شفق نيوز:
2025-04-02@12:18:54 GMT

موازين العدالة لا يمكن غشها

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

موازين العدالة لا يمكن غشها

انشغل الفلاسفة والمفكرون بموضوعة العدالة حتى في حقب ما قبل الميلاد، إدراكا منهم لأهميتها في تحقيق المجتمع المنشود.

وبرغم تناول اشكالية العدالة لحقب طويلة، فإنها ما تزال تؤثر عميقا في المجتمعات المعاصرة؛ وكثيرا ما تضاف لموضوعة العدالة مفاهيم جديدة تقترن بعصرها، الا ان السمة الرئيسة تبقى لصيقة بها، ومفادها ان أي مجتمع لن تكتب له الرفعة والتقدم والرفاه، الا بأخذ العبر من مغزى العدالة وتطبيقها على الدساتير والقوانين وشتى مفاصل الحياة.

لقد التفت الفلاسفة الى قضية العدالة منذ عصور قديمة، لم تخلو بدورها من الاضطهاد بشتى صوره، وكذلك منذ تعزز القمع بوساطة محاكم التفتيش الأوروبية التي نشطت بخاصة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر ولم تلغى الا في القرن التاسع عشر، التي قتل فيها كثير من البشر لأسباب واهية.

لقد طرح الفيلسوف اليوناني ارسطو الذي عاش للمدة من 384 - 322 قبل الميلاد ما يسمى العدل التوزيعي، وفصلّه في توزيع الموارد والممتلكات والثروات والمناصب والأعباء بين أفراد المجتمع بحسب طاقتهم وقوتهم، وهذا النوع ينطبق على المعاملات بين الأشخاص والمؤسسات، مشددا على ان هذا النوع من العدل يحمي المجتمع من اندلاع الثورات المستمرة، لأن الناس دائمًا يثورون طلبا للمساواة، ويرى ارسطو أن هناك علاقة تطابق بين الإنصاف والعدل، ولكن الأفضلية تكون للإنصاف بصفته يصحّح خطأ العدالة.

أما الفيلسوف والسياسي الفرنسي الاشتراكي برودون 1805-1865م فيتساءل "ماذا يعني أن نقيم العدالة؟ إنها تعني أن نعطي لكل فرد جزءا متساويا من الخيرات بشرط الكم المتماثل من العمل، وهذا يعني التصرف والعمل بما يتوافق مع مصالح المجتمع"؛ ويقول أيضا "ماذا تعني العدالة من دون تساوي الملكية؟ إنها ميزان بأوزان مزيفة".

اما الفيلسوف والاقتصادي الألماني كارل ماركس 1818-1883 فلا يختلف كثيرا عن هذا الطرح وادراك مسببات اللامساواة وانعدام العدالة، فقد كان منهمكا بدراسة سبل معالجة والتخلص من التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة في المجتمع، وهو يعد أن هناك عدم عدالة أساسي في نظام الرأسمالية الذي يسمح بتجميع الثروة والسلطة في يد القلة على حساب اكثرية الناس؛ وبالنسبة لماركس، العدالة الاجتماعية تشمل توزيع الموارد والثروة بشكل أكثر عدالة بحيث يتمتع الجميع بفرص متساوية ويشاركون في الثروة الاقتصادية بالتساوي، على وفق ما طرحه في افكاره ومؤلفاته.

اما في العصر الحالي الذي نعيشه فلقد توالدت العناصر الممثلة لموضوعة العدالة، وان كانت السمة الاساسية للمفهوم أي العدالة الاجتماعية هي الاساس الذي تتعلق به عدالة توزيع الموارد في المجتمع، التي يتسبب انعدامها بالتوترات في جميع مناحي الحياة، كما يقترن ذلك باستكشاف الفجوات الاقتصادية والتفاوت في الثروة والدخل، والسعي لفهم تأثير ذلك على العدالة الاجتماعية؛ كما تبرز قضايا المساواة بين الجنسين، في امور مثل الأجور، والحقوق، والفرص في مجمل المجتمع، ومشكلات التمييز العرقي والثقافي، والعنف المجتمعي، والتحديات التي تواجهها الشعوب والأقليات العرقية والثقافية، و التحقيق في تأثير السياسات القانونية والنظام القضائي على توزيع العدالة والمساواة.

كما استجدت لدينا ما تسمى العدالة البيئية ومناقشة التأثيرات البيئوية للأنشطة الصناعية والتنمية، والجهود للمحافظة على البيئة وضمان حقوق الأجيال المقبلة.

