هل تنجح أول قمة أفريقية للمناخ.. الأمن المائي يهدد 700 مليون شخص.. وتأثيرات خطيرة على الزراعة والطاقة في القارة السمراء
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
تتزايد آثار الطقس المتطرف وتغير المناخ حول العالم، حيث تقلبت حالة الطقس مابين موجات الجفاف والفيضانات وموجات الحرارة الشديدة والأجواء الباردة، مما يتسبب في كوارث مناخية وبيئية كبيرة خاصة في الدول الفقيرة والنامية والتي لا تستطيع أن تواجه التغيرات المناخية بصورة علمية ومحسوبة.
وحسب البروفيسور بيتيري تالاس الأمين العام المنظمة العالمية للأرصاد الجوية فإن الزراعة والأمن الغذائي والطاقة هي المجالات التي تحظى بأولوية قصوى فيما يتعلق بالتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره.
وتبحث أول قمة للمناخ في افريقيا المنعقدة في كينيا، تقديم مساهمات تركز على المنطقة لإثراء التقييم العالمى وتشمل أنظمة الطاقة والصناعة، المدن والمستوطنات الحضرية والريفية والبنية التحتية والنقل، الأرض والمحيطات والغذاء والماء، والمجتمعات والصحة وسبل العيش والاقتصاد.
وتناقش القمة المناخية إلتزامات والتعهدات الدول تجاه التغيرات االمناخية في أفريقيا، وتوفر قمة المناخ فى إفريقيا فرصة للقادة الأفارقة لإصدار "إعلان نيروبي" للقادة الأفارقة بشأن النمو الأخضر وحلول تمويل المناخ، ودعوة للعمل للدول الأعضاء فى الاتحاد الأفريقى والشركاء الداعمين لدعم تنفيذها.
وتستمر فعّاليات أسبوع المناخ فى إفريقيا بعد انتهاء قمة المناخ الأفريقية اليوم؛ حتى يوم السبت القام 9 سبتمبر؛ ليكون منصة لواضعى السياسات والممارسين والشركات والمجتمع المدنى لتبادل الحلول المناخية والحواجز التى يجب التغلب عليها والفرص التى تم تحقيقها فى مناطق مختلفة، لتقديم أول تقييم عالمى خلال قمة المناخ COP 28 فى الإمارات العربية المتحدة فى ديسمبر المقبل.
وهذا ما أكده السفير جوزيف ساكو مفوض الزراعة والتنمية الريفية والاقتصاد الأزرق بالاتحاد الافريقى، مشيرًا إلى الحاجة إلى زيادة الاستثمار العالمى فى العمل المناخى، لا سيما فى أفريقيا، مع التركيز على 5 محركات أساسية للنمو، تشمل توسيع الوصول إلى الكهرباء، وضمان توافر الطهى النظيف، وتعزيز كفاءة الطاقة، واستكشاف إمكانيات الطاقة المتجددة المعادن الخضراء والتصنيع المستدام؛ الزراعة المستدامة والأراضى والمياه؛ البنية التحتية المستدامة والتحضر وأهمية الاستثمار فى البنية التحتية للنقل العام، مع التركيز على الخيارات العملية مثل أنظمة النقل السريع بالحافلات وحلول التنقل الإلكترونى، والمدن المرنة.
700 مليون شخص في أفريقيا مهددون بفقدان الأمن المائيوتضر تأثيرات المناخ في أفريقيا بالأمن المائي والأخطار المتصلة بالمياه، من قبيل الجفاف الشديد والفيضانات المدمّرة، إضرارًا شديدًا بالمجتمعات والاقتصادات والنظم الإيكولوجية الأفريقية، فتغيرات المناخ أثرت على أنماط هطول الأمطار والأنهار الجليدية تتلاشى، والبحيرات الرئيسية تتضاءل، ووفقًا لتقرير صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجويةفإن الأمن المائي للقارة يهدد بمفاقمة عوامل نشوب النزاعات وتشريد السكان.
فتشهد القارة السمراء ارتفاع درجات الحرارة، وموجات الحر، والفيضانات واسعة النطاق، والأعاصير المدارية، وفترات الجفاف الممتدة، وارتفاع مستوى سطح البحر على طول السواحل الأفريقية بطريقة أسرع من المتوسط العالمي، ما يسهم في حدوث زيادات في وتيرة وشدّة الفيضانات الساحلية والتآكل، والملوحة في المدن المنخفضة. والتغيرات في المسطحات المائية القارية لها تأثيرات في قطاع الزراعة، والنظم الإيكولوجية، والتنوع البيولوجي.
