لماذا استبق الرئيس بري عودة لودريان؟
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
لا شك في أن مبادرة الرئيس نبيه بري في ذكرى تغييب الامام الصدر فاجأت الجميع، في الداخل والخارج، وبالأخصّ فرنسا، التي كانت تعمل على تهيئة الأجواء الملائمة قبل توجه موفدها الرئاسي جان ايف لودريان إلى لبنان. إلا ّأن موقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الأخير من الدور السلبي لإيران في الاستحقاق الرئاسي اللبناني دفع رئيس مجلس النواب، ومن خلال موقعه كرئيس لحركة "أمل"، وركن أساسي من "الثنائي الشيعي"، إلى استباق الفرنسيين بدعوته إلى الحوار، وتحديد المدّة الزمنية، التي يُفترض أن يستغرقها هذا الحوار "بمن حضر"، خصوصًا إذا كانت ميثاقيته مؤمنة من خلال مشاركة ممثلين عن "التيار الوطني الحر" و"اللقاء الديمقراطي" وبعض النواب المستقلين و"التغييريين"، الذين رحبوا بهذه الدعوة، معطوفة على التقاطع بين بكركي و"عين التينة" على أهمية الحوار في هذه المرحلة، ولكن من دون شروط مسبقة، على حدّ ما أعلنه البطريرك الراعي في قداس الأحد.
أوساط قريبة من "عين التينة" أفرحها كثيرًا كلام الراعي، ووضعته في خانة تثمير الجهود التي يقوم بها الرئيس بري لإنجاح "حوار السبعة أيام"، والتي تتلاقى مع الهدف الرئيسي لبكركي، وهو أن يفضي هذا الحوار إلى انتخاب رئيس لكل لبنان، وليس رئيسًا لفئة من اللبنانيين، باعتبار أن أي رئيس للجمهورية، الذي لا بد من أن يُنتخب، عاجلًا أو آجلًا، لا يمثّل تطلعات جميع اللبنانيين على حدّ سواء لن يستطيع أن يكون رئيسًا إنقاذيًا، بل قد يكون رئيسًا لإدارة الأزمة، التي ستزيد من معاناة جميع اللبنانيين من دون استثناء. أمّا ما أشترطه البطريرك الراعي حول الذهاب إلى طاولة الحوار من دون شروط مسبقة فيمكن تفسيره من وجهات نظر مختلفة، حيث ينحو كل فريق من الأفرقاء السياسيين إلى تفسير هذا "الشرط البطريركي" بما يناسبه، وبما يتوافق مع نظرته للأمور. فـ "الشروط المسبقة" بالنسبة إلى "الفريق المعارض" ليست هي ذاتها بالنسبة إلى "الفريق الممانع"، أو حتى لا هذه النظرة ولا تلك قد تلتقي مع نظرة بكركي لهذه الشروط. فموقف بكركي معروف. فهي حتمًا مع أن يتحاور اللبنانيون بين بعضهم البعض، ولكنها حتمًا ليست مع أي حوار في المطلق، بل مع حوار هادف وذات غرضية معينة، يبدأ بالتوافق على رئيس منقذ، ولا ينتهي إلا بتحديد أولوية المعالجات السياسية للأزمات المتراكمة، ومن بينها بالطبع ما يختلف حوله اللبنانيون، وعلى رأس قائمة هذه الاختلافات أو الخلافات "الاستراتيجية الدفاعية"، التي يرى البعض في التوافق عليها ما يعزّز شرعية مؤسسات الدولة الأمنية بداية الحلول.
أمّا على الخطّ الفرنسي، وقد بدأ السفير الجديد ايرفيه ماكرو مهمته الديبلوماسية في لبنان خلفًا للسفيرة آن غريو، فإن باريس تنظر إلى مبادرة بري من منظار مختلف عمّا تنظر إليه القوى السياسية اللبنانية. فهذه المبادرة بالنسبة إلى باريس قد تحمل وجهتين: الأولى لا يمكن وضعها إلاّ في خانة الإيجابيات، التي يجب أن تطغى على ما عداها من أمور، باعتبار أن لبنان في حاجة اليوم وأكثر من أي يوم مضى إلى شحنات تفاؤلية وإلى التعاطي مع التطورات الحاصلة على ساحته بكثير من الإيجابية الخلاقة. أما الوجهة الثانية فإن ثمة تباينًا في وجهات نظر الذين يعملون على خط المبادرة الفرنسية. فالبعض يرى أن مبادرة الرئيس بري قد تعرقل المسعى الفرنسي، الذي كان يهدف إلى جمع كل القيادات السياسية في لبنان، وبالأخص أطياف المعارضة، إذ أن أي حوار "بمن حضر" لن يؤتى ثماره إذا اقتصر فقط على جهة واحدة تجمعها أفكار موحدّة. أمّا أصحاب نظرية "الحوار بمن حضر" فهم يميلون أكثر إلى رأي البطريرك الماروني، الذي اشترط أن يكون أي حوار من دون شروط مسبقة، ومن دون أفكار مسبقة أيضًا، والا يُحكم على النيات، إذ أن المرء عند الامتحان يُكرم أو يُهان.
