لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد التمديد الطوعي السعودي الروسي بخفض الإنتاج؟
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
استمرت أسعار النفط في حصد المكاسب، وسط قلق في الأسواق من نقص في الإمدادات بعد أن مددت السعودية وروسيا تخفيضاتهما الطوعية في الإمدادات حتى نهاية العام.
ارتفع خام برنت متجاوزاً 90 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ نوفمبر بسبب تمديد أكبر دولتين إنتاجاً للنفط في تحالف "أوبك+" خطتهما لتخفيض المعروض بالأسواق حتى نهاية العام.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت الثلاثاء، 14 سنتا بما يعادل 0.16% إلى 90.18 دولار للبرميل.
وسجل الخام الثلاثاء أول تجاوز لمستوى 90 دولار منذ نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، في اليوم السادس على التوالي من المكاسب.
وتم تداول العقود الآجلة لخام برنت لشهر أقرب استحقاق زيادة، بنحو 4.37 دولار للبرميل فوق الأسعار في عقود الستة أشهر في أعلى زيادة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وبالنسبة للعقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، اتسع الفارق بين عقود شهر أقرب استحقاق وعقود الستة أشهر إلى نحو 4.47 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى أيضا في 9 أشهر.
اقرأ أيضاً
السعودية وروسيا تمددان الخفض الطوعي لإنتاج النفط حتى نهاية العام
تمديد طوعي
جاء ذلك بعد أن أعلنت السعودية الاستمرار في تخفيضها الطوعي لإنتاج النفط بمقدار مليون برميل يومياً حتى نهاية العام، وفق بيان نُشر على وكالة الأنباء التي تديرها الدولة.
هذه الخطوة سوف تحافظ على مستوى الإنتاج عند 9 ملايين برميل يوميا تقريباً لمدة إجمالية تصل إلى ستة أشهر، وهو أدنى مستوى منذ سنوات عديدة.
وبالتزامن، أعلن نائب رئيس وزراء روسيا أليكساندر نوفاك في بيان منفصل، أن تخفيض صادرات بلاده بمقدار 300 ألف برميل يومياً سوف يمتدّ لنفس الفترة، في أحدث علامة على أن الرياض وموسكو تتخذان خطوات مرتبطة في ما يتعلق بسياسة النفط.
من جانبه، يلفت رئيس قسم العمليات في "أويل برايس دوت كوم" توم إريك كوم إلى أن "الجزم بأن 90 دولاراً للبرميل هو سقف أسعار النفط هذا العام غير صحيح إطلاقاً".
ويعتبر كول أن تخفيضات الإنتاج من قبل دول "أوبك+" أدت إلى ضيق المعروض في السوق، وبالتالي فإن أي اضطراب أو توقف لإمدادات النفط في أي جزء من العالم لأي سبب، قد يدفع الأسعار لتخطي عتبة 100 دولار للبرميل.
ويتفق معه نائب الرئيس الأول لشركة ريستاد إنرجي الاستشارية خورخي ليون، في مذكرة، حين قال: "هذه التحركات الصعودية تضيق بشكل كبير في سوق النفط العالمية ولا يمكن أن تؤدي إلا إلى شيء واحد ألا وهو ارتفاع أسعار النفط في جميع أنحاء العالم".
اقرأ أيضاً
توقعات بخفض إمدادات أوبك+ ترفع أسعار النفط
تشديد مالي
ويضيف ليون أنه من الصعب التنبؤ بتأثير هذه التخفيضات على التضخم والسياسة الاقتصادية في الغرب، لكن ارتفاع أسعار النفط لن يؤدي إلا إلى زيادة احتمال مزيد من التشديد المالي، خاصة في الولايات المتحدة، للحد من التضخم.
فيما يقول العضو المنتدب في شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" مايكل تران، إن "تطوُّر اليوم تذكير صارخ للبائعين على المكشوف بوقف المضاربة ضد توجهات البنك المركزي للنفط".