وتشير التقديرات إلى أنّ الإجهاد المائي المرتفع يؤثر في قرابة 250 مليون شخص في أفريقيا، ومن المتوقع أن يؤدي إلى تشريد ما يصل إلى 700 مليون شخص بحلول عام 2030 ، وتوضح التقارير أن أربعة دول من كل خمس دول أفريقية لن يكون لديها موارد مائية تُدار إدارةً مستدامةً بحلول عام 2030.
50 مليار دولار تكلفة التأثيرات المناخية بالقارة السمراءوأودَت الأخطار المرتبطة بالجفاف بحياة أكثر من نصف مليون شخص وأدت إلى خسائر اقتصادية تربى على 70 مليار دولار أمريكي في المنطقة، ففي تلك الفترة، أُبلغ حدوث أكثر من 1000 كارثة مرتبطة بالفيضانات أدت إلى أكثر من 20000 حالة وفاة في أفريقيا، وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050، قد تكلف التأثيرات المناخية الدول الأفريقية 50 مليار دولار أمريكي سنويًا.
وحذر "أساف تزاكور" الباحث في مركز دراسة المخاطر الوجودية بجامعة كامبريدج، في بحثه بمجلة "نيتشر" العلمية، أن تغيّر المناخ قد يكلف أفريقيا أكثر من 50 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2050"، حين يتوقع أن يتضاعف عدد سكان القارة.
مشيرًا إلى أن عدم وجود إمكانيات لدى الدول لتكون قادرة على تتبع حال الطقس والتنبؤ بها على نطاق واسع، يؤثر على خيارات التنمية الرئيسية، مثل الزراعة، فلا جدوى مثلًا من الاستثمار في مزارع إذا كانت الفيضانات ستجرفها ببساطة.
وأوضح تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لعام 2019، أن أفريقيا تغطي خمس إجمالي مساحة اليابسة في العالم، وتعتبر شبكتها للرصد البري الأقل تطورًا بين القارات، وحالتها متدهور وأنها تعاني بسبب نقص التمويل.
فتبلغ نسبة الدول منطقة التي تقدم خدمات موثوقة في مجال الطقس بأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 20% فقط، حيث انخفض عدد عمليات الرصد للغلاف الجوي بنسبة 50 % فوق أفريقيا بين عامي 2015 و2020، وهذه مسألة خطرة.
كما أن محطات الأرصاد الجوية متباعدة جدًا، ما لا يسمح بقراءة بياناتها على المستوى المحلي بسبب اختلاف التضاريس والارتفاعات.
أفريقيا مصدر للطاقة الشمسيةوفي اتجاهات مختلفة لحل أزمة التغيرات المناخية في أفريقيا، أطلقت مبادرة الطاقة المتجددة والتنمية الاقتصادية باسم مشروع "الصحراء مصدرا للطاقة" وهو التابع للبنك الأفريقي للتنمية توفير الكهرباء الشمسية لـ 250 مليون شخص في 11 دولة من دول الساحل الافريقي وإمدادها بالطاقة من خلال بناء قدرة كهربائية تبلغ 10 جيغاواط من خلال أنظمة الطاقة الشمسية، فضلًا عن مشاريع الشبكة وغير المتصلة بالشبكة بحلول عام 2030.
وخلال مؤتمر المناخ الأفريقي المنعقد في كينيا، تعهّدت الإمارات والتي تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة المقبل للمناخ (COP28) ديسمبر المقبل، بضخ استثمار 4،5 مليار دولار في الطاقة النظيفة في إفريقيا، وأكد سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتية، أن هذه المبادرة ستساعد في إنتاج 15 غيغاوات من الطاقة النظيفة بحلول العام 2030.
وتندرج هذه المبادرة تحت برنامج "اتحاد 7" الذي تطلقة افمارات بهدف تزويد 100 مليون فرد في جميع أنحاء القارة الإفريقية بالكهرباء النظيفة بحلول عام 2035؛ وذلك تماشيا مع توجهاتها لتعزيز الجهود العالمية لمواجهة تداعيات التغير المناخي عبر مبادرات ملهمة ومشاريع طاقة متجددة وفعاليات متنوعة.
