حكم تفريق أشواط السعي في المناسك بسبب عذر
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن التتابع والموالاة بين أشواط السعي بين الصفا والمروة سُنَّةٌ يُثاب فاعِلُها، وليست شرطًا لصحة السعي، فيجوز تفريق الأشواط لعذرٍ، ويُكْرَه لغير عذر ولا يَبطل السعي، وسواءٌ كان الفصلُ بينها بزمَنٍ يَسِيرٍ -كأن يُسَلِّمَ الساعي على شخصٍ يعرفه، أو يَقِفَ لشُرب الماء، أو غير ذلك ممَّا لا يَستغرق وقتًا يُشْعِرُ أنَّ صاحبَه تَرَكَ هيئة السعي التي هو عليها-، أو كان زمَن الفصل طويلًا -كأنْ يستغرق وقتُ السعي يومًا أو ليلةً أو أكثر مِن ذلك-، ويبني الساعي في الحالتين على ما سَبق مِن الأشواط مِن غير ابتداء؛ لأنَّ السعي نُسُكٌ لا يتعلَّقُ بالبيتِ، فلم تُشترَط له الموالاةُ، كالرَّمْيِ والحَلْقِ.
واستشهدت الإفتاء، بما روي عَنْ هشام بن عُرْوَةَ، عن أبيه أنَّ "سَوْدَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَانَتْ عِنْدَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَخَرَجَتْ تَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مَاشِيَةً، وَكَانَتِ امْرَأَةً ثَقِيلَةً، فَجَاءَتْ حِينَ انْصَرَفَ النَّاسُ مِنَ الْعِشَاءِ، فَلَمْ تَقْضِ طَوَافَهَا حَتَّى نُودِيَ بِالْأُولَى مِنَ الصُّبْحِ، فَقَضَتْ طَوَافَهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ" أخرجه الإمام مالك في "الموطأ"، وقال الإمام الزُّرْقَانِيُّ في "شرحه على الموطأ": [فحاصِلُهُ: أنَّها لِثِقَلِهَا أقامت في الطواف والسعي مِن العشاءِ إلى الأذانِ الأَوَّلِ لِلصُّبْحِ].
وتابعت الإفتاء: وإلى عدم اشتراط الموالاة في السعي بين الأشواط، وجواز الفصل الكثير بينها -كما هي مسألتنا-، ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية -وإن كرهوه لغير عذر، واستَحَبَّ بعضُهم الاستئناف في الفصل الكثير كأنْ يطوف في كلِّ يومٍ شوطًا أو أقلَّ وليس له في ذلك عذر-، والشافعية، والحنابلة في الأصح.
وعلى هذا الاختيار، فإنَّ مَن أجهَدَه التعبُ في السعي، فَقَطَعَه، ثُم أَكْمَلَهُ في اليوم التالي بَانِيًا على ما أَدَّاه مِن الأشواط، فإنَّ سَعْيَهُ صحيحٌ شرعًا، ولا شيء عليه في ذلك ولا حرج.
قال المُلَّا علي القارِي الحنفي في "المَسْلَك المُتَقَسِّط في المَنْسَك المتوسِّط" في بيان أحكام السعي: [(فصل في سُنَنِه) أي: سُنَن السعي، وهي خَمْسٌ (الموالاة بيْنه وبيْن الطواف).. (والموالاة بيْن أشواطه) هذا مخالِفٌ بظاهِرِه لِمَا قاله في "الكبير": والموالاة ليست بشرط، بل هي مستحبة، فلو فرَّق السعي تفريقًا كثيرًا كأن سَعَى كلَّ يومٍ شوطًا أو أقلَّ لم يَبطُل سعيُه، ويُستحب أن يَستأنف، يعني: إنْ فَعَلَه بغير عذر].
وقال علاء الدين الحَصْكَفِيُّ الحنفي في "الدر المختار": [اعلم أن مكان الطواف داخل المسجد ولو وراء زمزم، لا خارجه؛ لصيرورته طائفًا بالمسجد لا بالبيت، ولو خرج منه أو من السعي إلى جنازةٍ أو مكتوبةٍ أو تجديدِ وضوءٍ ثم عاد: بَنَى، وجاز فيهما: أكلٌ، وبيعٌ، وإفتاء].
