صراع حول كعكة الأسد.. هل يقوي مقتل بريغوجين نفوذ إيران في سوريا؟
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
كانت محاولة تمرد "يفغيني بريغوجين"، زعيم مجموعة فاغنر الراحل، في 24 يونيو/حزيران الماضي -بالنسبة للكثيرين- أحد أخطر التحديات العلنية التي واجهت الرئيس الروسي بوتين منذ توليه السلطة في أواخر عام 1999. مع ذلك، كان من السهل على بوتين بعد توقف التمرد المسلح كبح جماح المجموعة في الداخل الروسي، حيث أُطلقت عملية إعادة توزيع أصول زعيم فاغنر في روسيا، وحُرِم من جميع أدواته السياسية الداخلية، وداهمت الشرطة الروسية وجهاز الأمن الفيدرالي مقر المجموعة وأغلقت الشركات التابعة لها، قبل أن تنتهي حياة بريغوجين نفسه ومجموعة من كبار قادته في حادثة غامضة حامت حولها الكثير من التساؤلات الشهر الماضي.
لكن على النقيض من السهولة النسبية لتحجيم دور بريغوجين ورجاله في الداخل، فإن الأمر في الخارج قد يكون أعقد بكثير، حيث موقف موسكو المهيمن في الكثير من المناطق يرجع بالكامل إلى فاغنر، وتُعَدُّ سوريا واحدة من أبرز هذه المناطق التي سيكون لتقليم نفوذ المجموعة أثر على النفوذ الروسي فيها، حيث تزامنت الإجراءات ضد فاغنر في دمشق مع الخطوات التي اتخذت في الداخل الروسي، فسرعان ما اتخذ النظام السوري (1) وقادة القوات الروسية في سوريا عدة إجراءات لإخضاع عناصر المجموعة والسيطرة عليها في الأراضي السورية.
كان من الطبيعي أن يندفع النظام السوري (2) نحو مؤازرة الكرملين بسرعة، فهو الحليف الذي أنقذه حرفيا من سقوط محتوم منذ عام 2015، بعد أن عملت موسكو عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا من أجل حمايته، فإذا ما قرر الدب الروسي الانسحاب لأي ظرف كان فإنه سيترك النظام أمام وضع داخلي وخارجي خطير، لكن هل ستكون معاقبة بوتين لرجال بريغوجين السابقين في سوريا خيارا بلا ثمن؟
مطرقة فاغنر الثقيلة في سورياميليشيا "فاغنر" الروسية يقومون بقتل شاب سوري في حقل الشاعر النفطي بريف حمص
قاموا بضربه بمطرقة بشكل وحشي
هؤلاء الجنود الروس المرتزقة يعملون على حماية آبار النفط في ريف حمص الشرقي، واعتقلوا الشاب (حمادة الطه البوطه)
وهو ينحدر من بلدة الخريطة بريف دير الزور
ويعود التسجيل لعام 2017 pic.twitter.com/7cnQl7vQTK
— ميلاد فضل/ milad fadel (@freeehsem) April 29, 2022
في أحد أيام يونيو/حزيران الحارة عام 2017، وثق مقطع فيديو (3) واحدة من أكثر الجرائم بشاعة ارتُكبت بحق مواطن سوري يُدعى حمادي الطه البوطة (اسمه الحقيقي محمد طه إسماعيل العبد الله)، قام خلالها مجموعة مسلحين بتكسير عظام الرجل بمطرقة ثقيلة، ثم قاموا بقطع رأسه قبل أن ينهوا الجريمة بحرق جثته. سرعان ما كُشف النقاب عن هوية الجناة الذين تحدثوا خلال الفيديو بالروسية وكانوا يضحكون ويمرحون، لقد كانوا أعضاء من شركة فاغنر العسكرية الخاصة، مع ذلك لم تنجح محاولات أقارب حمادي وحقوقيين سوريين خاضوا معركة قانونية مع المحاكم الروسية في الحصول على حكم بعقاب الجناة المعروفين بالاسم حتى وقتنا هذا.
