القاهرة- بينما يدشن وزير الصحة والسكان خالد عبد الغفار الإستراتيجية الوطنية الجديدة للسكان والتنمية (2023-2030)، وبالتزامن مع انعقاد مؤتمر دولي بالقاهرة خلال الـ24 ساعة الماضية، أطلق تحذيراته من استمرار الزيادة السكانية، واعتبرها خطرا مثل الإرهاب، وهو ما يلقي بظلاله على تقبل المجتمع تلك الإستراتيجية الجديدة رغم تجاهله نداءات حكومات بلاده على مدار العقود الستة الماضية.

وحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (جهة حكومية رسمية) يوليو/تموز الماضي، وصل عدد السكان إلى 104.5 ملايين نسمة، في حين يتوقع وصوله عام 2032 إلى 123.7 مليون في حال ثبات معدل الإنجاب عند 2.85 مولود لكل سيدة، بينما في حال انخفاض معدل الإنجاب إلى 1.6 مولود لكل سيدة، فمن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى نحو 116.7 مليون في العام ذاته.

وأبدى الرئيس عبد الفتاح السيسي في المؤتمر عدم موافقته صراحة على ما سماها "الحرية المطلقة للإنجاب"، مؤكدا أن تلك الحرية بالنسبة إلى بعض المواطنين ممن ليس لديهم الوعي الكافي تمثل مشكلة كبيرة.

جانب من فعاليات افتتاح المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية (الموقع الرسمي لوزارة الصحة والسكان المصرية) معالم الإستراتيجية الجديدة

وتقوم الإستراتيجية الجديدة على 7 محاور: ضمان الحقوق الإنجابية، والاستثمار في الطاقة البشرية، وتدعيم دور المرأة وتمكينها، وتطوير فرص التعليم، وتفعيل الإعلام في مسار التنمية، وتلافي التغيرات المناخية، وحوكمة الملف السكاني.

وقال وزير الصحة والسكان إن كلمة الرئيس السيسي، "أكبر خطرين يواجهان مصر في تاريخها هما الإرهاب والزيادة السكانية"، كانت الحافز في إنجاز هذه الإستراتيجية، موضحا أنها تستهدف النظر إلى السكان باعتبارهم أحد أهم عناصر القوة الشاملة للدولة، وحق الأسرة في تحديد عدد أبنائها.

وأوضح الوزير أن الدولة مسؤولة عن توعية أفراد المجتمع بأخطار معدلات الإنجاب المرتفعة، خاصة أن متوسط أعداد المواليد خلال فترة بلوغ السكان 105 ملايين نسمة بلغ 5.683 مواليد في اليوم، بمعدل 237 مولودا كل ساعة، و4 مواليد كل دقيقة، ومولود واحد كل ثانية، وفق تأكيده.

 

 

مجرد فزاعة

من جانبه، يرى وكيل وزارة الصحة المصرية الأسبق، المعني بالقضايا السكانية، مصطفى جاويش -في حديث خاص للجزيرة نت- أن الحكومة تستخدم القضية السكانية كفزاعة من وقت إلى آخر، رغم أن معدل الإنجاب كان 6.8 أطفال لكل سيدة عام 1960، وأصبح 2.85 طفل لكل سيدة عام 2021، وهذا إنجاز مهم جدا لجهود تنظيم الأسرة في مصر على خلاف الدعاية الحكومية، وفق قوله.

ويضيف جاويش أنه من دون تحقيق التنمية الاقتصادية وإحساس المواطن بالرخاء، فإن تلك الإستراتيجية ستكون للاستهلاك الإعلامي، ولن يستجيب المصريون لها ما داموا يرون أن حكومتهم لا تستجيب لنداءاتهم الاقتصادية المتكررة برفع المعاناة، مما يدفع بعض عامة الناس للاستعانة بفكرة الإنجاب لمساعدته في الحياة.

ويوضح أن المشكلة الأساسية تكمن في عجز النمو الاقتصادي عن ملاحقة زيادة السكان، واختلال التوزيع الجغرافي للسكان بالنسبة لإجمالي مساحة مصر، وهدر الثروة البشرية رغم أنها قيمة مضافة في دعم أي اقتصاد قومي، كما هو معروف عالميا منذ "قمة الأرض- مؤتمر ريو" في البرازيل عام 1992.

وحسب مؤشرات وزارة الصحة، فإن معدل الإنجاب الكلي عام 2021 كان 2.85%، وعام 2023 بلغ 2.1%، في حين أن معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة بلغ 66.4% عام 2021، وفي عام 2023 بلغ 75%.

السكان كنز حقيقي

من جهته، يرى السياسي المعارض أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق الدكتور أحمد رامي الحوفي -في حديثه للجزيرة نت- أن الإستراتيجية الجديدة تكرر أخطاء 60 عاما مضت، كونها تقوم على "خطيئة سياسية مستمرة"، وفق وصفه، وهي الخوف من القوة البشرية المتزايدة، بالإضافة إلى تشبيه الحكومة للزيادة السكانية بالإرهاب.

