وسائل الإعلام في صون الصقارة والتراث الثقافي غير المادي" الذي نظمه معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية ضمن فعاليات دورته العشرين المقامة حاليا في مركز أبوظبي الوطني للمعارض بحضور عدد كبير من الباحثين والمهتمين وممثلي وسائل الإعلام، لتسليط الضوء على الدور المهم الذي يقوم به الإعلام في تعزيز الصيد المُستدام وصون التراث الوطني بمختلف مفرداته.

شهد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، معالي ماجد علي المنصوري رئيس اللجنة العليا المنظمة لمعرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية الأمين العام لنادي صقاري الإمارات، و عمر فؤاد أحمد مدير المعرض، وأعضاء من الاتحاد العالمي للصقارة والمحافظة على الطيور الجارحة، والمهتمين بالصقارة من مختلف دول العالم وعدد من الإعلاميين العرب والأجانب.

وتحدث في الجلسة الافتتاحية معالي زكي أنور نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، و سعادة الدكتور علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، و محمد الحمادي رئيس جمعية الصحافيين الإماراتية، وأدار الجلسة الشاعر والإعلامي إياد المريسي.

وأكد معالي زكي نسيبة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، في كلمته، أنّ أبوظبي استطاعت أن تستحوذ على اهتمام كبريات الصحف العالمية ووسائل الإعلام الفاعلة، والتي كانت تُعدّ تقارير مستمرة عن جميع الفعاليات، بل إن مراسلي هذه الصحف كانوا يمارسون شغفهم بهذه المهنة من ناحية التقاط الصور للصحراء والأنشطة التراثية المصاحبة، ويخطّون أروع ما قيل ويُقال عن الطبيعة في دولة الإمارات وكيف استطاعت حتى اليوم المحافظة على هذا الإبداع من خلال الجمع بين الماضي والحاضر، بل ودمج عناصر التراث في كل مكوّنات الحداثة والتطور اليوم. وأضاف قائلاً: "يحضرنا هنا ما قالته الصحافة الأميركية من أنّ (الإمارات اختارت أن تبني ردّها الثقافي على مخاطر العولمة من تراثها واعتدالها، وأمام تحدّيات التآكل الثقافي في العالم، نجحت أبوظبي في أن تبني حياتها حول الموازنة بين التقاليد والتواصل الحي مع التقدّم العالمي، لحماية الهوية الوطنية ولتذكير المواطنين بالتاريخ ودلالته وتأثيره). كما وصف الكاتب الأميركي كريس رايت، فعاليات أبوظبي التراثية بأنّها ( ليست مسابقات عرضية، بل نتيجة فكر واستراتيجية موضوعة).

وأكد معاليه أنّه، وبفضل الاهتمام الإعلامي المحلي والدولي فإنّ العديد من المهرجانات والفعاليات التراثية باتت مقصداً للسياح يقصدونها في كل عام وينتظرونها بفارغ الصبر. وذكر أنّ دولة الإمارات تُولي رعاية كبيرة للإعلام وتبذل كل الجهود الممكنة لترسيخ روح الاتحاد وقيم الهوية الوطنية التي قام عليها، وتعزيز التنمية المُستدامة للفرد والمجتمع والأسرة والتطوير المهني للإعلام المحلي ورفده بالكوادر الإماراتية، هذه القيم هي ركيزة أساسية من الركائز التي ساهمت في أن تتصدّر دولتنا دول العالم في أهم معايير الحياة بمختلف جوانبها.

وأشار إلى أنّ الهدف النهائي لكلّ الفعاليات الضخمة، ولقائمة الأنشطة الغنية بالإبداع والتنوّع على مدار العام في دولة الإمارات، هو خلق دينامية ثقافية تفاعلية تؤسّس لأرضية حاضنة لولادة الإبداع التراثي، وصولاً إلى ترسيخ الشخصية الثقافية في نفوس أبنائنا، وإبراز الهوية الإماراتية المحلية للعالم عبر بث الصورة الأوضح والأكثر إشراقاً عن دولتنا وفعالياتها.

من جهته أكد سعادة الدكتور علي بن تميم، أنّ قيمة الصقارة تتعدّى مجرد كونها رياضة جماعية، إلى كونها منظومة مهارات وفنون وعادات وتقاليد شديدة الصلة بإرث هذه الأرض وأهلها وطبيعتها وتاريخها. مشيرا لأهمية دور وسائل الإعلام في صون الصقارة والتراث الثقافي غير المادي، وهو الدور الذي تمتد جذوره إلى عام 1976 حين أطلق المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أهم مبادرة إعلامية في هذا المجال: "مهرجان الصداقة الدولي الأول للبيزرة"، الحدث الذي شكّل منصّة استراتيجية وضعها الشيخ زايد ، أدخلت الصقارة في صلب الجهود المتنامية للحفاظ على البيئة وهذا الفن العريق، وسهَّلت نقل خبراته وممارساته للأجيال المتعاقبة.

