ظل حاضرا في الذاكرة حصار المثقفين والفنانين المصريين لمقر وزارة الثقافة بالقاهرة والاعتصام بها عام 2013، لرفضهم تعيين الرئيس الراحل محمد مرسي، للوزير علاء عبدالعزيز، في مشهد غاب اليوم عن ما يجري بحق الآثار الإسلامية بالعاصمة المصرية من هدم وتجريف وتغيير هوية المدينة التاريخية.

القاهرة، مدينة الألف مئذنة، والقابعة على الشاطئ الشرقي لنهر النيل، والتي احتضنت أرضها ثاني أقدم مسجد في مصر وقارة أفريقيا عام (641م)، والقائم حتى اليوم باسم الفاتح عمرو بن العاص، تواجه أقسى هجمة ضد هويتها وآثارها بعد هجمة الحملة الفرنسية (1798-1801).



ولم يمنع تسجيل اليونسكو للقاهرة التاريخية قبل 44 عاما وتحديدا عام 1979، كأحد مواقع التراث العالمي، رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، من تنفيذ خطته ومواصلة عمليات الهدم والإزالة لمنطقة "القرافة" الشهيرة والمعروفة بمقابر "الماليك"، و"السيدة نفيسة"، و"الإمام الشافعي"، و"السيدة عائشة"، والتي وصفتها صحيفة "التايمز"، بأنها "واحدة من أروع مقابر العالم".

وتقوم حكومة السيسي، بهدم آلاف المقابر التاريخية والتي تعد من الآثار الإسلامية العريقة لتمرير طريق داخل أقدم جبانات القاهرة يربطها بالعاصمة الإدارية الجديدة (48.3 كم) شرق القاهرة، ما أثار المخاوف على تلك المناطق الأثرية وعلى هوية المدينة العريقة، لكن المثير هو غياب أي نوع من أنواع الرفض لتلك الجريمة من كبار المثقفين والفنانين المصريين.


"المثقفون البزرميط"
وعلى مدار 45 يوما استمر اعتصام المثقفين داخل وخارج وزارة الثقافة عام 2013، والذي قاده الكتاب بهاء طاهر، وصنع الله إبراهيم، وفتحية العسال، ومحمد سلماوي، ويوسف القعيد، والشاعر سيد حجاب، وعدد كبير من الفنانين والمخرجين والمثقفين، الذين مهدوا لانقلاب السيسي على الرئيس محمد مرسي.

ونشر الكاتب الصحفي سليم عزوز، صورة لإحدى المقابر التاريخية والأثرية التي جرى هدمها بينما تعلوها اثنتين من أجمل القباب الإسلامية فنا وجمالا وزخارفا، متسائلا: أين المثقفون المصريون، وقال: "في انتظار موقف على الأرض من (المثقفين البزرميط) –ترجع لكلمة pizzar الفرنسية وتعني عدم التجانس- الذين حاصروا وزارة الثقافة في زمن الإخوان".

وتساءل البعض عن غياب دور وزارة الثقافة، وقوانين حماية الآثار، من ما دعوه بـ"مهزلة هدم آثار مصر".

ورصد متابعون بينهم الكاتب الصحفي ورئيس تحرير الأهرام الأسبق عبدالناصر سلامة، عشرات المآذن التاريخية لمساجد أثرية ترجع للعصور الوسطى تزين سماء القاهرة، وجميعها في كادر صورة واحدة التقطها مصور لحي مصر القديمة، مشيرين لخطورة الموقف واحتمال أن تصل يد الهدم تلك الآثار الإسلامية الشاهدة على هوية القاهرة ومصر الإسلامية.

ومن تلك المساجد، سنقر السعدي، وألماس الحاجب، وجانم البهلوان، وجاني بك الأشرفي، ومحمود الكردي، والسلطان المؤيد شيخ، والفكهاني، السلطان الغوري، والأشرف برسباي، والشيخ مظهر، السلطان منصور القلاوون، الناصر محمد بن قلاوون، الظاهر برقوق، الحاكم بأمر الله.