الموالاة بين مراتب السعيوقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع": [الموالاة بين مراتب السعي سُنَّةٌ على المذهب، فلو تخلل فصلٌ يسيرٌ أو طويلٌ بينهن لم يَضُرَّ وإنْ كان شهرًا أو سَنَةً أو أكثر، هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور، وقال الماوردي: إن فَرَّقَ يسيرًا جاز، وإن فرق كثيرًا فإنْ جَوَّزْنَا التفريق الكثير بين مرات الطواف وهو الأصح، فهَاهُنا أَوْلَى].
وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني": [فأما السعي بين الصفا والمروة، فظاهر كلام أحمد أن الموالاةَ غيرُ مشتَرَطة فيه، فإنه قال في رجل كان بين الصفا والمروة، فلَقِيَهُ قادِمٌ يَعرِفُه، يَقِفُ يُسَلِّمُ عليه، ويُسَائلُه؟ قال: نعم، أمْرُ الصفا سَهْلٌ، إنما كان يكره الوقوف في الطَّوافِ بالبيت، فأما بين الصفا والمروة فلا بأس. وقال القاضي: تُشترط الموالاة فيه، قياسًا على الطواف، وحكاه أبو الخطاب روايةً عن أحمد، والأول أَصَحُّ؛ فإنه نُسُكٌ لا يتعلق بالبيت، فلم تُشترط له المُوَالَاةُ، كالرمي والحلاق. وقد روى الأثرمُ أن سودة بنت عبد الله بن عمر، امرأة عروة بن الزبير، سَعَت بين الصفا والمروة، فقَضَت طوافَها في ثلاثة أيام، وكانت ضَخمة. وكان عطاء لا يرى بأسًا أن يَستريح بينهما، ولا يَصِحُّ قياسُه على الطواف؛ لأن الطواف يتعلق بالبيت، وهو صلاة تُشترط له الطهارة والستارة، فاشتُرطت له الموالاة، بخلاف السعي].
الخلاصة
واختتمت الإفتاء قائلة: "وبناءً على ذلك: فإنَّ الموالاةَ بين أشواط السعي بين الصفا والمروة سُنَّةٌ يُثاب فاعِلُها، ويجوز للساعي التفريقُ بيْنها، يسيرًا كان هذا التفريقُ أو كثيرًا خاصةً إذا كان هذا لعذرٍ، ولا يَبْطُلُ بذلك السعيُ، ويَبني الساعي على ما سَبق له أداؤه مِن الأشواط، ولا يَجب عليه الاستئناف وإن كان مُستحَبًّا إذا كان هذا التفريقُ كثيرًا مِن غير عذر كما سبق بيانه".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المناسك دار الافتاء الصفا والمروة الإفتاء ن الأشواط کثیر ا
إقرأ أيضاً:
سيف الرشيدي: أصبح واحدًا من أبرز السباقات على مستوى العالم
قال سيف بن سباع الرشيدي رئيس الاتحاد العماني للدراجات الهوائية، نائب رئيس الاتحاد الآسيوي للدراجات، مدير «طواف عُمان»: بدأ هذا الطواف العالمي في عام 2010، وشهد تطورًا كبيرًا وأصبح واحدًا من أبرز السباقات في مجال الدراجات الهوائية على مستوى العالم، ومع مرور الزمن، بات «طواف عُمان» يتصدر أجندة الاتحاد الدولي للدراجات الهوائية، ما يجعله حدثًا رياضيًا عالميًا بامتياز.
