ركنان اثنان لجريمتي “القذف والسب”؛ إليك تفاصيلهما
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
لقد كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان وأعلى من شأنه وضمن له في الشرع الحنيف ما يحفظ له كرامته وأن تكون مُصانة بعيدًا عن أي أذى.
وجاء المشرع العماني أيضا محافطا وصائنا لتلك الكرامة الشخصية، ومواكبا للتشريعات المرنة التي تتغير بتغير الأحداث في البلاد؛ فحدد قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/74 جريمة تُسمى “إهانة الكرامة “، وفي قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/2018 تطورت هذه الجريمة إلى مسمى “السب والقذف”.
ونـص قانون الجزاء المعدل على جريمة القذف في المادة ٣٢٦، وجريمة السـب في المادة ٣٢٧، ونصت المادة ٣٢٨ على القذف أو السب الذي يقع في مواجهة المجني عليه من غير علانية، وحتى نوضح تلك الجريمة يجب ذكر كل مادة قانونية بالتفصيل من تلك الجريمتين المنصوص عليهما في المادتين ٣٢٦ و ۳۲۷ من قانون الجزاء:
حيث نصت المادة ٣٢٦ على:
يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر، ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن (500) خمسمائة ريال عماني، ولا تزيد على (1000) ألف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قذف غيره بأن أسند إليه بإحدى طرق العلانية واقعة من شأنها أن تجعله محلا للازدراء.
ونصت المادة ٣٢٧ على:
يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (10) عشرة أيام ولا تزيد على (6) ستة أشهر، وبغرامة لا تقل (۲۰۰) مائتي ريال عماني ولا تزيد على (500) خمسمائة ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سب غيره علنا بأن وجه إليه الفاظا تمس شرفه أو كرامته..
وتقوم هذه الجريمة التي نحن بصددها بركنين أساسيين هما:
أولًا: الركن المادي :
يقوم الركن المادي في هاتين الجريمتين بفعل القذف أو السب، والقذف يعني (إسناد واقعة محددة تستوجب عقاب من تنسب إليه أو احتقاره إسنادا علنيا عمدا). وبذلك يقوم القذف على فعل الإسناد الذي ينصب على واقعة محددة تـؤدي إلى عقاب المجني عليه أو احتقـاره. وقد وضح المشرع العماني الفرق بين قيام تلك الجريمة بطرية علنية أو بالطريقة غير العلنية، والأصل في القذف أن يكون بشكل علني، وهذا ما نصت عليه المادة ٣٢٦ جزاء: “… بإحدى طرق العلانية…”
فقد ذكر المشرع في قانون الجزاء العماني على ذلك في المادة ٣٢٨: “.. إذا وقع القذف أو السب في مواجهة المجني عليه من غير علاني”
أما السـب فيعني “خدش شرف شـخص واعتباره عمدا دون أن يتضمن إسناد واقعة معينة إليه”. على أن الركن المادي لجريمة القذف والسب هو الإسناد، وهو نسـبة واقعة معينة أو واقعة غير معينة إلى شخص، فهو يتم بوسائل التعبير المختلفة، قولية أو كتابية أو إشارة، ولا أساليب التعبير سواء كانت نسبة الواقعة إلى المجني على سبيل اليقين أو الشك، صريحة كانت أو ضمنية، وسواء كانت معلومات شخصية أو منقولة عن الغير بل إن بعض القوانين اشترطت أن يقع الفعل بشكل علني، فإذا كانت مكانة الشخص واعتباره تتعلق بالشعور بالكرامة وبما يستحقه من معاملة الغير بما يتفق وهذا الشعور، فإن هذه المكانة الاجتماعية تحدد وفقا للقيم السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه.
