محاصر في نيامي.. آخر تطورات أزمة السفير الفرنسي في النيجر
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
يبدو أن أزمة سحب السفير الفرنسي من النيجر لن تنتهي، بل يزداد بها التطورات كل يوم، حتى وصل الأمر أنه محاصر الآن، ومنعت عنه الزيارة.
حيث أكد مصادر أن السلطات العسكرية في النيجر منعت سفيري الاتحاد الأوروبي وإسبانيا من زيارة السفير الفرنسي، كما حظرت قوات الأمن المنتشرة منذ أسابيع في محيط السفارة، أمس الثلاثاء، دخول السيارات إلى المبنى، بعدما كانت تفرض تفتيشًا دقيقًا عليها قبل ذلك.
عدم الاعتراف بالسلطات الجديدة
بالرغم من ذلك لا تزال فرنسا ثابته على موقفها وعدم الاعتراف بالسلطات الجديدة في نيامي، ومتمسكة بإبقاء سفيرها هناك.
مناقشات بين الجانبين
ومنذ أيام، حدثت مناقشات بين الجانبين من أجل سحب جزء من الجنود الفرنسيين المتواجدين في 3 قواعد عسكرية بنيامي، بعدما ألغى العسكريون في بداية أغسطس الماضي العديد من الاتفاقات مع باريس، وبالأخص المتعلقة بالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
حيث ينتشر نحو 1500 جندي فرنسي يشاركون في التصدي لمجموعات متطرفة في إطار اتفاقات عسكرية ثنائية.
المحكمة تقضي بطرد السفير
وفي الأول من سبتمبر الجاري، قضت المحكمة النيجرية، استجابة لطلب السلطات الجديدة، بطرد السفير الفرنسي السابق لدى النيجر، سيلفان إيتي.
كما ذكرت وزارة خارجية النيجر في وقت سابق أن السفير إيتي لم يعد يتمتع بالحصانة الدبلوماسية، كما صدرت تعليمات للشرطة بالمضي قدما في تنفيذ عملية طرده.
حيث أن السفير أصبح شخصًا غير مرغوب فيه، وتم إلغاء بطاقته الدبلوماسية وتأشيرته، ستكون إقامته الإضافية في النيجر، في حال عدم مغادرته البلاد خلال المهلة المحددة بـ48 ساعة، غير قانونية، وتم تجريده من كافة الامتيازات الدبلوماسية والحصانة الدبلوماسية بموجب اتفاقية فيينا.
فرنسا ترفض سحب السفير
والأسبوع الماضي، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن السفير الفرنسي لدى النيجر سيظل هناك رغم الضغوط من قادة الانقلاب الذي شهدته البلاد في الآونة الأخيرة.
وتابع ماكرون، لقد واجهت فرنسا ودبلوماسيوها مواقف صعبة بشكل خاص في بعض البلدان خلال الأشهر الأخيرة، وأحيي السفير الفرنسي الذي يعمل في النيجر والذي ما يزال في تلك البلاد، فالدبلوماسية هي طريق الالتزام، وفي بعض الأحيان تكون هذه الطريق محفوفة بالمخاطر، موكدًا متواصلة بلاده دعم الرئيس محمد بازوم.
كما أكد أن فرنسا لن تغير موقفها في إدانة الانقلاب وتقديم الدعم لبازوم، فهو انتخب ديمقراطيًا وكان شجاعًا برفضه الاستقالة، والحرب باتت تعود إلى أوروبا، وعملت على انتهاك سيادة بعض الأراضي الأوروبية.
المجلس يهدد
ولكن هدد المجلس العسكري في النيجر باستخدام القوة في حال لم يغادر الفرنسي الفرنسي البلاد فورًا.
وقال المتحدث باسم المجلس مخاطبا السفير: من أنت حتى ترفض المغادرة؟، على شعبنا أن يكون مستعدًا لعدم النوم في الأيام المقبلة.
طلب بمغادرة السفير
ففي وقت سابق كانت قد أعلنت وزارة خارجية النيجر أن أمام السفير الفرنسي سيلفان إيتي 48 ساعة لمغادرة البلاد، وإنه رفض الاجتماع مع الحكام الجدد ومشيرة إلى تصرفات الحكومة الفرنسية باعتبارها تتعارض مع مصالح النيجر.
رفض فرنسا
فيما رفضت فرنسا الطلب وقالت إن الانقلابيين لا يملكون صلاحية تقديم هذا الطلب، مؤكدة أن حكومة بازوم التي أطاحوا بها تبقى السلطة الشرعية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: السفير الفرنسي في النيجر فرنسا النيجر نيامي السفیر الفرنسی فی النیجر
إقرأ أيضاً:
عسكرة الدبلوماسية الإسرائيلية
للسياسي الفرنسي المعروف جورج كليمنصو مقولة شهيرة وهي (إن الحرب أمر جلل لا يجب أن يترك للعسكر فقط)، وقد أثبتت العديد من وقائع التاريخ صحة هذه المقولة، فقرارات الحرب والسلام يجب أن يشارك فيها الدبلوماسيون لتجنب الحرب وفرض السلام قدر الإمكان، وهذا لا يعني تجاهل آراء ومقترحات العسكر بل يجب أن تؤخذ في الحسبان عندما تعجز الدبلوماسية عن إيجاد الحلول لتجنب قرار الحرب، كونها الوسيلة الوحيدة لدعم الاستقرار وبسط سيطرة الدولة على أراضيها.
