من جديد.. شبح التضخم يطل برأسه مع ارتفاع الوقود في أميركا
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
عادت الولايات المتحدة لتشهد سيناريو ارتفاعات أسعار الوقود التي شهدتها العام الماضي، وذلك بعد ارتفاع أسعار البنزين لأعلى مستوى منذ بداية العام الحالي، وهو ما يلقي المزيد من الضغوط على إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 2024، كما ستضغط على تحركات الفيدرالي الذي يستعد لإنهاء دورة التشديد النقدي بسبب إمكانية أن يشهد الاقتصاد الأميركي ارتفاعا في معدلات التضخم.
فقد صعدت أسعار البنزين في أميركا بقوة، مسجلة أكبر ارتفاع موسمي لها في عشر سنوات، وبلغ متوسط سعر جالون البنزين العادي ثلاثة دولارات وواحد وثمانين سنتا، بضغط من الارتفاعات المستمرة والقوية لأسعار النفط.
وتحرص إدارة بايدن على إبقاء أسعار الوقود تحت السيطرة قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل، حيث أصبح التضخم وتكاليف الوقود بالفعل مجالين لهجوم الحزب الجمهوري.
وتلقت أسعار النفط دعما قويا بعد أن قررت السعودية الثلاثاء، تمديد خفض إنتاجها الطوعي بمليون برميل يوميا 3 أشهر أخرى حتى نهاية ديسمبر 2023.
وتجاوز خام برنت مستويات الـ 90 دولارا للبرميل ليسجل أعلى مستوى منذ نوفمبر 2022 وكذلك الحال بالنسبة للخام الأميركي الذي لامس أعلى مستوى في 9 أشهر فوق مستويات 88 دولارا.
وفي خطوة مشابهة قررت روسيا، تمديد قرارها الطوعي بخفض صادراتها النفطية 300 ألف برميل يوميا حتى نهاية العام الجاري، بحسب تصريحات لنائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك.
تأتي التخفيضات الطوعية السعودية والروسية علاوة على خفض أبريل الذي اتفق عليه عدد من منتجي أوبك+، والذي يمتد حتى نهاية عام 2024.
وهذه الخطوة، التي تهدد بإثارة المخاوف من التضخم على مستوى العالم، هي أحدث جهد يبذله اثنان من أكبر منتجي النفط في العالم لدعم أسواق النفط، بحسب صحيفة فاينانشال تايمز.
وترى الصحيفة أن معظم دول العالم تعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة، مرجحة أن يثير ذلك توترات مع البيت الأبيض، الذي انتقد مرارا وتكرارا تعاون السعودية الوثيق مع روسيا، على الرغم من الحرب الروسية في أوكرانيا واستخدامها إمدادات الغاز الطبيعي كسلاح ضد أوروبا.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان بعد إعلان السعودية الثلاثاء أن الرئيس جو بايدن يركز على القيام "بكل شيء ضمن مجموعة أدواته ليتمكن من الحصول على أسعار أقل للمستهلكين في محطات الوقود في الولايات المتحدة".
ومنذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، حاولت إدارة الرئيس الأميركي بايدن السيطرة على أسعار الوقود بالعديد من التدابير كان أبرزها الاستعانة باحتياطي النفط الاستراتيجي الأميركي، كما أنها هاجمت مرارا وتكرارا قرارات أوبك بلس في خفض الإنتاج.
منذ تسلم الرئيس جو بايدن مقاليد الحكم، جرى سحب نحو 266 مليون برميل من النفط الخام من مخزونات احتياطي النفط الاستراتيجي التي عملت الإدارات السابقة (الديموقراطية والجمهورية) على بنائها. وأضحت الإدارة الديموقراطية الحالية، نتيجة هذا السحب الهائل من المخزونات، تحتفظ باحتياطي نفطي استراتيجي عند أدنى مستوى له منذ عام 1984، حيث يبلغ حاليا نحو 372 مليون برميل فقط، أي ما يقرب من نصف أعلى مستوى له سجله عند 727 مليون برميل في عام 2010.