هل غاب دور المثقفين في مصر؟
وفي تعليقه لـ"عربي21"، على غياب دور المثقفين في هذه القضية الخطيرة، طرح الكاتب الصحفي ومساعد رئيس تحرير صحيفة "الأهرام"، الأسبق أسامة الألفي، التساؤل السابق، وقال: "تعلم جيد أن المثقف جزء من الشعب ومثله مثل الشعب يعاني من الحصار والكبت والفقر ولا يملك أن يقول رأيا معارضا".

وراح في شرح الحالة المصرية مضيفا أن "السجون عامرة بكل من قالوا: لا، والصحف مقيدة الحرية لا يمكنها تناول موضوع صدر بأمر من فوق، ولو جرؤ رئيس تحرير على مجرد إشارة سيعزل فمن يملك حق التعيين يملك حق العزل، ولم يعد أمام الناس للتنفيس سوى وسائل التواصل الاجتماعي".

وتابع: "لا تنتظر ممن هدم بلدا وظلم شعبا أن يعنيه التاريخ أو يخيفه نبض قبور الصالحين والخالدين، فيما لا يجرؤ أن يقرب من مقابر اليهود أو يمس ضريح مولاهم (أبي حصيرة)، والأهم عنده من التراث وحق الأموات أموال يحصلها ببيع الأرض لمستثمر إماراتي".

وفي مقابل هدم الآثار الإسلامية في القاهرة، تقوم الحكومة المصرية بعمليات ترميم متواصلة للآثار اليهودية في القاهرة والإسكندرية، والتي كان آخرها افتتاح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في 31 آب/ أغسطس الماضي، معبد "بن عزرا"، أحد أقدم المعابد اليهودية بعد ترميمه.

"تهديد اليونسكو"

ومن المقرر أن تعقد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، اجتماعها الدوري للجنة التراث العالمي في العاصمة السعودية الرياض 10 أيلول/ سبتمبر الجاري، وهو ما أثار مخاوف مراقبين من أن حذف القاهرة من تصنيف المدن الأثرية، بعد حملات الهدم الواسعة للمقابر.

وفي عامي 2020، طالب مركز التراث العالمي التابع لليونسكو القاهرة في تموز/ يوليو 2020 تأكيد المعلومات المثارة حول هدم المقابر الأثرية، لكن المركز وفي العام 2021، أكد أنه "لم يتم إرسال أي معلومات"، فيما هددت اليونسكو بشطب تلك المنطقة من قائمة التراث العالمي، وبنقلها لقائمة التراث المعرّض للخطر.

وهو الأمر الذي يثير المخاوف، ويستدعي تدخل المثقفين المصريين، لمناشدة النظام وقف تلك الاعتداءات المتكررة على المباني الأثرية والتراثية.



"سيطرة العسكر"
غياب دور المثقفين عن ملف هدم التراث، رغم حضورهم السابق القوي في اعتصام وزارة الثقافة عام 2013، فسره الكاتب الصحفي المصري جمال سلطان، بقوله لـ"عربي21": "سابقا كان هناك توازن قوى، أما الآن فقد سيطر العسكر سيطرة كاملة تخيف الجميع".

من جانبه، قال الكاتب والأديب المصري مسعود حامد: "من أهم نتائج الربيع العربي نسف حسبة المثقف على الأفكار المستنيرة وتمجيده لقيم الهوية والحرية".

وأضاف: "كنا ضحايا (تنظيرات كرامشي)، ومفهوم المثقف العضوي المندمج مع هموم شعبه وجودا وعدما"، مشيرا إلى تنظيرات الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي (1891 - 1937) حول مفهوم "المثقف العضوي".

حامد، تابع حديثه مؤكدا أنه "من البداية كشف الربيع العربي وهم المبالغة في دور المثقف الحامي لتراثه ومستقبله، وهو برر للاستبداد مصطفا ضد شعبه وذاته مرتزقا من أكثر الأنظمة فاشية، وهو النظام اللامدني العسكري".