الحروب عادة لا تحل الصراعات والمشكلات من جذورها، بل تمنح الطرف المنتصر بعض المزايا لفترة من الوقت حتى يتمكّن الطرف المنهزم من إعادة ترتيب أوراقه ومعاودة الهجوم مرة أخرى، ويظل الأمر هكذا بين كر وفر قد يستمر لعقود طويلة، فما أن يفوز طرف حتى يسعى الطرف الآخر لمعاودة القتال، وخلال هذه الرحلة يفقد كلا الطرفين الكثير من مواردهما المالية والبشرية ويكاد يتساوى كل منهما سواء عند النصر أو الهزيمة، وتظل المشكلة قائمة بلا حل جذري ومعرِّضة فترات الهدنة المؤقتة للانفجار مرة أخرى.غير أن الدبلوماسية أمر مختلف تماماً، فالحلول الدبلوماسية ترتكز على مواجهة المشكلة والبحث في جذورها والتوصل لحل عميق لكافة جوانبها، وهو ما يعني مخاطبة جميع الأطراف المعنية ومناقشة متطلباتهم ثم التوصل لتسوية ترضي جميع الأطراف؛ حيث يحصل كافة الأطراف المنخرطين في الصراع على مزايا متقاربة، كما يقدّم كل منهم تنازلات متساوية، وبالتالي يتم -من خلال عقد عدة جولات تفاوضية هادفة- الحصول على حلول مستدامة ونهائية تضمن عدم خوض أي صراع أو حروب مستقبلية، فالتفاوض يسعى لتجنب الحرب في المستقبل خاصة إذا كان كلا الطرفين جاداً في رغبته في إنهاء النزاع، والدبلوماسية يجب ألا تضغط على طرف لصالح طرف آخر، بحيث تبقي أحدهما مضطرباً محتقناً على أهبة الاستعداد لتوفر اللحظة المواتية للانقضاض على الطرف الآخر، وبالتالي تستديم حالة الاضطراب المحفوفة بالخطر طيلة الوقت وتخيم على شعوب كلا طرفي النزاع.
من الملاحظ أن إسرائيل منذ نشأتها وحتى يومنا هذا لا تعتمد مفهوم الدبلوماسية مع العرب، فهي لا تنتهج سوى نهج عسكرة السياسة، ولا تؤمن إلا بلغة القوة كلغة حوار مع جيرانها، كما أنها لا تؤمن إلا بمنطق التفوق العسكري ولا تعتقد أنه بإمكانها التواجد بسلمية وسط محيطها العربي دون أن تتفوق عليهم عسكرياً، ومن المؤسف أن تكون هذه الأفكار الصراعية أيضاً أفكار بعض الدول العظمى؛ فبعض الدبلوماسيين في الدول الغربية يؤمنون بأن التفاوض يأتي بعد شعور الطرف الضعيف بالملل والانكسار، وهذا المبدأ تتبعه إسرائيل خلال مفاوضاتها مع الفلسطينيين حتى تستطيع أن تحصل منهم على أكبر قدر ممكن من التنازلات.
لا شك أن هذه السياسة التعسفية تدل على سطحية قادة إسرائيل وتبرهن على افتقاد زعمائهم لأبسط قواعد الفهم السياسي والحكمة المطلوبة لدى الساسة لقيادة أي دولة، ولو نظر قادة إسرائيل للمأزق السياسي الذي تعاني منه إسرائيل منذ نشأتها فسيجدون أن دولتهم منذ تأسيسها وهي في حالة حرب مستمرة مع الدول العربية؛ فهي تخوض أنواعاً مختلفة من الصراعات العسكرية، بعضها داخلي مع الفلسطينيين وبعضها خارجي مع جيرانها، ولا شك أن أول من عانى من تلك السياسة الرعناء هو الشعب الإسرائيلي، والذي وجد نفسه منخرطاً في صراعات هنا وهناك دون ظهور أية بوادر للسلام، فدوي صفارات الإنذار وهلع جموع الشعب وحالات الطعن والدهس والقتل تمثل أرقاً دائماً للشعب الإسرائيلي، غير أنها نتيجة مباشرة لممارسات زعمائه المتطرفين التواقين للحرب، فإسرائيل لا تفكر إلا بلغة العسكر، وهم المسيطرون على سياسة إسرائيل الخارجية البعيدة عن دبلوماسية الحوار.
لا شك أن قادة إسرائيل لا يتمتعون بأية فطنة سياسية من أي نوع، فلو كانوا يمتلكون أقل القليل منها لأدركوا أن سياسة القوة والتهديد لا يمكن أن تؤتي ثمارها أبداً على المدى الطويل، فالعرب لم ولن يتنازلوا أبداً عن حقوقهم المشروعة، وأن القتل المستمر والممنهج للفلسطينيين لا يعني موت القضية، فسيولد جيل جديد يحمل القضية في قلبه وفي أعماقه، فالقضية لن تموت أبداً، وقادة إسرائيل المتطرفين لا يرون من البحر سوى سطحه، لذا فإن الدموية المفرطة وعدم مناقشة القضايا الخلافية بالجدية الكافية سيجعل المنطقة مسرحاً للصراع لعقود وربما لقرون قادمة حتى يعود الحق لأصحابه.