والأنكى من ذلك أن المطرقة الثقيلة التي استُخدِمت في هذه الحادثة اتُّخِذت (4) فيما بعد بطاقة دعوة ووسيلة لإرسال رسائل تهديد إلى كل مَن ينتقد سلوك فاغنر، حدث ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما أرسل زعيم فاغنر الراحل بريغوجين مطرقة ثقيلة ملطخة بدماء مزيفة إلى برلمان الاتحاد الأوروبي في أعقاب قرار رمزي للاتحاد بتصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب، كذلك قامت مجموعة من القوميين المتطرفين الروس بإلقاء (5) مطارق ثقيلة على السفارة الفنلندية في موسكو، وذلك احتجاجا على انضمام فنلندا المتاخمة لروسيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".
لم يقتصر حضور فاغنر في الساحة السورية على القتال لصالح النظام، حيث استخدمت (6) المجموعة في عام 2017 شركة وهمية تحمل اسم "إيفرو بوليس" (Evro Polis) للحصول على 25% من أرباح العديد من حقول النفط السورية، وقد حل عناصر فاغنر مكان ما يسمى "بالفيلق السلافي" الذي أنشأته مجموعة موران الأمنية، الذي قيل إنه أُرسل للقتال في سوريا بداية من عام 2013.
بشكل أكثر شمولا، عملت فاغنر من داخل الأراضي السورية بوصفها نقابة إجرامية عابرة للحدود، حيث ارتكبت (7) المجموعة جرائم وحشية بناء على إستراتيجيتها القائمة على دعم الأنظمة السياسية القمعية مقابل السيطرة على الموارد الطبيعية الثمينة مثل الذهب والنفط، على سبيل المثال بدأ دور المجموعة في ليبيا (8) في عام 2018، دعما للجنرال الليبي خليفة حفتر بتنسيق مع الكرملين، ورغم فشل أمير الشرق الليبي في الاستيلاء على طرابلس، ظلت المجموعة في ليبيا وانخرطت في تشغيل العديد من القواعد الجوية في البلاد لدعم دفاعات حفتر، والانطلاق منها نحو أماكن أخرى في أفريقيا كالسودان المجاور.
بالعودة إلى سوريا، اتخذ النظام السوري مجموعة من الإجراءات ضد عناصر المجموعة في اللحظات الأولى لتمرد قائد فاغنر، كان أول هذه الإجراءات قطع خطوط الاتصال عنهم بغية منع التواصل بين أعضاء المجموعة، ثم استدعاء قادتها إلى قاعدة العمليات الروسية في حميميم في محافظة اللاذقية الغربية -المقر اللوجستي لجميع عمليات فاغنر في الخارج- التي دخلت في حالة تأهب قصوى. كما أمر نظام الأسد المقاتلين بتوقيع عقود جديدة مع وزارة الدفاع الروسية أو مغادرة سوريا في حال رفضهم ذلك بناء على طلب الكرملين، في حين عززت القوات الروسية الأمن في قواعدها في دير الزور -الأكثر ثراء بالنفط- حتى أصبح من الصعب تمييز مقاتلي فاغنر عن القوات الروسية فيها.
بالتزامن مع ذلك، عجّل الكرملين بإرسال مجموعة من الضباط العسكريين الروس إلى دمشق بُغية تولي مهام قوات فاغنر عامة، فبعد يومين فقط من وقوع التمرد أرسلت موسكو "سيرغي فيرشينين" (9) نائب وزير الخارجية الروسي الذي حمل على عاتقه مهمة عدم السماح لمقاتلي فاغنر بمغادرة سوريا، وكذلك طمأنة النظام أن موسكو لا تزال ملتزمة تجاه خططه لإحكام السيطرة على إدلب، وبناء على ذلك قصفت (10) الطائرات الروسية مناطق في إدلب بعد يوم واحد من توسط الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في صفقة بين الرئيس الروسي وبريغوجين لإنهاء التمرد.
فاغنر وتحدي واشنطنقبيل مساء السابع من فبراير/شباط عام 2018، كانت (11) روسيا والولايات المتحدة ملتزمتين بشأن توجيه ضربات عسكرية كلٌّ على حدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية على جانبي نهر الفرات في محافظة دير الزور السورية (شمال شرق سوريا) المتاخمة للعراق، وقد نجح الخصمان في منع اصطدام قواتهما في منطقة يتعارض بها نفوذهما منذ قررا الانخراط في الحرب السورية.