وقال إنهم: "مثقفين على مقهى وثررةٌ، وكوب شايّ ونرجيل ودخان، الربيع العربي أسقطهم فلم يستطيعوا حماية قبور رموزهم مثل قبر طه حسين، من الهدم، ولا عما كسبه أجدادهم من مكتبات بيعت وخربت".

وتساءل: "فكيف يدافعون عن آثار في معظمها أثار إسلامية، أو عن حريات عامة وحقوق إنسان وقيم أخرى تخلوا عنها، إنها الرجعية المحضة بالمعنى الماركسي التقليدي".

وأشار إلى أن "الربيع العربي كشفهم، ولكنه لم ينتج لنفسه مثقفين حقيقيين يذودون عن قيمه فاستبدل الجدار بالجدار، ويكاد يكون لهذا الربيع صورتان منفصلتان في البحث عن توحيدهما لابد من مخاض جديد، ووجوه أخرى لا إلى هؤلاء ولا هؤلاء، وثورة فقدت عكازها ومضت، كأنها لم تكن يوما ولا كانوا".

"تطوير أم هدم"
وتروج الحكومة، لما تسميه مشروع تطوير منطقة ميدان السيدة عائشة، ومحيط القلعة، ومسجد السيدة نفيسة، ومحيط مقابر الإمام الشافعي، وربطها بهضبة المقطم، ومحور الحضارات وكورنيش النيل، ونقل عدد من المقابر الواقعة بهذا المسار.

ومنذ العام 2020، وتحديدا في تموز/ يوليو، ولتوسيع الطرق المؤدية للعاصمة الإدارية الجديدة، بدأت لوادر وجرافات الحكومة المصرية في هدم القرافة الكبرى التاريخية شمال العاصمة ما يعرف بـ"قرافة المماليك".

والتي كانت تحتوي على أجمل وأروع ما تركه حكام مصر من عمارة وطرز بناء في تلك الحقبة من العصور الوسطى، ومنها قبر الإمام وَرش، صاحب رواية ورش عن نافع لقراءة القرآن الذي تمت إزالته، في حملة طالت بعض مقابر العائلات الأرستقراطية بالنصف الأول من القرن الـ20.

مثل مقابر عبود باشا، والأميرة نازلي حليم، وأستاذ الجيل أحمد لطفي السيد، والمؤلف إحسان عبد القدوس، والكاتب محمد التابعي.

لم تكتف الحكومة بما أحدثته من دمار بـ"قرافة المماليك"، أو القرافة الكبرى لتنتقل أعمال الهدم والجرافات وسيارات النقل العملاقة في آب/ أغسطس الماضي، للقرافة الصغرى أو قرافة "الإمام الشافعي"، وعددها 2760 مقبرة، تحتوي على رفات شخصيات إسلامية وتاريخية.

"تبرير حكومي"

وتبرر الحكومة عمليات الهدم بأن هذه المقابر لم تكن مسجلة كمعالم إسلامية، لكن وإزاء الضغوط التي تمارسها وسائل التواصل الاجتماعي، ولكي يتخذ الأمر صبغة علمية شكل السيسي لجنة من علماء التاريخ والآثار والهندسة لبحث بدائل نقل مقبرتي السيدة نفيسة والإمام الشافعي.

وكان لافتا إعلان رئيس اللجنة الدائمة لحصر المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز في شرق القاهرة أيمن ونس، استقالته مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري، من رئاسة اللجنة معلنا رفضه لعمليات هدم مقابر القاهرة التاريخية.

وقال إن "ما يحدث الآن ليس إهدار لمباني المقابر التاريخية التراثية فحسب؛ لكنه إهدار لنسيج عمراني تاريخي ذي قيمة متفردة على مستوى العالم، ويمثل جزءا مهما من التراث العالمي، وإهدار لتراث مصر التاريخية ذات القيمة التي لا يمكن تعويضها".

إلا أن الرجل وبعد ساعات من نشر استقالته عبر "فيسبوك"، قام بحذف منشوره، وكتب مشيدا بدور الدولة في التطوير، في تغير فسره مراقبون بأن ونس، تعرض لضغوط أمنية دفعته للتراجع عن استقالته.