وهنا يسأل السائلون: هل استعجل الرئيس بري في طرح مبادرته، وهل كان عليه أن ينتظر عودة لودريان، أم أنه تقصد هذا الاستعجال لإحراج الجميع، في الداخل وفي الخارج، خصوصًا أن هذه المبادرة جاءت عقب موقف الرئيس ماكرون من التدخل الإيراني السلبي في عملية الاستحقاق الرئاسي؟ المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الرئیس بری من دون التی ی رئیس ا
إقرأ أيضاً:
لماذا تركز إسرائيل جهدها الحربي على قضاء صور بجنوب لبنان؟
يرى الخبير العسكري العميد المتقاعد حسن جوني أن إسرائيل تركز جهدها الحربي في توغلها البري بجنوب لبنان باتجاه القطاع الغربي حتى مدينة صور التي قال إنها تتعرض وقضاؤها لاستهداف مكثف لأسباب عدة.
وأعرب جوني -في حديثه للجزيرة- عن قناعته بأن استهداف إسرائيل المكثف لقضاء صور وإصدار أوامر للسكان بإخلائه يأتي رغبة منها في "إضعاف القاعدة الخلفية بالقطاع الغربي التي يتحرك فيها أو من خلالها مقاتلو حزب الله".
وأكد أن استهداف قضاء صور يتصل تماما بالعمليات والمواجهات البرية في القطاع الغربي، إذ تريد إسرائيل احتلاله أو محاصرته بين بلدات طير حرفا وشمع والبياضة.
وفي هذا السياق، أشار الخبير العسكري إلى أن إسرائيل تريد محاصرة "جيب غربي" يضم عددا من الأودية والأحراش، إضافة إلى احتلال الناقورة ضمن القطاع ذاته.
ويعدّ قضاء صور أحد أقضية محافظة الجنوب الثلاثة في لبنان، ومركزه مدينة صور، ويضم ما يزيد على 50 قرية مثل برج الشمالي ومجدل زون وغيرها.
أما بشأن الاستهداف الإسرائيلي لمدينة صور، فقال جوني إنها المدينة الأقرب على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، وتعتبر ذات مركز ثقل اقتصادي واجتماعي ومعنوي لقضاء صور، كما أنها مدينة منافسة سياحيا.
وخلص جوني، وهو عميد متقاعد من الجيش اللبناني، إلى وجود "حقد إسرائيلي على صور وتاريخها"، إضافة إلى مواصلة تل أبيب إستراتيجية التدمير بهدف استمرار الضغط على متخذي القرار في لبنان.
أسلحة محرمة دوليا
ونبه جوني إلى استخدام الجيش الإسرائيلي أسلحة محرمة دوليا في جنوب لبنان، معتبرا قتل المدنيين الأبرياء هو الخرق الأهم لأنهم ليسوا مقاتلين على الجبهة، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني.
وقال الخبير العسكري إن إسرائيل لديها تاريخ حافل في اختبار أسلحة جديدة في ميدان حقيقي ومنها ما ينجح وما يفشل.
كذلك تستخدم إسرائيل الأسلحة الحارقة -وفق جوني- لأنها تريد حرق الأخضر واليابس بهدف إجلاء حقول الرمي وإطلاق الصواريخ ومنع إمكانية الاختفاء عن الأنظار والمسيّرات.
لكن الخبير العسكري شدد على أن الذخائر العنقودية هي الأخطر لأنها تبقى وتستمر بعد وقف إطلاق النار في صورة ألغام ويصبح التعامل معها أمرا خطيرا، بجانب الأسلحة الفراغية والخارقة.
ووسّعت إسرائيل منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي حربها على حزب الله لتشمل جلّ مناطق لبنان، بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفا وكثافة.
كذلك بدأت توغلا بريا في جنوبه معتمدة على 5 فرق عسكرية تعمل على طول الحدود مع لبنان هي: 210، 98، 91، 36، 146، وتضم الفرقة أكثر من لواء عسكري، وتضم وفق المعايير العسكرية أكثر من 10 آلاف جندي.