في ذلك الوقت، كان فريق من مشاة البحرية الأميركية والقبعات الخضراء "القوات الخاصة" يتكون من 30 جنديا يؤدون مهامهم الاعتيادية معا مع قوات كردية وعربية داخل موقع صغير يجاور محطة غاز كونوكو القريبة من دير الزور. تفاجأ الفريق بمحاصرته من قِبل قوات سورية تدعمها دبابات وناقلات جند مدرعة تحت وابل من قذائف المدفعية والهاون، كما شارك في هذا الهجوم قوات من المرتزقة الروس شبه العسكريين المنضوين تحت لواء مجموعة فاغنر.
استمرت هذه المعركة التي سُميت بمعركة "الخشام" (12) -نسبة للقرية السورية التي وقعت بالقرب منها- أربع ساعات كاملة، وتمكنت خلالها القوات الأميركية التي استخدمت طائرات "ريبر" بدون طيار، وطائرات "إف-22" الشبح، وقاذفات "بي-52″، وطائرات هليكوبتر أباتشي، من القضاء على المهاجمين، حيث سمح التفوق الجوي والتكنولوجي الأميركي بإنهاء المعركة لصالح واشنطن.
وبعد مرور ما يقارب خمس سنوات، لا تزال (13) هذه المعركة من أكثر المعارك دموية التي واجهها الجيش الأميركي في سوريا منذ انتشاره لمحاربة تنظيم الدولة. وقد جذبت هذه المعركة بالتحديد الأنظار إلى قدرات فاغنر الضخمة في سوريا، وإلى مصير الأسلحة الثقيلة للمجموعة من الدبابات والمدرعات وقاذفات الصواريخ، إذ اعتقد الأميركيون أنها أسلحة تزيد من خطر المواجهة المباشرة بين الروس والأميركيين في سوريا في أي وقت.
ومع مرور بعض الوقت، اتضح (14) أن هزيمة قوات فاغنر في معركة الخشام لم تردع المجموعة التي أصبحت أقوى وأكثر خطورة، وهي إلى جانب جمعها الإيرادات الضخمة من حراسة حقول النفط ومناجم الذهب، أضحت تُشكِّل ضغطا أكبر وتهديدا أعظم على المستوى الجيوسياسي بسبب توسعها في السلطة داخل سوريا لحد بدا أنه من غير الممكن السيطرة عليه.
تُشكِّل قوات (16) فاغنر اليوم التي تمتلك ما بين 1000-2000 من العناصر المسلحة أحد المكونات الأساسية لحماية مصالح موسكو في سوريا، وهي إضافة إلى عناصرها كونت شبكة كبيرة من المتعاقدين العسكريين المحليين تضم أكثر من 10000 عنصر، حيث يساعد هؤلاء في حراسة البنية التحتية للنفط والغاز والفوسفات في الصحراء السورية، ويذهب جزء (17) من أموال حراسة منشآت النفط السورية إلى هؤلاء المقاولين السوريين.
وفي وقت يعمل فيه الروس على تنفيذ إستراتيجية أوسع لطرد الأميركيين من المنطقة، تتقارب أهداف إيران مع روسيا بشدة في هذا الصدد، وفي السنوات الأخيرة على وجه التحديد، أبدت طهران جرأة أكبر على واشنطن وحلفائها داخل سوريا. ورغم تسجيل هجمات مدعومة (18) من إيران ضد القوات الأميركية منذ عام 2018، فإن الهجمات التي عرفتها الفترة الأخيرة لوكلاء إيران على مصالح واشنطن باتت أكثر خطورة وعلى مستوى أكبر من التطور.
بشكل عام، نفذت إيران والفصائل المتحالفة معها أكثر من 80 هجوما على القوات الأميركية في الشرق الأوسط منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه في عام 2021. وعلى سبيل المثال، قُتل في مارس/آذار الماضي -لأول مرة- مقاول أميركي في هجوم صاروخي، حين هاجمت طائرة إيرانية (19) بدون طيار قاعدة للتحالف بالقرب من مدينة الحسكة، وردا على ذلك شنت (20) القوات الأميركية في اليوم التالي ضربة انتقامية ضد منشأة تستخدمها الفصائل المدعومة من إيران.