ويوضح الحوفي أن تلك الإستراتيجية تجدد تمسك الدولة بتخفيف أزماتها وإخفاقاتها عبر تقليل عدد السكان من دون النظر إلى أن المصريين كنز البلد الحقيقي ومصدر النقد الأجنبي عبر تحويلاتهم من الخارج، مؤكدا أن مصر تمتلك موارد تكفيها، ولكن أزمتها في كيفية إدارة هذه الموارد ومن يديرها بكفاءة.

ويلفت السياسي المعارض الانتباه إلى أن الأعباء الاقتصادية الحالية على الأسرة المصرية دفعت في الأساس إلى تقليل معدلات الإنجاب في الجيل الحالي، على عكس الأجيال السابقة التي كانت تصل أعداد الأبناء في الأسرة الواحدة فيها إلى 4 على الأقل، مما يكشف البروباغندا الحكومية الحالية.

ووفق بيانات رسمية، خاضت مصر خلال العقود الأخيرة محاولات عدة للسيطرة على معدلات الإنجاب، من بينها:

الستينيات: إطلاق ميثاق العمل الوطني عام 1962، وإطلاق وتفعيل المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة عام 1965. السبعينيات: تأسيس المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة والسكان عام 1972، وتعديل السياسة السكانية عام 1975. الثمانينيات: إطلاق المؤتمر القومي الأول للسكان عام 1984، وإطلاق وتفعيل العمل بالمجلس القومي للسكان عام 1985. التسعينيات: استحداث وزارة الدولة لشؤون السكان والأسرة عام 1993، وإطلاق المؤتمر الدولي للسكان والتنمية عام 1994، وتأسيس المجلس القومي للسكان عام 1996. العقد الأخير: تفعيل العمل بالمجلس القومي للسكان عام 2015، وإطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة عام 2022. انتهاكات حقوقية

ولاحقت الإستراتيجيات السكانية الحكومية في السنوات الخمس الأخيرة بعض التقييمات السلبية، حسب تقرير حديث للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية (جهة حقوقية مستقلة)، إذ انتقد وجود تضارب في الإستراتيجيات العاملة على القضية السكانية، والغياب شبه التام في المعلومات واحتكار المؤسسات الحكومية لها، وعرقلة جهود المساءلة والمحاسبة، والتركيز على معدلات الخصوبة ومعدلات المواليد، من دون التركيز على كفاءة وجودة الخدمة الطبية المقدمة.

من جانبه، ينتقد المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان أحمد العطار -في حديثه للجزيرة نت- اقتصار الحلول الحكومية على انتقاص حق الإنسان في الإنجاب من دون العناية المثلى بالصحة الإنجابية للمرأة، وتقديم خدمات رعاية آمنة وصحية ومجانية لها ولطفلها مقارنة بالمرأة التي تستجيب لحملات منع الحمل وتحصل على خدمات مجانية مميزة.

ويوضح العطار أنه في يونيو/حزيران الماضي تم الكشف -في مؤتمر رئاسي بمحافظة البحيرة- عن أن وزارة الصحة نفذت حملة غير معلنة لتركيب "اللولب" للسيدات في أثناء الولادة، بهدف تحديد النسل، بما يشكل انتهاكا وانتقاصا من حقوق الأسرة والمرأة، كونه إكراها على تحديد الإنجاب، وفق اعتقاده.

في المقابل، ترى رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان (جهة حكومية) مشيرة خطّاب أن الزيادة السكانية بمصر تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، خاصة للفئات الأولى بالرعاية من الأطفال والشباب والإناث، وضغطا على خدمات الدولة كالصحة والتعليم، وفق بيان رسمي بالتزامن مع تدشين الإستراتيجية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإستراتیجیة الجدیدة المجلس القومی معدل الإنجاب وزارة الصحة للسکان عام من دون

إقرأ أيضاً:

لتحديد أسعار الفائدة.. مواعيد اجتماعات البنك المركزي المصري 2025

يعقد البنك المركزي المصري ثاني اجتماعات لجنة السياسات النقدية في 17 أبريل المقبل، لتحديد أسعار الفائدة على الجنيه المصري.

اجتماع البنك المركزي المصري المنتظر في الشهر المقبل، يحل بعد الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة عند مستويات 27.25 للإيداع 28.25% للإقراض، طوال سبعة اجتماعات ماضية.

مواعيد اجتماعات البنك المركزي المصري

وتعقد لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي ثالث اجتماعاتها هذا العام في 22 مايو المقبل، والاجتماع الرابع للبنك المركزي في 10 يوليو 2025، واجتماع خامس في 28 أغسطس، أما الاجتماع السادس في 2 أكتوبر، والاجتماع السابع يوم 20 نوفمبر، والأخير «الثامن» في 25 ديسمبر 2025.

ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة على مدار عامين كاملين بنسبة 19%، جاءت آخر زيادة في مارس 2024 بواقع 600 نقطة أساس دفعة واحدة.

تثمن الأسواق حالياً الاجتماع المقبل للبنك المركزي على تخفيض الفائدة بنسبة بين 2 إلى 6%، على خلفية التضخم المتراجع بنسبة كبيرة إلى 12.8% في فبراير الماضي من 24% في يناير 2025، أي عند أدنى مستوىً في 3 سنوات.

البنك المركزي المصري

وقال البنك المركزي في بيان السياسة النقدية خلال فبراير الماضي: «يظل النمو الاقتصادي مستقراً إلى حد كبير، ومن المتوقع أن يستمر بالوتيرة الحالية في الأجل المتوسط، وإن لم يَعُد بعد إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا، غير أن هذه التوقعات لا تزال عُرضة لمجموعة من المخاطر أهمها التأثير السلبي للسياسات النقدية التقييدية على النشاط الاقتصادي، وعودة السياسات التجارية الحمائية وتأثيرها على التجارة العالمية.»

وأضاف: «فيما يتعلق بالتضخم، شهدت الأسعار العالمية للسلع الأساسية تقلبات في الآونة الأخيرة، وتشير التوقعات إلى احتمالية زيادة أسعارها في الأجل المتوسط، خاصة أسعار الحبوب، غير أن هذه التوقعات لا تزال عُرضة للمخاطر، بما في ذلك تفاقم التوترات الجيوسياسية واضطرابات التجارة العالمية الناجمة عن السياسات الحمائية.»

البنك المركزي

وأشار إلى أنه على الصعيد المحلي، تفيد المؤشرات الأولية للربع الرابع من عام 2024 بنمو النشاط الاقتصادي بوتيرة أسرع من الربع الثالث من عام 2024 الذي سجل 3.5%، مما يشير إلى التعافي المستمر في النشاط الاقتصادي.

وتابع: جاء نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الثالث من 2024 مدفوعا في المقام الأول بتزايد مساهمة قطاعي الصناعة التحويلية والنقل، وعلى الرغم من أن تقديرات فجوة الناتج تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لا يزال أقل من طاقته القصوى، مما يدعم المسار النزولي المتوقع للتضخم في المدى القصير، فمن المتوقع أن يقترب النشاط الاقتصادي تدريجيا من طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026.

وفيما يتعلق بسوق العمل، تراجع معدل البطالة إلى 6.4% في الربع الرابع من عام 2024 من 6.7% في الربع الثالث من عام 2024.

البنك المركزي المصري

وبالنسبة للتضخم السنوي، فقد تراجعت وتيرة تباطؤه خلال النصف الثاني من عام 2024 مقارنة بالنصف الأول من ذات العام ليستقر عند 24.0% في يناير 2025. وبالمثل، ظل المعدل السنوي للتضخم الأساسي مستقرا بشكل عام خلال الربع الرابع من عام 2024، إذ بلغ 22.6% في يناير 2025. وبينما استمر معدل التضخم السنوي للسلع الغذائية في التباطؤ، مسجلا 20.8% في يناير 2025، ظل معدل التضخم السنوي للسلع غير الغذائية مستقرا عند 25.5% في المتوسط خلال عام 2024، مما يعكس تلاشي الصدمات السابقة تدريجيا.

ونوه البنك المركزي إلى أن لجنة السياسة النقدية سوف تواصل تقييم قراراتها بشأن بداية دورة التيسير النقدي على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات.

اقرأ أيضاًمع استمرار خفض الفائدة.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 60 مليارا جنيه غدا

البنك المركزي يوافق على تحديث القواعد المنظمة لنظام تسجيل الائتمان

البنك المركزي المصري يطلق الفعالية السنوية للشمول المالي للمرأة

البنك المركزي المصري يسحب فائض سيولة بقيمة 546.8 مليار جنيه

مقالات مشابهة

  • مد بحري يضرب باب المندب وتحذيرات للسكان
  • روشتة لتفادي خناقات العيد فى البيوت المصرية
  • حوافز مالية ضخمة في تركيا: دعم قوي للعائلات لتشجيع الإنجاب
  • لتحديد أسعار الفائدة.. مواعيد اجتماعات البنك المركزي المصري 2025
  • طفل: حد شتمنى وأنا رديت الشتيمة بزيادة .. علي جمعة: الزيادة مكروهة
  • هكذا غيَّر ترامب إستراتيجية أمريكا العسكرية ضدّ الحوثيين
  • القومي للمرأة يشيد بنجاح "مطبخ المصرية" للعام الثالث على التوالي
  • المجلس القومي للمرأة يشيد بنجاح مطبخ المصرية للعام الثالث
  • دراسة: الصيام المتقطع يعزز الخصوبة ويحسن الإنجاب لدى كبار السن
  • بث مباشر.. دار الافتاء المصرية تتحرى هلال شهر شوال لعام 1446هـ  لتحديد أول أيام عيد الفطر المبارك