وتبرز ايضا قضية التباين في فرص التعليم والوصول إلى التحصيل الدراسي على اختلاف مستوياته وأوجهه، والعدالة في الوصول إلى الرعاية الصحية والتباين في جودة الخدمات الصحية، وكذلك حقوق الإنسان في السياق الدولي، والصراعات ودور العدالة في تحقيق السلام والاستقرار العالمي؛ وجميع تلك القضايا المستجدة التي شخصت ينبغي حسمها بنتائج ايجابية لغرض تحقيق استقرار ورفاه المجتمعات البشرية، بحسب ما يطرح من علاجات لإشكالية تحقيق العدالة.

وفي العراق، البلد الغني، فان قضية العدالة في توزيع الثروات كانت الشغل الشاغل لسكانه طوال الحقب الماضية وكانت نتائج تجاهل ذلك وبالا على البلد والسكان، تسببت في كوارث كبرى لم تزل تفعل فعلها؛ اما مشكلات التمييز العرقي "وكذلك الطائفي" التي ابتدعها بعض سياسيي العراق المعاصرين، فلقد اصبحت سببا رئيسا في عدم الاستقرار المجتمعي الذي لا غنى عنه للتركيز على البناء والاعمار وتحقيق رفاه الناس.

وفي مجال السياسات القانونية والاجراءات القضائية، يلاحظ لدينا ان التصرف ازاءها كثيرا ما يجري بصورة انتقائية او مزاجية، وان القضاء غالبا ما يلجأ الى النظر في القرارات بتأثير الفعل ورد الفعل، وليس برسم سياسات وقوانين تخدم السكان لاسيما اننا غادرنا مدة النظام الدكتاتوري الشمولي؛ ما يتسبب في شرخ كبير في موضوع العدل بسبب ارتباط القضاء المفترض بذلك الاساس المهم لبناء المجتمع.

اما قضايا مثل الأجور، والحقوق، والفرص في مجمل المجتمع، فتنبثق بقسوة في صور البطالة الحقيقية التي يفقد الناس فيها اهم متطلبات معيشتهم؛ ما يفاقم التوتر، وتلك الاشكالية جرى حلها في معظم الديمقراطيات الحقيقية في اوروبا واميركا بصيغة صناديق البطالة، وزيادة المدفوعات إلى الشركات والعاطلين عن العمل والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، فضلا عن الضمان الصحي وغيرها من المعونات، جميع ذلك بغرض الحفاظ على السلم الاهلي وتقليل الحرمان لدى الناس، وتجنب الكوارث المحتملة فيما لو تواصل العوز.

ان بلدا مثل العراق احوج ما يكون الى العدالة الحقيقية بشتى صنوف تمظهرها واولها العدالة الاجتماعية، اذ ان امر الدولة والمجتمع لن يستقيم بتوافر الاموال لفئة قليلة من السكان فيما تعيش الاغلبية وهي بالكاد تحصل ارزاقها، وتعاني الامرين من انعدام المساواة في الرعاية الصحية وفرص التعليم والاجور وغيرها من المستلزمات الضرورية لإدامة نسغ الحياة الاعتيادية.

إذا أردنا الخروج من البوتقة التي نحن فيها ومن الازمات الدورية المتلاحقة وانعدام الامن والصراعات واعمال القتل والسجن والاغتيال والتعذيب، فان علينا ان نحقق العدالة بأنواعها وفي طليعة ذلك العدالة الاجتماعية التي تؤمن لكل فرد مستوى معيشي لائق على وفق الاعمال التي يقوم بها السكان، التي توفر الدولة اجواءها؛ ومن اشتراطات تحقيق العدالة سن القوانين العصرية المطلوبة للارتقاء بأوضاع الناس وكرامتهم، والرقي بالخدمات الصحية والتعليمية والمساواة في الاجور وتفعيل اعمال النظافة والحفاظ على البيئة واقامة الحدائق والمتنزهات، وتخليص الناس من بؤسهم و يأسهم، وحسم قضايا الموقوفين والمسجونين وغيرها من متطلبات العدالة.