ومن جانبه دعا أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، خلال قمة المناخ الأفريقية إلى دعم القارة السمراء؛ لتكون قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة.
التغيرات المناخية في مصرتعمل مصر على الاستعداد للتغيرات المناخية ومايترتب عليها من آثار، ومحاولة تجنب أو تلافي العواقب الشديدة لذلك تعمل هيئة الأرصاد المصرية جنبًا إلى جنب مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
ويتم التعامل مع بنك معلومات الأرصاد الجوية العالمي لبيان توقعات حالة الطقس على معظم دول العالم، حيث يتم وضع مؤشرات التنبؤ بحالة الطقس عن طريق وجود أكثر من محطة أرصاد جوية في كل محافظة ومدينة ودولة، وفي معظم المطارات، وتقوم هذه المحطات بإعطاء تقرير كل ساعة، يشمل اتجاه الرياح وسرعتها، إمكانية الرؤية، الحرارة، الضغط، ووجود قطرات الندى في الجو، وتسجل أيضًا أي ظاهرة طبيعية أو غير طبيعية تحدث.
ثم يتم إدخال النتائج المقدمة من بنك معلومات الأرصاد الجوية، على أجهزة الحاسوب ليتم تسجيلها على خرائط، ويتم فيها فصل الكتل الباردة عن الكتل الساخنة، ومناطق الضغط العالي عن الضغط المنخفض، وبالتالي يقوم الأخصائي الجوي بناءً على معلوماته وما درسه، في التعرف على أي كتلة ستدخل على البلاد وموعد دخولها، ويستنتج ما يتبعها من آثار مترتبة عليها، مثل الأمطار، الرياح، البرودة والحرارة، وبالتالي تتم عملية التنبؤ بحالة الطقس.
ومن أهم التغيرات التي طرأت على مصر، هو ارتفاع نسب الرطوبة بنسب عالية جدًا، فضلا عن قلة كمية الأمطار، كما قلت السيول التي كانت تحدث في فصل الخريف.
من جهتها أكدت ياسمين فؤاد وزيرة البيئة المصرية خلال مؤتمر المناخ الأفريقي على برامج مصر لحماية البيئة والتي تشمل حماية السواحل من ارتفاع مستوى سطح البحر، وإدارة الموارد المائية مثل مشروعات تبطين الترع وتقنيات الري الفعالة، والأبحاث حول استنباط أصناف جديدة من المحاصيل الزراعية قادرة على تحمل الظواهر المناخية الحادة نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري.
التكيف البيئيوأكدت وزيرة البيئة إلى أهمية تحديد هدف عالمي للتكيف البيئي؛ للتوسع في جهود التكيف وتعزيزها، ووجود إدارة عالمية قوية لضمان الاستجابة الملائمة للتكيف، والحماية من الكوارث والحد من المخاطر العابرة للحدود، وأن تكون الاستثمارات موائمة لجهود مواجهة آثار تغير المناخ، بما يؤدي إلى قدر أقل من الخسائر والأضرار.
وأشارت إلى أن مشروعات التكيف الوطنية خاصة في البلدان النامية والافريقية تمثل عبئًا على الميزانيات الوطنية، مما يتطلب زيادة الدعم الدولي لتعزيز قدرة تلك البلدان على التعامل مع الآثار السلبية لتغير المناخ. لافتة إلى أن كلمة السر في الهدف العالمي للتكيف هي كيفية الانتقال من التخطيط إلى التنفيذ، والذي يرتبط بشكل أساسي بتمويل التكيف.