وأضاف: "دور الإعلام الذي نودّ التركيز عند الحديث عنه يرتكز على مجموعة من النقاط الرئيسية: أولاً: تقع مسؤولية تعريف المجتمع، بكافة أطيافه، بركائز تراثهم المعنوي -بالدرجة الأولى- على وسائل الإعلام بأنواعها المتعددة. ونرى أن فنون الصقارة تستحق مبادرةً إعلامية خاصة، تُعيدها إلى صدارة اهتمام المجتمع وتُحيي هذا الفن الأصيل وما يرتبط به من أدبيات ومهارات وصناعات ثقافية، كما في نجاح برنامجي "شاعر المليون" و"أمير الشعراء" التلفزيونيين، حيث تمّ تمهيد الطريق في الوصول إلى الأجيال الجديدة بأساليب جذابة ومشوقة، فمن كان يظن أنّ أمسية شعرية يبثّها تلفزيون أبوظبي تحظى بمتابعة ملايين الناطقين بلغة الضّاد في أرجاء العالم الفسيح! ثانياً: التجارب أثبتت أن التراث بشقيه المادي والمعنوي أحد أهم ركائز قيام ونجاح الصناعات الثقافية بما لها من دور كبير في تعزيز الاقتصاد من مداخل السياحة وصناعات الترفيه وغيرها من نشاطات اقتصادية وتجارية. ثالثاً: ثمة ضرورة قصوى للتركيز على الإعلام بمعناه الواسع، الذي يشمل صناعة السينما والدراما والكتب باختلاف أشكالها ... وغير ذلك من صناعات. رابعاً: علينا العمل على تحويل الصِّقارة في الإمارات إلى صناعة ثقافية متكاملة، خاصة بعد تسجيلها ضمن تراث الثقافة الإنسانية، ولدينا البنية الأساسية اللازمة لهذا التحول متمثلة في هذا المعرض الكبير ومؤتمره الرصين ونادي صقاري الإمارات، وغير ذلك من أنشطة مهمة. نحتاج فقط إلى جهد تنظيمي تتحول معه الإمارات إلى نقطة جذب سياحي ومركز صناعة ثقافية قائمة على الصقارة وما يرتبط بها من فنون ومهارات وصناعات وطرق عيش وآداب وشعر وفنون وغير ذلك من تفاصيل. وخامساً، تابع الدكتورعلي بن تميم: أظنني لا أذهب بعيداً حين أؤكد ضرورة الاهتمام بجانب التأليف العلمي المتعلق بفنون الصقارة؛ فقد تعلمنا أن الكتاب أحد أبرز وسائل الإعلام، ولا أبالغ إن قلت إن تأسيس أكاديمية ترعى التأليف العلمي في مجال الصقارة على أرض الإمارات مطلبٌ له وجاهته.

وفي الختام، أكد سعادته أنّ تجربة الإمارات قائمة في فرادتها على الجمع بين الأصالة والحداثة في بناء نادر ألهم العالم بأسره وجعل الإمارات نموذجاً في الوطنية المعتزة ذاتها المنفتحة على كافة الثقافات والشعوب تفاهماً وحواراً وسلاماً.

من ناحيته ركّز محمد الحمادي رئيس جمعية الصحافيين الإماراتية، على التراث غير المادي للدول، لأنه أسهل أنواع التراث تفلتا وتبخرا وليس من السهل الحفاظ عليه، بينما ترجع أهميته إلى أنّه بمثابة البصمة الخاصة للشعوب ويخلق التنوع بين الشعوب والدول. مشيرا إلى أنّه في ظل التطور الكبير الذي يشهده العالم اتجهت كثير من الشعوب لتجاهل هذا التراث لصالح الحداثة والعصرنة.

ولخص الحمادي دور الإعلام لصون التراث المعنوي للمجتمع في ثلاثة محاور رئيسة هي، التعريف بالتراث المعنوي والترويج له، والعمل باستمرار على التوعية بأهمية التراث المعنوي وتعريف الأجيال الجديدة به حتى لا تفقده، وأن تكون وسائل الاعلام بمختلف أنواعها، حلقة وصل بين البرامج والفعاليات التراثية والمجتمع. لافتا إلى إن وسائل التواصل الاجتماعي، رغم ما قد يكون لها من سلبيات، تمثل الوسيلة الأسهل والأكثر قدرة على الوصول للناس وتوعيتهم بالتراث وضرورة حفظه.