ويتابع: "سيميل السعوديون إلى الإفراط في التشدد بدلا من تصحيح المسار في وقت لاحق في ضوء اجتياز الذروة الموسمية العالمية في الطلب على الخام، بخاصة في ضوء أوضاع الاقتصاد الكلي الهادئة في الصين".
من جانبه، يقول المدير التنفيذي وكبير الاستراتيجيين في شركة "Acme Investment Advisors" سوغاندا ساشديفا، إن "قرار تمديد تخفيضات الإنتاج يؤكد التزامهم (أوبك+) باستقرار الأسعار في بيئة السوق الصعبة".
ومع ذلك، يضيف ساشديفا أن فترة الصيانة السنوية لمصافي التكرير في الولايات المتحدة من سبتمبر/أيلول إلى أكتوبر/تشرين الأول، يمكن أن تحد من الطلب على النفط الخام، وربما تكون بمثابة عامل مقيد لارتفاع أسعار النفط.
اقرأ أيضاً
تحالف غاز بقيادة روسيا وإيران.. هل ينافس أوبك ويتحكم بأوروبا؟
قلق أمريكي
وربما تثير زيادة الأسعار استياءً في الولايات المتحدة، حيث تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لدرء تهديد ارتفاع أسعار البنزين إلى 4 دولارات للغالون.
وتبلغ الأسعار حالياً أعلى مستوى موسمي لها منذ أكثر من عقد حتى مع عطلة عيد العمال التي تمثّل نهاية موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة.
ومن شأن تجدُّد الضغوط التضخمية أن يضغط على المستهلكين ويخاطر بعرقلة الجهود التي يبذلها محافظو البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم لمحاصرة ومواجهة التضخم.
وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان للصحفيين في مؤتمر صحفي بعد قرار "أوبك+" الثلاثاء، إن الولايات المتحدة "تتواصل بانتظام مع السعوديين على مستويات متعددة، مع وزير الطاقة ومع القيادة، وسيستمرّ ذلك التواصل، وسنتأكد من أنهم يتفهّمون موقفنا، وسنفهم أين يقفون هم أيضاً".
يأتي القرار بعد أن شهدت الأسواق ارتفاعاً في صادرات الخام الإيراني في أغسطس/آب، إذ يبدو أن الجهود الدبلوماسية غير المباشرة مع الولايات المتحدة تخفف الضغط عن الدولة الشرق أوسطية.
اقرأ أيضاً
تحالف غاز بقيادة روسيا وإيران.. هل ينافس أوبك ويتحكم بأوروبا؟
مع ذلك، ربما كانت الصادرات التي أبطأت الأسعار في الأسواق العالمية بلغت ذروتها بالفعل لهذا العام، إذ يضعف الطلب في آسيا مع نهاية الصيف.
وتجاوزت خطوة السعودية توقعات السوق، فقد توقع 20 من 25 متعاملاً ومحللاً شملهم استطلاع "بلومبرج" الأسبوع الماضي، تمديد تخفيض الإنتاج شهراً.
قدمت المملكة لأول مرة خفضاً إضافياً للإمدادات في يوليو/تموز، مما أدى إلى تعميق التخفيضات التي أُجريَت بالفعل مع الشركاء في تحالف "أوبك+".
ومع معاناة معظم أعضاء التحالف من خسائر في الإنتاج بسبب نقص الاستثمار والاضطرابات التشغيلية، اختارت الرياض تنفيذ مبادرة منفردة إلى حد كبير لدعم الأسعار.
وتقول السعودية إن هذا الخفض التطوعي الإضافي، يأتي لتعزيز الجهود الاحترازية التي تبذلها دول "أوبك+" بهدف دعم استقرار أسواق البترول وتوازنها.
وتعتمد السعودية على ارتفاع أسعار النفط لتمويل أجندة طموحة تريد من خلالها الابتعاد عن الاعتماد على الوقود الأحفوري.