وأضافت أن مضاعفة تمويل التكيف تعمل على تعزيز جهود التكيف، وتحقيق التوازن بنسبة 50/50 بين تمويل التخفيف والتكيف في أقرب وقت ممكن. كما أشارت أن تقوم بنوك التنمية المتعددة الأطراف بإصلاح إجراءاتها الحالية، والعمل الجماعي لإصلاح الهيكل المالي الحالي لتقليل المخاطر المتوقعة لمشروعات التكيف، إلى جانب ضرورة مشاركة القطاع الخاص لدعم تقليل تلك المخاطر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المناخ الطاقة أفريقيا قمة المناخ البيئة المنظمة العالمیة للأرصاد الجویة القارة السمراء ملیار دولار قمة المناخ فی أفریقیا بحلول عام ملیون شخص أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير جديد لـ "معلومات الوزراء" حول تداعيات تغير المناخ على مستقبل الطاقة
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً جديداً حول "تداعيات تغير المناخ على مستقبل الطاقة"، تناول من خلاله أهمية مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة في ظل تزايد معدل الطلب عليها عالميًّا، والعلاقة بين الظواهر المناخية المختلفة ومصادر الطاقة، وكيف تؤثر تلك الظواهر على قطاعات الطاقة المختلفة كلٌّ على حدة، فضلاً عن انعكاسات تغير المناخ على البنية التحتية لقطاع الطاقة، وتحليل فجوة العرض والطلب على مصادر الطاقة، مع استعراض مستقبل الطاقة في مصر في ظل تغير المناخ من خلال الإسقاط على التحديات التي تواجه قطاع الطاقة في مصر، وأبرز الجهود المبذولة للنهوض بهذا القطاع.
أوضح التقرير أنه في ضوء ما يعانيه العالم من تغير مناخي حاد وما يصاحبه من ظواهر متطرفة، أثرت بالطبع على جميع مقدرات الحياة ومفاتيح التنمية والتطور والتقدم، بل أصبحت تهدد حياة الإنسان واستقراره وأمنه، ولما كانت الطاقة هي جوهر عملية التنمية الاقتصادية في مختلف أنحاء العالم، وهي السبيل لرفاهية الإنسان ورخائه واستقراره المادي والاجتماعي -نظرًا لأهميتها في خلق فرص عمل عديدة تُسهم في الحد من البطالة، وقدرتها على دعم الصناعات والاستثمارات والابتكارات والخطط والبرامج والاستراتيجيات الجديدة بما يعود بالنفع والفائدة على البشرية- كان لزامًا أن يتم التطرق لتأثير التغيرات والظواهر المناخية عليها، وذلك في ظل ما تجابهه من تحديات أخرى مرتبطة بالسياقات الدولية المختلفة بما تتضمنه من تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي وإمدادات الطاقة، والأزمة الروسية - الأوكرانية، والصراع في غزة وتأجج منطقة البحر الأحمر والذي أثر بدوره على تلك الإمدادات.
وقد أشارت مجموعة البنك الدولي بأهمية الطاقة المتجددة مثل (الشمس والمياه والرياح) لأن تكون مصدرًا بديلًا للوقود الأحفوري الناضب؛ إذ من الممكن أن تساعد البلدان على التخفيف من تبعات تغير المناخ، كما أنها من الممكن أن تكون حلًّا مناسبًا بحلول عام 2030 لتعويض الفجوة في قطاع الطاقة، لكن هذه الطموحات باتت مُهددة بفعل موجات الطقس غير المعتادة والظواهر المناخية المتطرفة (ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستوى سطح البحر، والجفاف، والفيضانات، والأعاصير، وتباين معدل هطول الأمطار، وغيرها)، فأصبح مستقبل الطاقة سواء كانت متجددة أو تقليدية مهددًا على نحو مباشر بسبب تلك الحوادث، والأمر ينطبق كذلك على الإنتاجية والاستهلاك.
وأضاف التقرير أنه في ظل زيادة الطلب العالمي على مصادر الطاقة المختلفة لتلبية احتياجات التنمية والتطوير المستمر وللحاق بركب التطور التكنولوجي والمعلوماتي، تأتي أهمية مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة وذلك على النحو التالي:
أولاً: أهمية الوقود الأحفوري كمصدر رئيس لإمدادات الطاقة عالميًّا: تنبع أهمية الوقود الأحفوري من كونه المصدر الرئيس لإمدادات حوالي 80% من الاحتياجات العالمية للطاقة، كما أنه يمثل الداعم الأول للاقتصاديات العالمية لأكثر من 150 عامًا، بل إنه كان الركيزة الأساسية التي قامت عليها الثورة الصناعية وكان له الدور البارز في النمو الاقتصادي الذي حدث منذ ذلك الحين.