واستعرض الحمادي عددا من التجارب الدولية والمحلية لبرامج تراثية حققت نجاحا كبيرا منها برنامج "ماستر كرافتز" الذي قدمته "بي بي سي" عن الحرف اليدوية في المملكة المتحدة عام 2010، وبرنامج "مجلس الشعراء" الذي كان يعرض في الإمارات سابقا، وبرنامجي "شاعر المليون" وأمير الشعراء"، داعيا للاهتمام بالإعلام باللغات الثانية.

وجمعت الجلسة التالية د.سلطان اليحيائي رئيس الاتحاد العربي للإعلام السياحي، الذي تحدث عن دور الاعلام في الترويج للمقومات التراثية والثقافية والسياحية، والكاتب والإعلامي أحمد فضل شبلول، الحاصل على جائزة الدولة المصرية في الأدب، الذي قدّم مداخلة بعنوان "كيف نُقدّم تراثنا وثقافتنا المحلية لأطفالنا وشبابنا؟"، وأدار الجلسة الشاعر والروائي والإعلامي هزاع أبوالريش.

عماد العلي/ ريم الهاجري

المصدر: وكالة أنباء الإمارات

كلمات دلالية: وسائل الإعلام الإعلام فی غیر المادی

إقرأ أيضاً:

افتتاح معرض لترميم المخطوطات والكتب النادرة “نماذج حقيقية” في مكتبة الأسد الوطنية

دمشق-سانا

ضمن أيام الثقافة السورية أقيم اليوم في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق معرض بعنوان “نماذج حقيقية” يسلط الضوء على ترميم المخطوطات والكتب النادرة في سورية.

ويهدف المعرض إلى تسليط الضوء على الجهود المبذولة للحفاظ على التراث الثقافي السوري، وتوعية الجمهور بأهمية الوثائق التراثية وتأثيرها على الهوية الوطنية.

وفي هذا الإطار، صرح فادي غانم مدير عام مكتبة الأسد الوطنية لـ سانا قائلاً: عادةً ما تمتلك المكتبات الوطنية أقساماً لترميم المخطوطات، لكننا أردنا أن نعرض هذه التجربة للعموم، لنعرف الجمهور بالمراحل التقنية والحرفية التي نستخدمها للحفاظ على التراث الوثائقي الثقافي السوري.

وتطرق غانم إلى دور مكتبة الأسد الوطنية في جمع وصيانة التراث الوثائقي، بالإضافة إلى المخطوطات الإقليمية والعربية، مشيراً إلى أن هدف المعرض هو نقل هذه التجربة للجمهور بدءاً من مرحلة الضرر وصولاً إلى استعادة المخطوطات لحالتها الأصلية.

من جانبه أوضح عطية طالب موظف قسم الترميم وتجديد المخطوطات بالمكتبة، أن هناك ميزات متعددة في القسم، حيث يتم تصنيع الحافظات الخاصة بالمخطوطات.

وأشار إلى نوعين من المخطوطات التي يتم التعامل معها، حيث يحتاج الأول منها إلى خياطة، بينما الثاني لا يتطلب ذلك، مؤكداً أهمية استخدام المواد الطبيعية في عملية الترميم، مثل صمغ النشاء وجلد الماعز.

ولفتت إيمان الفاعوري مديرة الإجراءات المساعدة، إلى أن المعرض يسلط الضوء على كيفية ترميم المخطوطات بدءاً من استلامها وحتى إعادتها إلى المستودع، حيث يتم تعقيم المخطوطات باستخدام أبخرة كيميائية، وبعد ذلك تُنظف وتُرمم بدقة عالية.

ميس العاني ويزن المصري

مقالات مشابهة

  • تجربة إثرائية فريدة للزائر.. هيئة المكتبات تنظم معرض المخطوطات السعودي
  • فواصل تراثية.. عرض فني راقص يحتفي بالتنوع الثقافي السوري
  • افتتاح معرض لترميم المخطوطات والكتب النادرة “نماذج حقيقية” في مكتبة الأسد الوطنية
  • «الأمن الثقافي ومكتسبات أكتوبر».. أولى جلسات مؤتمر الأدباء بجامعة المنيا
  • مؤتمر أدباء مصر يناقش "الأمن الثقافي ومكتسبات أكتوبر" في جلسة بحثية
  • مصر تشارك في النسخة الثانية من معرض "بَنان" للحِرف اليدوية بالرياض.. صور
  • هيئة المكتبات تستعد لتنظيم “معرض المخطوطات السعودي” في الرياض
  • مؤتمر الأدباء.. "الأمن الثقافي ومكتسبات أكتوبر" في أولى الجلسات بالمنيا
  • “بنان”.. جسر بين الماضي والمستقبل
  • نهيان بن مبارك يزور معرض أبوظبي الدولي للقوارب 2024