تنطلق طهران في هجماتها ضد القوات الأميركية في سوريا من قناعاتها بأن حليفها الروسي يدعم ضمنيا تصعيدها حملة الضغط تلك. وتمكَّن الأميركيون (21) من الحصول على وثائق سرية تشير إلى أن إيران تخطط لتصعيد أكبر ضد قواتهم في سوريا، وكُشف النقاب عن هذه الوثائق في الأول من يونيو/حزيران الماضي، وجاء فيها أن إيران تستعد لمرحلة جديدة من الهجمات المميتة ضد القوات الأميركية عبر استخدام حلفائها بالوكالة لشن هجمات صاروخية وهجمات بطائرات مسيرة ضد القوات الأميركية، بل وتذكر تلك الوثائق نفسها أن إيران تخطط لاستخدام قنابل أكثر قوة من النوع الخارق للدروع على جوانب الطرق، تهدف تحديدا إلى استهداف المركبات العسكرية الأميركية.
في غضون ذلك ذكرت (22) مصادر أميركية أن الطيارين المقاتلين الروس أعادوا الموجة الأخيرة من الرحلات الجوية المسلحة التهديدية فوق القواعد الأميركية في سوريا منذ أن نشر البنتاغون طائرات مقاتلة شبح من طراز "إف-22" في المنطقة، كما قالت المصادر ذاتها إن القادة العسكريين الروس في سوريا ينسقون بهدوء مع فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني بشأن خطط طويلة الأجل للضغط على الولايات المتحدة لسحب قواتها من البلاد.
إيران تتمدد على حساب روسياعلى مدار سنوات الحرب السورية، شاركت كلٌّ من إيران وروسيا في النزاع المسلح من أجل دعم رئيس النظام السوري بشار الأسد، مع ذلك لم يَخفَ أن الحلفيين وقعا في خلاف شديد حول عدة مواقف تخص الوضع السوري، وقد أدى هذا الخلاف -على سبيل المثال- إلى وقوع اشتباكات قوية بين قوات الطرفين عام 2018، عندما تقاتلا من أجل السيطرة على احتياطيات الفوسفات في البلاد.
في العامين الأخيرين، بدا (24) تراجع الدور الروسي واضحا داخل الأراضي السورية، ولم يقتصر ذلك على تلاشي الآمال الروسية بالتوصل إلى حل سياسي للحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات، بل بلغ أيضا حد قطع الدعم الروسي عن العديد من وكلاء موسكو في سوريا بحلول عام 2021، حيث كان وباء كورونا قد قيَّد موسكو بالانكماش الاقتصادي، وزاد الأمر سوءا مع نشوب الحرب في أوكرانيا التي أجبرت روسيا على تركيز مجهودها الحربي للقتال الدائر في جوارها.
استغل الإيرانيون هذه الفرصة من أجل إزاحة روسيا نسبيا عن المشهد والتقاط الوكلاء السابقين الذين لم يعد بإمكان الكرملين دعمهم عسكريا وماليا، حدث ذلك (25) مع اللواء الثامن التابع للنظام السوري، وهو إحدى أكثر الوحدات ولاء لروسيا داخل القوات المسلحة في جنوب سوريا، الذي خفضت روسيا رواتب عناصره إلى النصف، بل في عام 2022 توقفت تماما عن الاتصال مع اللواء، وهو ما دفع اللواء للعمل لصالح مديرية المخابرات العسكرية السورية، أحد أقوى وكلاء إيران، وفي الوقت نفسه انفصلت ميليشيات قوات الدفاع الوطني شرقي دير الزور التي يقودها حسن الغضبان عن موسكو لصالح الفرقة الرابعة المدعومة من إيران، وذلك بعد أن أخفقت موسكو في دفع رواتب العناصر لمدة ستة أشهر كاملة.
ترسَّخ هذا التوجه بشكل أكبر مع نشوب تمرد فاغنر الأخير الذي جذب الأنظار من جديد لطبيعة العلاقة بين الحليفين الروسي والإيراني على الأرض السورية، في البداية اعتقد المراقبون (26) أن الاهتزاز المُحتمل الذي يكابده بوتين في موسكو من شأنه أن يترك إيران عُرضة للخطر من الناحية الإستراتيجية في سوريا وغيرها، وقد يؤدي ذلك إلى مضاعفة خطواتها الأحادية مثل البرنامج النووي، وتطوير الصواريخ، وغير ذلك. لكن ما يبدو أقرب للواقع -بالأخص مع إخماد محاولة التمرد ومقتل بريغوجين- أن إيران سوف تسعى لاستغلال الفرصة لاستقطاب المزيد من الوكلاء السوريين واكتساب المساحات على حساب الحليف الروسي.