"غضب الأثريين"
وفي الوقت الذي غاب فيه دور كبار المثقفين المصريين إلا أن بعض الأثريين أعلن عن غضبه ورفضه لما يجري بحق الآثار الإسلامية، فيما أصدرت جمعية المعماريين المصريين بيانها مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري، مطالبة بإنقاذ مقابر القاهرة التاريخية من ما دعته بـ"أعمال الهدم التخريبية".

وقال البيان، إن المقابر التاريخية تتعرض لـ"تدمير شامل لم تشهده خلال 14 قرنا، ولا خلال أي من فترات الاحتلال الأجنبي".

الأثري المصري العامل بالمجلس الأعلى للآثار ثروت حجازي، تحدث عن بكاء المتخصصين في الآثار بكل الحقبات التاريخية "الحزين الراقي المتمدن على احتراق كنيسة نوتردام بباريس، حتى جفت دموعهم".

وأضاف عبر "فيسبوك": "ولم يبق في عيونهم دمع ولا في قدرتهم قول ولو كلمة حزينة على هدم آثار مصر الإسلامية، إلا أقل القليل الذين استخدموا الإشارات الملغزة فلا تعرف إن كانوا يقصدون ما يحدث الآن أم عن ماذا يتكلمون".

وقام مجموعة من شباب الرسامين بتوثيق آثار ومعالم القاهرة التاريخية قبل إزالتها، حيث قاموا ضمن جولة بعنوان "طالع إزالة"، لرسم وتوثيق المقابر التاريخية التي صدر بحقها قرارات للإزالة قبل تنفيذها في مقابر الإمام الشافعي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصريين الآثار القاهرة السيسي مقابر مصر السيسي مقابر آثار القاهرة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقابر التاریخیة الآثار الإسلامیة التراث العالمی الإمام الشافعی وزارة الثقافة الربیع العربی الکاتب الصحفی

إقرأ أيضاً:

بعض المواقف التاريخية لبعض قادة السادة العركيين(3/1)

بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم :رائد مهندس محمد احمد ادريس جبارة
ganaboo@gmail.com
ارسل لى بعض الاصدقاء فديو لسكان قرية المجيقة معها التعليق التالى: (بينما يعيش الوطن حالة حرب ضروس وجودية يعيش البعض الاخر فى عالم اخر موازى ...فى الفديو التالى ناس المجيقة (منطقة بين القرشى والدويم ) خارجين للقنيص الارنب بقيادة الزعيم يوسف دفع الله حمدالنيل...فى الاول حسبتهم مبتهجين بانتصار الوطن وجيشه لكن تبين انهم عايشين فى عالم تانى !!!) (1)
دفعنا ذلك لتامل بعض مواقف قيادة السادة العركين فى وسط السودان وهى مواقف تميل الى السلام ورفض الحرب نعرض لبعضها ونحاول تحليلها .

