صحيفة أثير:
2024-07-04@13:04:29 GMT

قراءة في “تعال ننزع وجهك” لـ “طلال الصلتي”

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

قراءة في “تعال ننزع وجهك” لـ “طلال الصلتي”

أثير – مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري

عن طريق كبار الحومة، وصلت إلى طلال الصلتي، فرحّب بي ومدّني بكتابيه مشكورا وإنّي سأختار مجموعته الأولى الصادرة سنة 2018 وسأعود إلى الثانية الصادرة سنة 2020 مرّة أخرى، واخترت أن أبدأ تعريفي به وقراءة شعره بأوّل قصيدة نشرها في كتابه “تعال ننزع وجهك” تحت عنوان “تمهيد”، إيمانا بأنّ الشاعر يستظهر ببطاقة تعريفه أمام القارئ في أوّل مصافحة، ففيها بصمته وهويّته وبعض من نفسه، لذا اقتطفت هذه المقاطع القصيرة من القصيدة لنفهم بعض الشيء، هذا الشاعر العُماني الشاب الطافح بالكلمة والصورة والمعنى:

“لا تهرب من وجهك.

.
أمعن في المرآة إليه النظرا
سترى فوق جبينك قمرا
وترى تحت جبينك قمرا
وترى غابة وجدكَ..
وترى ريحا
تُحني الغابة وترا
وترى ولدا أسمر يمشي
فوق شفاه الضفّة حذرا
يحمل في يده صحراءً
يعصرها في فمه مطرا
لا تهرب من وجهك..
مهما أبداك منكسرا”

بهذا المقطع الافتتاحي، وضعنا الشاعر في سكة العناد الجميل؛ وهل ينفع مع الشعراء العناد، أعتقد أنّنا ظفرنا بمبدع متحدّ واثق من نفسه ومن موهبته وقلمه، ثمّ إنّي أعرف الشاعر من جملة وحيدة يقولها، وقد قال جملا تنزّ بشعرية وإن كانت في بدايتها ككلّ مولود يحتاج الوقت والعناية والجهد لكي يصير فحلا.

في القصائد الأولى ثمّة نبرة هجائية وإن ما زلت في بدايتها كقصيدة (غرفتي) فهي أيّ الغرفة تصير مأوى غريب وستره تخفيه عن المغرضين، تحجب عنهم فجر ميلاده، وتعلو النبرة قليلا في قصيدة (تدحرج) إذ يقول الشاعر:
“عندما كنّا في السهل..
كانوا يدحرجون الحجارة علينا كي لا نصعدْ
أمّا وقد صعدنا..
هاهم يدحرجون أنفسهم واحدا واحدا”

في كلامه تحضير لصراع مع السابقين أو الفاعلين في مشهد ما، على كلّ أنا شخصيا أميل لمثل هذه النفوس التي يخلق حربا أو منافسة، إن فُقدت فلا حياة بدون تزاحم بالمناكب والعزائم والقصائد.

ثمّة قصيدة بعنوان “موت” نقرأ فيها علاقة الشاعر بهادم اللذات ومفرّق الجماعات بطريقة محبّبة للنفس، فالموت يصبح حركة من الحركات فيقول: (طار) ويصبح فعل من أفعال الحياة فيقول الشاعر المخفّف على نفسه (نام)، أعتقد أنّه نجح في استيعاب الموت والتقليل منه وتهميشه إن جاز القول، لقد ارتاح وأراح إذ تخلّص منه بهذه الطريقة الشعرية الرهيفة الجميلة:

“نزحف من تحت سياج الشوك وأعيننا للأسفلْ
كيف سنعرف أنّ نهاية هذا الدرب بياض مقفلْ؟
……
جدّي كان ضحوك السنّ
وكان الآخر صارمْ
حين صحوتُ علمتُ بأنّ الأوّل طارَ
وأنّ الآخر نامْ”

توقّفت عند هذا المقطع المأخوذ من قصيدة (أسماء) الموجودة وسط المجموعة، توقّفت لأتمعن في المعنى الطافح منه، فالشاعر الحقّ من يكون مثل طلال الصلتي وإن كان في بداية مسيرته، يكون خائفا من ظلم يسلّطه عليه الناقد أو قارئ نصّه، لذا بيّن منذ مستهل الكتابة الابداعية أنّه لا يخشى شيئا إلا قلم يتعهد بالوضوح والتفسير لكنه قد يخطأ غالبا في ما يسعى إليه، لذا وجب التذكير بصعوبة الجملة الشعرية على الناقد، إلا من رحم ربي، قال الشاعر:

“الضوء عدّوي
لست سوى الظلّ
عدّوي الضوء يفصلّنا
أنا متن النصّ ويظلمني..
الناقد حين يؤولنا”

وفي هذه الإطلالة السريعة على بذرته الشعرية الأولى، “تعال ننزع وجهك” نترككم مع هذا الانتقاء الأخير، ريثما نولي الاهتمام بمجموعته الثانية “وكنت أحفر في صدري”، يقول الشاعر في قصيدة بعنوان (حفرْ) وهي منحوتة لعشق ربّاني إنساني:

“منحوتة ما أبدع النّاحتا
شفاهها، والمشمشَ النابتا
تمتدّ عيناي إلى وجهها
نورا، فيغدو غيره باهتا
حيّية لولا تقاسيمها
تصرخ بي صراخها الصامتا
لولا تجنّيها على أضلعي
تنبش فيها الزمن الفائتا
لساعة غرقت في سُبحتي
أحفر في المنحوتة الناحتا”

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

قناص القسام في غزة يقتبس أبيات لشاعر سوداني.. تعرف عليه (شاهد)

بثت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، لقطات مثيرة، لعملية قنص نفذتها في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وبرز في المقطع المصور أبيات شعرية اقتبسها قناص القسام وعلّقها بجانب بندقية "الغول" المصنعة محليا.