على الجانب الآخر، لا تزال موسكو معنية بالحفاظ على مصلحتها الإستراتيجية بالوجود في سوريا، وأهمها حقها في استخدام قاعدة حميميم بوصفها منصة انطلاق لعرض النفوذ الروسي في أفريقيا، وكذلك رسو السفن ذات القدرات النووية في ميناء طرطوس السوري الذي يضع في يد الروس قوة ردع نووي على طول الجناح الجنوبي لحلف الناتو، لكن إصرار موسكو على كبح جماح رجال بريغوجين في سوريا يعني في جميع الأحوال خلق فجوات لتدخُّل إيران واستغلالها الوضع لتحقيق مكاسب على حساب النفوذ الروسي.
لإيضاح ذلك، يمكن الاستشهاد بدور فاغنر ومن خلفها المتعاقدون السوريون الخاصون الذين هم أحد المكونات الأساسية في مواقع النفط السورية، إذ يضمن وجود هؤلاء لروسيا تشغيلا سلِسا لاحتياطيات الطاقة السورية، وتدفقا مستقلا لعائداتها، هذا ويتطلب ضمان ولاء الآلاف من المتعاقدين العسكريين السوريين الخاصين منع أي تقليص في الحوافز، وإلا سيكون المقابل فتح الباب أمام إيران التي من السهل أن تقدم أسلحة وتدفع أجورا أفضل لهم.
عموما، تبدو أوراق سوريا معقدة جدا بالنسبة لجميع الأطراف، خصوصا بعد حادثة مقتل بريغوجين و5 من رفاقه في حادثة تحطم طائرته الخاصة، إذ ستكون روسيا أمام امتحان صعب للحفاظ على موازين قواها الخارجية في حالة قررت الاستغناء عن فاغنر، من جهتها ستحاول إيران العمل على استغلال أي موضع قدم لتزيد من توغل حضورها في سوريا، لتحقيق أهدافها بعيدة المدى في المنطقة.
_______________________________________________
المصادر:
(1) Syria brought Wagner fighters to heel as mutiny unfolded in Russia (2) How the rumble in Russia reverberates around the Middle East (3) Wagner in Syria: Complaint filed with European Court of Human Rights following the dismissal of the case in Russia (4) The Grisly Cult of the Wagner Group’s Sledgehammer (5) Masked men throw sledgehammers at Finland’s embassy in Moscow (6) Wagner vs. Russia’s Defense Ministry in the Middle East (7) Prigozhin’s Men in Syria Reportedly Detained as Putin Cracks Down on Wagner (8) What’s next for Wagner in Syria, Africa after Putin mutiny? (9) The Putin-Prigozhin Fight Now Has a Syrian Battlefield (10) What’s behind the latest Russian airstrikes in Syria? (11) How a 4-Hour Battle Between Russian Mercenaries and U.S. Commandos Unfolded in Syria (12) The battle in Syria that looms behind Wagner’s rebellion (13) Wagner vs. Russia’s Defense Ministry in the Middle East (14) Five Years After a Disastrous Syria Battle, Wagner Is More Dangerous Than Eve (15) Treasury Sanctions Russian Proxy Wagner Group as a Transnational Criminal Organization (16) The Wagner Mutiny Could Strengthen Iran in Syria (17) مصدر سابق (18) Iranian-Backed Attacks on US Forces in Syria Caused 23 Traumatic Brain Injuries, Pentagon Says (19) US air strikes target Iran-backed militants in Syria (20) U.S. strikes Iran-backed militias in Syria after attack on American base (21) Iran plans to escalate attacks against U.S. troops in Syria, documents show (22) Russia, Iran quietly coordinating in Syria to pressure US, official says (23) How Wagner’s mutiny in Russia impacts Iran’s threat to Israel – analysis (24) مصدر سابق (25) المصدر السابق نفسه (26) How the rumble in Russia reverberates around the Middle Eastالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: النظام السوری الأمیرکیة فی المجموعة فی الروسیة فی مجموعة من دیر الزور أن إیران من إیران فاغنر فی فی سوریا فی عام عام 2018 من أجل مع ذلک
إقرأ أيضاً:
في ذكراها الـ14.. هذه محطات الثورة السورية من الشرارة الأولى إلى دخول دمشق
في مثل هذا اليوم قبل 14 عاما، انطلقت الثورة السورية حاملة معها آمال شعب يتوق للحرية والكرامة والتخلص من القبضة الأمنية التي حكم بها نظام الأسد البلاد طوال عقود عدة.