وقد أبرز التقرير أهمية الوقود الأحفوري في تعزيز نهضة المجتمعات وتطورها على النحو التالي:
1-المصدر الأول لإنتاج الطاقة ولاسيما الكهربائية، والمصدر الأول للوقود لوسائل النقل المختلفة: وهناك العديد من الدول التي تعتمد على الوقود الأحفوري كمصدر رئيس لإنتاج الطاقة الكهربائية ويتم قياسها كنسبة مئوية من إجمالي الكهرباء المنتجة في العالم، لعل أبرزها: روسيا التي تعتمد على الوقود الأحفوري لإنتاج نحو 64% من الكهرباء، والصين 64.7%، بالإضافة إلى اعتماد الهند في 78% من إنتاجها على الوقود الأحفوري، وكازاخستان 87.2%، ومنغوليا 89.3%، وإيران 93.8%، والمملكة العربية السعودية 99.8%، وسلطنة عمان 99.4%، وليبيا 100%، والجزائر 99.2%، والنيجر 93.7%، وتشاد 94.3%، ومصر 88.2%، وإيطاليا 56.3%، والولايات المتحدة الأمريكية 59.1%
2-تعزيز القطاع الطبي بالتقنيات الحديثة، حيث يتم من خلال المشتقات البترولية انتاج العديد من المواد اللازمة للجراحة كالمعقمات وخيوط الجراحة المتطورة التي ساهمت في الارتقاء بهذا القطاع ليعود بالنفع على الإنسان.
3-تُسهم في صناعة الأنسجة والملابس من خلال الألياف الاصطناعية المشتقة من الوقود الأحفوري.
4-كما تدخل في نطاق صناعة الأسمدة ودعم قطاع الزراعة.
5-يساعد على تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى الدخل: لاسيما للعاملين في قطاعات النفط والغاز الطبيعي والفحم؛ حيث أن هذه القطاعات ترفع من نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، وتحسن من مستوى الرفاهة الاجتماعية، كما أنه يسهم في عدة قطاعات كصناعة السيارات، وصناعة الحديد والصلب، والأسمدة، والمنسوجات، والبتروكيماويات.
ثانياً: أبرز التقرير أهمية الطاقة المتجددة (الشمس والرياح والمياه) كمصدر ثانٍ لإمدادات الطاقة عالميًّا: فعلى الرغم من الأهمية المحورية للوقود الأحفوري كمصدر أولي للطاقة، فإن السياقات الراهنة المرتبطة بأنه مصدر ملوث للبيئة وغير متجدد وله دور في تغير المناخ وكمياته المحدودة -بسبب استنزاف احتياطاته-، دعت إلى الانتقال نحو طاقة نظيفة، صديقة للبيئة وغير ناضبة، أو ما يمكن أن يطلق عليه الطاقة المتجددة ممثلة في (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية، وطاقة المد والجزر، والطاقة الحرارية الأرضية).
وقد أشارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أنه رغم اعتماد 80% من سكان العالم -أي ما يقرب من 6 مليارات نسمة- على الوقود الأحفوري كمصدر للطاقة، وأن 80% من الإنتاج العالمي للطاقة يأتي من خلال مصادر الطاقة التقليدية، فإن الاتجاه نحو الطاقة المتجددة كمصدر بديل للطاقة أصبح محل اهتمام من العالم، لا سيما أن 29% من الكهرباء المتولدة في العالم تأتي من خلال الطاقة المتجددة، وترى الوكالة أنه بحلول عام 2050 يمكن أن يتم توليد 90% من الطاقة الكهربائية من خلال مصادر الطاقة المتجددة، لذا فأهميتها تنبع من كونها: مصادر متجددة (مستدامة) للطاقة، صديقة للبيئة غير ملوثة، تحافظ على الصحة العامة، وتكاليف الاستثمار فيها منخفضة مقارنة بالوقود الأحفوري، وتُسهم في خلق فرص عمل جديدة وآمنة للحد من معدلات البطالة.
وقد أوضح التقرير أن الظواهر المناخية المتطرفة التي تنتج عن التغيرات الحادة في الطقس أثرت على قطاع الطاقة بشكل بيِّن، خاصة قطاع توليد الطاقة الكهربائية من خلال الوقود الأحفوري، ومحطات الطاقة الحرارية، والكهرومائية، ومحطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ وبالتالي تأثر قطاع الطاقة من حيث البنية التحتية، ومعدل الطلب على الطاقة، وانخفاض قدرة المحطات وما إلى ذلك من ظواهر.
