بعد رفض السيسي “حرية الإنجاب” المطلقة.. هل تستطيع مصر تبني “التجربة الصينية”؟
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
كشف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، عن رفضه فكرة “الحرية المطلقة” في الإنجاب، مشددا على ضرورة تنظيم ذلك، “وإلا ستسبب كارثة للبلد”.
وخلال مداخلة بالمؤتمر العالمي “السكان والصحة والتنمية” الذي يعقد في مصر لمدة أربعة أيام، لفت السيسي إلى تجربة الصين، التي منعت لعقود إنجاب أكثر من طفل واحد منذ عام 1968 حتى عام 2015، حين أعادوا السماح بإنجاب أكثر من طفل، بعدما تحقق النجاح في ضبط مشكلة الانفجار السكاني.
وقال الرئيس المصري، بعد أن ألقى وزيره للصحة، خالد عبدالغفار بتصريحات بشأن الزيادة السكانية: “أنا لا أتفق معك في أن تكون حرية الإنجاب.. حرية مطلقة في عملية الإنجاب لناس قد لا يكونون مدركين لحجم التحديات أمام البلد، فالمجتمع كله سيدفع الثمن”، مشيرا إلى أن المطلوب هو الوصول إلى 400 ألف مولود سنويا فقط لفترة قد تصل إلى 20 عاما، وذلك لدرء الزيادة الكبيرة في عدد السكان خلال السبعين عاما الماضية.
وبلغ عدد المواليد في مصر 2.183 مليون مولود خلال عام 2022، وفقا لما نقلت صحيفة الأهرام الحكومية عن بيانات المواليد والوفيات بوزارة الصحة والسكان، وهو رقم ينقص بحوالي ألفي مولود فقط، مقارنة بالعام السابق.
وبلغ متوسط أعداد المواليد 5982 مولودا يوميا، بمقدار مولود كل 15 ثانية تقريبا.
وعزا السيسي، خروج المصريين احتجاجا إلى الشوارع في 2011 “ثورة يناير” إلى أن الدولة لم تكن قادرة على الوفاء بمتطلبات المواطنين، بسبب النمو السكاني.
وقال: “أصعب حاجة تمر علي، أنني أعلم أن المطلوب حجمه قد إيه، والمتاح حجمه أقل بكثير من المطلوب، وهو ما ينعكس على الجودة في كل شيء، فلا يمكن أن تنفق على تعليم جيد في ظل هذا الحجم من السكان والموارد القليلة جدا”.
وأضاف أن “مصر فيها 105 ملايين (نسمة)، وتسعة ملايين أجنبي، وتتساءلون كيف لدولة مثلنا مواردها ليست كبيرة تستطيع أن تتعايش مع هذا الوضع”.
واعتبر عضو مجلس الشيوخ، محمد الرشيدي، أن تصريحات السيسي بمثابة توجيهات للحكومة بتنفيذ رؤية القيادة السياسية المتكاملة في التعامل مع قضايا الصحة والسكان.
كما طلب الرئيس المصري من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن يكون مسؤولا بشكل مباشر عن المجلس القومي للسكان.
وقال: “المجلس القومي للسكان محتاج دَفعَة، وتعزيز دوره لفترات طويلة حتى نقول إننا حققنا شكلا من أشكال النجاح، ولذلك أطلب من رئيس الوزراء أن يكون رئيس المجلس”، مضيفا أن “الإعلام والمثقفين ورجال الدين من المسجد والكنيسة مدعوون لمواجهة مشكلة من أكبر المشاكل”.
وترى مقررة فرع المجلس القومى للمرأة بالقاهرة، سابقا، سها عطا الله، في حديثها مع موقع “الحرة” أنه قد بات “من الضروري اتخاذ إجراءات للحد من الزيادة السكانية في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي أصابت مصر بضرر كبير”.
وفيما إذا كانت مصر قادرة على تنفيذ التجربة الصينية وعدم السماح بإنجاب الأسرة لأكثر من طفل واحد، قالت: “طالما كانت الإرادة السياسية موجودة ويدعمها شعب، كل شيء يمكن تنفيذه على أرض الواقع، فالتاريخ يخبرنا بذلك”.
لكن عطا الله، ترى أن المشكلة السكانية تحتاج إلى خطة أشمل من فكرة تحديد طفل أو طفلين فقط لكل أسرة، “هذا الأمر يحتاج برامج وإجراءات فعلية كثيرة، أهمها التوعية التي يجب أن تكون موجودة في كل مكان، مثل الوحدة الصحية ومراكز الشباب والجامعات والمصالح الحكومية”.
