أبوظبي في 6 سبتمبر / وام/ حقق “ معهد الابتكار التكنولوجي في دولة الإمارات ” إنجازاً جديداً في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي بإطلاقه نموذج فالكون 180 بي - النسخة الأحدث من النموذج اللغوي الكبير فالكون الذي أطلقه المعهد مسبقاً.

ومن شأن هذه الخطوة المهمة أنتسهم في ترسيخ مكانة دولة الإمارات ودورها البارز في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ يمثل فالكون 180 بي نموذجاً مفتوح الصدر للاستخدامات البحثية والتجارية على حدٍ سواء.

وفي ضوء النجاح الباهر الذي حققه فالكون 40 بي، النموذج المفتوح الذي تربع على رأس قائمة منصة "Hugging Face" للنماذج اللغوية الكبيرة في مايو 2023، واصل معهد الابتكار التكنولوجي، ذراع الأبحاث التطبيقية لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، دفع عجلة التطور في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.

كان إطلاق نموذج فالكون 40 بي من أولى المرات التي يتم فيها توفير نموذج مفتوح المصدر للاستخدامات البحثية والتجارية على مستوى العالم، ما يعتبر نقلة نوعية في المجال.

من جانبه، أكد سعادة فيصل البناي، الأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة أهمية نموذج فالكون وتأثيره الإيجابي على مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي وقال : "نسعى لبناء مستقبل تتوفر فيه القوة التحولية للذكاء الاصطناعي للجميع ولتكون في متناول أيديهم ونؤكد التزامنا بتوسيع إمكانية الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة على نطاق واسع، إذ لا يصح أن تتحكم جهات قليلة ببيانات وخصوصية الأفراد وبالأثر الكبير الملموس لهذه التقنيات.. وبالرغم من أننا ما زلنا لا نمتلك جميع الحلول والأجوبة في هذا المجال الواعد، إلا أن عزيمتنا راسخة لتعزيز أطر التعاون المشترك، والمساهمة في تعزيز مجتمع المصادر المفتوحة وضمان توفير فائدة الذكاء الاصطناعي للجميع.

طُور النموذج الجديد من خلال توظيف 180 مليار عامل متغير، وتم تدريبه على 3.5 تريليون رمز توكين، ما ساهم في تربعه على رأس قائمة منصة "Hugging Face" للنماذج اللغوية الكبيرة المدربة مسبقاً، علماً بأنه تفوق على نماذج أخرى بارزة مثل نموذج "LLaMA 2" من شركة ميتا وفقاً لمعايير مختلفة مثل اختبارات الاستنتاج والبرمجة والكفاءة والمعرفة.

وعند مقارنته مع النماذج مغلقة المصدر، احتل فالكون 180 بي مرتبة متقدمة ضمن القائمة ليأتى بعد نموذج "GPT 4" من شركة "OpenAI"، في حين تساوى أداؤه مع نموذج "PaLM 2 Large" من جوجل، وهو النموذج الذي يستند إليه نظام "Bard"، علماً بأن فالكون 180 بي يبلغ حجمه نصف هذا النموذج فقط لكن بإمكانيات أكبر.

يذكر أن ترخيص النموذج يستند إلى "رخصة فالكون 180 بي معهد الابتكار التكنولوجي" المبنية على رخصة أباتشي 2.0.

بدورها، قالت الدكتورة ابتسام المزروعي، المدير التنفيذي كبير الباحثين بالإنابة لدى وحدة الذكاء الاصطناعي التابعة لمعهد الابتكار التكنولوجي: "يجسد إطلاق نموذج فالكون 180 بي الجهود المبذولة تجاه دفع عجلة التطور في تقنيات الذكاء الاصطناعي، ونفخر بمشاركة إمكانياته الواسعة مع العالم.

وأضافت : " يمهد “ فالكون 180 بي ” لحقبة جديدة من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدية سيتم فيها تسخير القدرات العلمية المتقدمة للجميع للمساهمة في تطوير ابتكارات المستقبل.. وفي ضوء سعينا المتواصل وجهودنا الملموسة في مجالات العلوم والتكنولوجيا المتقدمة تمتد رؤيتنا لما هو أبعد من الابتكار ونحو بناء علاقات وثيقة تساهم في مواجهة التحديات العالمية من خلال التعاون في حلها ".

