حظر بعض خدمات الاتصال عبر الإنترنت يثير تساؤلات حول "الحريات الرقمية"
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
الرؤية- سارة العبرية
مع التسارع غير المسبوق في التقنيات الرقمية وتأثيراتها على مختلف مناحي الحياة، يعتمد الملايين من مستخدمي التكنولوجيا على برامج وتطبيقات الاتصال عبر الإنترنت، في تعزيز التواصل مع أصدقائهم وعائلاتهم، علاوة على الاستفادة منها في بعض مجالات التعليم عن بُعد.
وفي السنوات الأخيرة، زاد الاهتمام بقضية حظر خدمات برامج التواصل الاجتماعي، وهي الخطوة التي تتخذها بعض الحكومات لقمع الحريات الشخصية والتحكم في تدفق المعلومات على الإنترنت، يتضمن هذا الحظر قدرات الوصول إلى منصات بعينها؛ مثل" فيسبوك، وواتساب، ومنصة "إكس" (تويتر سابقًا)، وإنستجرام، وإيمو، وغيرها من برامج التواصل الاجتماعي.
وأكد عبدالعزيز بن مبارك الهاشمي متخصص في الأنظمة المعلوماتية أن هذا الإجراء لم يعد مُستساغًا في ظل ثورة التقنيات التي يعتمد عليها المستخدمون لفك الحظر، وفي المقدمة عشرات وربما مئات التطبيقات برامج "VPN" وهي تقنية تساعد المستخدم على تجاوز أي حجب تقني يمنعه من الاستفادة بخدمة إلكترونية معينة أو الولوج إلى مواقع محظورة. وقال الهاشمي- في حوار خاص مع "الرؤية"- إن مثل إجراءات الحجب والحظر تثير تساؤلات حول الحريات الرقمية، وحق المستخدم في الولوج إلى ما يشاء من تطبيقات وخدمات إلكترونية، طالما لم تنطوي على مخاطر أمنية أو أخلاقية.
أسباب الحظر
ويقول الهاشمي إن سبب حظر خدمات برامج التواصل الاجتماعي يرجع إلى عدة أسباب مرتبط بتنظيم الاتصالات وله مجموعة أبعاد، ومنها: القانوني كعدم الحصول على ترخيص من هيئة تنظيم الاتصالات، ولا يقدم قيمة إضافية حقيقية للبلد، وبعضها مرتبط بجانب المحتوى الرقمي السيئ الذي تقمه، ولا يتناسب مع ثقافتنا ولا ديننا.
ويتابع يمكن حصول الشركات على الترخيص لتقديم الخدمة داخل سلطنة عُمان بعد إلتزامها بمجموعة من الأُطر الفنية كالبنية التحتية وخصوصية البيانات وحمايتها حسب القانون.
ويرى عبدالعزيز الهاشمي أن الحظر جاء لوجود مخاوف من احتمالية وجود عمليات تجسس من خلال تلك التطبيقات، من خلال البيانات المتوفرة على الأجهزة والتي قد تمثل جزءاً كبيراً منها معلومات تخص العمل.
ويذكر أنه تم حظر بعض برامج التواصل الاجتماعي في مجموعة من الدول كفرنسا والنرويج، وفقا لنصائح جهات استخباراتية داخل الدولة، وقد سبقتهم استراليا بقرار رسمي لمنع الاستخدام، وشمل القرار في فرنسا اثنين ونصف مليون موظف حكومي، كما منعت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والمفوضية الأوروبية قيام موظفي الجهات الحكومية تميل وتثبيت بعض برامج التواصل على أجهزتهم الخاصة بالعمل.
الآثار الاجتماعية والاقتصادية
ويعتبر -مشرف أنظمة التقنيات- أن استخدام برامج التواصل الاجتماعي يرتبط بالاكتئاب والقلق ومشاكل النوم والأكل، ولابد أن يظل مكملا للعلاقات الحقيقية لا بديلا عنها، موضحا أن هناك دراسة أشرف عليها الدكتور براين بريماك، مدير مركز جامعة بيتسبرغ للصحة السلوكية بالولايات المتحدة الأمريكية قائلا: "إن القيام بمهام متعددة كالتبديل المتكرر بين التطبيقات والانخراط في وسائل التواصل على أكثر من جهاز في نفس الوقت قد يكون مرتبطا بضعف الانتباه والإدراج والمزاج"، مضيفا قد يحدث تصور غير واقعي لدى المستخدم، يوحي له بأن الآخرين ينعمون بأوضاع معيشية أفضل وأسعد، مما قد يشعره بالانعزال. وقوة روابطنا مع الآخرين تعد مؤشر على صحتنا العقلية وسعاتنا، ولكننا سمحنا لوسائل التواصل أن تحل محل تواصلنا المباشر معهم، وحرمنا من الاستمتاع بجوانب أخرى من الحياة وصحبة الأهل والأصدقاء. معتقدا أن الحل ليس الابتعاد التام، ولكن جعل الشخص أكثر وعيا بالمخاطر المحتملة واختيار الوسيلة الأفضل وتقليل عدد المنصات المستخدمة.
