غابرييل أتال، سياسي فرنسي وعضو سابق في الحزب الاشتراكي، والمتحدث الرسمي باسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دخوله معترك السياسة في سن صغيرة قاده لكثير من الجدل أدى إلى التشكيك في قدرته على أداء مهامه، وعقب توليه وزارة التعليم بشهرين عام 2023 أعلن حظر العباءة في المدارس الحكومية.

المولد والنشأة

ولد غابرييل أتال في 16 مارس/آذار 1989 في "كلامار" جنوبي غرب ضواحي باريس.

والده إيف أتال (من أصل يهودي)، كان محاميا ومنتجا سينمائيا وصحافيا لبعض الوقت في جريدة لوموند، ووالدته ماري دي كوريس مسيحية أرثوذكسية، وكانت موظفة في شركة إنتاج إعلامي.

نشأ غابرييل مع شقيقته ووالدته، بعد انفصال والديه عام 2000، في الدائرتين 13 و14 بباريس. وإثر خلاف مع والده بين عامي 2010 و2013 ابتعد عنه، ولم يعد للتواصل معه إلا قبيل وفاته في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015 بمرض السرطان عن عمر يناهز 67 عاما.


الدراسة والتكوين العلمي

تلقى غابرييل دراسته الابتدائية والثانوية في المدرسة الألزاسية، وهي مدرسة خاصة نخبوية في المقاطعة السادسة بباريس، وكان رفيقه في مقاعد الدراسة آنذاك المغني حاليا جويس جوناثان، حيث سكنا معا لعامين.

بين عامي 2008 و2010، درس في جامعة بانتيون الثانية، وحصل منها على شهادة الإجازة (البكالوريوس) في القانون. ثم حصل على الماجستير في الشؤون العامة بمعهد الدراسات السياسية في باريس بين عامي 2007 و2013.

التجربة السياسية

ظهر شغف غابرييل بالسياسة في وقت مبكر جدا، ومنذ سنوات دراسته الثانوية شن حملة ضد مبادرة الحكومة لتعديل قانون العمل آنذاك. لكن انجذابه إلى السياسة ظهر للعلن عام 2002 خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي نافس فيها زعيم اليمين الفرنسي الراديكالي السابق جان ماري لوبان ضد الرئيس الفرنسي الاشتراكي السابق جاك شيراك. وكان الشاب حينها في الـ13 حين اصطحبه والده إلى مظاهرة ضد الجبهة الوطنية اليمينية الذي كان يتزعمه لوبان.

ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف عن الانخراط في الحياة السياسية، وشجعه والده على هذا المسار، وذلك على عكس والدته التي كانت تخشى تورطه في هذه البيئة التي وجدتها "عنيفة"، لكنها لاحقا لم تتوقف عن دعمه وتشجيعه.

عام 2006، التحق وهو ابن الـ17 لأول مرة بصفوف الحزب الاشتراكي، الذي كان يقوده دومينيك ستروس، وكان الحزب المفضل لوالده أيضا. واتخذ غابرييل خطواته الأولى في السياسة بدعم ترشيح سيغولين رويال في الانتخابات الرئاسية عام 2007.

غابرييل أتال (يسار) مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

خلال الانتخابات الجماعية لسنة 2014، فاز رفقة 3 مستشارين جماعيين في دائرة فانف الفرنسية، وأصبح معارضا شرسا، وقدم ترشيحه لمنصب كاتب الفرع في الحزب الاشتراكي.

عام 2012 قضى فترة تدريبية في البرلمان الفرنسي خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، وكان مسؤولا بشكل خاص عن كتابة الخطابات الرسمية.

في عام 2016 ظهرت حركة "إلى الأمام" التي أسسها ماكرون، وتطورت فيما بعد إلى إعلان تأسيس حزب الجمهورية إلى الأمام، عام 2017، والذي أصبح "حزب النهضة" عام 2022.