موقفهم من ثورة الشكرية(1) ..
فى كتب التاريخ جاء تعريفها هكذا فى العقد الاخير من القرن الثامن عشر اى نحو 1778 م فى ذات زمن الثورة الفرنسية .
اورد هليلسون فى السودان فى مدونات 1921 صفحة 45 وما بعدها
(The Hamaj gathered their forces at Abu Haraz; they
were divided into three companies under three chiefs,
whose names were Khamis wad Abu Reda, "Ardeb and
Krenka. They waited at Abu Haraz until they heard from
their Rikabi allies that the Shukriya were encamped in
the wadi of al-Jarad, then they marched forth.
Now Hassan, the son of Abu 'Ali, had a wife who was
famous in those days on account of her beauty; her
name was 'Inébat al Moz and she was a daughter of Abu
'Ali's brother Gilbos. The Hamaj chiefs were so sure of victory, that they began to quarrel amongst themselves as to who should marry
Ineba, but at last the others resigned their claims in
favour of Krenka who summoned the fugara of the
'Arakiyin at Abu Haraz and demanded of them that they
should marry 'Ineba to him, and when they refused he
swore by the head of the king, that he would kill them
unless they complied ; so they performed the marriage
rites, although Ineba was with her lawful husband, and
Krenka swore that he would kill Hassan and take her by
force.The Hamaj marched in haste towards Mandara hoping)
وترجمة ذلك (تجمع وحشد الهمج قواتهم في أبو حراز. تم تقسيمهم إلى ثلاث جيوش تحت ثلاثة قادة رؤساء ، وكانت أسماؤهم خميس ود أبو ريدة وأردب وكرينكا. لقد انتظروا في أبو حراز حتى سمعوا من حلفائهم الركابيين أن الشكرية قد نزلوا في وادي اجزراد ، ثم ساروا ...اليهم. .
حسان نجل أبو علي ، كان له زوجة اشتهرت في تلك الأيام بحسنها و جمالها ؛ كان اسمها
عنيبة الموز وكانت ابنة شقيق أبو علي قلبوس. كان زعماء الهمج واثقين و متأكدين من
النصر ، حتى أ م بدأوا في الاختلاف و الشجار فيما بينهم حول من يجب أن يتزوج من
عنيبة الموز، لكن في النهاية تنازل الآخرون من مطالباتهم لصالح كرينكا الذي استدعى
فقير (فقيه) من العركيين في أبو حراز وطالبهم بما يلي: يجب أن يتم تزويجه من عنيبة ،
وعندما رفضوا أقسم برأس الملك ، إنه سيقتلهم ما لم يمتثلوا ؛ فقاموا بأداء طقوس
الزواج والعقد، رغم أن عنيبة كانت مع زوجها الشرعي ، وأقسم كرينكا أنه سيقتل
حسان ويأخذها بالقوة...وسارالهمج على عجل نحو المندرة..) . وبقية القصة يمكن مطلعتها فى كتابنا (أيام الشكرية فى الدولة السنارية) أو(مائة عام على منشورات هيليلسون عن الشكرية … ماهى اهم الاستدراكات عليه؟ (الحلقة السادسة وما بعدها)
فقد كانت اب حراز هى ارض تجمع وحشد وتعبئة الجيش وموقف فقهاء العركين كان قوى بالرفض اولا فهم قبيلة علم وتعليم وفقه.
الموقف الثانى كان هو محاولة الشيخ يوسف ابو شرا الاصلاح بين الشكرية والهمج فى موقعة المندرة حيث كان هو أحد الوسطاء الضامنين للصلح وان اهمل هليلسون ذكر ذلك فقد تجنبت منشورات هيليلسون ذكر الشيخ يوسف أبوشرا كضامن للصلح بين أب
علي وبادي ود رجب وهو ما تذكره روايات المهيدات .كما انه تذكر اعتراض
حفيد أبعلي أب سن على ذلك حتى تم طرده من مجلس الشورى المنعقد لبحث
سفر الوفد. فرواية المهيدات التى سمعتها من الشيخ بابكر الضو شولة تقول :( اعترض اب سن على ان الشيخ يوسف ليست لديه جنود وعساكر تمنعهم من غدر بادى ود رجب فيجب الا يذهب الوفد الا بضمانات قوية ...فتم طرده من مجلس الشورى ...حينما احاط عساكر بادى ود رجب بالوفد وغدروا بهم قال ودكسيبه النوايمى (تكل الجدرى ):( كلام اب سن صاح!!) هليلسون اشارة اشارة خفية لذلك: (