وقُضِي بأن القانون لا يوجب العقاب على القذف والسـب بأن يقع في حضرة المجني عليه بل إن اشتراط العلانية في جريمة السـب العلني فيه ما يدل بوضوح على أن العلة التي شرع العقاب من أجلها لم تكن مواجهة شخص المجني عليه بما يؤلمه ويتأذى منه من عبارات السب وإنما هي ما يضار به المجني عليه من جراء سـماع الحاضرين من الناس ما يهينه ويشينه في شـرفه وكرامته واعتباره، على أن قانون الجزاء العماني عاقب على هذا الفعل وإن وقع في مواجهة المجني عليه من غير علانية.
ومثال إسناد واقعة معينة، قول الجاني بأن فلانا يقرض بالربا، وقوله أنت سرقت مال فلان أو أنت ارتكبت فعلا شـائنا مع فلان، أما إسناد واقعة غير معينة، كقول الجاني بأن فلانا لا يُؤتمن، وعلى ذلك فإن الإسناد الذي يتمثل بإلصاق عيب أخلاقي بالمجني عليه بأي طريقة من طرق التعبير ويؤدي إلى احتقار الناس له والنيل من مكانته الاجتماعية يعد كافيا لتوافر الركن المادي لهذه الجريمة.
– ولا يشترط أن يكون من شأن الإسناد احتقار المجني عليه من قبل جميع الناس، وإنما يكفي أن يكون من شـأن الإسناد تحقير المسند إليه من قبل أفراد المجتمع الذين يختلط بهم ويتعامل معهم” وتقوم الجريمة بطرق متعددة، كالقول والكتابة والرسـم والإشارة، ولا يهـم ما إذا كان الإسناد من إنشاء الجاني أي وفقا لمعلوماته الشخصية، أو أن يكون منقولًا عن الغير، أو يردده على إنه مجرد إشاعة، ويستوي أن يكون الإسناد بصيغة توكيدية أو تشكيكية طالما كان من شأنها أن تلقي في أذهان الأفراد عقيدة ولو مؤقتة أو ظنية أو احتمالية.
ثانيًا: الركن المعنوي
تُعد جريمة القذف والسـب مـن الجرائم العمدية، فلا بد أن يتوافر القصد، والقصد يتوافر عندما يوجه الجاني إرادته لعبارات القذف والسـب وبشكل علني مع العلم بـأن هذه العبـارات تؤدي إلى المساس بكرامة المجني عليه ومكانته الاجتماعية واحتقاره، ويشترط قصد الجاني إذاعة وذكر العبارات بين الناس، فإذا ثبت أنه لـم يقصد الإذاعة إلا أنها حصلت عرضا أثناء محادثة خاصة فلا تجوز مسـاءلته. ولا يتوافر القصـد إذا كان الفاعل مكرها على ذكر تلك العبـارات أو إذا ثبت أنه كان في حالة انفعال أو ثورة نفسية في وقت توجيه هذه العبارات.
وكذلك يفترض علم الفاعل بدلالة الألفاظ التي يسندها إلى المجني عليه. غير أن هذا الافتراض يمكن إثبات عكسـه، فإذا أثبت أنه كان يجهل دلالات العبارات التي ذكرها، أو أن العبارات التي استعملها لها دلالات مختلفة في بيئته عن البيئة التي ذكرت فيها.
ويقع على الادعاء العام عبء إثبات علم الفاعل بأن الأقوال التي يتفوه بها تتضمن معنى القذف والسـب، وتوافر الإرادة أو نية إسناد هذه العبارات إلى المجني عليه وإعلانها بين الناس، ويكفي في بيان القصد أن تذكر المحكمة الأفعال التي صدرت من المتهم وهي غير ملزمة بأن تتحدث عن القصد صراحة، ويقع على المتهم إقامة الدليل على انتفاء القصد. وإذا توافر القصد فلا عبرة بالباعث الذي دفع الجاني لارتكاب الجريمة،لأن الباعث لا أثر له على القصد.
