رسالة ماجستير في أنثروبولوجيا الإعلام عن السينما وتأثيرها على قوة مصر الناعمة
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
حصل الباحث محمد إبراهيم طعيمة، على درجة الماجستير بتقدير امتياز، من كلية الدراسات الأفريقية العليا جامعة القاهرة، عن بحثه الذي يحمل عنوان "تأثير الأفلام السينمائية المصرية على الصورة الذهنية عن مصر لدى السودانيين.. دراسة ميدانية في أنثروبولوجيا الإعلام".
وضمت لجنة الإشراف والمناقشة كلاً من الدكتورة سلوى درويش أستاذ الأنثروبولوجيا والوكيل السابق لكلية الدراسات الأفريقية، والدكتور أشرف زكي أستاذ المسرح والرئيس الأسبق لأكاديمية الفنون ونقيب المهن التمثيلية، والدكتور محمد عبدالراضي الأستاذ المساعد ورئيس قسم الأنثروبولوجيا، والدكتور محمد مسعد إمام مدرس الأنثروبولوجيا بالكلية.
وأكد الباحث في بداية رسالته أن السينما تعد أحد أنماط الإبداع الثقافي، وبإمكانها أن تعكس النظم والأوضاع والمعتقدات السائدة، لكونها وسيلة تعبير غير مباشرة تنقل "فكرة ما" بصورة يُقبل عليها المشاهد ويتأثر بها، وتشكل الوعي على المستويين الفردي والجماعي، لتأثيرها على عمليات الإدراك والشعور وتشكيل الفكر.
وأضاف: تمكنت السينما المصرية طوال تاريخها، من عمل قوة ناعمة لمصر في البلدان العربية من المحيط إلى الخليج، والتي شهدت صعودًا كبيرًا في أعقاب ثورة 1919م، وأصبحت الفنون والآداب المصرية هي المسيطرة على وسط العالم طيلة النصف الأول من القرن العشرين، قبل أن تزداد صعودًا عقب قيام ثورة يوليو، حيث تنبه القائمون على الحكم في مصر لأهمية السينما ودورها الكبير في الترويج لمصر وتحسين صورتها لدى جميع الشعوب بالمنطقة، فبدأوا الاهتمام بها أكثر وأكثر، وتم افتتاح المؤسسة المصرية العامة للسينما لتقدم عددًا كبيرًا من الأعمال الموجهة لتعريف العالم بمصر وشعبها وثقافتها وتاريخها وتجربتها.
وتابع: كشفت الفترات الماضية أهمية الفيلم في المساعدة أو إلحاق الضرر بصورة كبيرة ومُؤثرة، فهناك دول على سبيل المثال استطاعت الدفاع عن نفسها ضد الدعاية الموجهة إليها عن طريق إنتاج أفلام تعبّر عنها مثل الصين واليابان وإيران، ونجحت بالفعل في تحويل صورتها المشوّهة في عيون العالم إلى صورة أخرى مختلفة تمامًا.
وأشار إلى أن السودان لم تكن بعيدةً عن مصر وسينما مصر، التي بدأت تجتذب الموهوبين إليها، بداية من سيد خليفة، والذي يعد أول تواجد لفنان سوداني في السينما المصرية من خلال أدائه لأغنية "المامبو السوداني" في فيلم "تمر حنة" الذي أخرجه حسين فوزي عام 1957م، وقام ببطولته الفنانون نعيمة عاكف، رشدي أباظة وأحمد رمزي، مرورًا بالفنان خالد العجباني، الذي بدأ نشاطه الفني في مصر منتصف القرن الماضي، وقام بتمثيل أدوار ثانوية مساعدة، واشتهر بأدوار المارد الإفريقي والعبد القوي في كثير من الأفلام منها دور عفركوش في فيلم "الفانوس السحري" مع إسماعيل يس، وصولاً لقدوم عدد كبير من المبدعين السودانيين لدراسة السينما في مصر والعمل بها، مثل المخرج سعيد حامد، والمخرج الطيب مهدي، والمخرج عبادي محجوب، وآخرون قاموا بالتمثيل في السينما المصرية أو الأفلام المشتركة مثل إبراهيم خان، محمد السني دفع الله، فايزة عمسيب، صلاح بن البادية، الفاضل سعيد، نواعم، وعثمان حميدة "تور الجر" وغيرهم.