وقالت: “لن نستطيع أن نطبق التجربة الصينية بحذافيرها، هذا أمر صعب للغاية، لأننا سنواجه بالعائق الديني.
من جانبه، قال عضو هيئة كبار علماء الأزهر، فتحي عثمان الفقي، ليس لدينا في الشريعة الإسلامية ما يسمى بتحديد النسل، لكن يمكن السماح بتنظيمه.
وأوضح، في حديثه مع موقع “الحرة” أن فكرة فرض إلزام على كل أسرة بإنجاب طفل أو طفلين فقط لا تسمح بها الشريعة، ولكن يمكن تنظيم النسل بأن تمنح فترة عامين أو ثلاثة أو أربعة بين كل طفل وآخر، حسب مقدرة كل أسرة”.
وأضاف: “أما أن يتدخل ولي الأمر ويقيد هذا الأمر، فسيصبح الأمر مشكلة، لأنه يتعارض مع الشريعة”، على حد قوله.
وفي المقابل ترى عطا الله أن مصر يمكنها أن تنفذ التجربة الصينية إذا كانت هناك إرادة سياسية، لكن بشكل مختلف: “لابد أن يكون لدينا طريقة مبتكرة توازن ما بين العادات والتقاليد والأمور الدينية، وما بين الواقع اللازم تغييره، ولذلك، فهي حزمة من الإجراءات، تشمل منح حوافز للملتزمين، ومنع ميزات عن الممتنعين على سبيل المثال”.
وأشارت عطا الله إلى أن “الإنجاب بكثرة منتشر بين الطبقات تحت المتوسطة، وهؤلاء يحتاجون دعما في التعليم والغذاء والسكن، ويمكن أن نسن مثلا قانونا يمنح الأسرة التي تلتزم لعشر سنوات بعض الميزات (..) لكن علينا أن نفرض القانون ونلتزم به لفترة طويلة وليس وقف العمل به بعد سنتين بحجة أنه ليس هناك نتيجة”.
وأضافت: “هذا يحتاج إلى جهد توعوي وإعلامي وتسويقي بشكل لائق يناسب الثقافة المصرية، ومن تجربتي في المجلس القومي للمرأة، لمدة 5 سنوات، فإن التوعية تؤثر في الجمهور بالفعل”.
الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: التجربة الصینیة عطا الله
إقرأ أيضاً:
هل الإنسان مجبر على أفعاله أم يمتلك حرية الاختيار.. أحمد عمر هاشم يوضح
أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن النبي محمد ﷺ يشفع لجميع الأمة الإسلامية، مشيرًا إلى أنه سُمي "محمودًا" نظرًا لمكانته العظيمة.
وخلال تقديمه برنامج "كأنك تراه" على قناة صدى البلد، تناول أحمد عمر هاشم الحديث النبوي الشريف الذي يوضح مراحل خلق الإنسان في بطن أمه، مشيرًا إلى أن الله يبعث الملك لنفخ الروح فيه ويأمر بكتابة أربعة أمور: رزقه، أجله، عمله، وهل سيكون سعيدًا أم شقيًا.
وأكد أحمد عمر هاشم أن هذا الحديث يبرز قضية القضاء والقدر، والتي دار حولها جدل بين العلماء، حيث رأى بعضهم أن الإنسان مُجبر على أفعاله، بينما أكد آخرون أن لديه حرية الاختيار، لكن الله بعلمه الأزلي ينكشف له ما سيختاره الإنسان بنفسه.
وضرب الدكتور أحمد عمر هاشم مثالًا بقصة سيدنا موسى مع الخضر، حين قتل الأخير غلامًا رغم أنه لم يرتكب ذنبًا، موضحًا أن هذا الفعل جاء بناءً على علم إلهي مسبق بمصير الغلام، حيث كان سيصبح كافرًا ويجرّ والديه إلى الطغيان.
وأوضح أن هذا يندرج تحت "العلم الانكشافي"، الذي يُظهر للإنسان اختياراته منذ الأزل، مؤكدًا أن الله يحاسب الإنسان بناءً على ما يختاره بكامل إرادته، وليس لأنه مُجبر على مسار معين.
وفي ختام حديثه، أكد الدكتور أحمد عمر هاشم أن الحديث النبوي يوضح تسلسل مراحل خلق الإنسان بدءًا من كونه نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، قبل أن تُنفخ فيه الروح ويُكتب مصيره، مشددًا على أن الإيمان بالقضاء والقدر لا يتعارض مع مسؤولية الإنسان عن أفعاله، لأن له حرية الاختيار ضمن ما قدره الله بعلمه السابق.