وفي سياق متصل، يرى بوب ماكنالي، رئيس شركة رابيدان إنرجي ومستشار الطاقة السابق للبيت الأبيض، إن التخفيضات تهدف على ما يبدو إلى إظهار "وحدة" السعودية وروسيا بشأن السياسة النفطية بحسب صحيفة FT.
وأضاف ماكنالي: "إذا لم يحدث تراجع اقتصادي حاد، فإن تخفيضات الإمدادات هذه ستؤدي إلى عجز كبير في موازين النفط العالمية ومن المفترض أن تدفع أسعار النفط الخام إلى ما فوق 90 دولارًا للبرميل".
في سياق متصل، يخشى البعض أن يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استخدام إمدادات النفط للتأثير على الانتخابات الأميركية، حيث أشار المرشحون المحتملون مثل الرئيس السابق دونالد ترامب إلى أنهم سيحاولون جعل أوكرانيا تتفاوض مع موسكو، بحسب FT.
كما هو واضح فإن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، يدير ملف الطاقة بالمملكة بسياسة صارمة، متجاهلا كل الضغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية لزيادة الإنتاج للمساعدة في تهدئة التضخم، وفقا لصحيفة فاينانشال تايمز.
وقال دان بيكرينغ، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بيكرينغ إنيرجي بارتنرز، إن المملكة العربية السعودية "ملتزمة" بوضوح بسعر أعلى وتريد التأكد من عدم تراجع أسعار النفط الخام.
وخام برنت مرتفع نحو 15 بالمئة منذ بدء سريان التخفيضات في بداية أغسطس.
وقال بيكرينغ: "إن تمديد هذا التخفيض يثبت أن السعودية جادة"، مشيرا إلى أن الأسعار تتحرك باتجاه صاعد.
شبح التضخم يطل برأسه من جديد
يبدو أن ارتفاع أسعار النفط في الأونة الأخيرة قد تسبب بإثارة مخاوف التضخم مرة أخرى، مما سيؤدي إلى تقويض جزء من جهود البنوك المركزية وعلى رأسهم الفيدرالي الأميركي لترويض أسعار المستهلكين المرتفعة والتي بدأتها أغلب البنوك المركزية الكبرى بمستهل العام الماضي.
وتبدو الصورة الأساسية لسوق النفط أكثر تفاؤلاً مما كانت عليه قبل شهر، حيث لا يزال الطلب مرنًا على الرغم من المخاوف من تباطؤ الاقتصادات، في حين أن العرض يتقلص بفضل التخفيضات من أوبك + والمملكة العربية السعودية.
لكن ارتفاع أسعار النفط، الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار البنزين والطاقة بشكل عام، يمكن أن يبدأ في التسرب إلى التضخم الأساسي مرة أخرى، حتى لو كان هذا المؤشر يستبعد أسعار الغذاء والطاقة.
وإذا أثرت أسعار الطاقة المرتفعة على جوهر التضخم مرة أخرى، فقد تبدأ آمال "الهبوط الناعم" في التلاشي وتدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى إلى الاستمرار في رفع أسعار الفائدة، على عكس معظم التوقعات الحالية بنهاية دورة التشديد النقدي قريباً.
وجاءت بيانات التضخم الأميركية في يوليو أفضل من التوقعات، رغم ارتفاعها عن شهر يونيو الماضي. وارتفع التضخم في أميركا إلى مستويات 3.2 بالمئة مقابل توقعات عند 3.3 بالمئة بعد أن كان قد سجل 3 بالمئة في يونيو الماضي، وذلك في إشارة سلبية لقدرة الحكومة الأميركية على السيطرة على التضخم.
وباستبعاد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي أيضاً بنسبة 0.2 بالمئة على أساس شهري، وعلى أساس سنوي ارتفع بنسبة 4.7 بالمئة، مقابل توقعات جاءت عند 4.8 بالمئة.
الجدير بالذكر أنه ومنذ بداية دورة زيادة أسعار الفائدة الأميركية في مارس 2022، رفع الفيدرالي الأميركي معدلات الفائدة 11 مرة لتصل لأعلى مستوى لها منذ 22 عاماً ضمن نطاق 5.25-5.5 بالمئة.