وأوضحت أنه في ضوء الاهتمام الكبير الذي حظي به الإصدار الأول من نموذج فالكون ووصول عدد مستخدميه إلى أكثر من 12 مليونا على مستوى العالم خلال أشهر من إطلاقه، من المتوقع أن يحظى فالكون 180 بي باهتمام واسع في مختلف المجالات ولاستخدامات متعددة مثل روبوتات الدردشة وصياغة التعليمات البرمجية وغيرها.

جدير بالذكر أن نموذج فالكون 180 بي يتوافق مع عدة لغات رئيسية حول العالم، وهي الإنجليزية والألمانية والإسبانية والفرنسية ويمتلك قدرات محدودة في الإيطالية والبرتغالية والبولندية والهولندية والرومانية والتشيكية والسويدية.

عاصم الخولي/ أحمد النعيمي

المصدر: وكالة أنباء الإمارات

كلمات دلالية: تقنیات الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والعاطفي

 

 

 

د. سعيد الدرمكي

الذكاء الاصطناعي (AI) هو قدرة الأنظمة الحاسوبية على محاكاة الذكاء البشري، مثل التعلم واتخاذ القرار، ويُستخدم في مجالات عدة كالصحة، والصناعة، والتكنولوجيا، مما يعزز الكفاءة والإنتاجية. في المقابل، يشير الذكاء العاطفي (EI) إلى القدرة على فهم وإدارة العواطف، مما يسهم في تحسين التواصل، والقيادة، واتخاذ القرارات الفاعلة. ورغم اختلاف مجاليهما، فإن تكاملهما أصبح ضروريًا لتعزيز الفاعلية في مختلف المجالات.

كان يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي على أنهما كيانان منفصلان، إذ ارتبط الذكاء الاصطناعي بالقدرات الحسابية والمنطقية، حيث يركز على تحليل البيانات واتخاذ القرارات بناءً على الخوارزميات، دون أي بُعد عاطفي. في المقابل، اعتُبر الذكاء العاطفي مهارة بشرية بحتة، تتمحور حول إدارة المشاعر والتفاعل الاجتماعي، مما جعله وثيق الصلة بالقيادة والتواصل. الفرق الأساسي أن الذكاء الاصطناعي يُعامل كأداة تقنية، بينما يُنظر إلى الذكاء العاطفي كجزء من الذكاء البشري يصعب محاكاته بالتقنيات.

يُعد كل من الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي مكملًا للآخر، حيث يواجه كل منهما تحديات دون الآخر؛ فالذكاء الاصطناعي، دون الذكاء العاطفي، يعاني من ضعف في فهم المشاعر البشرية واتخاذ قرارات تتسم بالتعاطف، مما قد يؤثر على جودة التفاعل مع البشر. في المقابل، يواجه الذكاء العاطفي صعوبات في تحليل البيانات الضخمة، والتنبؤ بالاتجاهات، وتحسين الإنتاجية، واتخاذ القرارات المعقدة دون الاستعانة بقدرات الذكاء الاصطناعي. لذلك، أصبح التكامل بينهما ضروريًا لتعزيز الكفاءة البشرية والتقنية معًا.

ويمكن تحقيق هذا التكامل من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي في تحليل المشاعر عبر النصوص، والصوت، وتعبيرات الوجه، مما يتيح فهمًا أعمق للتفاعل البشري. في المقابل، يسهم الذكاء العاطفي في تحسين الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير برمجيات تجعله أكثر استجابة للمشاعر البشرية، مما يساعد في إنشاء واجهات مستخدم أكثر إنسانية وتفاعلية، تعزز تجربة المستخدم وتجعل التقنيات الذكية أكثر توافقًا مع الاحتياجات الاجتماعية.

ويسهم تكامل الذكاءين في تحسين العديد من المجالات. ففي قطاع الأعمال، يُستخدم الذكاء الاصطناعي العاطفي لتعزيز تجربة العملاء من خلال تحليل مشاعرهم والاستجابة لها بذكاء. وفي مجال الطب، تُوظَّف الروبوتات لدعم المرضى نفسيًا وعاطفيًا، مما يسهم في تحسين رفاهيتهم. أما في الموارد البشرية، فتعتمد الشركات على أدوات متطورة لتحليل رضا الموظفين وتعزيز تفاعلهم، مما يساعد في خلق بيئات عمل أكثر استجابة ومرونة.