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير عاشوراء شهر تموز مندلي العدالة الاجتماعیة

إقرأ أيضاً:

للعمالة غير المنتظمة.. كيف تحصل على المنح والمساعدات الاجتماعية من وزارة العمل؟

تسعى الدولة المصرية إلى توفير حياة كريمة للأسر الأولى بالرعاية والأفراد الأكثر احتياجًا وتعمل بصفة مستمرة على رفع المستوى الاجتماعي والمعيشي لهم، لذلك قررت الحكومة المصرية صرف منحة رمضان ومنحة عيد الفطر المبارك لدعم العمالة غير المنتظمة وذلك قبل بدء عيد الفطر المبارك، حيث أعلنت وزارة العمل يوم الخميس الماضي 27 مارس عن صرف منحة للعمالة غير المنتظمة المسجلة لدى قاعدة بيانات الوزارة.

منذ إعلان وزارة العمل، يتساءل عدد كبير من المواطنين عن كيفية انضمام العمالة غير المنتظمة في سجلات ومنظومة الوزارة للحصول على المنح والمساعدات الاجتماعية التي تقدمها، لذلك سنرصد خلال السطور التالية طرق التسجيل المعتمدة للعمالة غير المنتظمة لدى وزارة العمل.

منح ومساعدات اجتماعية 

تعتمد وزارة العمل على عدد من الطرق لتسجيل العمالة غير المنتظمة لدى المنظومة الخاصة بها حتى تضمن حصولهم على المساعدات الاجتماعية والمنح في المناسبات المختلفة وكذلك المساعدات الطارئة، وذلك من خلال عدة آليات تضمن طريقة تسجيل وحصر لهذه الفئة من الشعب المصري.

طريقة تسجيل العمالة غير المنتظمة

ينضم العمالة غير المنتظمة إلى سجلات وزارة العمل من خلال الطرق التالية:

عن طريق المقاولين والشركات المسجلة لدى وزارة العمل حيث تقوم الشركة أو المقاول بتسجيل العمالة غير المنتظمة من خلال تقديم كافة بياناتهم إلى مديريات العمل التابعة لوزارة العمل والواقعة في محيط جهة العمل، إذ يتقدم المقاول بقائمة العمالة المسجلة لدى المشروع وكذلك بطاقة الرقم القومي للعمالة غير المنتظمة.من خلال حملات الحصر الميدانية التي تجريها وزارة العمل في مواقع العمل المختلفة للعمالة غير المنتظمة، وذلك عن طريق قيام مفتشي وزارة العمل بحصر كافة العمالة غير المنتظمة بالمشروع وجمع بياناتهم وتسجيلهم في السجلات الخاصة بالوزارة للاستفادة من المنح والمساعدات الاجتماعية التي تقدمها.  لا يسمح للعمالة غير منتظمة بتسجيل أنفسهم في سجلات وزارة العمل.عدد العمالة غير المنتظمة

بلغ عدد العمالة غير المنتظمة في سجلات وزارة العمل ما يقرب من مليون و 164 ألفا و 12 عامل، وتهتم وزارة العمل إلى توسيع قاعدة البيانات الخاصة بالعمالة غير المنتظمة حتى تصل خلال الفترة القادمة إلى 2.5 مليون عامل.

المنح المخصصة للعمالة غير المنتظمة

6 منح سنوية مخصصة للعمالة غير المنتظمة وهي:

منحة شهر رمضان الكريم.منحة عيد الفطر المبارك.منحة عيد الأضحى.منحة عيد العمال.منحة المولد النبوي الشريف.منحة عيد الميلاد المجيد.

مقالات مشابهة

  • السوداني يعفي مستفيدي الحماية الاجتماعية من جميع الرسوم
  • إعفاء مستفيدي الحماية الاجتماعية من الرسوم القضائية
  • للعمالة غير المنتظمة.. كيف تحصل على المنح والمساعدات الاجتماعية من وزارة العمل؟
  • مدير مبادرة «مديم» في «تنمية المجتمع» لـ«الاتحاد»: هدفنا تحقيق استراتيجية جودة حياة الأسرة
  • أبناء بلا رحمة.. مأساة أم الشهداء التي تخلى عنها أقرب الناس وماتت وحيدة
  • من أوكرانيا إلى فلسطين.. العدالة التي تغيب تحت عباءة السياسة العربية
  • الشرع: الحكومة راعت تنوع سوريا ولا يمكن إرضاء الجميع
  • النيابة العسكرية تُوقِف رئيس أركان المنطقة الثانية في حضرموت
  • بشاشة أوسع وتصميم جديد كليا.. هواوي تطرح هاتفا يقلب موازين المنافسة
  • الساسي: مشروع قانون المسطرة الجنائية يعكس تناقضا بين تحقيق التوازن وضبط النظام