كاميرات مراقبة بمستشفى أطفال في حلب تكشف فظائع داعش.. كيف تقود للمحاسبة؟
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
داخل مستشفى للأطفال في مدينة حلب السورية عام 2013، تجول مسلحو تنظيم داعش الإرهابي دون أقنعة تخفي هوياتهم، ومارسوا التعذيب ضد المعتقلين لديهم خلال سيطرتهم على المدينة، دون أن يدركوا أن كاميرات المستشفى وثقت ذلك، والتي يمكن استغلال لقطاتها في ملاحقتهم ومحاسبتهم.
مر على هذه الممارسات سنوات، وسجلتها كاميرات ربما لم يعلم عنها عناصر التنظيم شيئًا، بحسب ما ورد في تقرير لشبكة "سي إن إن" الأميركية، لكن تلك التسجيلات مهمة حاليًا بعدما حصلت عليها لجنة العدالة والمساءلة الدولية، التي تحقق في جرائم مرتكبة من الجماعات المتطرفة، من أجل الملاحقة الجنائية.
تجول مسلحة داعش داخل أروقة المستشفى الذي اتخذوه مقرًا لهم آنذاك، ونقلو السجناء معصوبي الأعين وضربوهم بالعصي وعذبوهم، بحسب التقرير الذي أشار إلى أن هذه التسجيلات تعود لممارسات على مدار أشهر خلال عام 2013.
تعذيب واعتداءاتوقال مدير التحقيقات والعمليات في لجنة العدالة والمساءلة الدولية، كريس إنغلز: "هذه المقاطع المصورة أدلة شديدة الأهمية في أية محاكمة. نحن قادرون على التحقق من قصص الناجين من الضحايا".
واستخدم التنظيم المستشفى كسجن، لم يخرج منه كثيرون على قيد الحياة. وحينما استعاد عناصر من المعارضة السورية السيطرة على المبنى من تنظيم داعش في يناير 2014، وجدوا جثثًا ملقاة على الأرض لأشخاص تم إعدامهم وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم.
الصحفي الفرنسي، ديدييه فرانسوا، احتجزه التنظيم في حلب قبل أن يتم إطلاق سراحه، تحدث في تصريحات سابقة لشبكة "سي إن إن"، وقال: "كان هناك بعض السجناء السوريين والعراقيين ومواطنين محليين احتجزوا لأسباب مختلفة مثل التدخين... تعرضوا للاعتداءات والتعذيب، وكنا نسمع أصواتهم من خلف الأبواب".
وكان التنظيم الإرهابي قد سيطر لسنوات على مساحات واسعة في سوريا والعراق المجاور، قبل أن يتم طرده منها تدريجا.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية في مارس 2019، هزيمة التنظيم، بعد السيطرة على آخر معاقله في بلدة الباغوز (شرق) بدعم من التحالف الدولي.
محاكماتوتساعد لجنة العدالة والمساءلة الدولية في إجراء محاكمات في 13 دولة ضد مرتكبي جرائم، وتقول إنها تحصل على تمويلها بحسب كل مشروع على حدة من الحكومات الغربية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا.
ويواصل إنغلز حديثه لشبكة "سي إن إن"، موضحا أن "سلطات إنفاذ القانون أو الادعاء المحلي كثيرا ما يمتلك ما يكفي من الأدلة لإثبات أن مشتبها به أو أكثر كانوا أعضاء بمنظمة إرهابية، وتتم إدانتهم بالانضمام أو تمويل هذه المنظمة".
وأضاف: "لكننا نعتقد أنه من المهم أن نكون قادرين على محاكمتهم بتهم التعذيب والاختطاف والقتل".
وأوضحت اللجنة أن المقاطع من المستشفى في حلب تم استخدامها بالفعل في التعرف على مشتبه به في فرنسا، وأنها تلقت مئات الطلبات للحصول على أدلة من جهات إنفاذ القانون حول العالم.
