(من تاريخ رجالات اليمن) الأستاذ حسين لعور.. مربي الأجيال وصانع العقول
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
إعداد/ د. الخضر عبدالله:
الأستاذ (حسين لعور) من مواليد مدينة لودر عام 1952م، ينتمي إلى أسرة فاضلة ومعروفة في الوسط الأبيني، درس الابتدائية والمتوسط ونشأ في (لودر) وترعرع في أحضان مزارعها وجبالها ووديانها، هذه المنطقة المتواضعة التي أنجبت الكثير من الفرسان في سائر المضامير.
وبعد أن أنهى دراسته المتوسطة، أكمل تعليمه الجامعي بكلية الاتحاد سابقا وتخرج منها عام 1966م.
. عين الأستاذ (حسين) معلما بالمدارس الابتدائية ليبدأ رحلته مع التدريس متنقلا بين أغلب مناطق وقرى (لودر).
وعند تأسيس ثانوية الشهيد (راجح سيف) كأول ثانوية بـ(لودر) حوالي عام 1975م، بتمويل من دولة الكويت الشقيقة، عين (لعور) مديرا لها، وأطلق عليه الرئيس علي ناصر محمد لقب (العميد) حسين لعور.. وتعد الثانوية من أقدم المراكز التعليمية بهذه المدينة ومن بين ثناياها تخرج الكثير من أبناء المديرية الذين يشغلون اليوم الكثير من المناصب هنا وهناك، وكان يؤمها الطلاب من مختلف القرى المجاورة حتى اللحظة، بل إنها كانت في أوقات سابقة الثانوية التي يؤمها الكثير من أبناء مديريات مكيراس والوضيع وجيشان وغيرها من المناطق التي أجبرتها مشاكل الثأر وشحة المياه على النزوح إلى هذه المدينة.
العمدة الجسور
وكان (لعور) يتجشم الجهود الكبيرة المباركة في التعليم والإشراف على ذلك الصرح العلمي الذي استمر مشعل نور وهداية للأجيال حتى يومنا هذا.
لقد لاحت في مخيلتنا صورة ذلك العميد الهمام الأستاذ (حسين لعور)، وهو يتفقد الطابور الصباحي ببنطال أسود وقميص طقطق، يقف أمام الطابور ويتفقد الصفوف ويسأل عن الغائبين، وكأنه أحد القيادات العسكرية التي تقف في ذلك الموقف المهيب. كانت أياما صباحية لا تتكرر فيها نعد العدة لاستقبال يوم دراسي جديد. وفي كل مرة نراه يصول، ويجول في باحة الثانوية الفخمة يتفحص جدرانها وأركانها ويلتمس بعصاه بعض الطلاب المشاغبين وهم قلة إن لم نقل أقل القليل، وفي سويعات ما بعد الأصيل كان يفاجئنا بزيارة غير متوقعة إلى القسم الداخلي المتاخم للثانوية وتسمع الطلاب وهم يتقافزون.. لعور جاء لعور موجود.. كانت تعلن حالة الاستنفار بين الطلاب والكل يقف مذعورًا خشية المواجهة مع ذلك العمدة الجسور.
لعور والواقع التعليمي
أثناء إدارة (لعور) لهذا الصرح التربوي عمل على إيجاد واقع تعليمي يتناسب مع مخرجات الجامعات التي تفتقر إليه اليوم، فخريج ثانوية الأمس ما يعادل اليوم ماجستير اليوم.
ولا يعلم كثير من أبناء هذا الجيل ما كان يبذله (العميد لعور) من جهد جهيد في مصالات الطلاب وتوجيههم وإرشادهم، وحفظ النظام والانضباط في ثانوية (لودر)، حتى تخرج منها الطلاب وغادروها جسدنا فظلت في قلوبهم محفورة إلى ما شاء الله.
مدير كهرباء لودر
عقب إكمال خدمته التعليمية وحالته إلى التقاعد، ظل الأستاذ (حسين لعور) ملازما منزله على مرتب تقاعدي زهيد، وهنا توالت عليه المناصب والتعيينات وكان يرفضها جملة وتفصيلا، وبعد إلحاح من قبل بعض الشخصيات الاجتماعية بلودر، على أن يقوم بخدمة أبناء منطقته، صدر قرار التعيين من قبل السلطة المحلية بأبين، ليكون مديرا لإدارة كهرباء (لودر- مودية)، وفي فترة إدارته قدم خدمة كاملة للمناطق الوسطى بـ(أبين) في مجال الكهرباء حيث ظل المواطنون ينعمون بخدمة التيار الكهربائي، الرغم الظروف والعراقيل التي كان يواجهها في عمله.
ورغم سرطان (اللوبي) الذي كان ينخر بالمصالح الحكومية (بلودر) استمر يجتهد في خدمة الأهالي، وفي نفس الوقت محاولا إيجاد إصلاحات تقدمية ومستقبلية في تحسين مؤسسة الكهرباء بلودر.. إلا أن هذه المحاولات أضحت في خبر كان! بسبب جهات عليا تدخلت في عمله، ما اضطر إلى تقديم استقالته من منصب مدير الكهرباء نزيها عفيفا.. وأصبح معتكفا في منزله معتمدا على راتبه التقاعدي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
تحية وتقدير
ما نقدمه اليوم في هذه السطور المتواضعة، إلا لفتة كريمة لهذه الهامة التربوية.. فألف تحية لهذا العملاق الذي بقيت ذكراه خالدة في أذهاننا.. والتحية لكل التربويين العظام من ذلك الرعيل المخلص الذي أفنوا حياتهم في خدمة تعليم الأجيال.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: الکثیر من
إقرأ أيضاً:
أصحاب العقول الصغيرة يمتنعون!