اقرأ أيضاً
أوبك+ تبقي على سياسة إنتاج النفط دون تغيير
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أوبك أوبك السعودية روسيا إنتاج النفط أسعار النفط حتى نهایة العام أسعار النفط
إقرأ أيضاً:
"الزبدة أصبحت كالذهب".. الحرب الأوكرانية تُشعل أسعار المواد الغذائية في روسيا
الاقتصاد نيوز - متابعة
حادث سرقة في متجر صغير لبيع المواد الغذائية في مدينة يكاترينبورغ الروسية قد لا يكون عادةً موضع اهتمام إعلامي عالمي، لكن هذه المرة كانت مختلفة.
تظهر لقطات كاميرات المراقبة من متجر "Dairy Place"، في أوائل نوفمبر تشرين الثاني شخصين يقومان بتحطيم الباب، حيث يندفع أحدهما لسرقة النقود من صندوق الدفع، بينما يهرع الآخر نحو الثلاجة ويسرق 20 كيلوغراماً من الزبدة، وفقاً لما أفادت به وسائل الإعلام الروسية.
قال صاحب المتجر على تليغرام إن السطو أظهر أن الزبدة أصبحت الآن مثل "الذهب"، ولم تتمكن CNBC من التحقق المستقل من صحة اللقطات.
ولم يكن "Dairy Place" هو الضحية الوحيدة لسرقات الزبدة، حيث أثارت سلسلة من الحوادث المماثلة مؤخراً بعض المتاجر إلى وضع المنتج في حاويات مغلقة. وأصبح سعر علبة الزبدة 200 جرام الآن حوالي 200 روبل، أو ما يقرب من 2 دولار، بزيادة قدرها 30% منذ ديسمبر كانون الأول 2023، وفقاً للبيانات من هيئة الإحصاء الحكومية "روسستات".
وقد سلطت سرقة هذا المنتج الأساسي الضوء على الارتفاعات الحادة في الأسعار في روسيا.
اشتعال أسعار السلع في روسيا
قال ستانيسلاف، أحد سكان موسكو، لشبكة CNBC: "لقد كانت تكلفة المواد الغذائية الأساسية في ازدياد على مدار الثلاث سنوات الماضية. الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وخاصة هذا العام".
وأضاف: "بالطبع يعتمد الأمر على نوع الطعام. بعض أسعار السلع تنخفض، مثل الحنطة السوداء. كانت تكلفتها أعلى في 2020 أثناء جائحة كوفيد-19، ولكن الآن هي أقل بثلاث مرات. لكن هذا هو المثال الوحيد لانخفاض الأسعار. أما جميع أسعار المواد الغذائية الأخرى فهي في ارتفاع. أعتقد أن الزيادة تتراوح بين 10% إلى 40% سنوياً".
وصل معدل التضخم السنوي في روسيا إلى 8.5% في أكتوبر تشرين الأول، وهو ما يتجاوز بكثير الهدف الذي حدده البنك المركزي والذي يبلغ 4%. مما دفع البنك إلى رفع أسعار الفائدة الشهر الماضي إلى 21% — وهو أعلى مستوى لها في أكثر من 20 عاماً -ومن المتوقع أن يتم رفعها مجدداً في ديسمبر كانون الأول.
وقد أظهرت أسعار الفائدة المرتفعة القليل من التأثير في تقليل نمو الأسعار حتى الآن، مع شعور المتسوقين بارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية. حيث استمر ارتفاع أسعار منتجات الألبان، وزيت عباد الشمس، والخضروات (وخاصة البطاطس التي ارتفعت أسعارها بنسبة 74% منذ ديسمبر كانون الأول الماضي، وفقاً للبيانات الأسبوعية من "روسستات"، مع تجاوز الطلب للعرض.
قال أنطون بارباشين، المحلل السياسي الروسي ومدير التحرير لمجلة "ريدل"، إن الارتفاعات في الأسعار أصبحت حتمية بالنسبة لمعظم المواطنين، مشيراً إلى أن "نصف الروس تقريباً ينفقون معظم دخلهم على الطعام، لذا فإنهم يشعرون بتضخم الأسعار أكثر من غيرهم".