يذكر أن التحالف الدولي ضد داعش، أشار في بيان منتصف الشهر الماضي، أن فترة بقاء زعماء التنظيم على قيد الحياة "تقلصت"، بفضل الجهود التي بذلها التحالف لدحر المنظمة الإرهابية.
وجاء في منشور على مواقع التواصل الخاصة بالتحالف، الذي تشكل في أعقاب انتشار التنظيم في مساحات واسعة في العراق وسوريا: "قيادة داعش دائمة التقلب. كل زعيم يلقى حتفه أسرع من سلفه. إن دل ذلك على شيء، فإنه يدل على الطريق المدمِّر الذي يسلكه هؤلاء، وكذلك التزام التحالف الدولي في القضاء على الإرهاب".
ونشر التحالف صورة تبين مدى تقلص الفترة الزمنية التي قضاها زعماء التنظيم على رأس القيادة، فأبو بكر البغدادي قتل في أكتوبر 2019 بعد 6 سنوات، وأبو إبراهيم الهاشمي القرشي بعد 15 شهرا، وأبو الحسن الهاشمي القرشي بعد 10 شهور، وأبو الحسين الحسيني القرشي بعد 5 أشهر، بينما وضعت علامات استفهام أمام اسم أبو حفص الهاشمي القرشي.
واختار التنظيم الإرهابي أبو حفص الهاشمي القرشي زعيما جديدا له، مؤكدا لأول مرة مقتل زعيمه السابق، الذي قالت تركيا إنها قتلته في أبريل.
وتشكل التحالف الدولي في سبتمبر 2014، ونجح في طرد "داعش" من معظم الأراضي التي احتلها.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: التحالف الدولی
إقرأ أيضاً:
ما وراء انتشار كاميرات المراقبة في العاصمة الأفغانية كابل
كابل- منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في أغسطس/آب 2021، شهدت العاصمة الأفغانية كابل توسعا كبيرا في شبكة كاميرات المراقبة لتعزيز الأمن ومراقبة الحركة داخل المدينة وضواحيها، حيث كانت كابل، قبل عودة الحركة، تحتوي على حوالي 850 كاميرا فقط.
وفي عام 2023 ارتفع عددها إلى نحو 62 ألفا في مختلف أنحاء المدينة، وفي فبراير/شباط الماضي وصل عدد الكاميرات إلى حوالي 90 ألف كاميرا مراقبة، وتم تركيب عشرات الشاشات الكبيرة في مقر الشرطة الأفغانية لمتابعة حياة قرابة 6 ملايين شخص في كابل.
وحسب وزارة الداخلية الأفغانية، ساهمت هذه الكاميرات في تعزيز الأمن العام والقبض على المجرمين وتراجع معدلات الجريمة بنسبة 35% بين عامي 2023 و2024 في العاصمة كابل.
وقال عبد المتين قانع المتحدث باسم الوزارة للجزيرة نت إن كاميرات المراقبة تلعب دورا إيجابيا وبنّاء للغاية في تحسين الأمن وخفض معدلات الجريمة واعتقال المجرمين في الوقت المناسب، وأكد أنهم يخططون لنصب المزيد منها في مداخل المدينة ومخارجها.
ومن غرفة التحكم داخل مقر الشرطة الأفغانية، يوضح المتحدث باسم الشرطة خالد زدران أنهم يراقبون العاصمة بأكملها من هذه الغرفة، وأنهم عندما يشاهدون مجموعة من الأشخاص يتعاطون المخدرات أو يشتبهون في تحركاتهم، يتصلون على الفور بالشرطة الموجودة في تلك المنطقة للتحقق من الأمر والتواصل مع مركز القيادة.
إعلانويضيف زدران للجزيرة نت أن هذه الكاميرات نُصبت على ارتفاعات عالية، وعندما يكون الجو صافيا، يمكنهم رؤية الأشخاص والأحداث بوضوح حتى على بُعد كيلومترات، حسب كلامه.