أصحاب العقول الصغيرة يمتنعون!
رشا عوض
نتائج المعارك على الارض لن تغير شيئا في وجهة نظري الكلية حول جذور حرب الخامس عشر من ابريل! حكاية ان الجيش دخل الولاية الفلانية ويقترب من تحرير المكان العلاني لا تعني لي شيئا سوى اننا ما زلنا في محرقة الحرب! رأيي الذي ظللت اجهر به منذ اليوم الاول لهذه الكارثة وساظل اجهر به حتى لو نجح الجيش في القضاء على الدعم السريع وطرده من السودان نهائيا، وحتى لو دخل الجيش فاتحا للدولة التي لجأت إليها هو ان الجذر العميق لهذه الحرب وللازمة الوطنية اجمالا هو فساد وعطب المؤسسة العسكرية وعلى رأسها الجيش، أما الدعم السريع فقد أصبح جزءا من هذه المؤسسة العسكرية قبل ١١ سنة فقط، ، وبالتالي فهو من تجليات الازمة ونتائجها وليس هو اس الازمة وجذرها العميق والوحيد كما يحاول الضلاليون اقناعنا بوسائل الارهاب والغوغائية، لأن وجود الدعم السريع كجيش موازي بهذا الحجم كان نتيجة للخلل البنيوي في الجيش ممثلا في عدم قدرته على خوض المعارك بنفسه واعتماده على اخرين للقتال نيابة عنه حتى يتفرغ الجنرالات لاتقان فنون السياسة والبزنس بدلا من اتقان فنون القتال وتعليمها لجنودهم!
بمعنى ان عجز الجيش هو السبب الذي ادى الى الحاجة للدعم السريع ، والخلل السياسي في نظام الكيزان وصراع السلطة بين اجنحتهم هو السبب في الاحتفاظ للدعم السريع بمساحة استقلال تام عن الجيش وتتويج ذلك بقانون اجازه بالاجماع برلمان بني كوز الذي اسقط من القانون مادة تعطي الحق لوزير الدفاع بتعيين قائد الدعم السريع، وعمر البشير مكن الدعم السريع بهدف استخدامه كفزاعة لتخويف قيادات الجيش الكيزانية من الاطاحة به فقال قولته الشهيرة (حميدتي حمايتي)!
إذن معضلة الدعم السريع نتجت عن فشل الجيش في مهامه العسكرية وعن فشل نظام الكيزان في ادارة الصراع السياسي بعيدا عن البندقية!
لم يهبط الدعم السريع من السماء صبيحة الخامس عشر من ابريل ٢٠٢٣ ولم يبدأ تاريخ السودان في ذلك اليوم بتصدي ملائكة الرحمة من الجيش السوداني لشياطين الجنجويد!
الازمة عميقة ومركبة ولا يصلح لمقاربتها عقل صغير تبسيطي وغوغائي يراهن على فقدان الذاكرة الجماعي!
مشكلة الجيش قديمة وسابقة لتكوين الدعم السريع!
ففي حرب الجنوب اعتمد الجيش على الدفاع الشعبي ومهاويس الحركة الاسلامية!
وفي حرب دارفور اعتمد الجيش على مليشيات موسى هلال ثم الدعم السريع، وفي هذه الحرب يعتمد الجيش على مليشيات مناوي وجبريل وعقار ومليشيات البراء بن مالك والبنيان المرصوص والبرق الخاطف وغيرها، وبدأت مليشيات مناوي وجبريل قبل ان تضع الحرب اوزارها في حجز مقاعد السلطة والمطالبة بالضمانات التي تجعلها وريثة للدعم السريع في المستقبل!!
وكل ذلك يدل على ان حل ازمة السودان يجب ان يبدأ باعادة بناء الجيش وتأهيله وطنيا وفنيا ليصبح جيشا مهنيا وقوميا قادرا على حماية حدود البلاد ويتوقف عن صناعة المليشيات.
الجيش بحالته الماثلة لا تنطبق عليه مواصفات المهنية والقومية!
الدعم السريع بحالته الماثلة ايضا لا تنطبق عليه مواصفات المهنية والقومية!
كلاهما لا يصلح ان يكون جيشا للسودان!
الدعم السريع على المستوى النظري يطرح خطابا فيه اعتراف بان المؤسسة العسكرية مأزومة وتحتاج إلى اصلاحات، وعندما تتوجه وسائل الاعلام لقيادته بسؤال مباشر: هل الدعم السريع هو بديل للجيش السوداني؟ تكون اجابته بالنفي القاطع، أما الجيش فما زال بعيدا كل البعد عن اي اعتراف بخطأ أو اعتذار عن جريمة وما زال متمسكا بانه من القلاع المقدسة في الدولة السودانية ولا يجوز لكائن من كان ان يفتح فمه بكلمة مطالبا باصلاح الجيش ناهيك عن اعادة بنائه، بل يتحدث قادة الجيش بروح الوصاية الكاملة على الدولة واختزال الوطنية في التسليم بوصايتهم، ومحور خطابهم هو تجريم وتخوين القوى المدنية الديمقراطية. والابواق الكيزانية تستميت في تكريس قدسية الجيش وتمارس ارهابا غليظا على كل من تحدث عن مشاكله لسبب وحيد هو انها تريد الاحتفاظ به على حاله المائل هذا حتى تستخدمه كحصان طروادة للوصول الى السلطة.
الوسومالأزمة السودانية الجيش السوداني الدعم السريع