وكان غابرييل أتال من أوائل الذين دعموا ماكرون علنا عندما قرر الترشح للرئاسة. وأصبح المتحدث الرسمي باسم الحزب من الرابع من يناير/كانون الثاني إلى 16 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

يمتدحه أنصاره بأنه سياسي مجتهد يستوعب القضايا بسرعة، وتصفه الوزيرة اليمينية السابقة، نادين مورانو، بأنه " يتميز بموهبة سياسية حقيقية" و"يعمل كثيرا على ملفاته".

جدل مستمر

منذ صعود نجم غابرييل أتال في السياسة، وتقلده مناصب في الحكومة الفرنسية، تعرض لكثير من الجدل، فقد أثار وصوله إلى وزارة التربية الوطنية ردود فعل عديدة لدى مختلف نقابات الأساتذة، إذ اتهم "بجهله بالنظام التعليمي الحكومي" لأنه خريج تعليم خاص.

وواجه انتقادات أخرى بسبب صغر سنه، الأمر الذي لاحقه منذ توليه مناصب مهمة في الحكومة. وقال "نعم، أنا شاب، لكن يمكن أن يكون عمرك 34 عاما وتتحمل مسؤوليات جسيمة"، وذكر بأن "واحدا من كل 3 معلمين سنه أقل من 40 عاما".

وكان المحامي خوان برانكو زميل غابرييل السابق في المدرسة الثانوية، قد كشف عام 2018، أن الوزير ابن المخرج السينمائي مثلي الجنس. وقد وصف سياسيون تعيين غابرييل وزيرا للتربية والتعليم بأنه "كارثة الصيف"، مؤكدين أن ذلك سينقل الوزارة "إلى المثليين والمتحولين جنسيا".

وعقب شهر من ترقيته وزيرا عام 2023، أصدر قرارا في 27 أغسطس/آب بمنع ارتداء العباءات والقمصان الطويلة في المدارس، ما أثار جدلا وعرضه لانتقادات جمعيات حقوقية وتيارات سياسية معارضة.

غابرييل أتال عُين في أواخر يوليو/تموز 2023 وزيرا للتربية الوطنية والشباب (رويترز) الوظائف والمسؤوليات مدير مشروع في الأكاديمية الفرنسية بروما بين عامي 2009 و2010. مستشار سياسي للوزير المفوض للمسنين والتبعية والحكم الذاتي ميشيل ديلوناي. مستشار مسؤول عن العلاقات مع النواب والمسؤولين المنتخبين. عين مستشارا تقنيا في ديوان وزيرة الشؤون الاجتماعية والصحية ماريسول تورين وصار حينها أصغر مستشار وزاري. عضو في المجلس البلدي لمدينة فانف عام 2014، ثم نائب برلماني للمنطقة العاشرة لدائرة "أوت دو سين" بين عامي 2017 و2018. عمل منسقا ضمن لجنة الشؤون الثقافية بمجلس النواب، ومقررا لمشروع قانون التوجيه ونجاح الطلبة. في أواخر العشرينيات من عمره، تلقد منصب كاتب دولة لدى وزير التربية الوطنية جان ميشيل بلانكيه، بين عامي 2018 و2020. ثم تولى منصب كاتب الدولة لدى رئيس الوزراء جان كاستكس، والمتحدث باسم الحكومة الفرنسية، من السادس من يوليو/تموز 2020 إلى 20 مايو/أيار 2022. بعد إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون في أبريل/نيسان 2022، عين وزيرا منتدبا مكلفا بالحسابات العامة لدى وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية في حكومة إليزابيث بورن. في إطار تعديل حكومي جرى أواخر يوليو/تموز 2023، عين غابرييل في سن الـ34 وزيرا للتربية الوطنية والشباب.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي والهوية.. محاور في فيلم "وكان مساء وكان صباح، يوماً واحداً" بمهرجان الإسماعيلية

 

شهدت قاعة قصر ثقافة الإسماعيلية ندوة لمناقشة الفيلم المصري وكان مساء وكان صباح، يوماً واحداً للمخرج يوحنا ناجي، وذلك عقب عرضه ضمن فعاليات الدورة الـ26 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، برئاسة المخرجة هالة جلال.