كما تتحكم غرفة المراقبة -وفق زدران- بالسيارات والمشاة، ويتمتع نظام المراقبة أيضا بالقدرة على التعرف على الأشخاص من خلال وجوههم، مع تصنيف كل وجه حسب العمر والجنس، وتُستخدم كاميرات التعرف التلقائي على لوحات أرقام السيارات، وفي حال حدوث أي عطل فيها، يتم إرسال فريق متخصص على الفور لإصلاحه.
وحسب السلطات الأمنية، يدير غرفة المراقبة أكثر من 30 موظفا يراقبون العاصمة كابل باستمرار عبر هذه الكاميرات، ويُبلغون مسؤولي الأمن عن أي أنشطة مشبوهة. يقول زدران للجزيرة نت "أثبتت هذه الكاميرات دورا حاسما في الحفاظ على الأمن العام، ونحن نراقب عناصر الشرطة والأمن في نقاط التفتيش ونقيم أداءهم في التعامل مع الناس".
في المقابل، ترى منظمة العفو الدولية أن تركيب هذه الكاميرات، التي تصفها حكومة طالبان بأنها "مصلحة وطنية وأمنية"، محاولة لاستمرار سياسات طالبان ضد الشعب وخاصة النساء.
وتضيف المنظمة أن ذلك قد "يؤدي إلى انتهاك الحقوق الأساسية للأفراد، وخاصة النساء في الأماكن العامة، وأن البنية التحتية للمراقبة قد تقوض الخصوصية وحرية التعبير في أفغانستان، ولا يوجد قانون أو آلية تنظم استخدام مثل هذه الكاميرات، إضافة إلى وجود مخاوف من اختراق هذه الأجهزة من قبل المعارضين لحكم طالبان".
وردا على هذه المخاوف، يقول زدران إن المعلومات التي تخزن في هذه الكاميرات لا تُستخدم لأغراض أخرى، والوصول إليها يجب أن يمر عبر خطوات صعبة، وتُحذف تلقائيا بعد 3 أشهر من تسجليها. ويؤكد أن نظام المراقبة لا يشكل تهديدا لأحد ولا ينتهك خصوصية أحد و"هو موجود في جميع البلدان المتطورة ودوره في ضبط الأمن مهم جدا".
يقول خبراء الأمن في أفغانستان إنه لا يمكن التقليل من أهمية نصب الكاميرات بهدف ضبط الأمن في كابل والمدن الرئيسة الأخرى.
إعلانويوضح الخبير الأمني جاويد بامير للجزيرة نت أن "فكرة نصب الكاميرات لأغراض أمنية فكرة جيدة، وتمكنت طالبان من تنفيذها ولكن ما زال أمامها شوط كبير، يجب تسجيل جميع شرائح الهواتف وترقيم المنازل وربط المطارات بالحدود البرية، حتى يعرف من يدخل البلاد ومن يخرج منها. كاميرات المراقبة ضرورة أمنية، ولكن لا ينبغي التدخل في الحياة الخاصة للناس".
لكن بعض الأشخاص وخاصة عناصر القوات الأمنية في الحكومة السابقة ونشطاء حقوق الإنسان أو الذين شاركوا في المظاهرات ضد حركة طالبان، يشعرون بعدم القدرة على التحرك بحرية كاملة لأنهم قلقون على حياتهم.
ومن ناحية ثانية يقول سكان بالعاصمة كابل إن قيادة شرطة العاصمة طلبت من العائلات شراء الكاميرات التي يتم تركيبها بالقرب من منازلهم أو دفع ثمنها.
أحمد كريم الذي يعيش في شمال العاصمة كابل، قال للجزيرة نت "طلب منا دفع الثمن أو شراء كاميرات ونصبها قرب المنازل، وفي حال رفض طلب الشرطة، أنذرنا بقطع الكهرباء والمياه في غضون 3 أيام".