وأضاف: "تضخم الأسعار في المنتجات هو المحرك الأكبر للتضخم حالياً، إذ تشهد أسعار السلع الأساسية والطعام والمنتجات الشخصية الأخرى زيادة كبيرة".
وأشار إلى أن "استراتيجية معظم الروس حتى الآن كانت تقليص أنماط الاستهلاك الخاصة بهم، والاختيار للمنتجات ذات الجودة الأقل، وتأجيل أي مشتريات طويلة الأجل. ومع ذلك، فإن هذا الضغط لا يشعر به الجميع بالتساوي. موسكو بالكاد تشعر بالمشاكل، بينما المتأثرون أكثر هم الأشخاص في المدن الصغيرة والمناطق الريفية".
الزبدة مقابل الأسلحة
تزايدت الضغوط التضخمية في روسيا، وكذلك في أوروبا بشكل عام، نتيجة للحرب المستمرة التي تشنها موسكو ضد أوكرانيا، حيث ارتفعت تكاليف الطعام نتيجة لنقص الإمدادات والعمالة، وارتفاع تكاليف الأجور، والعقوبات، وزيادة تكاليف الإنتاج.
وتزامن ذلك مع تحول الاقتصاد الروسي نحو الاقتصاد الحربي منذ غزو أوكرانيا في فبراير شباط 2022، مع زيادة ضخمة في الإنفاق الدفاعي للدولة وأولوية إنتاج المعدات العسكرية المحلية على الإنتاج الزراعي. وقد أثبت الاقتصاد الروسي أنه أفضل من المتوقع منذ بداية غزوه لجاره، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الروسي بنسبة 3.6% هذا العام.
وسعت القيادة الروسية إلى تجنب انتقادات ارتفاع الأسعار، موجهة اللوم إلى "الدول غير الصديقة" (أي حلفاء أوكرانيا) بسبب النزاع والعقوبات ونقص الإمدادات.
نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تكون روسيا قد استبدلت "الزبدة بالأسلحة"، مدافعاً عن الإنفاق الدفاعي.
وقال بوتين في جلسة عامة في نادي "فالداي" للنقاش في أكتوبر تشرين الأول، وفقاً لوكالة الأنباء الروسية "تاس": "القول إننا ننفق الكثير من المال على الأسلحة وننسى الزبدة، هذا غير صحيح. أود أن أؤكد أن جميع الخطط التي تم الإعلان عنها سابقاً للتنمية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية وجميع الالتزامات الاجتماعية التي تعهدت بها الدولة تجاه السكان، كلها يتم تنفيذها بشكل كامل".
بينما ربط العديد من الروس الحرب والتضخم، فإنه من المخاطرة بالنسبة للمواطنين العاديين انتقاد الغزو علناً أو "العملية العسكرية الخاصة" كما تصفها موسكو، حيث يمكن معاقبة أي "تشويه" للجيش بالغرامات والسجن.
على الرغم من إبعاد المسؤولية عن ارتفاع الأسعار والحرب، إلا أن الكرملين سعى مع ذلك لتهدئة الرأي العام من خلال التأكيد على أنه يتعامل مع نقص المنتجات.
في العام الماضي، أدى نقص البيض، وارتفاع أسعاره بنسبة تزيد عن 40%، إلى قيام الحكومة بإلغاء الرسوم الجمركية على المنتج. وقالت الإدارة إنها ستشتري البيض من "الدول الصديقة"، وفي الربع الأول من العام، استوردت روسيا 235 مليون بيضة من بيلاروسيا وأذربيجان وتركيا، وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الروسية.
وفي أكتوبر تشرين من هذا العام، قالت الحكومة إنها ستراقب أسعار الزبدة وستخطط لدعم "زيادة منهجية في الإنتاج" مع استمرار معاناة صناعة الألبان في تلبية الطلب.