وتمثلت أهدف الدراسة في توضيح تأثير السينما في ترسيخ صورة ذهنية عن مصر لدى الشعب السوداني، ومدى أهمية القوى الناعمة لمصر وتأثيرها في المجتمعات العربية، وكذا التعرف على مدى تأثير السينما المصرية في ثقافة المجتمع السوداني، ورصد الصورة الذهنية عن مصر لدى السودانيين، وكذا توضيح أهمية السينما المصرية كإحدى أدوات القوة الناعمة لمصر، والتعرف على نوعية الموضوعات السينمائية التي يمكن تقديمها لهذه الشعوب عن مصر.
واستعان الباحث خلال دراسته بعدد 4 مناهج علمية وهم: المنهج الأنثروبولوجي، المنهج التاريخي، مدخل رؤى ومنهج تحليل المضمون، وضمت الرسالة عدد 5 فصول، ثلاثة فصول نظرية، تم إنجازهم في فترة زمنية وصلت إلى عشرة أشهر، وفصلين للتحليل والدراسة الميدانية واستغرق إنجازهم أربعة أشهر، وتم التطبيق على عينة ضمت 30 مواطن سوداني في القاهرة ما بين مقيم وزائر، وقد روعي التنوع في العمر والتعليم والحالة الاجتماعية.
وتم تقسيم أفلام السينما المصرية خلال الرسالة إلى ثلاثة حقب تاريخية الأولى مدتها 20 عاماً بداية من سنة 1950 وحتى 1969 وتم خلالها تحليل فيلمي "الفتوة" بطولة فريد شوقي، تحية كاريوكا، وزكي رستم، وفيلم "مراتي مدير عام" من بطولة شادية وصلاح ذو الفقار، والحقبة الثانية مدتها 30 عاماً بداية من سنة 1970 وحتى 1999 وتم فيها عمل تحليل لأفلام الحقبة وخاصة فيلمي "سواق الأتوبيس" بطولة نور الشريف، عماد حمدي، وميرفت أمين، وفيلم "طيور الظلام" بطولة عادل إمام، يسرا، ورياض الخولي، والحقبة الثالثة مدتها 20 عاماً بداية من عام 2000 إلى عام 2020، وتم خلالها تحليل الأفلام التي عرضت خلال هذه المرحلة والعينة كانت لفيلم "شورت وفانلة وكاب" بطولة أحمد السقا، نور اللبنانية، شريف منير وأحمد عيد، وفيلم "عبده موته" بطولة محمد رمضان، سيد رجب، وحورية فرغلي.
وتوصلت الرسالة إلى عدد من النتائج منها أن هناك تأثيرًا كبيرًا للسينما المصرية في الحياة الثقافية الخاصة بحياة بالمجتمع السوداني، حيث تمكنوا من خلال مشاهدة أفلام السينما المصرية أن يتعرفوا على الجوانب الثقافية الخاصة بحياة المصريين والتي رصدتها السينما بأفلامها مثل نمط الحياة والبيوت والأكلات الشعبية والملابس الشوارع وغيرها، وأن الدراما هي إحدى الوسائل المهمة لزرع القيم سواء الإيجابية أو السلبية، ويتأثر بها الملايين، بالإضافة إلى أن وجود القدوة والمثل في الدراما التي يعرضها التليفزيون سواء مسلسلات أو أفلام، يؤثر بشكل كبير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على سلوكيات الشباب وتصرفاتهم، وأن السينما نسق ثقافي مهم ومؤثر في طباع وتصرفات الشباب ورؤيتهم للآخر، كما أن السينما أسهمت في تشكيل البناء الثقافي لمجتمع الشباب، بالإضافة إلى ترسيخ السينما الأمريكية من خلال أفلامها صورة عن التحضر والانفتاح والحرية لديها، وهو ما فعلته السينما المصرية في فترة الخمسينيات والستينيات، وأن السينما الجيدة يمكن أن تساعد البشر في فهم وتقدير اختلافاتهم وتشابههم، وأن السينما بأفلامها تدفع الجماهير إلى الإيمان بوجود تعددية ثقافية، وأن تعلم الأفراد النقد يمكنهم ويساعدهم على تجنب السينما سيئة النية أو ذات الموضوعات غير الملائمة.