The Shukriya were deceived by these fair words, for the wazir well understood the mind of the Arabs and knew how attached they were to their homes. So, acting in the king's name, he agreed to all their demands concerning the districts where they were to dwell and graze their herds, and they were eager to meet the king in order to complete the agreement.
So they left the tribe at Shambat cl-Ku' which is by Hillaliya and Branko near Wad el-Fadi,) and accompanied the wazir to Sennar, where the king met them with pomp and ceremony and treated them as honoured guests. And during the days of entertainment the king sent them to visit all the notables of Sennar and the king's daughters in their houses. The wazir went with them and everywhere they were entertained most honourably. At last they came to the daughters of Ibrahim, and when these saw them and knew who they were, they rejoiced in their hearts, and wished long life to the king, because they knew that the hour of vengeance for their brothers had come. As they left the house the wazir remained behind so as to be the last to leave; but 'Ali wad al-Nur wad Gaddor tarried with him, for as he was the youngest of the party, it seemed right to him that he should be the last to enter and to leave. He therefore pretended to adjust his sandals, and he overheard the wazir's words to the daughters of Ibra him: the king bids you know that these are the men who slew your brothers, now you have seen them in order that you may know whe ther their number is sufficient to answer for your brothers' blood. And the women replied: long live the king.
When 'Ali wad al-Nur was alone with his uncles and cousins, he told them what he had heard, but they would not believe that such a thing was possible and bade him be sillent. Yet secretly he determined on Alight. The king now consulted with his advisers, and they decided to kill the shaikhs at Abu Haraz and not at Sannar; for the plan was at the same time to fall upon the tribe and slay them all, but if the shaikhs were killed at Sennar the Shukriya would hear of it in time to escape into safety, but at Abu Haraz they would be near enongh to fall into the same destruction.
When they were all at Abu Haraz, the great men of the Shukriya came in from Branko to see how their shaikhs were honoured and feasted by the king. For the king bestowed upon them red robes of honour saying that thereafter he would bestow upon them such honour as had never been done before. 'Ali wad al-Nur spoke to his uncles saying: the red robes mcan death and the honour which we have never yet tasted is death likewise ; but they replied that his were idle fears and that the king was indeed anxious to gain the goodwill of the Shukriya.
(1) On the east bank of the Blue Nile in Rufa'a markas.
لقد خدعت الشكرية هذه الكلمات البراقة ، لأن الوزير فهم جيدًا ذهن العرب وعرف مدى ارتباطهم بمنازلهم. لذلك ، بالنيابة عن الملك ، وافق على جميع مطالبهم فيما يتعلق بالمناطق التي كانوا يسكنون وينزلون فيها ويرعون قطعانهم ، وكانوا متحمسين للقاء الملك من أجل استكمال الاتفاق.