وتعود الأبيات الشعرية للشاعر السوداني محمد عبد الباري، وكتب "قناص القسام" لوحة ورقية بجوار بندقيته، جاء فيها: "وسنبقى على جبل الرماة وخلفنا صوت النبي يردد: لا تبرحوا لا تبرحوا (..)، كتائب القسام- طوفان الأقصى- كتيبة الشجاعية".

"وسنبقى على جبل الرماة وخلفنا صوت النبي يردد.. لا تبرحوا، لا تبرحوا"..

عــاجــل | كتائب القسام تنشر مشاهد لقنص جندي صهيوني في الشجاعية شرق مدينة غزة.#طوفان_الأقصى pic.twitter.com/dzGgPjyxNs

— رضوان الأخرس (@rdooan) July 2, 2024
والشاعر عبد الباري من مواليد 1985، ومختص بمجالات الفلسفة والفكر على وجه التحديد، ويعتبر في طليعة الموجة الراهنة من مجددي القصيدة العربية، وتعود أصوله إلى مدينة المناقل بولاية الجزيرة ثاني كبرى ولايات السودان من حيث كثافة السكان

ونشأ عبد الباري وترعرع وأكمل تعليمه في العاصمة السعودية الرياض، وذلك بعد أن انتقلت عائلته إليها في السنة الأولى من عمره، وأتم جميع مراحل تعليمه من المرحلة الابتدائية إلى مرحلة البكالوريوس في الرياض، وبعد أن حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها انتقل إلى الأردن، وحصل على الماجستير من الجامعة الأردنية بعمان.




حاز على عدة جوائز في مجال الشعر العربي، منها: جائزة الأمير عبد الله الفيصل العالمية عام 2019، وجائزة الشباب العربي الأفريقي عام 2016، وجائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2013.

وله العديد من القصائد الشعرية، منها: ما لم تقله زرقاء اليمامة، والأصدقاء، وانتظار، وتوقيعات على جدار الثورة، والحمامة، وهي القصيدة الشعرية التي اقتبس منها "قناص القسام" الأبيات الشعرية.



وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع هذه الأبيات الشعرية، وعلقوا: "هذه رسالة لأمتنا الإسلامية أن معركتنا معركة دين وعقيدة، وأن من يتقدمون الصفوف اليوم للدفاع عن أمتنا هم رجال امتلأت قلوبهم فهما وحكمة وإيمان. ولذلك رغم الإبادة الجماعية تراهم لا يبرحون ثغورهم مقبلين على الله غير مدبرين".

وقال مغرد آخر: "قديما كان يحق للشاعر ما لا يحق لغيره. اليوم يحق للمقاوم ما لا يحق لغيره، بما في ذلك تعديل نصوص الشعراء"، مشيرا إلى أن البيت في فيديو القسام هو خاتمة قصيدة "الحمامة" للشاعر محمد عبد الباري.


قديماً كان يحق للشاعر ما لا يحق لغيره.
اليوم يحق للمقاوم ما لا يحق لغيره،
بما في ذلك تعديل نصوص الشعراء.
البيت خاتمة قصيدة "#الحمامة" للشاعر #محمد_عبدالباري الذي بدا له سهم هناك في #غزة.

سنظل في جبل الرماة، فخلفنا
صوت النبي يهزنا: لا تبرحوا. pic.twitter.com/U8av5x7rhP

— سعيدالحاج said elhaj (@saidelhaj) July 2, 2024

أهم ما في فيديو القنص الذي بثته #كتائب_القسام قبل قليل لإحدى عملياتها في حي الشجاعية هي تلك الكلمات الظاهرة في الفيديو..

"وسنبقى على جبل الرماة وخلفنا صوت النبي يردد.. لا تبرحوا، لا تبرحوا"..

هذه رسالة لأمّتنا الإسلامية أن معركتنا معركة دين وعقيدة، وأن من يتقدمون الصفوف اليوم… pic.twitter.com/rD7HsLTZd9

— أدهم أبو سلمية ???????? Adham Abu Selmiya (@adham922) July 2, 2024

???? وسنبقى على جبل الرماة
وخلفنا صوت النبي يردد
لا تبرحوا لا تبرحوا.

كتائب القسام- كتيبة الشجاعية. pic.twitter.com/GKvgUo4q5k

— صلاح الدين (@SalahAl95291460) July 2, 2024

مقالات مشابهة

  • الشاعرة زوات حمدو: الشعر موهبة لها أسس ومقومات
  • هذه هي أبعاد مهمة المبعوث الأميركي في فرنسا
  • في هذا الموعد.. ميادة الحناوي تحيي حفلًا غنائيًا في بيروت
  • معلقة “غزة على أسوار القدس” للشاعر الراحل خالد أبو خالد في محاضرة باتحاد كتاب حمص
  • قناص القسام في غزة يقتبس أبيات شاعر سوداني.. تعرف عليه (شاهد)
  • قناص القسام في غزة يقتبس أبياتا لشاعر سوداني.. تعرف عليه (شاهد)
  • قناص القسام في غزة يقتبس أبيات لشاعر سوداني.. تعرف عليه (شاهد)
  • بأجواء من القرن التاسع عشر.. موسكو تحيي فعالية “حفل بوشكين الراقص”
  • شبيبة السويداء تنظم المسابقة الشعرية على مستوى المحافظة
  • تعاون بين الشبكة العربية للابداع والابتكار ومجموعة طلال أبوغزاله العالمية