بدأت الاحتجاجات التي انطلقت في دمشق في 15 آذار /مارس ومن ثم درعا في 18 من الشهر ذاته سلميةً، لكن سرعان ما قوبلت بالقمع الدموي، ما أدى إلى تصاعد الأحداث وتحولها إلى صراع طويل الأمد.
وعلى مدار أكثر من عقد، مر السوريون بمراحل مفصلية مليئة بالتحديات والآلام، حتى حققت الثورة هدفها أخيرا في 8 كانون الأول /ديسمبر عام 2024، بإسقاط نظام بشار الأسد، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.
شرارة الثورة
في 15 آذار /مارس عام 2011، خرج السوريون للتظاهر في مدينة دمشق مطالبين بالإصلاحات السياسية والعدالة، مستلهمين من الثورات العربية التي سبقتهم، ما أدى إلى اعتقالات في صفوف المتظاهرين.
وفي 18 آذار /مارس من العام ذاته، بدأت المظاهرات في درعا بعد اعتقال وتعذيب أطفال كتبوا شعارات مناهضة للنظام، ما أدى إلى مقتل الشاب محمود الجوابرة أو قتيل على أيدي قوات النظام في الثورة السورية.
وسرعان ما امتدت الغضب الشعبي الذي فجرته الأحداث في درعا التي عرفت بمهد الثورة السورية، إلى العديد من المدن بينها دمشق وحمص وحماة وإدلب ودير الزور وغيرها.
رد نظام الأسد بالعنف المفرط، حيث أطلقت قوات الأمن والجيش الرصاص الحي على المتظاهرين، وبدأت حملات اعتقالات واسعة في صفوف المدنيين، في محاولة لكبح جماح الثورة التي اتسعت رقعتها وتصاعدت وتيرتها بسبب تشبث النظام بالخيار الأمني رافضا لإجراء إي إصلاحات.
في تموز /يوليو عام 2011 وتحت تصاعد العنف من قبل النظام، انشق بعض الضباط عن الجيش وأسسوا ما عرف باسم "الجيش السوري الحر" بقيادة العقيد رياض الأسعد، لتتحول الثورة بشكل تدريجي منذ ذلك الحين إلى العسكرة لمواجهة عنف النظام.
التصعيد والعسكرة
مع استمرار القمع الوحشي، بدأ النظام باستخدام "البراميل المتفجرة"، وقصف المدن بشكل عشوائي، ما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا، وأسفر عن موجات نزوح ولجواء واسعة.
وفي 21 آب 2013، ارتكب النظام إحدى أبشع جرائمه عندما قصف الغوطة الشرقية بالسلاح الكيميائي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 مدني أغلبهم من الأطفال.
في هذه الفترة، دخلت أطراف دولية وإقليمية على خط الصراع، حيث تدخلت إيران وميليشاتها على الأرض لدعم النظام، بينما دعمت دول أخرى المعارضة.
وفي أيلول /سبتمبر عام 2015، بدأت روسيا التي انضمت إلى داعمي النظام بشن ضربات جوية مكثفة على مناطق المعارضة، ما رجح كفة المعركة لصالح النظام الذي كاد يسقط حينها على وقع ضربات المعارضة.
المأساة الإنسانية والتهجير القسري
شهدت هذه المرحلة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، ففي أواخر 2016، سقطت حلب الشرقية بيد النظام بعد حصار وتجويع وقصف استمر لأشهر، لتبدأ بذلك سلسلة من موجات التهجير القسري من عدة مناطق مثل الغوطة الشرقية ودرعا وريف حمص.
بحلول عام 2019، كان أكثر من 13 مليون سوري قد هُجّروا من ديارهم سواء داخل البلاد أو كلاجئين في دول الجوار وأوروبا، وذلك بعد انكفاء المعارضة ومحاصرها في شمال غربي البلاد، في حين امتلأت سجون النظام الوحشية بالمعتقلين الذين فقد كثير منهم الحياة تحت أبشع أنواع التعذيب التي مارسها النظام بحقهم.