ووفقا لخدمة "فيد ووتش" التابعة لمجموعة سي.إم.إي، تتوقع الأسواق حاليا بنسبة 93 بالمئة أن المركزي الأميركي سيُحجم عن رفع سعر الفائدة مؤقتا في سبتمبر، لكن توقعات بنسبة 40 بالمئة تقريبا تشير إلى احتمال رفعها في نوفمبر أو ديسمبر.
ويبقى من الصعب التكهن بشكل قاطع ما إذا كان البنك سيرفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام أو حتى توقع موعد هذا الرفع المحتمل، لكن السيناريو الأكثر احتمالاً هو أن اجتماع نوفمبر سيمثل عاملاً حاسماً في سياسة البنك، إما بإسدال الستار على مسلسل رفع أسعار الفائدة أو تقرير زيادة أخرى جديدة.
من جانبه، قال يب جون رونغ الخبير الاستراتيجي لدى آي.جي "توجيهات المركزي الأميركي فيما يتعلق بصنع السياسات على أساس كل اجتماع على حدة عززت الرهانات على تشديد إضافي للسياسة النقدية (رفع الفائدة) في نوفمبر أو ديسمبر".
وأضاف أن القفزة في أسعار النفط لا توفر الكثير من الطمأنينة إزاء توقعات التضخم عالميا كما أنها تزيد من قناعة المستثمرين بأن قرار رفع سعر فائدة على المدى الطويل قادم.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات أسعار البنزين أميركا البنزين بايدن التضخم أسعار النفط برنت روسيا السعودية أوبك التضخم النفط الطاقة أوكرانيا أوروبا السعودية جو بايدن ترامب أوكرانيا وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان التضخم المركزي الأميركي الفائدة أسعار النفط الاقتصاد الأميركي أسعار الوقود رفع أسعار الوقود دعم أسعار الوقود ارتفاع أسعار الوقود أسعار البنزين أميركا البنزين بايدن التضخم أسعار النفط برنت روسيا السعودية أوبك التضخم النفط الطاقة أوكرانيا أوروبا السعودية جو بايدن ترامب أوكرانيا وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان التضخم المركزي الأميركي الفائدة أسعار النفط أخبار أميركا أسعار الفائدة ارتفاع أسعار أسعار النفط أعلى مستوى على مستوى مرة أخرى
إقرأ أيضاً:
التضخم في إسرائيل يهبط لأدنى مستوى في 4 أشهر
انخفض التضخم في إسرائيل خلال شهر نوفمبر الماضي، لكنه لا يزال فوق المستوى المستهدف وغير كاف على الأرجح لدفع واضعي السياسات إلى خفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب.
وأظهرت بيانات من دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل، الأحد، أن معدل التضخم السنوي قد هبط إلى 3.4 بالمئة الشهر الماضي، وهو أدنى مستوياته منذ يوليو، من 3.5 بالمئة المسجلة في أكتوبر وكذلك بعد أن سجل أعلى مستوى في 10 أشهر عند 3.6 بالمئة في أغسطس.
وجاء المعدل دون توقعات ببلوغه 3.6 بالمئة في استطلاع أجرته رويترز، لكنه لا يزال متجاوزا النطاق السنوي الذي تستهدفه الحكومة بين واحد وثلاثة بالمئة.
وفي نوفمبر الماضي، خفض بنك "جي بي مورغان" توقعات النمو في اسرائيل لعامي 2024 و2025 ما يشير الى غموض مستقبله ويقلق المستثمرين، بسبب التكاليف الباهظة للحرب على قطاع غزة وتصاعد التوتر العسكري مع جنوب لبنان وإيران
ورجح البنك الأميركي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل بنسبة 0.5 بالمئة في عام 2024، بانخفاض عن توقعاته السابقة البالغة 1 بالمئة، كما توقع أن ينمو فقط بنسبة 3.3 بالمئة في عام 2025، انخفاضًا من 3.7 بالمئة في توقعاته السابقة.
واعتبر البنك في أحدث بياناته ،التي نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية آنذاك أن السبب الرئيسي لخفض التوقعات هو التحول الهبوطي الأخير في بيانات النشاط الاقتصادي.