وأكد عدد كبير من أفراد العينة أنهم مقتنعون تمامًا أن ما يأتي في الأفلام ليس هو الحقيقة 100%، مثل الطبقية والفساد وجرائم القتل والتحرش والبلطجة المنتشرة مؤخرًا في الأفلام، مؤكدين أن كل الأفلام السينمائية المصرية التي شاهدوها قديمًا في فترة صغرهم جعلتهم يحبون مصر ويتمنون زيارتها، وأنهم أتقنوا اللهجة المصرية وأصبحوا يتحدثونها حتى في السودان والإيفيهات والنكات المصرية التي يتداولها الشعب السوداني، من خلال السينما والدراما المصرية.
وكشفت الرسالة أن معظم أفراد العينة أكدوا أنهم لم يتأثروا بالصورة السلبية التي نقلتها بعض الأفلام السينمائية والتي تعطي صورة سلبية وتصورًا خاطئًا عن المجتمع المصري، كونهم على يقين بأن السينما أو الأدب لا ينقل الحقيقة بنسبة 100%، وأن الواقع في مصر أفضل بكثير مما تنقله السينما، فيما أعرب البعض عن حزنهم من بعض الأفلام السينمائية، آخذين عليها أنها حصرت المواطن السوداني في شخصية الخادم أو السفرجي أو الذي يعمل في أعمال دونية.
وكشفت الدراسة أن معظم أفراد عينة الدراسة أن الأفلام السينمائية ظلمت مصر وسُمعتها، خاصة في الأفلام التي عُرضت في السنوات الأخيرة، والتي باتت تنقل الصور السلبية، من حوادث الاغتصاب والعنف والقتل والتحرش، فمن يعيش في مصر من السودانيين يعرف أن ما تنقله السينما الآن غير حقيقي ولا علاقة له بالواقع.
وانتهت الرسالة لعدد من التوصيات منها إعادة النظر في مشاركة وزارة الثقافة المصرية مرة أخرى في مجال الإنتاج الفني والسينمائي، من خلال متخصصين وخبراء، لعمل أفلام ومسلسلات من شأنها تحسين صورة مصر وإعادتها إلى مكانتها الحقيقية مرة أخرى، كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال السينما في رسم صورة للجندي الأمريكي وقوته، وكما فعلت تركيا في التسويق السياحي لمُدنها وآثارها من خلال الدراما التليفزيونية.
كما أوصت الدراسة بمراعاة البُعد الثقافي للشعوب الإفريقية في الأعمال الفنية المصرية من أجل تحسين الصورة الذهنية لمصر مع الأشقاء الأفارقة، خاصة مع ظهور أفلام مثل "مراتي وزوجتي" تتضمن سخرية واضحة من الشعوب الإفريقية، وإنتاج أعمال تركز على الإندماج الثقافي بين مصر والشعوب الأفريقية، خاصة مع وجود الآلاف من الطلاب والدارسين الأفارقة في الجماعات المصرية، وتزايد أعداد الأفارقة، خاصة مع موجات النزوح واللجوء.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ماجستير امتياز الدراسات الأفريقية العليا جامعة القاهرة الأفلام السینمائیة السینما المصریة أفلام السینما بدایة من من خلال تأثیر ا فی مصر عن مصر
إقرأ أيضاً:
روائع موسيقى «هانز زيمر» السينمائية في «جوهرة الصحراء»
دبي (الاتحاد)
ينطلق عرض فيلم «هانز زيمر والأصدقاء: جوهرة الصحراء» (HANS ZIMMER & FRIENDS: DIAMOND IN THE DESERT)، في مجموعة من دور السينما في الأميركيتين، وأوروبا، وآسيا، ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تبدأ العروض المحدودة يوم 19 مارس المقبل، فيما ستعرض دور السينما في أستراليا وبقية دول الشرق الأوسط هذا الفيلم في وقتٍ لاحق، ضمن تجربة سينمائية استثنائية لعشاق الفنان هانز زيمر من جميع أنحاء العالم، ويستعرض الفيلم مجموعة من أجمل مقطوعات زيمر، بما فيها الموسيقى التصويرية لأفلام ديون، وجلاديتور، وإنترستيلر، وذا لايون كينج، وغيرها الكثير.
مقطوعات شهيرة
يضم الفيلم مجموعة من روائع المقطوعات الشهيرة في عالم السينما، التي أبدعها هانز زيمر بمشاركة فرقته وأوركسترا عالمية في العديد من المواقع الشهيرة، لتمنح الجمهور تجربة فريدة للاستمتاع بأجمل أنغام الأفلام الشهيرة من إبداع زيمر، ويكتسب هذا العمل الفني أهمية خاصة، كونه أول تعاون للموسيقار المبدع زيمر مع مدينة عالمية لإنتاج فيلم ترفيهي خاص عن مسيرته المهنية المليئة بحصد الجوائز العالمية. وقد استلهم زيمر الكثير من دبي خلال الفترة التي قضاها في استكشافها ليبتكر معزوفة مميزة خاصة بها أطلق عليها اسم «جوهرة الصحراء».