أدار الندوة الناقد السينمائي محمد شريف بشناق، أحد مبرمجي مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة، وسط حضور كبير من صُنّاع السينما والنقاد والجمهور.

تطرق المخرج خلال المناقشة إلى التحديات التي واجهها أثناء تنفيذ الفيلم، خاصةً مع اعتماده بالكامل على تقنيات الذكاء الاصطناعي في إعادة بناء الذكريات الشخصية. وأوضح أن التجربة كانت بمثابة تحدٍّ كبير، حيث سعى إلى استعادة الماضي بأسلوب بصري مبتكر يدمج بين الذكريات الحقيقية والمتخيلة، عبر محادثات بين شخصيات الفيلم.

وأشار يوحنا ناجي إلى استخدامه مزيجًا من الصور والفيديوهات التي قام بمعالجتها عبر الفوتوشوب وتقنيات الذكاء الاصطناعي، معتبرًا أن الصور ليست مجرد وثائق، بل وسيلة لاكتشاف الذكريات الضائعة وخلق قصص جديدة حولها. وأضاف أن الفيلم تطلّب منه كتابة سيناريو للذكريات المزيفة، حتى يتمكن من تقديمها للجمهور بطريقة تُشعرهم بواقعيتها.

كما تحدث عن توظيف الحروف والنصوص الدينية داخل الفيلم، موضحًا أن هذه العناصر كانت جزءًا من تجربته السينمائية التي تعتمد على استكشاف الهوية والانتماء. وأضاف أن استلهام بعض الاقتباسات الدينية جاء في إطار البحث عن جذور الذاكرة والهوية الثقافية.

نال الفيلم إعجاب الجمهور، حيث أشاد العديد من الحاضرين بالطابع الفلسفي والبصري للعمل، والذي لعب على التناقض بين الماضي والمستقبل بأسلوب سردي مميز.

وأكد المخرج أنه لم يكن يسعى إلى تصنيف الفيلم ضمن نوع سينمائي محدد، بل ترك المجال مفتوحًا للتجريب بين التوثيقي والتجريبي، بما يتناسب مع طبيعة القصة التي يسردها.

يُعرض الفيلم اليوم ضمن مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة بمهرجان الإسماعيلية، الذي يستمر حتى 11 فبراير الجاري. ويقدّم تجربة سينمائية فريدة، حيث يسعى المخرج من خلاله إلى إعادة بناء ذكريات طفولته المفقودة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، محاولًا ملء الفراغات التي خلّفها غياب الأرشيف الشخصي. في هذه الرحلة، يتنقل ناجي بين قارات العالم، ليجد نفسه أمام تساؤلات حول الهوية والانتماء، بين ماضٍ غامض ومستقبل مجهول.

مقالات مشابهة

  • حكمة الله اردول دا كان إتكلم مُسم وكان سكت مُسم
  • فادي مكي الوزير الشيعي الخامس الذي فك عقدة حكومة لبنان
  • محافظ بني سويف يطمئن على سير العمل بالمدارس في أول أيام الترم الثاني
  • توجيهات نهائية من التربية والتعليم قبل بداية الفصل الدراسي الثاني
  • 14 قرارا من «التعليم» لمديري المدارس مع بدء الفصل الدراسي الثاني
  • جدول توزيع منهج العلوم للصف الثاني الإعدادي الترم الثاني
  • مخرج فيلم وكان مساء بمهرجان الإسماعيلية : الفيلم تطلب كتابة سيناريو لذكريات مزيفة
  • الذكاء الاصطناعي والهوية.. محاور في فيلم "وكان مساء وكان صباح، يوماً واحداً" بمهرجان الإسماعيلية
  • رئيس الدولة: شهدت مع ماكرون توقيع «إطار العمل الإماراتي-الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي»
  • عرض الفيلم المصري كان مساء وكان صباح يوما واحدا بمهرجان الإسماعيلية.. اليوم