ويوضح عبدالعزيز الهاشمي لاشك أن برامج التواصل الاجتماعي تعد وسيلة للتواصل بين أفراد العائلة والأصدقاء ووسيلة للتجارة الإلكترونية، كما أصبحت وسيلة فعّالة لنقل الأخبار ومتابعة الأحداث في كافة الأنحاء، وأداة للتعبير عن الرأي، حيث يمكن التنقل والتعبير عن الرأي دون أي قيود، معتبرا حظر برامج التواصل الاجتماعي يقلل من حرية التعبير وحقوق الإنسان ويمكن تقييد حرية التعبير بضوابط والقيود لتنظيم استعمال هذا الحق، تجنبا لانتشار الفتن والصراعات في المجتمع ، كأن لا تتجاوز حرية التعبير حدود الأخر.
ويلفت إلى أن تقييد الوصول لبرامج التواصل الاجتماعي يمكن أي يسبب ضررا أكثر من أي فائدة، فيمكن تجاوزه بسهولة باستخدام أدوات مثل الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN)، فباستخدام هذه التقنيات يمكن للمستخدم تجاوز القيود والاستمرار في الوصول للبرامج المحظورة، وهو ما يجعل الحظر غير فعّال؛ بل قد يكون مضراً.
ويتصور الهاشمي يمكن للحكومة وضع خطة استراتيجية للمحتوى المتعلق بالعرب من خلال برمجة الخوارزميات لعرضه أو إخفائه، وبدل الحظر الشامل للتطبيقات ينبغي للهيئة المنظمة التركيز على معالجة الانتهاجات من قبل التطبيقات، وإلزام التطبيقات بقوانين الخصوصية الرقمية ومعاقبتها لحماية خصوصية المستخدم والأمن القومي.
ويؤكد ينبغي التركيز على زيادة الثقافة الإعلامية بين المواطنين، وتعليمهم كيفية تقييم المعلومات ومدى مصداقيتها، وتعليم الثقافة الإعلامية في مناهج المدارس، لضمان نمو جيل بمهارات الإبحار بالعالم الرقمي.
وينظر عبدالعزيز الهاشمي إلى أن على الرغم بأن برامج التواصل الاجتماعي مُفيدة للبقاء على التواصل مع الآخرين إلا أنها سلاح ذو حدين، فقد تكون فرصة لمن يبحث عن معلومات شخصية لأغراضهم الخاصة، مُحذرا من نشر المعلومات الشخصية، ويوصي بشدة باستخدام إعدادات الخصوصية على المواقع والحذر من الحسابات الغريبة، كما يجب استخدام كلمات مرور قوية ومعقدة، وتجنب ربط حساباتك بتطبيقات غير موثوقة، ويفضل أيضًا استخدام عنوان بريد إلكتروني منفصل وتجنب النقر على روابط الإعلانات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
التنمر الإلكتروني والصحة النفسية
الدكتورة مرام بني مصطفى
الاستشارية النفسية والتربوية
في إحدى الليالي، كانت ريم تجلس في غرفتها تتصفح صفحتها ،تلقت إشعارًا من أحد حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي. فتحت الرسالة لتجد تعليقًا جارحًا أسفل صورة لها نشرَتها مؤخرًا.
لم يكن التعليق الأول، بل سلسلة من التعليقات الجارحة التي بدأت منذ أسابيع من حسابات مجهولة.
في البداية، حاولت تجاهل الأمر، لكنها لاحظت أنها بدأت تفقد الثقة بنفسها وأصبحت تخاف من نشر أي شيء جديد، وأصبحت تتجنب الحديث مع أصدقائها، حتى المقربون منهم. ريم لم تكن تنام جيدًا، وبدأت تشعر بحزن دائم لا يفارقها.
مع مرور الوقت، ازدادت حالتها سوءًا، لكنها قررت أخيرًا التحدث مع والدتها حول ما يحدث. والدتها دعمتها وأخذت الموضوع على محمل الجد، وشجعتها على التحدث مع مستشار نفسي. كما قدمت بلاغًا لإدارة الموقع حول التنمر الذي تعرضت له ريم.