وقد اشترط قانون الجزاء بعض الصور فيما يخص العلانية في هذه الجريمة في المادتين ٣٢٦ و ٣٢٧ بأن يقع القذف والسب بشكل علني، والمادة 9 حددت الوسائل التي تتم بها العلانية. ويقصد بالعلانية انتشار وإذاعة الخبر بين مجموعة غير معينة من الناس الذين لا تربطهم بالجاني صلة مباشرة تفرض عليهم الاحتفاظ بما يقال أو يدور بينهم.
– وفيما يأتي نبين صور العلانية التي نصت عليها المادة 9
الصورة الأولى: القول أو الصياح إذا حصـل الجهر به، أو تم نقله بأي وسيلة في جمع أو مكان عام أو مكان متاح للجمهور، مثل الجهر بالقول أو الصياح فـي محل خاص وكان بإمكان الموجود في محل عام سـماعه فهنا تتحقق العلانيـة، والصياح يعنـي النطق بصوت مرتفع بحيث يسـمعه مـن وجه إليه ويسمعه غيره معه، فإذا سـمعه من وجـه إليه فقط فلا تتحقـق العلانية.
– سـاوى القانون بين الجهر بالكلام أو الصياح ونقـل هذا الكلام بالوسائل الآلية. كما لو نقل بالميكروفون أو جهاز التسجيل أو شريط سينمائي ناطق، أو نقلت بأي جهاز حديث، ولم يشترط قانون الجزاء العماني وقوع الكلام أو الصياح في محل عام، فسواء حدث في محل عام أو في محل خاص إذا كان بإمكان من هو في مكان عام أن يسـمع به تقـوم الجريمة؛ فالعبرة في تحديد العلانية ليست طبيعة المكان الذي صدر فيه الكلام أو الصياح وإنما بطبيعة المكان الذي تحققت فيه آثاره وهي سماع الكلام أو الصياح.
الصورة الثانية: الأفعال أو الإشـارات أو الحركات إذا وقعت في أي من الأمكنـة المنصوص عليها في البنـد (أ) من هذه المـادة أو نقلت إليه بأي وسيلة أو شوهدت ممن لا دخل له فيها، ويشترط في هذه الحالة حصول الأفعال أو الإشـارات أو الحركات في مكان عام.
الصـورة الثالثة: الكتابة أو الرسـوم أو الصور أو الرمـوز أو المواد المسموعة أو المرئية أو المقروءة أو غيرها من طرق التعبير إذا عرضت أو كان يستطيع رؤيتها أو سماعها أو قراءتها من كان في مكان مما نص عليه في البند (أ) هذه المادة، أو وزعت بغير تمييـز أو بيعت أو عرضت للبيع، وتتحقق العلانيـة في هذه الحالـة بطريق الكتابة والرسـوم والصور المختلفة فقد يقوم الجاني بتوزيع ذلك على شخص أو مجموعة من الأشخاص، وقد يتم بعرض تلك الأمور بشكل يراها من هو في الطريق العام أو في مكان مباح للجمهور، وقد تتم بالبيع أو العرض للبيع، ومن الممكن أن تعرض هذه الصور والأفلام.. إلخ في محل خاص إذا كان بإمكان الموجود في مكان عـام رؤيتها أو سماعها أو قراءتها. ولم يشترط قانون الجـزاء لتوافر العلانية رؤية هذه الرسـوم أو الكتابة أو الصور.. الـخ، وإنما يكفي أن تكون هناك إمكانية هذه الرؤية.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: المجنی علیه من قانون الجزاء ولا تزید على هذه الجریمة ریال عمانی بشکل علنی إذا کان فی مکان أن یکون لا تقل فی محل
إقرأ أيضاً:
شاهد| سقوط صواريخ حزب الله على يافا المحتلة “تل أبيب”
???? مشاهد من سقوط الصواريخ على يافا المحتلة "تل أبيب" pic.twitter.com/40ijT5MXFX
— قناة المسيرة (@TvAlmasirah) November 18, 2024