وكانت صور "قيصر" التي سربها المساعد أول فريد المذهان رئيس قسم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في العاصمة السورية دمشق، أكبر عملية تسريب أثبتت التعذيب الوحشي الذي كان النظام يمارسه ضد المعتقلين.
وتضمنت الصور التي أدت إلى فرض الكونغرس الأمريكي في كانون الأول /ديسمبر عام 2019 قانون "حماية المدنيين السوريين" الذي ههدف إلى فرض عقوبات اقتصادية على النظام وأفراد مرتبطين به. وعرف القانون باسم قانون "قيصر" في إشارة إلى جهود مسرب الصور المروعة.
الصمود والمقاومة
رغم كل ذلك، لم يفقد السوريون الأمل، فقد استمر كفاحهم في الشمال السوري، وأصبحت إدلب آخر معاقل المعارضة بعد حملات النظام على معاقل المعارضة واحدا تلو آخر.
وعلى الصعيد السياسي، لم تنجح أي من المبادرات الدولية في إنهاء الصراع بسبب تعنّت النظام وداعميه أمام الحل السياسي، فضلا عن شروع العديد من الدول في العمل على إعادة تدوير نظام بشار الأسد ودمجه بالمنظومة الدولية.
لكن مع تفاقم الأزمات الداخلية، والانهيار الاقتصادي غير المسبوق في مناطق سيطرة النظام، بدأت حالة السخط تتصاعد حتى داخل المناطق التي كانت خاضعة له، وظهرت احتجاجات جديدة في السويداء ذات الغالبية الدرزية في 2023.
النصر وإسقاط النظام
في أواخر 2024، تصاعدت الضغوط على النظام جراء الانهيار الاقتصادي الكبير وتحول رؤوس النظام إلى تجارة "الكبتاغون" وهو أحد أنواع المخدرات من أجل تأمين مصدرا ماليا، بينما بقي السوريون في مناطق سيطرة النظام يرزحون تحت وطأة الفقر وغياب الأمن وأبسط الخدمات والاحتياجات المعيشية.
كما ساهمت الأحداث التي تلت السابع من تشرين الثاني /أكتوبر عام 2023 في إضعاف داعمي النظام مثل إيران وحزب الله بسبب الضربات الإسرائيلية، في حين غرقت روسيا التي تمتلك قاعدتين عسكريتين على الساحل السوري في حربها المتواصلة مع أوكرانيا.
حتى جاءت اللحظة الفارقة في 27 تشرين الثاني /نوفمبر عام 2024 عندما أعلنت الفصائل السورية المسلحة في إدلب بدء عملية عسكرية واسعة تحت مسمى "ردع العدوان" ما أدى إلى انهيارات واسعة في صفوف النظام.
وخلال أقل من 48 ساعة، تمكنت فصائل المعارضة من بسط سيطرتها على محافظة حلب في 29 تشرين الثاني /نوفمبر من العام ذاته، ما قلب موازين القوى وأنهى التفاهمات الدولية التي أبقت الملف السوري في حالة من الجمود لأكثر من 7 سنوات.
في أعقاب ذلك، واصلت فصائل المعارضة بالتقدم إلى المدن وبسط سيطرتها عليها المحافظات السورية واحدة تلو الأخرى لينتهوا بعد 11 يوما في العاصمة دمشق.
وفي 8 كانون الأول /ديسمبر عام 2024، أعلنت الفصائل الثورية سيطرتها على دمشق بالكامل وسط انهيار مفاجئ لقوات النظام وهروب الرئيس المخلوع بشار الأسد وعائلته إلى روسيا التي منحته حق "اللجوء الإنساني" بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي 29 كانون الثاني/ يناير 2025، أعلنت الإدارة السورية الجديدة عن تعيين قائد قوات التحرير أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية، بجانب العديد من القرارات الثورية التي قضت بحل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.
وشرع الشرع في إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية، منجزا العديد من الاستحقاقات التي وعد بها عقب توليه منصب الرئاسة، بما في ذلك المصادقة على الإعلان الدستوري الذي من شأنه أن ينظم المرحلة الانتقالية التي حددت بموجب الإعلان بمدة 5 سنوات.