من خلال الدعم النفسي والمساعدة القانونية، استطاعت ريم استعادة قوتها وثقتها بنفسها. تعلمت كيف تحمي نفسها على الإنترنت وتحديد الخصوصية وعدم أضافه أشخاص لا تعرفهم،وكيف تواجه هذا النوع من التنمر، وبدأت تُشارك تجربتها لتوعية الآخرين بأهمية طلب المساعدة وعدم السكوت عن الإساءة.
التنمر الإلكتروني أصبح أحد التحديات الكبرى في عصر التكنولوجيا. فهو يؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية للأفراد، خاصة الشباب والمراهقين والعديد من الأشخاص الذين لديهم أنشطة على وسائل التواصل الاجتماعي . قد يؤدي التنمر الإلكتروني إلى الاكتئاب، القلق، العزلة الاجتماعية، وانخفاض تقدير الذات،المشكلات الاسرية والاجتماعية ومن المهم التصدي له من خلال نشر الوعي، تقديم الدعم لضحايا التنمر الإلكتروني واتخاذ إجراءات قانونية لضمان بيئة آمنة على الإنترنت.
التنمر الإلكتروني هو أحد أخطر أشكال التنمر في العصر الحديث، حيث يستغل المتنمرون التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لإيذاء الآخرين نفسيًا واجتماعيًا. ما يجعل هذا النوع من التنمر أكثر خطورة هو أنه لا يقتصر على وقت أو مكان محدد؛ فهو مستمر على مدار الساعة ويصعب الهروب منه.
التنمر الالكتروني يؤثر بشكل مباشر على الصحة النفسية، حيث تترك هذه الظاهرة آثارًا عميقة على الضحية وقد تمتد لفترات طويلة.
من خلال:.
• إرسال رسائل تهديد أو إهانة.
• نشر معلومات شخصية أو صور دون إذن.
• السخرية أو نشر شائعات محرجة.
• إقصاء أو تجاهل الضحية عمدًا عبر المنصات الرقمية.
-مما يؤدي إلى شعور الفرد بالقلق والتوتر
من خلال التعرض المتكرر للإهانة أو السخرية على الإنترنت ، حيث يشعر الشخص بالخوف المستمر من التعرض لهجوم جديد وتدني الثقة بالنفس.
-الاكتئاب التنمر الإلكتروني قد يدفع الضحية إلى الشعور بالحزن الشديد والعجز، مما يؤدي إلى تطور أعراض الاكتئاب. يشعر الضحية بأنه غير محبوب أو أنه أقل قيمة، مما يعزز مشاعر الإحباط واليأس.
انخفاض تقدير الذات:
يتسبب التنمر الإلكتروني في تدمير ثقة الضحية بنفسه، حيث يشعر بعدم الأمان والخجل من ذاته وشعوره بالدونيه،يمكن أن يؤدي هذا إلى تجنب التواصل مع الآخرين أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
-العزلة الاجتماعية:
بسبب الخوف من المزيد من التنمر، قد يتجنب الضحية استخدام الإنترنت أو التفاعل مع الآخرين، مما يؤدي إلى العزلة والانطواء وإغلاق الحسابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
-اضطرابات النوم:
القلق الناجم عن التنمر قد يتسبب في صعوبة النوم أو الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل، مما يؤثر على الصحة النفسية والجسدية بشكل عام.
كيفية التعامل مع تأثير التنمر الإلكتروني على الصحة النفسية؟
التحدث مع شخص موثوق:
التعبير عن المشاعر لشخص مقرب، مثل أحد الوالدين أو صديق، يمكن أن يخفف الضغط النفسي ويوفر الدعم اللازم،واللجوء إلى الجهات القانونية المعنية بهذة الأمور.
طلب المساعدة من الاخصائي النفسي :
استشارة أخصائي نفسي يساعد الضحية على فهم مشاعره والتعامل مع الأثر النفسي للتنمر بطريقة صحية.
الانخراط في أنشطة إيجابية:
ممارسة الرياضة، الهوايات، أو التطوع يمكن أن يرفع من الحالة المزاجية ويعزز الثقة بالنفس.
. تعزيز الوعي الذاتي:
تعلم كيفية إدارة المشاعر والتعامل مع النقد أو الإساءة يعزز مناعة الفرد النفسية ضد التنمر والتقليل من استخدام الإنترنت . للتنمر. وفي النهاية، يجب أن يتذكر كل شخص أن الإنترنت مكان عام، وأن احترام الخصوصية أساس بناء بيئة رقمية صحية وتفاعلية وآمنة.