وقد استعرض التقرير تأثير الظواهر المصاحبة لتغير المناخ على قطاع الطاقة وذلك على النحو التالي:
-تأثر البنى التحتية الحيوية لقطاع الطاقة ولا سيما الوقود الأحفوري: فقد تأثر قطاع الطاقة فعليًّا من الظواهر المناخية المتطرفة على مستوى البنى التحتية وعمليات الإنتاج والتكرير للوقود الأحفوري، فغالبًا ما تتم العملية التي يتم فيها استخراج النفط والغاز الطبيعي في المياه أو المناطق الساحلية والصحراوية، وبالتالي قد يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف والأعاصير إلى التأثير على مصافي التكرير الموجودة على طول السواحل كتأثر الساحل الأمريكي بالأعاصير المدمرة، كما تأثرت البنية التحتية للطاقة، وتحديدًا قطاع النقل المتمثل في الطرق والسكك الحديدية، بالإضافة إلى خطوط الأنابيب الناقلة للنفط والغاز والتي تُعد الأساس لقطاع الطاقة؛ لأنها تنقل الوقود الأحفوري إلى محطات المعالجة والتكرير ومنه للتوزيع وتبدأ بنطاق صغير وصولًا إلى النقل عبر القارات.
-خلل منظومة العرض والطلب في قطاع الطاقة نظرًا لاعتبارات (التكلفة، التخزين، التوليد).
-تهديد إنتاجية الطاقة المتجددة (الحرارية، الكهرومائية، الطاقة الشمسية، طاقة الرياح): فقد تتأثر إنتاجية الطاقة الحرارية وتتأثر كفاءة المولدات بفعل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدل البخر للمياه المستخدمة في التبريد؛ مما قد يترتب عليه ضعف القدرة الإنتاجية لتلك المحطات، وخاصة أن تكاليف إنشاء طرق بديلة لتبريد المولدات من غير الاستعانة بالمياه مكلفة للغاية؛ مما يفرض تحديًا على هذا القطاع.
واستعرض التقرير أبرز إجراءات التكيف التي تم اتخاذها في قطاع الطاقة لمجابهة هذا التغير والتكيف مع تداعياته السلبية، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:
-إدراج قطاع الطاقة النووية كأحد إجراءات التخفيف لمجابهة تغير المناخ.
-إجراءات التكيف في قطاع الطاقة المتجددة (الكهرومائية والشمس والرياح): والتي تتمثل في: بناء السدود والخزانات كبيرة الحجم لأجل الاستفادة من فائض المياه الناتج عن الأمطار والفيضانات.
-إجراءات التخفيف في قطاع الوقود الأحفوري: على الرغم من التأثير السلبي للوقود الأحفوري على تغير المناخ من ناحية ارتفاع نسبة المساهمة في الانبعاثات الكربونية، فإنه تأثر كذلك بفعل ذلك التغير، وكان لازمًا أن يتم اتخاذ عدد من الإجراءات تتضمن التخفيف للحد من الانبعاثات الناتجة عن هذا القطاع، والتي من ضمنها أن يتم تخفيض غاز الميثان -العنصر الأساسي في تكوين طبقة الأوزون الأرضي، بالإضافة إلى كونه مسببًا رئيسًا في تغير المناخ وتلوث الهواء- من عملية إنتاج الوقود الأحفوري.
وأشار التقرير إلى مستقبل قطاع الطاقة في مصر ومدى تأثره بفعل التغيرات المناخية، حيث أشار إلى تمتع مصر على مدار تاريخها بالمناخ المعتدل في ظل درجات حرارة غير مرتفعة، وأجواء شتوية دافئة، لكن مع بداية الألفية الجديدة شهدت مصر سياقات مغايرة على صعيد المناخ؛ فمن المناخ المعتدل إلى موجات الحر وارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وموجات البرد التي تصل حد الصقيع أحياناً في عدد من المحافظات؛ حيث ارتفعت درجات الحرارة في الفترة ما بين عام 1901 وعام 2013 بمعدل 0.1 درجة مئوية لكل عشرة أعوام. وتسارعت وتيرتها في الفترة ما بين 2000 إلى 2020 بمتوسط 0.38 درجة مئوية لكل عقد، وهو أعلى من المتوسط العالمي لكل عقد والبالغ 0.31 درجة مئوية، كما أن المتوسط العالمي لتلك الظاهرة خلال العام الواحد في تلك الفترة 0.03 درجة مئوية لكل سنة، في حين أن متوسط الاحتباس الحراري في مصر يبلغ نحو 0.04 درجة مئوية لكل سنة. وهو مرتفع نسبيًّا مقارنة بالمتوسط العالمي خلال تلك الفترة، وهو ما يظهر تأثير تغير المناخ على مصر بداية من الألفية الجديدة.