ورغم الفوائد الكبيرة لهذا التكامل، فإنه يواجه تحديات تتعلق بالخصوصية والانحياز الخوارزمي وتأثيره على التفاعل البشري. فالذكاء الاصطناعي لا يمتلك وعيًا حقيقيًا، بل يعتمد على تحليل الأنماط والاستجابات المبرمجة، مما يجعله غير قادر على الإحساس الحقيقي. كما إن هناك مخاوف بشأن جمع البيانات الشخصية دون إذن، والانحياز في تحليل المشاعر، ومخاطر التلاعب النفسي بالمستخدمين. ويبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والعنصر البشري، بحيث لا يحل الذكاء الاصطناعي محل الذكاء العاطفي، بل يكمله لتعزيز الفاعلية دون المساس بجوهر التفاعل الإنساني.

أما فيما يتعلق بدور الأبحاث والتكنولوجيا في تحقيق التكامل، فيجب تطوير أنظمة قادرة على فهم المشاعر البشرية باستخدام تقنيات التعلم العميق وتحليل اللغة الطبيعية. كما ينبغي تعزيز الذكاء العاطفي الاصطناعي ليكون أداة داعمة للتجارب البشرية، بحيث يساعد في تحسين التفاعل والتواصل دون أن يحل محل المشاعر الإنسانية.

المستقبل يعتمد على التكامل بين الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي، مما يؤدي إلى ثورة في مجالات العمل والتعليم والتفاعل الاجتماعي، مع ضرورة وضع ضوابط أخلاقية تضمن التوازن البشري. يسهم هذا التكامل في تحسين بيئات العمل من خلال تحليل مشاعر الموظفين وتعزيز الإنتاجية، كما يتيح التعليم التكيفي الذي يستجيب لعواطف الدارسين، مما يعزز تجربة التعلم. وفيما يتعلق بالعلاقات البشرية، فإنه يدعم التواصل الفاعل، لكنه قد يؤدي إلى تراجع المهارات الاجتماعية إذا أُسيء استخدامه، مما يستدعي توجيه هذا التطور بما يحقق أقصى فائدة دون الإضرار بالجوانب الإنسانية.

من هنا، يمكن الاستنتاج أن التكامل بين الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي ضروري لتحقيق توازن فاعل بين الكفاءة التقنية والبعد الإنساني. فالذكاء الاصطناعي يُسهم في تعزيز الإنتاجية والدقة، بينما يضمن الذكاء العاطفي اتخاذ قرارات تتماشى مع القيم الإنسانية. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا لا تستطيع محاكاة المشاعر البشرية بشكل كامل، إلا أنها قادرة على دعم الفهم العاطفي وتعزيز التفاعل البشري.

لذا.. فإنَّ تحقيق أقصى استفادة من هذا التكامل يتطلب توجيه التطور التكنولوجي نحو تعزيز القيم الإنسانية، وضمان الاستخدام الأخلاقي للابتكارات التقنية، بما يسهم في رفاهية المجتمعات واستدامة التطور ودعم مستقبل أكثر ذكاءً وإنسانيةً.

مقالات مشابهة

  • الأهلي يسخر من قرعة الذكاء الاصطناعي
  • ذبح الخنازير.. كيف يحوّل الذكاء الاصطناعي الاحتيال المالي إلى كارثة عالمية؟
  • «الإيسيسكو» تتسلم درع التميز من معهد الابتكار العالمي
  • الذكاء الاصطناعي تكلفة عالية على البيئة
  • محافظ سوهاج يطلق حوارًا مجتمعيًا تحت عنوان «سوهاج متحف مفتوح»
  • «الاتحادية للضرائب» و«مايكروسوفت» يعززان الابتكار باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • الاتحادية للضرائب ومايكروسفت يعززان الابتكار باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • الخبرات النادرة والمعادلة الجديدة في الذكاء الاصطناعي
  • عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والعاطفي
  • الخوارزمية الأولى: أساطير الذكاء الاصطناعي