يصوّر الفيلم حوارات مع بيلي إيليش، والسير كريستوفر نولان، وديني فيلنوف، وفينياس، وجوني مار، وفاريل ويليامز، وتانيا لابوانت، وتيموثي شالاميت، وزيندايا، وهو من إخراج بول دوجديل، الحائز جائزة إيمي والمرشح لعدة جوائز جرامي، بالإضافة إلى جيري بروكهايمر بوصفه المنتج التنفيذي، كما يمنح الفيلم المشاهدين لمحة حصرية عن العملية الإبداعية التي يتفرد بها هانز زيمر، ويسلط الضوء على الأسرار الكامنة وراء علاقات التعاون الوثيقة التي أقامها.
تجربة مشوقة
وقال هانز زيمر: «إن جولة هانز زيمر الحية هي واحدة من أكثر التجارب المشوقة في مسيرتي المهنية، وأنا في غاية السعادة لتقديمها للجمهور في دور السينما على مستوى العالم من خلال فيلم (Diamond in the Desert)، ومن الممتع حقاً أن نرى هذه المقطوعات الموسيقية وهي تتحول من مصدرها الأول على الشاشة الكبيرة، ثم العروض المباشرة، لتعود مجدداً لدور السينما، وآمل أن يستمتع الجمهور بهذا العمل الفني الرائع بقدر ما استمتعنا بصنعه».
فرصة استثنائية
من جانبه، قال بول دوجديل «سررت بالعمل عن قرب مع هانز زيمر لإبداع هذا الفيلم، وقد كانت فرصة استثنائية لتصوير هذه المجموعة المتنوعة من الألحان والأداء الاستثنائي، وتؤكد ضخامة إنتاج هذا الفيلم على الشغف الكبير الذي يتمتع به هانز تجاه الأفكار الجديدة، بالإضافة إلى طموحه والتزامه بالرؤية المشتركة لطريقة تقديم أفضل مؤلفاته الموسيقية، وقد عقد هانز علينا آمالاً كبيرة ووضع ثقته فينا، وأنا فخورٌ بتواجدي ضمن الفريق الإبداعي الذي عمل على إنجاز هذا المشروع الرائد».
عروض لا تُنسى
بدوره، أوضح مارك ألينبي، الرئيس التنفيذي لشركة ترافالجار ريليسينج، قائلاً «يسعدنا تقديم هذه التجربة السينمائية المميزة التي تصور عروض الأداء الاستثنائية لهانز زيمر في دور السينما حول العالم، خاصةً وأننا من عشاق أعمال الفنان منذ زمنٍ طويل، وكلنا ثقة بأن الفيلم سيحقق نجاحاً كبيراً لدى الجمهور في جميع أنحاء العالم، إذ يستعرض أجمل العروض الحية التي لا تُنسى للموسيقى التصويرية لأفلام شهيرة، بالإضافة إلى حوارات حول التعاون مع أبرز الأسماء في عالم الترفيه».
سحر دبي
فيما، قال عصام كاظم، المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري «رسّخ هانز زيمر مكانته في دبي خلال السنوات القليلة الماضية، فأمتع الجماهير بسلسلة من الحفلات الموسيقية الاستثنائية مستوحياً إبداعه من تألق الإمارة وجاذبيتها، وتحظى موسيقى هانز زيمر بإعجاب كبير من قبل الجميع من مختلف الأعمار والثقافات والجنسيات، وكذلك هي الحال بالنسبة لمدينتنا دبي التي تزخر بالتنوع الثقافي، ما مهد الطريق أمام التعاون الأول من نوعه لهذا الفنان المميز مع مدينة عالمية لإنتاج فيلمه الترفيهي الأول الذي يعبر عن مسيرة مفعمة بالإبداع. ونظراً للارتباط الوثيق بين موسيقى زيمر وعالم صناعة الأفلام العالمية، فمن المهم إتاحة المجال أمام الجميع لمشاهدة هذه العروض الاستثنائية التي قدمها زيمر من وجهات مميزة في دبي ليتألق مع فرقته بأداء استثنائي».