وأوضح التقرير أن تلك السياقات المناخية تؤثر بدورها على قطاع الطاقة باعتباره أحد أبرز القطاعات المتأثرة في مصر بفعل تلك الظواهر، وذلك في ظل ارتفاع معدل الطلب على الطاقة داخل الدولة لتلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد والتنمية، وهو ما أقرته دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة للبيئة؛ حيث أفادت الدراسة أن 50% من إجمالي الكهرباء التي يتم استهلاكها خلال أشهر الصيف في القاهرة تأتي من خلال استخدام أجهزة تكييف الهواء. وهو ما يشكل ضغطًا على قطاع الطاقة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وما يصاحبها من ظواهر مناخية ذات صلة، إضافة إلى زيادة الطلب على الطاقة في فترات موسمية (الصيف) على حساب أخرى.
وقد استعرض التقرير التحديات التي تواجه مستقبل الطاقة بالدولة المصرية، ومنها: تغير المناخ، وتحديات مرتبطة بالانتقال والتحول للطاقة المتجددة، وندرة الموارد الطبيعية، مشيراً إلى أنه برغم تلك التحديات قامت الدولة المصرية بجهود حثيثة في قطاع الطاقة لأجل تحسين إنتاجية هذا القطاع من جانب، والحد من الانبعاثات الكربونية الناتجة عنه من جانب آخر، والنهوض باتجاه مشروعات جديدة تُسهم في تحقيق الانتقال العادل للطاقة، ولعل أبرز تلك الإسهامات:
-تشييد محطة الطاقة النووية في الضبعة لتوليد الكهرباء.
-اتخاذ قطاع الكهرباء عددًا من الإجراءات للحفاظ على البيئة وضمان استدامتها إذ اعتمدت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة خطة طوارئ لمكافحة تلوث مياه النيل الناتج عن المحطات التي تقع على جانبي النهر.
-تعزيز القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة من خلال الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة كالمياه والشمس والرياح بتشييد وبناء المحطات الجديدة
-دعم البنية التحتية لقطاع الطاقة وذلك لترشيد الاستهلاك؛ حيث تم دعم الجهد الفائق والعالي لمحطات الطاقة بإجمالي 50 ألف كيلومتر من الخطوط الهوائية والكابلات الأرضية، إضافة إلى استبدال العدادات الذكية بعدادات القراءة التقليدية، فحتى تاريخه تم تركيب نحو 9.9 ملايين عداد مسبوق الدفع بشركات توزيع الكهرباء، إضافة إلى الاتفاق على إنشاء شبكات الاتصال ومراكز البيانات الخاصة بها.
وأفاد التقرير في ختامه أن تغير المناخ وما يصاحبه من ظواهر مناخية متطرفة تؤثر تأثيرًا بيِّنًا على مستقبل قطاع الطاقة في مختلف دول العالم ومنها بالتأكيد مصر، فبرغم الجهود الدولية لأجل التخفيف والتكيف مع الطقس المتطرف في هذا القطاع، فإن التأثيرات بالغة في عدد من قطاعات الطاقة وعلى وجه التحديد قطاع الطاقة المتجددة، بل قد وصلت في بعض الأحيان بتهديد إنتاجية الطاقة في ظل الطلب المتزايد على مصادرها بفعل السياقات الدولية المتغيرة واحتياجات التنمية والتطوير المستمر؛ لذا يتعين أن تتضافر الجهود الدولية والوطنية لأجل التحرك جماعيًّا من خلال الاتفاقات والسياسات والبرامج والخطط والاستراتيجيات لإنقاذ مستقبل الطاقة في العالم، وذلك باعتبار أن المناخ ظاهرة فاقت حدود وإمكانات وقدرات الدول على مواجهتها فرادى دون تضافر الجهود معًا.