وقال الرشيدي: لا يقتصر «طواف عُمان» على كونه حدثًا رياضيًا فحسب، بل يُعد منبرًا لتحقيق أهداف سياحية وثقافية على نطاق عالمي، بفضل وسائل الإعلام المختلفة، سواء المرئية أو المسموعة أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، وأصبح طواف عمان يصل إلى خمس قارات، مما يعكس التنوع السياحي والثقافي الذي تتمتع به سلطنة عمان، وتم اختيار مسارات الطواف بعناية فائقة لتبرز جمال وتنوع مختلف المحافظات التي مر بها الطواف، وبلا شك أن «طواف عُمان» أصبح محط أنظار الدراجين المحترفين على مستوى العالم، وهو ما يعكس المكتسبات الكبيرة التي حققها هذا الحدث الدولي منذ بدايته وحتى اليوم، وهو أحد السباقات التي تحظى بمكانة هامة في أجندة الاتحاد الدولي للدراجات الهوائية وفي آسيا بشكل عام، وأن هذه المكانة الرفيعة تضع «طواف عُمان» في قلب رياضة الدراجات الهوائية العالمية، ومن الرائع أن يكون له هذا التأثير الكبير على الساحة الدولية، وختام النسخة الرابعة عشرة من الطواف، يُعد دليلاً على نجاحه المستمر وتقدمه في الساحة الرياضية الدولية.
وأضاف: المراحل في هذه النسخة من الطواف حملت تحديات كبيرة وفرصًا استثنائية للمتسابقين، حيث يُطلق الدراجون على المرحلة الأخيرة من الطواف وهي مرحلة الجبل الأخضر "جوهرة المراحل" نظراً لما تحققه من تنافس شديد وإثارة، ليس فقط للمتسابقين المحترفين، بل أيضًا للمنتخب العماني الذي حقق هذا العام نقلة نوعية غير مسبوقة، حيث وصل أحد المتسابقين العمانيين إلى مرحلة من التميز جعلته قريبًا من تحقيق القميص الفائز في المرحلة الثانية، ما يُعد إنجازًا جديدا يُحتسب في تاريخ الرياضة العمانية، وبلا شك أن هذه النسخة من الطواف تعتد مميزة بكل تفاصيلها، وكل مرحلة كانت تحمل تحديات جديدة ومتنوعة، حيث أظهر الدراجون، وخاصة المواهب الشابة، قدرات استثنائية وجهدا كبيرا، ومن المناظر الطبيعية الساحرة إلى التضاريس المختلفة، كانت المراحل تمثل تحديا حقيقيا لجميع المشاركين، وقدمت هذه النسخة من «طواف عُمان» فرصة كبيرة للدراجين لإثبات مهاراتهم والتنافس على أعلى مستوى، وأظهرت التنوع الكبير في المسارات التي تم تصميمها لتكون متوازنة وتتناسب مع جميع القدرات، وأن هذه المراحل أثبتت أن «طواف عُمان» أصبح واحداً من السباقات الرائدة التي تجذب المتسابقين من جميع أنحاء العالم.
وتابع حديثه: نحن في الاتحاد العماني للدراجات الهوائية نعمل باستمرار على تطوير الطواف، حيث نقوم بعد كل نسخة بتقييم الأداء والعمل على تحسين النقاط التي تحتاج إلى تطوير، ونتطلع في النسخة القادمة إلى تقديم تجربة جديدة تعكس التطور المستمر لهذا الحدث المهم في أجندة الرياضات العالمية، وخصوصاً في المنطقة الآسيوية.
وختم رئيس الاتحاد العماني للدراجات الهوائية، نائب رئيس الاتحاد الآسيوي للدراجات، مدير «طواف عُمان»، حديثه بالقول: نتوجه بجزيل الشكر والامتنان إلى صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب على دعمه المستمر للرياضة العمانية بشكل عام، ولرياضة الدراجات الهوائية بشكل خاص، كما أتقدم بالشكر الجزيل لجميع من ساهم في نجاح هذا الطواف، وأخص بالشكر اللجنة المنظمة للطواف، الذين عملوا جاهدين من أجل إنجاح هذا الحدث العالمي، كما أقدم الشكر لجميع المنظمين والمتطوعين في «طواف عُمان» الذي يواصل تحقيق نجاحات مبهرة عاماً بعد عام، وهذا النجاح لم يأت من فراغ وإنما بفضل التحضير الجيد والتنسيق المثالي بين جميع الجهات المشاركة، فضلاً عن الجودة العالية التي يتمتع بها المتسابقين والفرق المشاركة، هذا التنسيق المستمر والاهتمام بأدق التفاصيل أسهم بشكل كبير في تطور هذا الحدث الرياضي الدولي بشكل متوازن ومؤثر.