فغادروا القبيلة في شمبات الكو التي تقع بالقرب من الهلالية وبرانكو بالقرب من ود الفضل(10) ، ورافقوا الوزير إلى سنار ، حيث قابلهم الملك بمهرجان وحفل وعاملهم كضيوف شرف. وأثناء أيام الضيافة أرسلهم الملك لزيارة جميع مشاهير سنار وبنات الملك في منازلهم. ذهب وزير معهم وفي كل مكان كانوا محل ترحيب وحسن ضيافة .في النهاية جاءوا إلى بنات إبراهيم ، وعندما رآهم وعرفوا من هم ، فرحوا في قلوبهم ، وتمنوا حياة طويلة للملك ، لأنهم عرفوا أن ساعة الانتقام لإخوانهم قد أتت. عند مغادرتهم للمنزل ، بقي الوزير خلفه ليصبح آخر من يغادر ؛ لكن علي ود النور ود قدور توارى معه ، لأنه كان أصغر أعضاء الوفد ، بدا له أنه ينبغي أن يكون آخر من يدخل ويغادر. لذلك تظاهر بضبط صندله ، واستمع إلى كلمات الوزير لبنات إبراهيم ، :(فالملك يريد أن تعرفوا أن هؤلاء هم الرجال الذين قتلوا إخوتكم ، وقد رأيتمهم الآن ، حتى تعرفوهم. العدد يكفي للإجابة عن دم إخوانك.) فأجابت النساء: عاش الملك.
عندما كان علي ود النور بمفرده مع أعمامه وأبناء عمه ، أخبرهم بما سمع ، لكنهم لم يصدقوا أن مثل هذا الشيء ممكنًا وطالبوه أن يكون صامتًا. ومع ذلك ، فقد قرر العزم على الهرب . استشار الملك بعض مستشاريه ، وقرروا قتل الشيوخ في أبو حراز وليس في سنار ؛ لأن الخطة كانت في الوقت نفسه الهجوم على القبيلة وقتلهم جميعًا ، لكن إذا قُتل الشيوخ في سنار ، فستسمع الشكرية عن ذلك في الوقت المناسب للهروب إلى بر الأمان ، لكن في أبو حراز سيكونون على وشك الوقوع في نفس الشرك .
عندما كانوا جميعًا في أبو حراز ، جاء رجال وفرسان الشكرية العظماء (وجهاء القبيلة والقادة الميدانيين )من برانكو ليروا كيف تم تكريم شيوخهم واحتفل بهم الملك.ظاهريا وبدا لهم ذلك لأن الملك منحهم أردية الشرف الحمراء قائلًا إنه بذلك يضفي عليهم هذا الشرف كما لم يحدث من قبل. تحدث علي ود النور إلى عمامه قائلاً: "إن الجلباب الأحمر يعنى الموت والشرف الذي لم نتذوقه أبدًا هو الموت بالمثل ؛ لكنهم أجابوا أن مخاوفه كانت زائفة وأن الملك كان حريصًا حقًا على كسب حسن النية مع الشكرية....يختلف رواة التاريخ من الشكرية في عدد من كان مع ابعلى في ابحراز لحظة الغدر به ... تقول رواية المهيدات التي سمعتها من الشيخ بابكر الضو شولة ومولانا اب عشة والسيد بابكر محمد امام ود الخمرى انه كان مع اب على وابنائه في اب احراز ساعة اعدامهم نحو ستين من فرسان الشكرية وكان من بينهم ودكسيبة النوايمي والتاريخ وقائع لا يجرى عليها المنطق وهناك من يقول بنحو ستة عشر او اربعة عشر ).
الشاهد ان مسعى الشيخ يوسف ابو شرا الطيب انتهى للماساة لغدر بادى ود رجب ...الا مساعى الشيخ يوسف أثمر صلحا وسلاما مستداما فى عام 1791 بتوقيع زعيم الشكرية عوض الكريم ابوسن وثيقة مع السلطان بادى ود كين . بعدها تزوج الشيخ عوض الكريم أبوسن ابنة الشيخ يوسف التاية وانجب احمد احد ابرز زعماء الشكرية .
عوض الكريم أبوسن بن علي بن عوض الكريم أبعلي ووثيقة تمليك البطانة:
وثيقة تنازل الملك بادي للشيخ عوض الكريم أبوسن عن البطانة بحدودها
المعروفة من شمال شرق الخرطوم إلى جبال عين اللويقة )الخياري حالياً على
طريق مدني - القضارف( ومن شاطيء النيل الأزرق إلى شاطيء نهر عطبرة،
وهي محفوظة بدار الوثائق بالخرطوم حاليا. ونجدها في كتاب (تاريخ الشكرية)للبروف أحمد أبراهيم أبوسن ، في 74و.75
نص الوثيقة: ( حجة سلطانية ووثيقة ملوكية بمدينة سنار المحروسة المحمية أجلها الله تعالى لدامتوليها سلطان المسلمين وخليفة رب العالمين القائم بأمور الدنيا والدين المنتصب
لمصالح المسلمين وناشر شريعة سيد المرسلين وناشر لواء العدل والفضل على
كافة العالمين من أصلح الله به العباد وأنار به البلاد وقامع أهل الكفر والمكر
والعناد وأهل الظلم والفساد ورحمت الله سبحانه وتعالى على متولي البلاد الواثق
بالملك الهادي السلطان بن السلطان المظفر المعان السلطان بادي بن المرحوم
دكين بن السلطان بادي نصره الله الرحمن الرحيم بجاه القرآن العظيم والنبي
الكريم آمين آمين يا رب العالمين إلى حضرة
كل من تقع عليه هذه الوثيقة والناظر لما فيها من الحقيقة وبعد فان السلطان
المحفوظ المبرور المؤيد المنصور السلطان بادي أعطى وأمضا إمضاء تاماً
للشيخ عوض الكريم أبي سن علي بن أبي علي بن محمد الأديغم شيخ قبيلة الشكرية
أطيان مطرية وبحرية بشرق بحر العاديك وشرق الرهد وهي أرض واسعة
حدودها من الصعيد عين اللويقة ومن الصباح بحر أتبرة لغاية الشريف حسب الله
ومن السافل أطيان الشيخ الصالح على أبودليق والشيخ الصالح حسن ولد حسونة
ومن الغرب الساحل الشرقي من بحر العاديك وبحر الرهد ليعمر فيها قبيلته
الشكرية وغيرهم ممن يختاره وينتفع بأخذ خراجها منهم ويخرج من داخل تلك
الحدود طين العبدلاب فقط عطاء ناجزاً له ولذريته إلى ما شاء الله لا ينازعهم فيها
منازع ولا يعارضهم فيها معارض ومن يتعرض له بعد وثيقتي هذه فقد عرض
نفسه للهلاك والحذر ثم الحذر من المخالفة والمخالف لا يلوم إلا نفسه حضر ذلك
وشهد به الوزير الشيخ ناصر بن الشيخ محمد أبولكيلك والأمين - هارون ولد يونس
والجندي علي ولد شوال جندي السوق والشيخ صباب ولد عبدالرازق - شيخ
حوش خال الملك والشيخ بادي ولد مسمار شيخ قري والشيخ عمر جور ولد حمد
الزبير شيخ التاكة والشيخ عجيب ولد هاكيت شيخ أتبرة والشيخ إبراهيم ولد
عبدالعاطي شيخ بيلة والشيخ صباحي ولد عدلان شيخ البحر والشيخ علي ود النور
شيخ كردفال والشيخ قاسم ولد إدريس ولد نايل مقدم السواكرة والسلطان عبدالله
ولد السلطان بادي سلطان فور المسبعات والملك أحمد عدلان ملك برساج شيخ
السجادة والشيخ مدني ولد شنبول شيخ أربجي والشيخ علي ولد محمود شيخ
القواربة والمؤذن عثمان ولد بلي والقاضي الشريف عمر والخطيب نوار ولد
عمار ومسطر الحروف فقير الله حضرة إبراهيم يعقوب حميرا وكفى باͿ شهيدا -
تحرر ذلك ظهر الاثنين لاثني عشرة ليلة خلت من شهر الله ربيع الأول من شهور
سنة 1206ستة بعد المائتين والالف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل
الصلاة وأزكى السلام). فلولا جهود الشيخ يوسف ابوشرا رحمه الله لما كانت هذه الوثيقة .
قيادة العركين قيادة فاهمة دورها جيدا فهم معلمون فى المقام الاول ...اعتقد الامر يحتاج ان يفهمه الاخرون ...وقد كان عوض الكريم ابوسن اكثر ذكاءا فى فهم هذا الدور وتوظيفه ... افضل من المهدية والانقاذ...وهو ما سنعرض له فى الحلقات القادمة
نواصل...
المراجع:-
(1) https://youtube.com/shorts/NoR6kRnCjZg?si=NHcWZSDxmzVf4WNm

   

مقالات مشابهة

  • مجلس البصرة يجتمع مع قادة حراك ناحية الثغر لتلبية مطالبهم
  • بعض المواقف التاريخية لبعض قادة السادة العركيين(3/1)
  • تسليم بقع و مبلغ مالي لمستفدين بعد هدم منازلهم العشوائية بدوار “تافو” بمراكش
  • العدو الصهيوني يحتجز جثامين 665 شهيداً فلسطينياً
  • الإعلام الحكومي في غزة: أكثر من 612 شهيدًا فلسطينيًا محتجزين لدى الاحتلال
  • ماهي مقابر الأرقام في الأراضي الفلسطينية المحتلة ..! 
  • الثوابتة: أكثر من 612 شهيدًا فلسطينيًا محتجزين لدى الاحتلال
  • حسن خربوش: المغرب يشهد حراكًا رياضيًا واسعًا استعدادًا لكأس أمم إفريقيا
  • الدونية التاريخية
  • مصطفى وزيري: لم تحدث لعنة فراعنة .. ومزيد من المقابر المجهولة